الخميس ١٦ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٧
بقلم جورج سلوم

إعلان ُ حربْ

تمّ أخذُ القرارْ ....واكتملت أوراقُ اللّعبة ....الكلّ أضمرَ الشرّ وتحفّز للقتال ...ولم يبقَ إلا تحديدُ ساعة الصّفر ...

الحربُ لن تبقي ولن تذرْ...والكلّ سيخسر عندما يتعرّى ليكشف كلّ ما لديه...وستكونُ العوراتُ باديةً للعيان ....وستوضعُ القرابين على المذبحِ...وستبدأ موسيقا الموت ....

الأكفان تنتظر الجميع ...والويل لمن يُترَك بدون كفنْ ...والويل لمن لنْ يجدَ من يواريه الثرى ...

السّلاح في كلّ مكان...واصطفّتْ جموعُ الضّحايا ....وانتظمتْ قوافل القتلى (عفواً أقصد الشهداء) ....وبعدها ستدورُ رحى الحرب وتنقصفُ الأعمار...ويبكي الجميع على فلذاتِ الأكباد...وتشقّ الثكالى ثيابهن ..ويقسمُ الجميع على الثأر ..فالعينُ بالعينِ والبادي أظلم...وسيعجزُ التاريخ عن تحديد من الذي بدأ بالقتال ...

كفرتُ بكلّ شيئ ...وزهدتُ بكلّ متاعِ الدنيا...ورميتُ كلّ أُثقالي وأحمالي .... فلا مالٌ ولا بنونْ (على اعتبار أنهم زينة الحياة الدنيا) ...وأنحني الآن بإجلالٍ أمام عظمةِ الموتْ...
لذلك أنا خارج تلك الحلبة ...وأمارسُ سياسةَ النأي بالنفس عن حروبهم تلك...وسأعلنُ حربي على قطاعٍ آخر...

الآن الآن وليس غداً....أعلنتُ الحرب...

على ياء المتكلم وكلّ ما اتصلت به..إنه اتصال مع الأعداء ..والتخابر مع العدو جريمة !
الآن الآن وليس غداً....أعلنتُ الحرب...

على خاصتي أولاً ..كتابي وقلمي ومزودي وعصاي وغيرها ...لأنها وصماتُ عارٍ لحقت بي ..وتعذّر عليّ التخلص منها .

على أهلي ... لأنهم ارتكبوا معصيةً وجاؤوا بي إلى الحياة ...

على تاريخي ..حاضري.. ومستقبلي الذي يدور بعكس عقارب الساعة ...

وعلى زوجتي ...شريكتي...التي أشاركها الهمّ فيكبرْ...وأشاركها السّعادة فتصغرْ...

وعلى ولدي ....لأنه ذلك الفرع من ذلك الجذع ...

وعلى قلبي ....لأنه نبضَ بالحبّ في هذا الزمن الصّعبْ....

وعلى روحي...لأنها عجزت حتى عن الفرار من جسد الموت هذا..

وأخيراً أعلنتُ الحربَ على جسدي....الذي طغى وتكبّرْ ...وملك العين فأبصرْ...وملك اللسان فزوّرْ...وامتلأ بالشرّ فأضمرْ....ثم تعسّرَ وتكسّرَ...وثرثرَ وزمجرْ... ودمّرَ ومرمرْ وفجّر وبعثرْ ...وكل ما وزنه (فعّلَ وفعللْ).....وعاث في الأرضِ فساداً ونقيقاً وزفيراً وشهيقاً ...ونواحاً ونهيقاً ..ووبالاً وبُوالاً وبرازاً ونكاحاً ...ونُباحاً...و... (فعالاً)..

لقد كان جسدي الفاعل والمفعول به والمفعول فيه ولأجله....ومارسَ فعل الأمرِ و المضارع والماضي والمبني للمجهول ...وكانت أفعاله ناقصة مبتدؤها مجرور وخبرها مكسور ..توكيدها مجزوم وحالها مذموم ..وتمّ نظمها في جملٍ لا محلّ لها من الإعراب ... ولا معنى لها ..فتعذّر شرح قصائدها ..وقال الناقد إن المعنى في قلب الشاعر!!!

وقلب الشاعر بحاجة إلى تطهير ...وحذف الكفر يتمّ بحذف التكفير... وليبدأ كلّ واحد منا بنفسه الأمّارة بالسوء..يحاسبها ويقوّمها ويقلّمها ...قبل أن تمتد يده إلى رقبة أخيه فيذبحها أو يد غريمه فيقطعها ...وقرار الحرب الذي أُعلن بين الأمم لن يجرّ وراءه إلا الحروب والحروب ...
هلمّوا الآن وانصبوا كراسي الاعتراف في بيوتكم ...وليكفّر كلّ فردٍ عن ذنوبه ...وأعلنوا الحرب على ذواتكم حيث سكنت شياطين الشرّ وأباليس الخطيئة ...فهذه هي الحربُ المقدّسة التي نادت بها الآلهة ....وارجِعوا راضينَ مرضيين إلى ربّكم!!!!

(يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضيةً مرضية )...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى