الاثنين ٨ نيسان (أبريل) ٢٠١٣
بقلم إيمان قعدان

كان انسانا

لا أدري كيف مات وكيف عاش ..مات وحيدا كما عاش.. بجانب شجرة قديمة كانت ترمي ظلها على صمته.. بجانب بقايا طعام لم يكمله .. ساقوه بصمت إلى مكان كانوا يداعبونه فيه.. إلى حفرة ماء لم ترو ظمأه .. سمع صوتا اعتاد أن يداعبه وان يقدم له الطعام فاطمئن.. وقال :نعم.. هذه اليد أعرف رائحتها.. تعانقني في الصباح وتربت على ظهري عند مطلع الحلم.

وساقته.. هناك عند جذع كان فرشه.. كان مطمئنا .. وكنت انظر اليه من بعيد.. فاقول بصوت يخنقه البكاء : دعوه يعيش.. اتركوه يحلم بالطيور.. فاسمعه يقول..هنا في هذا التراب بعثرت صوتي ولملمت اهاتي.. هذه الروائح اعرفها رائحة ليمونة ورائحة زهر البرتقال ورائحة يد كانت تقدم لي الطعام.. هنا كنت احيا بجانب زيتونة علقت عليها الامان.. فوق تراب بعثرت فيه الاطمئنان.. دعوني اشم رائحة العشب اليابس ورائحة زهر البرتقال..هناك تحت شجرة كسرتها رياح الشتاء ولم تكسر في عيني الانتماء...هنا التحفت المساء كل يوم ...اه يا غصن الزيتون كفاك دمعا بسخاء ستفتقد صوتا كان يكسر صمت الليل.. اه يا زهر الليمون كيف ساشم رائحة الربيع وانا جثة في الخلاء..

يا تراب حدثني عن لحظة وداع... حدثني عن انسان كان يربت على ظهري صيف شتاء.. هنا تحت هذا الجذع كانت تداعبني الكلمات... كنت الهو تحت اوراق الخريف احلم بربيع يمتد من بين الفصول..

وتمتد يد الانسان ... يد اعرف رائحتها.. اشم رائحة الطعام من بين الانامل ... وهي الان تقودني الى مستنقع لا يعرف الدماء .. انا مطمئن .. هي الامان...

اسمعه انا من بعيد... من شباكي القديم.. وارى يد الانسان تنفث السم في عنق عليها بقايا طعام وتراب المكان.. فيتثاقل في مشيته ويلقى ارضا ويقف من جديد ليقول بصمت.. انا القوي.. لن اضعف.. لن اموت غدرا.. ساعيش هنا حتى ارى زهر الرمان من جديد.. عندما يتفتح في كل ربيع...

وهوى ارضا على بقايا طعام لم يكمله ... واقترب الظلام منه ونفث السم في الجسد... فتثاقلت انفاسه.. ومات.

وصمتت حينها الاصوات وخنقتني العبرات... وصحت ..لم يكن مؤذيا ... لم يكن كلبا ... كان انسانا..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى