الأربعاء ٢٠ آذار (مارس) ٢٠١٩
بقلم حنين استيتية

وعاد عيد الأم

وعاد عيد الأم كعادته، ليذكرنا بأشياء بسيطة جدا تفعلها أمهاتنا، كأن توقظك من النوم للدوام، تحضر السندويشات، تغسل الستائر وتخيط أزرار القمصان، تصرخ بوجهك لمَ لمْ تدرس أكثر!! تلاحقك لتلبسك معطف الصوف الثقيل لتخنقك ويضحك عليك الطقس قبل زملائك، ثم تتبعك بمكالماتها المزعجة وتحرجك أمام أصدقائك ليحمر وجهك (لماذا تأخرت خارج البيت)؟؟ وإذا تألمت يوما ستجدها جالسة بجانبك تدسّ بيدك عنوة صحن شوربة الخضار الذي يكون آخر همك، لو كانت أمك لازالت على قيد الحياة، يجب أن تجري لتوقف الأرض عن الدوران لأنها تفعل أشياء صغيرة لا تشترى بالمال ولن يفعلها لك احد بنفس التركيبة، ولا تسأل عندما تفقدها لماذا يستيقظ مارد كبير من رقاده يهاجمك بالذكريات لتجري منه هاربا تختبئ خلف الباب عندما يسألك ...أين كنت؟؟!!

لا شك أن عيد الأم يأتي يجر خلفه ثوبه ليقرع بشدة أبواب الأطفال اليتامى قبل أن يقرع أبوابنا، فقد عاد لهم محملا بهدية لا تشبه أبدا هدية سانتا كلوز، ونرد عليه بأن نشتري هدية ليقدموها لمعلمتهم بالمدرسة نعتقد خلالها أننا نرسخ مبدأ الأمومة في دواخلهم في حين نخلق لديهم مشاعر مختلطة عصية على الفهم، فهم أولى بالهدية من أي أم، وقد أخفى عنهم أنهم سيكبرون يوما ويصبحون ربما أقوى منا ليحتلوا صدارة الحياة ويخبرونا بحكاية حفظوها بقلبهم قبل عقلهم الذي كان أغضّ من أن يستوعب الحدث (ماتت أمي عندما كنت بالسابعة، وربتني أختي الكبرى التي كانت في التاسعة)، تتحول طفلة صغيرة بلحظة إلى أم، كنت أسائل نفسي دوما، هل عيد الأم حكر على الأمهات فقط؟؟! لو فكرنا بهذه الطريقة فكأننا نكافئ الشمس لأنها خلقت شمسا ونضع الآخرين بالثلاجة، الأخت التي لم تتزوج وتسخن الطعام لأخيها وتطوي ثيابه المغسولة، زوجة الشهيد التي لم تنجب، خادمة المريض العاجز، الفتاة التي تخبئ في حقيبتها البونبون والشوكولا للأطفال، وحتى الطفلة التي تغطي لعبتها بعناية وتفسح لها مكانا بجانبها لتنام، فهل هناك تأشيرة خاصة للقب (أم)؟؟!.

من تهندم البيت وتدوس عجلة البهجة لتلقي بدوائر ألوانها على أطراف النهار، تسير تجر خلفها خيوط الشمس وتتبعها صغار الأيائل، جميعهن مشروع أمهات.
كل عام وأنتن وأنا بخير.....


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى