الأحد ١٥ شباط (فبراير) ٢٠٠٩

لماذا ازداد اليهود تطرفاً؟

بقلم: د. فايز أبو شمالة

(إنها دولة اليهود الديمقراطية) هذا ما تفاخرت فيه (تسيفي لفني) ليلاً في خطاب النصر، قبل أن تنتبه في الصباح إلى أن الأحزاب اليهودية الأكثر تطرفاً قد فازت بعدد 65 مقعداً، بينما الأحزاب اليهودية الأقل تطرفاً قد حصلت على 44 مقعداً فقط، أما باقي أصوات البرلمان الإحدى عشر صوتاً فقد حصل عليها العرب، هذا الفوز المريح لليمين المتطرف أنطق أحد قادة الليكود (سلفان شالوم) قائلاً: لا لحكومة وحدة وطنية، ولا لتبادل رئاسة الوزراء بين حزبي [كاديما، والليكود] ونعم لحكومة يمينية..

مع هذه النسبة المرتفعة لا بد من السؤال: لماذا جنح اليهود إلى اليمين الأكثر تطرفاً؟
لقد حاول بعض المحللين الإسرائيليين أن يربط بين سقوط حزب العمل المدوي من [19 مقعداً إلى 13 مقعداً] وبين تواصل سقوط القذائف على جنوب الدولة العبرية، واستعرض تراجع التصويت لحزب العمل في مدينة أسدود من 11% في الانتخابات الماضية، إلى 5% في الانتخابات الراهنة، وقريباً من ذلك في مدينة بئر السبع، وعسقلان، وفي ذلك إشارة إلى معاقبة اليهود لوزير أمنهم الفاشل في الدفاع عن مدن الجنوب، ولكن استطلاعات الرأي أظهرت أن تدني حزب العمل وصل إلى مدن الوسط، والشمال التي لم تتعرض إلى صواريخ القسام، بل أن حزب "ميرتس" اليساري، وكان قد حصل في الكنيست السابقة على خمسة مقاعد، تراجع في الكنيست الراهنة إلى ثلاثة مقاعد، وهذا يشير إلى تحول جذري في نفسية، وعقلية، ووجدان اليهود فيما يتعلق بالفلسطينيين، والمنطقة ككل.

عاملان دفعا المجتمع الإسرائيلي إلى التطرف؛ أولاهما: الخوف الزائد الذي مس عصب الحياة في الدولة العبرية، والناجم عن التوقع الدائم لخطر داهم غير معلوم، هذا الخوف حرك المجتمع الصهيوني للتكتل حول الموروث التاريخي، والتشرنق على قناعاته الفكرية العنصرية، ومن ثم البحث عن المخلص. أما سبب الخوف فيرجع إلى تنامي المقاومة الفلسطينية، واللبنانية، والمتغيرات الإقليمية المقلقة للدولة العبرية.

لقد استغل قطب التطرف [ليبرمان] ذلك، ولعب على وتر سن قانون المواطنة ضد فلسطيني 48، وهدد بتصفية حماس، وإلقاء قنبلة نووية على غزة، وأخرى على مصر التي لا تمنع تهريب الأسلحة، وأخرى على إيران التي تزود المقاومة بالأسلحة.

كان العامل الثاني الذي دفع اليهود إلى مزيد من التطرف هو الثقة الزائدة في قدرة الدولة العبرية على فعل كل شيء دون حساب، والاستخفاف اليهودي برد فعل العرب، وقد تعزز هذا الشعور ووصل إلى حد السخرية مع نشر جامعة الدول العربية إعلانات في الصحف العبرية لتسويق مبادرة السلام العربية، طبعاً لم تجد إذناً مصغية. وهذا أولاً.

أما ثانياً: فكان بعد اثني وعشرين يوماً من الحرب المجرمة، وبكل الأسلحة على قطاع غزة تحت سمع وبصر الدول العربية التي التزمت الصمت، واكتفت ظاهرياً بتقديم بعض الأغذية، والأدوية. فجاء جنوح الدولة العبرية إلى التطرف اليميني الواضح نتاج فك لغز السياسة العربية، وانكشاف عجزها الفاضح.

بقلم: د. فايز أبو شمالة

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى