الثلاثاء ١٥ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٦
بقلم عادل عامر

التلاعب بالأسواق ومافيا الاحتكار

لا يمكن إنكار التلاعب بالأسواق، من خلال تخزين المحتكرين من المستوردين السلع الإستراتيجية من سكر وزيت ودقيق؛ لتقليل العرض في الأسواق، معتبرًا أن تلك الممارسات تعد فرصة كبيرة لزيادة الأسعار، وبالتالي يكون محدودو الدخل الضحية. أن التلاعب بالأسعار واختناقات الأسواق يتم بالمناسبات، وأنه سيبرز دور المحتكرين في الأيام المقبلة التي سنستقبل فيها شهر رمضان الكريم، مما يعني أنه سيتم التلاعب بالأسعار والمنتجات في أكثر من ثلث الاستهلاك للمواد التموينية والغذائية.

أن السوق المصرية تستورد أكثر من 60% من الاحتياجات الخاصة بالسكر والقمح وغيرها، وكذلك 80% للزيوت، مطالبًا الأجهزة المعنية بالتدخل لمراقبة الأسواق، في ظل استغلال البعض سياسة العرض والطلب، خصوصًا أن هناك بعض المنتفعين من زيادات الأسعار، هم من يجنون الأرباح في النهاية على حساب المستهلك البسيطة، مع ضرورة تغليظ العقوبة على المنتجات منتهية الصلاحية التي يتم بيعها في الأسواق الشعبية.

أن غير القادرين يقبلون على شراء تلك المنتجات؛ لانخفاض ثمنها، بالإضافة إلى إجراء بعض المحلات التجارية والمولات عروضًا على بعض السلع التي اقترب انتهاء صلاحيتها، وتطرح بالأسواق للتخلص منها.مع ضرورة قيام الجهات الرقابية بعمليات لضبط تلك المنتجات والسلع؛ حرصًا على صحة المواطنين، وتعديل قانون الغش التجاري، وتغليظ العقوبة على المخالفين دون الاكتفاء بسداد الغرامات التي لا تتناسب مع الجرم الذي يتم ارتكابه بحق البسطاء.ارتفاع معدل التضخم بنسبة 14% خلال أكتوبر الماضي مقارنة بالشهر نفسه من عام 2015، بسبب ارتفاع الأسعار، وشملت الزيادة اللحوم الحمراء الطازجة والمجمدة، بنسبة 15.9% والدواجن 14.2%، والأسماك والمأكولات البحرية بنسبة (13.4%)، حيث ارتفعت أسعار الأسماك الطازجة والمجمدة بنسبة 11.9%، والسمك المدخن والمملح 15.3% والمأكولات البحرية 19.5%.

أن أسعار الخضراوات ارتفعت بنسبة 5.4% والبطاطس 22.2% والبصل بنسبة 46.4% والخضراوات الجافة بنسبة 62.5%، لافتاً إلى أن أسعار الحبوب والخبز ارتفعت بنسبة 31.2%، حيث ارتفع الأرز بنسبة 48.5% ومنتجات المخابز بكافة أنواعها «النواشف وغيرها» بنسبة 39.9%.و أن مجموعة الزيوت والدهون شهدت زيادة ملحوظة بنسبة 27.5% بواقع 36.4% لزيوت الطعام و21.4% لمجموعة الزبد والسمن البلدي و45.2 لمجموعة الزبد المستوردة و34.6% للزبد المسلى الصناعي، بينما شهدت أسعار الألبان والجبن والبيض زيادة طفيفة، حيث ارتفع سعر الألبان بنسبة 8.5% والجبن والبيض بنسبة 15.2%، كما شهدت أسعار الفاكهة ارتفاعاً ملحوظاً أيضاً بنسبة 16.8% بواقع 31.2% للموز و18.3% للكمثرى و13.1% للفواكه الجافة. تفاقم أزمة السكر بالإسكندرية.. وتجمهر عشرات بالبحيرة لتوزيعه على المحاسيب.. ومحافظ الجيزة لـ«رؤساء الأحياء»: «اللي هيقصر هحاسبه»وأشار التقرير إلى أن إجمالي أسعار مجموعة البن والشاي والكاكاو ارتفعت بنسبة 28.4%، بواقع 30.6% للشاي، والبن سريع الذوبان 31.8%، كما ارتفعت أسعار السكر بنسبة 43.5%.ولفت إلى زيادة أسعار بعض المنتجات الغذائية الأخرى مثل التوابل والبهارات بنسبة 15.2%، فضلاً عن زيادة أسعار السجائر بنسبة 16.3% والملابس الجاهزة 9.9% والأحذية 29% والغاز والكهرباء 19.2% والأجهزة المنزلية بنسبة 38.6% والمعدات الطبية 32.4% وخدمات المستشفيات 16.3%، فضلاً عن خدمات مرضى العيادات الخارجية التي ارتفعت بنسبة 22.7%، والأدوات الكتابية 18.8% والرحلات السياحية 19.3% ومجموعة العناية الشخصية 21.6%.وأضاف أن أسعار الذهب بكافة أنواعه ارتفعت بشكل ملحوظ، حيث سجل متوسط الجرام لمجموعة الذهب زيادة بنسبة 81%، كما ارتفعت أسعار السيارات وأنواع المركبات الأخرى بنسبة 34.1% وذلك مقارنة بأسعار شهر أكتوبر 2015. وتطرق التقرير الإحصائي إلى رصد الأسعار الشهرية للسلع خلال أكتوبر الماضي مقارنة بشهر سبتمبر السابق عليه، مؤكداً زيادة الأسعار بنسبة 1.8% لمعظم السلع الاستهلاكية.

تصاعدت أزمة ارتفاع الأسعار إلى الحد الذي أصبح بالغ الصعوبة وغير مقبول من الجميع.. الأسواق تشهد حالة من الانفلات غير المسبوق.. أدوات الحكومة لم تعد قادرة وفاعلة على استيعاب الأزمات المتكررة.. الجميع ينتظر إجراءات حاسمة ضد مافيا التلاعب بقوت الشعب.. البعض راح يطالب بعودة التسعيرة الجبرية التي كان معمولا بها حتى بداية الثمانينات، والبعض الآخر شدد على ضرورة تحديد هامش ربح للتجار.. ولا شك أن المتربصين في الداخل يعيشون حالة من النشوة الغامرة، آملين أن تستمر أزمات الأسعار طويلاً حتى ينزل الناس إلى الشوارع.. الغريب في الأمر أن تتصاعد أزمات اختفاء السكر والأرز والزيت، وهي ذات السلع التي كانت تسيطر بها جماعة «الإخوان»

على الشارع لعقود طويلة مضت!!.. ولا شك أن الخيوط في الأزمة الراهنة متشابكة وتحتاج إلى حلول جذرية بأقصى سرعة حتى لا نفاجأ بكارثة قد تعيدنا إلى نقطة الصفر، ومن ثم فلا يمكن استثناء أحد من المسئولية. الأزمة الراهنة تؤكد أن حكومة المهندس شريف إسماعيل لا تمتلك القدرة على قراءة الأزمات المحتملة، ولا تدرك خطورة اختفاء أسعار بعض السلع الإستراتيجية، وتحديدًا الأرز والسكر والزيت.. الأزمة الراهنة متشابكة وتقف وراؤها أطراف عديدة،.

أن أزمة ارتفاع أسعار السكر ليست وليدة اللحظة، ولكنها تعود إلى ما قبل شهر رمضان الماضي، موضحة أنه في هذا التوقيت كانت مخازن مصانع السكر الحكومية مكدسة بمئات الآلاف من الأطنان، في الوقت الذي تجاهلت هيئة السلع التموينية سداد مستحقات هذه المصانع طرفها، والمقدرة بنحو 3 مليارات جنيه، وفتحت الهيئة الباب على مصراعيه أمام «الحيتان» لإغراق السوق بالسكر المستورد.. وكانت النتيجة أن تعثرت المصانع الحكومية، وأصبحت غير قادرة على مواصلة الإنتاج، لعدم قدرتها على سداد القروض التي حصلت عليها من البنوك..ولفتت المصادر إلى أن هذه الأزمة يُسأل عنها الدكتور خالد حنفي وزير التموين السابق بصفته رئيسًا لهيئة السلع التموينية آنذاك.

بالانتقال إلى أزمة الأرز وارتفاع أسعاره في الأسواق، سنجد أن وزارة التموين والتجارة الداخلية في عهد الدكتور خالد حنفي تتحمل الجانب الأكبر منها، عندما سمحت بتصدير كميات كبيرة منه في بداية الموسم الماضي بدعوى أن الإنتاج المحلي يغطي احتياجات السوق ويزيد، وعندما تفاقمت الأزمة فتحت الوزارة الباب على مصراعيه أمام كبار المستوردين لتغطية احتياجات السوق المحلية من هذه السلعة الإستراتيجية.

ومن واقع الأرقام الرسمية يمكن القول إن إنتاجنا من الأرز يحقق فائضًا بنحو مليون طن عن احتياجات السوق المحلية، ومن ثم فإن شُح المعروض منه، وزيادة الأسعار بشكل مبالغ فيه يؤكد أن هناك تلاعبات في هذه السلع الإستراتيجية، ولا يمكن إغفال الدور الذي لعبته قيادات وزارة التموين في الأزمة الراهنة، سواء باتخاذ قرارات غير مدروسة أو بإفساح المجال لمافيا التجار والمستوردين لزيادة الاحتكار وإحكام سيطرتهم على حجم المعروض من الأرز في السوق, وليس أدل على ذلك مما قالته الدكتورة منى الجرف رئيس جهاز «حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية»، بأن الجهاز يعكف حاليًا على دراسة ملف الاحتكار، لتحقق من وجود ممارسات ضارة يقوم بها البعض، خاصة أن على الرغم من وجود فائض كبير من الإنتاج فإن الفترة الماضية شهدت أزمة كبيرة أدت إلى ارتفاع الأسعار، ما دفع الجهاز إلى فتح الملف للفصل فيه.

أن الدراسات المبدئية حول سوق الأرز، كشفت عن أن أغلب البيانات والأرقام المتداولة في السوق غير دقيقة، ووجود تهريب بنسب كبيرة جدًا إلى أسواق خارجية، مؤكدة أن الجهاز ليس دوره ضبط الأسعار، وإنما التحقيق في ما إذا كانت هناك ممارسات احتكارية تضر بالمنافسة في الأسواق من عدمه، لافتة إلى أن ضبط الأسعار من اختصاص وزارة التموين، لأن لديها صلاحيات أوسع وأكثر مرونة وسرعة في اتخاذ الإجراءات من الجهاز، بينما عمل الجهاز المتمثل في دراسة سلعة بعينها خلال فترة زمنية محددة يتطلب وقتًا أطول لتجميع البيانات وفحصها والتأكد منها، ثم التحقق من وجود اتفاق بين المنتجين أو التجار لمنع سلعة معينة عن الأسواق أو زيادة سعرها.
بعيدًا عن الردود الدبلوماسية لبعض المسئولين، يمكن القول إن الأزمات الراهنة لا تحتاج إلى مزيد من الوقت والتمحيص، خاصة أن هذه السلع ليست من الكماليات، والمواطن البسيط لا يملك رفاهية الانتظار، فضلاً عن أن الذين يتحكمون في الأسواق معروفون بالاسم لدى أجهزة الدولة، ويمكن إثبات ضلوعهم في ارتكاب تلاعبات وممارسات أضرت بملايين المصريين ووضعت البلاد في أزمات حقيقية لا يمكن السكوت عليها أو تجاهلها لأي سبب من الأسباب. وإذا كانت بعض الأجهزة الرقابية على الأسواق تتحجج بأنها تقوم بدراسة ما يشهده السوق من ممارسات ضارة بالمستهلكين، فقد قمنا بتقصي آراء بعض المسئولين والمراقبين لتجارة السلع الغذائية، للحصول منهم على أسماء أباطرة السوق.. ووفق ما توصلنا إليه فقد وجدنا أن هناك نحو 100 رجل أعمال يفرضون سطوتهم على حركة تجارة السلع الإستراتيجية في مصر، ولا يزيد عدد «الأباطرة» في كل قطاع على 6 أشخاص يتوزعون ما بين مصنع ومستورد وتاجر.. وفي سوق الأرز على سبيل المثال توجد 6 شركات كبرى تقوم بالاحتكار والسيطرة على أسعار تداوله في السوق المحلية. وكشفت مصادر مطلعة أن نحو 40% من كميات الأرز الذي يتم التعاقد على توريده لهيئة السلع التموينية لا يتم توريده من الأساس، وأن 20% أخرى يتم تسجيلها على دفاتر هيئة السلع التموينية فقط، وأن مافيا السوق السوداء تسيطر على تلك العمليات بشكل كبير بمعرفة موظفين بالوزارة. أما عن أزمة السكر فلا يمكن استبعاد مسئولية وزارة التموين عنها، خاصة إذا علمنا أن هناك 5 شركات حكومية تسيطر على ما نسبته 60% من الإنتاج المحلي، يوجه أغلبه إلى بطاقات التموين، أما القطاع الخاص فيستحوذ على النسبة المتبقية، أخذًا في الاعتبار أن إجمالي مصر من إنتاج السكر يُقدر بنحو 2.5 مليون طن سنويًا فيما يتخطى حجم الاستهلاك المحلى حاجز الـ 3 ملايين طن سنويًا، والكمية المتبقية يتم استيرادها من الخارج
وقد يكون هذا هو السبب الرئيسي في الأزمة الحالية، بسبب توقف بعض رجال الأعمال عن الاستيراد بعد تفاقم أزمة الدولار في السوق السوداء، وتشدد البنك المركزي في توفير الاعتمادات الاستيرادية بالدولار.. ولا ننسى في هذا الصدد الإشارة إلى أزمة هيئة السلع التموينية مع شركات السكر المحلية، وتوقفها عن سداد مستحقاتها منذ عدة شهور، مما أدى إلى تعثر العملية الإنتاجية داخل هذه الشركات.

أن مافيا التجار يستغلون الفلاحين أسوأ استغلال ويشترون المحاصيل منهم بأبخس الأسعار، ما دعا الكثيرين منهم إلى العزوف عن زراعة بعض المحاصيل الإستراتيجية مثل القمح والأرز والسكر، مطالبًا الدولة بحماية صغار المزارعين من جشع التجار الذين يقومون بجمع الإنتاج منهم بأسعار لا تغطي تكاليف الإنتاج، مطالبًا الحكومة بالعودة إلى الأسعار التعاقدية العادلة، ولا مانع من زيادة أسعار التوريد عن الأسعار العالمية حفاظًا على استقرار الأسواق وتحسين الأحوال المعيشية للفلاحين. أن ما تشهده الأسواق من ارتفاعات في الأسعار ونقص في بعض السلع تقف وراؤه مافيا التجار، خاصة أن منتجًا مثل الأرز لدينا فيه وفرة إنتاجية، ولا يوجد مبرر على الإطلاق لزيادة أسعاره أو شحه في الأسواق. إن البلاد تتعرض لمؤامرة اقتصادية كبيرة ينفذها الغرب بمعاونة الطابور الخامس الموجود في مصر.. تفاقم الأزمة الحالية سببها تهريب جميع السلع المدعومة إلى الدول المحيطة، ويأتي البنزين، والسولار، واسطوانات البوتاجاز، والسكر والأرز على رأس قائمة التهريب.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى