فوزى فى مسابقة ديوان العرب بداية حقيقية لرحلة إبداعية
المبدع الحقيقي يعيش ظروفا غير مواتية للإبداع في محيطنا العربي
فوزى فى مسابقة ديوان العرب بداية حقيقية لرحلة إبداعية
قصيدة "بوح النوارس" تعبر عن هواجس ومخاوف وتساؤلات إنسان هذا الزمان
حوار: أحمد مجدي
في عالم الشعر والأدب، تبرز بين الحين والآخر أسماء تترك بصمة لا تُمحى في ذاكرة القراء والمثقفين. ومن بين هذه الأسماء اللامعة، يسطع نجم الشاعر المبدع محمد سعد السيد هلالي، الذي تمكن من أسر قلوب النقاد والجمهور على حد سواء بقصيدته "بوح النوارس" والتي حصلت على جائزة المركز الأول في مسابقة ديوان العرب فرع قصيدة التفعيلة. في هذا الحوار الخاص، نحتفي بفوز «هلالي» والذي حققه عن جدارة من خلال قصيدته التي عبرت عن هواجس ومخاوف وتساؤلات هذا الزمان على حد وصفه.
حدثنا عن شعورك عندما علمت بالفوز بجائزة المركز الأول فرع التفعيلة عن قصيدتك بوح النوارس، وكيف استلهمت هذه القصيدة البديعة؟
في الحقيقة حين علمت بتأهل قصيدتي "بوح النوارس" للقائمة القصيرة لمسابقة ديوان العرب، شعرت بسعادة كبيرة خاصة وأني مازلت أنقش أولى خطاي على الدرب. ولما جاء إعلان الفوز بالمركز الأول بفرع التفعيلة كان ذلك الخبر بمثابة كشف لوجه اليقين الذي كان يتوارى وينسحب، لذا فأنا أعتبر الفوز بهذه الجائزة الهامة والتي تنافس بها شعراء مقتدرون على مستوى الوطن العربي حدثا هامًا ومفصليًا، وبداية حقيقية لرحلة إبداعية ربما تأخرت ولكنها انطلقت رغم كل شيء. أما عن القصيدة الفائزة فقد كانت عبارة عن دفقة شعورية تعبر عن هواجس ومخاوف وتساؤلات إنسان هذا الزمان، صرخة تعاني الكتمان فتخرج بوحًا، لا تبحث عن إجابات قدر ما تطرح أسئلة.
حدثنا عن تجربتك الشعرية، وطموحاتك في عوالم الأدب عموما؟
كما أسلفت فأنا في بداية الطريق، وهذا سر سعادتي بالتتويج، وأنا كذلك هارب من الشعر عائد إليه، فقد نشرت روايتي الأولى هذا العام ٢٠٢٤ تحت عنوان: "الملح المر" بعد فوزها بالمركز الأول في مسابقة للرواية. ولأنني ولدت في عباءة الشعر مذ كنت طالبا بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، فإني أتقلب بين المدارات الأدبية، ما بين القصة والرواية والمسرح، لكني أعود صوب شاطئ الشعر كلما أردت الرسو بمرفأ البوح. وأعمل حاليا على وضع اللمسات الأخيرة لديواني الشعري الأول، وأتمنى أن يصدر هذا العام أيضا.
هل تعتقد أن الجائزة ستكون بمثابة الدافع لك خاصة أنك كما أوضحت في بداية تجربتك الإبداعية؟
بالطبع، هذا ما أردت التعبير عنه تماما، فالمبدع الحقيقي يعيش ظروفا غير مواتية للإبداع في محيطنا العربي بصفة عامة، هذه الظروف الثقافية والفكرية ربما تدفعه أحيانا لفقد الثقة في قدرة هذه المجتمعات على تلقي الإبداعات بل وإتاحة الإبداع الجيد من الأساس. ومن هنا يأتي الدور الرائع لمؤسسات ثقافية عريقة كمؤسسة ديوان العرب التي تقدم الدعم وتسلط الضوء على الطاقات الإبداعية وتساند المواهب الأدبية متخذة معيارا نبيلًا وهو أصالة الإبداع وفرادته دون النظر للأطر الدعائية والتسويقية.
قصيدة التفعيلة تتعرض الآن لموجة انحسار مقارنة بعودة الحياة للشعر العمودي وقوة وحيوية قصيدة النثر، أين موقع قصيدة التفعيلة في نظرك؟
اسمح لي أن أختلف مع هذا الطرح، فإني أعتقد أن قصيدة التفعيلة من أقوى الأنواع الشعرية، وأنها ولدت لتبقى، ذلك كونها أقدر القوالب الفنية على استيعاب روح الشاعر وتجربته، كما أنني أعتقد أنها ستعود للمقدمة مرة أخرى.
ما هي مصادر إلهامك الأساسية؟ وكيف تؤثر البيئة المحيطة بك في كتاباتك؟
الإلهام مسألة نسبية. وأعتقد أن العصر الحديث جعل فكرة الإلهام هامشية إلى حد ما، الشاعر الآن لم يعد قائدا لجماعة أو صاحب قضية، قدر ما أصبح باحثا يدور في شعره رغبة في الوصول إلى ذاته قبل أي شيء. لكن يبقى للإلهام دور لا يمكن إنكار ذلك، لكني أفضل تسميته الموهبة، أما الشعر فهو حوار الروح والعقل مع العالم بكل ما فيه.
كيف تتعامل مع فترات الجفاف الإبداعي؟ هل لديك طقوس معينة تلجأ إليها لتحفيز الكتابة؟
لا جفاف طالما أنت بالقرب من البئر، وبئر الشعر لا ينضب، آلاف السنين حملت لنا آلاف التجارب الشعرية المختلفة عبر الثقافات المتنوعة، لكن الجفاف والوفرة مسألة قرار على ما أعتقد، قرار يتمحور حول ماذا يريد أن يقول الشاعر، وهل لديه القدرة على اتخاذ القرار بقول الشعر مفضلا إياه على غيره من فنون القول رغم كونها أوعرها دربا.
هل هناك وقت محدد أو مكان معين تفضل الكتابة فيه؟
لا مكان مميز بالنسبة لي، أكتب الشعر في العمل. أنا أعمل معلما بالمناسبة وهي مهنة أنضجت تجربتي أكثر. وأكتب في المواصلات العامة، وفي كل مكان تقريبا، بالمنزل بالطبع. لكني ككثيرين أراود الشعر على الطرقات، لذلك أحب السير وحدي ومحاورة الأشياء على وقع خطاي المتأنية والمتسارعة أحيانا.
ماذا تحب أن تقول بالنهاية لنفسك ولجيلك من الشعراء الشباب؟
أود أن أقول لنفسي وأمثالي من الشعراء، أن الشعر رغم كل شيء سينتصر، وأنه سيأخذ مكانته الحقيقية قريبا، فكونوا أوفياء له. فكل الشعراء العظام كانوا على قدر عظيم من الوفاء لشعرهم ولتجربتهم الإبداعية.