نماذج غربية ويابانية لتطبيق سياسات الجودة الشاملة
سأكتفي بطرح مثالين مختلفين لكيفية تطبيق "الجودة الشاملة"، أولهما لشركة غربية والآخر لشركة يابانية، ونلاحظ ان الهدف واحد مع اختلاف الوسائل والتقنيات التي راعت طبيعة الكوادر العاملة والثقافة السائدة، حيث نلاحظ أن المخطط الغربي (في الحالة الاولى) يتوجه تحديدا لطبقة المدراء، ولا يخوض بالتفاصيل مؤكدا على أهمية "التغيير في العقلية السائدة"، وكما يقول فيلسوف الادارة الشهير "دروكر" "ان جل مانسعى اليه ليس أقل من احداث تغيير تام في العقلية والتوجه"، بينما يتوجه المخطط الياباني (في الحالة الثانية) لكل العاملين في المؤسسة مع اختلاف مستوياتهم الوظيفية، داعيا لتحقيق اهداف الشركة، كما يتطرق للتقنيات الضرورية لتطبيق هذه السياسات:
*لقد بدأت شركة "فيليبس" العالمية بتطبيق مفهوم "تحسين الجودة على مستوى الشركة ككل"، وتضمنت أهم عناصر سياسة الجودةالجديدة ما يلي:
– ان تحسين الجودة هو أساسا مسؤولية الادارة ككل
– يحب ان تسمح الشركة بمشاركة كافة المستخدمين بلا استثناء في التحضير والتطبيق والتقييم
– يجب طرح مفهوم "تحسين الجودة" ومتابعته بطريقة منهجية مخططة
– ان "تحسين الجودة " هو عملية مستمرة لا تتوقف
– التركيز اولا على الزيائن والمستخدمين اكثر من أي وقت مضى، خارج وداخل الشركة
– الاطلاع على المنتجات المنافسة لمعرفة نقاط القوة والضعف
– التركيز بشكل خاص على التعليم والتدريب وتقييم البرامج القائمة لمعرفة مدى مساهمتها في سياسة الجودة الجديدة
– البدء في الدعاية لسياسات الجودة الجديدة في كافة انحاء الشركة بطريقة مفهومة وتفاعلية، واستخدام كافة الطرق والوسائل الاعلامية لتفعيل الاتصالات
– أن تحتوي محاضرالاجتماعات الادارية والفنية على تقارير مستمرة توضح سير العمل وكيفية التطبيق
*أما شركة "بنتل" اليابانية التي تنتج مختلف أنواع القرطاسية، فقد وجهت لمستخدميها مجموعة من النصائح بغرض تطبيق سياسات "الجودة الشاملة" وكما يلي:
– اعتقد ان العاملين في مراحل الانتاج اللاحقة هم زبائنك، تخلى عن مفهوم الجودة للمنتج النهائي فقط
– كن واعيا بالمشاكل طوال الوقت، فحيث توجد مشاكل "غير محلولة"، لا يمكن توقع حدوث تحسين
– الادارة تعني البدء بالتخطيط والمقارنة بالنتائج، استخدم عجلة "ديمنغ" بفعالية، وهذه تعني:خطط/اعمل/قيم/ طبق
– ادر عملك بناء على الحقائق والبيانات، وليس بناء على الحدس والشعور
– كن يقظا للاختلافات والحيودات، فالأولوية هي لتخفيض الحيود ومن ثم المعدل
– صنف قبل اتخاذالاجراءآت، فالتصنيف يقود لفهم أحسن لطبيعة المشاكل
– التحسن يبدأ اولا في مكان عملك، تعود على تصنيف المشاكل لنوعين: تلك المسؤول أنت عنها، والاخرى التي تقع في مجال عمل غيرك، ثم ركز على حل مشاكلك اولا
– تخلص من أسباب المشكلة وقلل من تكرار حدوثها، ثم لا تخلط بين الأعراض والمسببات
– ابني الجودة في العمليات، فالفحوصات لا تصنع "الجودة"
– تجنب الفشل في المعايرة
– اسعى دائما لنشر المعرفة افقيا: فالخبرات الفردية يجب ان تمتد وتتكامل مع خبرات الشركة ككل
– طبق منهجية "مراقبة الجودةالشاملة" بمشاركة جميع العاملين بلا استثناء
*ان الطريق لتحقيق الجودة يعتمد على وجود استراتيجيات وطنية عامة، اكثر من اعتماده على اعمال "فردية" رائدة، ففي العام 1956 بدأت الاذاعة اليابانية بنشر برامج تعليمية تتعلق بمراقبة الجودة على موجتهاالقصيرة، كذلك اصدرت عدة صناعات يابانية كتيبات خاصة بتطبيقات الجودة، موجهة خصيصا للعمال والمراقبين (مثل شركات فوجي ونيبون وميتسوبيشي)
*وقد لاحظت أن كثيرا من المحاضرين يعتقدون خطأ "ان ادارة الجودةالشاملة مرتبطة تماما بفعاليات حلقات الجودة"، والحقيقة ،ن حلقات الجودة لا تمثل اكثرمن 10—30% فقط من مجموع انشطة مراقبة الجودة الشاملة، وهي موجهه أساسا للعمال والمراقبين وليست للمدراءوالمهندسين، ولا ينجح تطبيقها بكافة بيئات العمل لأنها تعتمد على الالتزام الثقافي واخلاص العاملين لمؤسستهم وتطوعهم بتقديم جهود اضافية وأحيانا بعد ساعات العمل الرسمية
*يجب الاعتراف بان أحد اهم عناصر تحقيق الجودةالشاملة وهو مفهوم "العمل الجماعي" لا يتوفر بالشكل الكافي في آليات عملنا العربية، وأكثر ما يلزمنا هنا تغيير جذري في "العقلية والتوجه والبعد الثقافي" لكي ننغمس بعمل الفربق وروح العمل الجماعي، واقترح بهذا الصدد تقديم جوائز سنوية ضمن معايير محددة لانجازات عمل الفريق لخلق وتعزيز روح "العمل الجماعي" في بيئات العمل.