الجمعة ١ تموز (يوليو) ٢٠٠٥

فقراء المعلومات

مع بداية القرن الحادى والعشرين، يتصدر الفقر قائمة أجندة مشاكل العالم، ورغم التقدم التكنولوجى الذى تميز به القرن العشرون والرفاهية التى يتمتع بها البعض فقد استمر الفقر فى التزايد فى كثير من أنحاء العالم، بما فى ذلك الدول الصناعية المتقدمة، لذلك فرضت ظاهرة الفقر نفسها على المجتمع الدولى، فأعلنت الأمم المتحدة عام 1996 عاما دوليا للقضاء على الفقر، كما أعلنت عقد الأمم المتحدة للقضاء على الفقر 1997-2006 بقصد تنمية الوعى بخطورة الموقف فى العالم كله.

وهناك سيل مستمر من المطبوعات الورقية والإلكترونية حول موضوع الفقر، والجهود الأكاديمية مستمرة لا تتوقف فى هذا المجال، وخبراء الإحصاء يجتهدون لكشف ورصد أبعاد الفقر فى العالم وتتوالى الندوات والمؤتمرات ومجموعات المناقشة نستطيع هنا أن نرصد الآتى:

1- إن الفقر الذى نتكلم عنه، هو الفقر بكل مقايسه ومعانيه المختلفة، فنعنى به الفقر الذى يتحدث عنه البيروقراطيون فى المنظمات الدولية، وتقسيماتهم المعتمدة على خط الفقر إلى سكان دخلهم منخفض، وفقر مطلق وفقر نسبى، ونعنى به أيضا الفقر عند الفلاسفة من علماء الأخلاق وهم يصنفون الناس إلى: الفقير إلى الله، والمعدم، والمحروم، والكادح، ومستحق العون، والفقير باختياره، والفئات الخطيرة، والطبقات الشعبية وهو المصطلح المفضل لدى اليسار السياسى بعد أن كان يستخدم مصطلح الجماهير للدلالة على من يطلق عليهم فى علم الاجتماع المعاصر الطبقة الدنيا أو من يطلق عليهم فى علم الاجتماع المعاصر الطبقة الدنيا أو من أطلق عليهم الجيل القديم من الماركسيين اسم التكتل العمالى أو البروليتاريا ونعنى بالفقر أيضا هنا الفقر كما يفهمه الأكاديميين من الفقر الهيكلى والعزل والابعاد والتهميش والاستغلال.

2- أن الأغلبية العظمى من بنى البشر تعيش فى فقر منذ أن خرج سيدنا آدم وحواء من الجنة ونزلا إلى الأرض، وخلال كل آلاف القرون التى عاشتها البشرية قبل الثورة الصناعية.والسباق الإنسانى مستمر من أجل البقاء على قيد الحياة، ومعظم تاريخ الإنسانية وعبر كل مسيطرة على الثروة وجماهير عريضة من الفقراء العبيد.

3- واليوم بعد قرنين من الثورة الصناعية ما زال الفقر منتشراً انتشاراً واسعاً فى العالم، وفى أفريقيا ملايين البشر تعيش على حافة المجاعة، فى شبه القارة الهندية تفيض الشوارع بالشحاذين والمشردين، وفى كل آسيا عشرات الملايين يعيشون بصعوبة بالغة وعلى حافة الجوع، وفى أمريكا اللاتينية تحاط المدن بالأحياء القذرة والفقيرة جداً، حيث يختصر الناس طعامهم إلى الحد الأدنى، ويبحثون فى الزبالة والنفايات ما يسد رمقهم لاستمرار الحياة، وفى الصين والشرق الأوسط والكثير من بلدان الاتحاد السوفيتى السابقة يعيش مئات الملايين من الناس الذين يواجهون صعوبات بالغة ويتحملون مصاعب جمة فى الحصول على طعامهم، حتى فى أوروبا يعانى فيها منذ الحرب العالمية الثانية ملايين العمال المهاجرين الفقراء من شظف العيش وفى أمريكا نفسها يمتاز الريف الأمريكى بالأكواخ الفقيرة والأسر المعدمة.

4- والفقر فى العالم لا يعتبر أمرا حتميا فالبشر فى العالم اليوم يمتلكون التكنولوجيا والموارد اللازمة لتوفير الغذاء والكساء والمساكن والعليم والصحة لكل إنسان فى العالم، علاوة على ذلك فمع دخولنا القرن الحادى والعشرين، عبر العالم عتبة ثورة صناعية جديدة أو عالم ما بعد الصناعة، وهذه الثورة سوف تزود العالم بقفزة هائلة فى قدراته الانتاجية اعتمادا على الكمبيوتر والذكاء الاصطناعى كبديل للعقل البشرى فى انتاج السلع والخدمات.

5- حتى الآن يبدو أن التقدم ضئيل جداً فى الجهود المبذولة للقضاء على الفقر فى العالم.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى