من الفاتيكان إلى أكبر مسجد في أوروبا
بعد أن وصلنا إلى دولة الفاتيكان الممثلة لكاثوليك العالم قبل ظهيرة يوم الجمعة الموافق لثالث أيام عيد الأَضحى دخلنا الساحة التي عادة ما يقف فيها البابا لتوجيه كلمة لأتباعه ومحبيه.
كان الجو حارًا والرطوبة عالية، وبالرغم من ذلك كان طابور زوار الكنيسة والمتحف لا يوصف فآلاف من الراغبين بالزيارة يسيرون ببطء شديد، يشكلون دائرة كبيرة تحوقلت حول ساحة الفاتيكان كلها وربما يستغرق الدخول ثلاث ساعات أو أكثر.
صرفنا فكرة الدخول لسبب الزحام وشدة الحرارة بالإضافة إلى رسم دخول متحف الفاتيكان ب40 يورو، وأيضا بسبب ارتداء مرافقي الشورت الذي يصل للركبة إذ أن تعليمات الفاتيكان تمنع الدخول الرجال بمثل ذلك.
بحثنا في تطبيق الخرائط عن مسجد روما الكبير الذي كنت أسمع به من ثمانيات القرن الماضي فوجدناه يبعد 16 كم عن الفاتيكان، ويحتاج إلى 22 دقيقة، وبما أن الساعة قاربت من الواحدة بتوقيت روما طلبنا أوبر علنا نلحق صلاة الجمعة وبالفعل وصلنا هناك عند بدء الخطبة التي سمعنا السلام و التحميد ونحن ننزل من السيارة.
وأخيرًا رأينا مسجد روما الكبير، الذي يقع في الجزء الشمالي من العاصمة وهو أكبر مسجد في أوروبا، مساحته تزيد على 000 30 متر مربع، ويستوعب الآلاف من المصلين، بعد الخطب الثلاث اثنتان بالعربية والثالثة بالإيطالية صلينا وكنا حوالي ألف مصلٍ ثم سلمنا على الإمام وأفادنا بما يلي:
اسمي الرفاعي الشحات مبعوث من مشيخة الأزهر للإمامة، وهذا المجمع يضم هذا المسجد الكبير الذي يفتح يوم الجمعة وفي العيدين، وأما باقي الفرائض فتقام في مسجد صغير ضمن المجمع.
وماذا يضم المجمع أيضًا فضيلة الشيخ؟
أجابني يضم أشياء كثيرة: متحفا ومركزًا ثقافيا، ومكتبة فيها كتب قيمة، وقاعة للاحتفالات ومدرسة لتعليم الأطفال وقاعة للطعام تفتح طيلة أيام رمضان للمسلمين وغير المسلمين.
وأضاف الشيخ أن المركز الآن تشرف عليه الآن ثلاث دول هي السعودية و المغرب ومصر، فالنفقات من السعودية، والإدارة للمغرب، والإمامة والخطابة لمصر.
ودعنا الإمام الرفاعي وقمنا بجولة سريعة في المسجد وملحقاته، حقًا أنه مسجد كبير وذو تصميم رائع وبديع فيه كما وصف لنا الإمام وأكثر فيه مبنى للإدارة وآخر للقيمين عليه، رأينا لوحة رخامية يرجع تاريخها إلى عام 1995 فيها أن الملك فهد قام بافتتاح هذا المركز الكبير تضامنا مع أبنا الجالية الإسلامية في إيطاليا، ولوحة أخرى مذكور فيها 23 دولة عربية وإسلامية ساهمت في هذا المجمع منها الأردن قطر، المغرب، باكستان، تركيا، مصر ....إلخ.
خرجنا من المسجد مبهورين، وشاهدنا عشرات الباعة يبيعون كل ما يتعلق بالمناسك، مصاحف، تمر، مسابح، سجاجيد للصلاة، لوحات إسلامية لمكة والمدينة وبعض سور القرآن، إلا أن ما ساءنا كثرة المتسولين من المسلمين الذين يسألون الناس إلحافًا، ولم نرَ في كل روما متسولين إلا هنا!.
ومما رسخ في ذهني أن الأيام الخوالي قبل خمسين سنة كانت أيام التضامن الإسلامي والعربي ولا سيما بعد حرب 1973، يومها قدمت إيطاليا قطعة الأرض هذه هدية للمسلمين بعد أن قطع الملك فيصل البترول عن أغلب الدول التي وقفت مع العدوان، وبعد عام 1984 بدأ العمل بهذا المشروع بمشاركة 23 دولة يومها كان لمؤتمر العالم الإسلامي وجامعة الدول العربية حضور وحظوة بين دول العالم، أما اليوم فوأسفاه.