الاثنين ١٥ أيلول (سبتمبر) ٢٠٢٥
بقلم حسن عبادي

متنفَّس عبرَ القضبان «136»

بدأت مشواري التواصليّ مع أسرانا الأحرار رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019 (مبادرة شخصيّة تطوعيّة، بعيداً عن أيّ أنجزة و/أو مؤسسّة)؛ ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛

أصدرت كتاباً بعنوان "زهرات في قلب الجحيم" (دار الرعاة للدراسات والنشر وجسور ثقافيّة للنشر والتوزيع) وتناولت تجربتي مع الأسيرات حتى أواخر شهر آذار 2024، حين تمّ منعي من الزيارات، وتم لاحقاً إبطال المنع بعد اللجوء إلى القضاء.
ونشرت في حينه خاطرة بعنوان "صفّرنا الدامون"... وخاب أملي.

أواكب حرائر الدامون عن كثب بشكل حثيث؛ وأصغي لأوجاعهن، ألمهن وأملهن، وألمس رائحة الخذلان وأدوّن بعضاً من معاناتهن.

أحاول أن تكون الزيارة حسب أقدميّة الاعتقال؛

مع كلّ نهاية زيارة أتصل بأهالي من التقيت بهنّ، وأوصل بعدها رسائل باقي الأسيرات، وأهتم بإطلاع أهالي من تم قمعها أو عزلها أو التنكيل بها بشكل خاص، وأحاول تجنّب نشر التنكيلات العينيّة.

أحاول قدر استطاعتي إيصال صوتهن لكلّ بقاع العالم وتحريك هذا الملف الراكد.

عقّب الصديق الروائي وليد الهودلي (أسير محرّر): "الزيارة نافذة من نوافذ الحرية. أنت سعادة المحامي فاتحها. ثم إضافة نوعية عندما تخبر الناس ما رأيته خلف ستائرها الكثيفة".

وعقّبت سماء مسالمة (أسيرة محرّرة): "الله يفرجها على جميع الأسيرات، حبيبتي تسنيم رفيقة الأسر فك الله بالعز قيدك، بطلة وقدها وقدود. كنت أرتاح لما أسمع صوتك بتأذني بالقسم، ربنا يجمعك بأهلك بصحة وسلامة.

وعقّبت الصديقة أم محمد (أسيرة محرّرة): "آخ يا وجع القلب يا سنومتي أنت بالذات دائما بين ناظري لن تغيبي عن مخيلتي. يا ربي فرجاً عاجلا غير آجل لها وللجميع. أستاذ حسن بعد إذنك طمنا عنها؛ انحكمت؟ صار جديد معها؟"

وعقّبت الصديقة سهاد عبيدات (أخت الأسير المحرّر الصديق سائد سلامة): "الله يفرجها عليها وعلى كل الأسرى والأسيرات. ولك كل الشكر والتقدير أستاذ حسن يا صانع الفرحة في زمن الحزن".

وعقّب أحمد هديب: "ربنا يهونها وفك الله قيدهن وكل الشكر للأستاذ حسن عبادي حلقة الوصل بين المظلومين، وأهاليهم ونسأل الله أن يرزقك دوام الصحة والعافية".

وعقّبت مرام عماد: "الله يهونها يا رب ونفرح بطلعتكن كلكن. والشكر للأستاذ حسن على وقفتك وزياراتك للأسيرات أكيد زيارتك في ظل حرمان زيارات الأهالي بتكون فسحة أمل وفرجة لو صغيرة لإلهن".

وعقّب الصديق المحامي عبد القادر أبو فنة: "فك الله أسرهن من سجون الاحتلال السافل. ما تقوم به يا ابن خالتي المرحومة هو عمل إنساني ووطني ومهني بامتياز".

وعقّبت إيمان حلبي (ابنة الأسيرة دلال حلبي وأخت الأسيرة إسلام): "يا رب يا الله يفرج كربهم ويفك أسرها هي وجميع الأسيرات صاروا 8 بالغرفة!! كانوا بالأول 3 أو 4 يا رب رحمتك فيهن. شكراً أستاذ حسن أكيد ماما وإسلام حيفرحو كثير بتخرج سعد."

وعقّبت أم البراء محتسب نفوز (أخت الأسيرة لينا): "بشكر باسمي وباسم العائلة المحامي حسن عبادي بوقفته بجانب الأسرى والأسيرات والفرج العاجل يا رب".

وعقّب الصديق سامح سمحه: "فعلا هناك فرق بين من يحمل هم الاسيرات والأسرى، يقدم ويضحي من اجلهم وبين من يعتاش على وجعهم ويقتات على آلامهم. فعلا فرق بين السماء والارض بين من يقدم نفسه للوطن ومن يقدم الوطن لنفسه. أخي حسن نعم الصديق والاخ انت دمت بألف ألف خير وتأكد ان جبرك لخواطر الاسيرات والاسرى وأهلهم سيكون ثوابه عند الله عظيم ومن ثم عند الاهل وسيذكرك التاريخ بمواقفك النبيلة الوطنية الصادقة. كل المحبة والاحترام والتقدير حبيبنا اللزم. من سار بين الناس جابراً للخواطر أدركه الله في جوف المخاطر."

"اشتقت لحِلبِة أمي"

زرت ظهر الأربعاء 09.07.2025 سجن الدامون في أعالي الكرمل السليب، لألتقي بالأسيرة تسنيم بركات عودة (مواليد 17.09.2003) من عناتا/ القدس، طالبة قانون في جامعة القدس/ أبو ديس.

حدّثتني بداية عن "القمعة الكبيرة"، غاز مع تسكير الأشناب وصياح وضرب، وعن الاعتقال يوم 12.12.24من واد الجوز وعن حلم والدها الشهيد (استشهد يوم 30.10.22) يشوفها محامية، وكان مشروع التخرّج بيناير 2025 وما زبطت بسبب الاعتقال، وستحقّق حلمه قريباً.

تسنيم في غرفة 10 برفقة سهام أبو سالم/ غزة، بشرى قواريق، ولاء حوتري، ماسة غزال وسامية الجواعدة (خبّرتني كيف تلقّت خبر وفاة والدها وأوصلتها التعازي).

"كثير مشدّدين علينا، الأشناب بفتحوه بس لتدخيل الأكل والسجّانة ترافق الخوليا وتستعجلها كل الوقت، دايما لابسات ع روسنا، اليانس بدون تنورة، الضغط صعب، ألفاظ نابية كل الوقت، المخابرات: ليش بتعملوش مشاكل مع بعض؟"، وأخيراً عالجوا الطاحونة وخلعوها وقطّبوها بعد مماطلة استمرت شهوراً.

سيرين توصل رسالة بنات الدامون: "يا باسمة الوجه، يا ضاحكة العينين، قد أكون نسيت شرب القهوة لكن ضحكة عينيكِ لن تُنسى، إخوتي وأخواتي أعمدة القلب، أسيرات الدامون يهزهن الشوق ولا تنسونا من دعواتكم".

سلّم على إمي، خبّرها "أنا بأذّن بالقسم وكل آذان بطلب من البنات يدعو لها"، اشتقت لأكلها وبالذات الحلو وبالذات "الحِلبِة"، وعلى خيّاتها أمينة ونور، وإخوتها، إياد ونور: اشتقت أتطاوش معكم" ورسالتها للعائلة: عيشوا كل يوم وانبسطوا ع شاني.

شيماء وميساء: اشتقت نقعد بالجامعة ونحكي ونفضفض، واشتقت أدرس للامتحانات معكن.

سجود (أختها): إمّي بأمانتك، خلّيك فرجي لولو (بنتها، تهنّيها بعيد ميلادها 22.06) صوري وانشالله بلحق ولادتك.
آية (أختها): انتبهي على دروسك وجامعتك وانشالله بلحق كتب كتابك.

طلبت إيصال سلاماتها واشتياقها لكلّ من يسأل عنها بالخير.

"مُبدعة القِسم"

مباشرة بعد لقاء تسنيم أطلّت الأسيرة لينا محمد رمضان (محتسب) وزوز (مواليد 14.04.1990) من الخليل، أم لزينة وليث وجُمان وياقوت، معلمة رياض أطفال ومرحلة أساسية/ مدرسة خاصّة/ الخليل.

فرحت لسماع أخبار العائلة وخاصّة الحوامل الجدد (طلبت إيصالهن تهانيها)، وبكت لسماع خبر ترجيع الوالدة وأخيها نافز (أسير محرّر) بطريقهم للحجّ (معقول لأنّ أمي والدة الشهيد مهدي المحتسب؟)، وطلبت إيصال سلاماتها للجميع، وخاصة والديها وأخواتها إيمان وآيات ونفوز، وحماتها وزوجها وسلفاتها وبنات حماها.

"وضعي ممتاز، مُبدعة القسم، بعمل مساج طبيعي للكل الصبايا، دورات للشعر وكل مشكلة بنلاقيلها حل".

حدّثتني عن الاعتقال يوم 02.04.2025، اقتادوها إلى شرطة كريات أربع (برفقة ميسون مشارقة)، ومنها إلى بيت شيمش، إلى المسكوبية (22 يوماً)، إلى الشارون البغيض (ليلة واحدة) وإلى الدامون.

لينا في غرفة 5، 8 بنات بالغرفة، الوضع سيئ للغاية، الحرارة عالية جداً، الأشناب مسكّر كل الوقت، الفورة نصف ساعة لثلاث غرف تشمل الحمام (برفقة ميسر هديبات، شيرين الحمامرة، إسلام حلبي –خبّرتها بتخرّج سعد، شيماء أبو غالي-خبرتها أحوال ابنها عمر، أسيل حماد –خبّرتها أحوال إيلياء والمشتل، ربى دار ناصر وإيمان شوامرة-خبّرتها عن أحوال ابنها يوسف).

وصّلتني سلامات حرائر الدامون وأضحكتني رسالة شاتيلا "الله يجزيك الخير أستاذ حسن، ما بدّي فساتين ترويحة، بدّي ورق شحرور".

ورسائل كرم موسى وبنان وكرمل وولاء وميسون.

طلبت إيصال سلاماتها ولأولادها "كثير بحبهم وبحلم فيهم كثير"، وجميع أفراد العائلة، وصاحباتها، وتقول لبتول: "فش أوراق وأقلام، بس أطلع بحكيلك وبنكتب مع بعض عن التجربة. خالتك قويّة".

وحين افترقنا قالت: "صحتي ممتازة، ولا حبّة دواء، أنا قدّها".

لكما عزيزتيَّ تسنيم ولينا أحلى التحيّات، والحريّة لكما ولجميع أسرى الحريّة.

صالة العرض


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى