إستبشري
إسْتبشريْ خيرًا أنا الرجلُ الذي
أحْبَبتِهِ ما حِدْتُ عنهُ فَتيلا
واسْتغفريْ فأنا الذي فضَّلتِهِ
دينًا بحِفظيْ اللهُ كانَ كَفيلا
آياتُهُ ما انفكّ يتلوها الهوى
ذاكَ الذي اخْتارَ الفُؤادُ رَسولا
وأنا الذي أوجدْتُ قدسَكِ قِبلةً
والدّهْرُ غضٌّ يجهلُ التَّنزيلا
في القلبِ منكِ أقمْتُها هذا الذي
ما انفكَّ يُقصَدُ للسّماءِ دَليلا
فامتدَّ ذِكْرًا ظلُّها لجِوارها
والكونُ يسْمعُ حمدَهُ مَذْهولا
وكمِ امتَرىْ فيما رأى حتّى رأىْ
القرآنَ فيهِ يحضُنُ الإنْجيلا
و جرَىْ دَمي العَربيُّ فيهِ مُفصِّلًا
وجهَ السّما في وجههِ تَفْصيلا
فغدوتِ قُدسًا حولَ قُدسٍ عنْ ثرا
ها لستُ أقبَلُ ذي الحياة بَديلا
الرّوحُ روحُكِ أنتِ والقلبُ الذيْ
أنّبتهِ بكِ لمْ يزَلْ مَأْهولا
العينُ ذاتُ العينِ والدّمعُ الذيْ
أجْريتِهِ ما انفكَّ يَجري نيلا
الحرفُ ذاتُ الحرفِ والشّعرُ الذيْ
أنْطقتِهِ بكِ لمْ يزلْ مَشغولا
الخطوُ نحوَكِ ذاتُهُ حتّى وإنْ
شاخَ المُخلّصُ أو بدا مَعْلولا
الفعلُ أجْلَكِ لا لغيْركِ كلُّهُ
أُعْربتُ فاعلَهُ أمِ المفْعولا
والطّينُ طينُكِ هلْ نسيتِ بأنّني
مِنهُ ابْتُدِعْتُ مُفَضَّلًا تَفضيلا؟!
حَشَدَتْ ليَ الدُّنيا وقدْ كانَ السّلا
مُ معِ الوَرى نَفَسَ المُريحِ قَليلا
حتّى سألتِ ولمْ أَجِدْ فحَلَفْتُ ألّا
أرتَضيْ مهْما أُجِبْتُ حُلولا
فشُغِلتُ عنْكِ بها لأجلكِ إذْ أبىْ
عِشقيْ البَقاءَ بصَبرِهِ مَكْبولا
حَربي وما حاربتُ إلّا في هوىً
كم شئتُ كيْ يحْيا الرّجوعَ قَتيلا
سيْفى! وفي غيرِ الهَوىْ ما اسْتُلَّ سيـ
فٌ في سبيلكِ لم يزلْ مَسْلولا
زمَني وإنْ حاطَ الزّمانُ بهِ علىْ الـ
أزْمانِ يبْقى لو نظَرتِ طَويلا
ودَمي يَصوغُ الكونَ كيفَ أردْتِهِ
حتّى وإنْ غمَرَ البلادَ سُيولا
