الفصيح بولاية الوادي في كتاب جديد
تحتل المدينة مكاناً مرموقاً في الأدب المُعاصر، على المستوى العربي والعالمي، سواءً أكانَ الجنس الأدبي شِعراً أم نثراً، وذلك للدور الذي تلعبه المدينة في تشكيل وعي الأديب.
لكن يرى الكثير من المهتمين بالأدب أن مدينة القرن العشرين تطوّرت بشكل حاد صعب معه تكيف النازح إليها لاسيما الشعراء منهم، ولم تنجح الانتصارات العلمية في تحقيق الآمال المعلقة عليها من خلْق عالم أفضل يتكئ على العلوم وسيطرة الفلسفات المثالية، وعلى العكس من المتوقع صاحبت هذه الانتصارات العلمية صور مأساوية من اغتيال لحرية الإنسان، واستغلال موارد الشعوب المغلوبة على أمرها، وما تمخضت عنه الانتصارات من حروب دمرت أكثر ما أنجزت، وكان ضحيتها الإنسان هنا وهناك ما جعل شاعر القرن العشرين يتخذ موقفا معاديا من المدينة ورموزها.
وبفعل من الاحتكاك الحضاري مع الغرب لم تكن المدينة العربية بمعزل عما يجري؛ فإذا عرفت أوروبا ثورة مدينة كاملة كانت أخطر من ثورتها السكانية العامة؛ فإن العالم العربي لا يعد متخلفا من حيث حضارة
المدن إذا طبقنا المقاييس العالمية التي اصطلح عليها.
ولنا أن نتساءل: هل كان موضوع المدينة في أدبنا مُعاصِرا كل المعاصرة، أو أن له جذورا تضرب في العمق التاريخي? وإذا كان معاصرا فهل نشأ غربيا أو شرقيا ? وإذا كان غربي النشأة فهل كان شاعرنا مقلدا أو أصيلا ?
وفي كل الحالات فإن نظرة الشاعر العربي المعاصر إلى المدينة يشوبها الحذر والقلق، وعدم الاطمئنان إلى المدينة.
انطلاقا من التساؤلات السابقة جاء الملتقى السادس للشعر الفصيح الذي نظمته مديرية الثقافة بالوادي شهر مارس سنة 2014 لتُصدِر ما تمّ فيه في كتاب أخيرا بمناسبة الملتقى الوطني السابع للشعر الفصيح الذي انتظمت فعالياته هذه السنة أيام: 28،29،30 أفريل 2015 بدار الثقافة بمدينة الوادي كتابا بعنوان: " الملتقى الوطني السادس للشعر الفصيح.. المدينة في الشعر الجزائري المعاصر ".
الكتاب يوثق للملتقى السادس للشعر الفصيح الذي انتظم أثناء السنة الفارطة 2014..الكتاب الجديد من الحجم المتوسط يقع في:96 صفحة ذو غلاف جميل خلفيته مدينة الوادي القديمة بعمارتها التقليدية ذات العبق التاريخين المشكلة من القباب والأقواس التي مادتها الرئيس حجارة وردة الرمال، والجبس المحلّي..عمارة تختصّ بها منطقة وادي سوف، وكذا المآذن الرباعية المعروفة بها الربوع المغاربية.
الكتاب...
تلي التقديم القصائد التي عددها 19 قصيدة، فالقصائد الثلاث الفائزة في المسابقة، ثم المحاضرات فالتقاطع الشعري الأوبيراتي الافتتاحي للملتقى.
التقديم
أشار الدكتور حسن مرموري مدير الثقافة في المقدمة إلى أهمية الأدب في حياة الإنسانية، فترقيته والاهتمام به كرافد هام من روافد الثقافة الوطنية، ممّا يحتّم على المديرية الحرص على تشجيع المبدعين الجزائريين وبخاصة المحليين منهم:
« لا شك أن الاهتمام بالأدب وترقيته يعد من صميم اهتمامات مديرية الثقافة إذ أنه يعد أحد روافد الثقافة الوطنية، وذلك من خلال توفير الجو المناسب للمبدع الجزائري بصفة عامة والمبدع المحلي بصفة خاصة، و يتمثل ذلك في إقامة نشاطات و ندوات و أيام دراسية كذلك مسابقات أدبية محلية ووطنية و إقامة ملتقيات وطنية تهتم بكل شؤون الأدب.
إذا جاء الملتقى الوطني للشعر الفصيح استجابة لهذه الرغبة، وحتى نكون في المسار الصحيح جندنا مجموعة من المبدعين من ذوي التجربة والخبرة للمشاركة في تنظيم هذه التظاهرة.ص:3»
« الكتاب الذي بين يديكم ثمرة الملتقى الوطني للشعر الفصيح في طبعته السادسة " مارس 2014 " يشتمل على مداخلتين حول المدينة في الشعر الجزائري المعاصر كذلك مجموعة من القصائد للشعراء المشاركين في هذه الطبعة والذين جاؤوا من مناطق مختلفة من بينهم الشاعرين العربيين الأستاذ رفعة سلام من جمهورية مصر العربية، والأستاذ أحمد آيت ورهام من المغرب الشقيق؛ ناهيك عن القصائد الثلاث الفائزة إضافة إلى نص أوبيرات كان المكان هنا والتي نفذها مجموعة من شعراء مدينة الوادي.
إذًا الكتاب هو توثيق لما قدم من مداخلات نقدية وقراءات شعرية خلال أيام الملتقى وتثمين لجهود أصحابها حتى تكون بين يدي القارء شهادة على ما تم إنجازه في أرض الواقع وإعطاء صورة عن المشهد الإبداعي في المنطقة ص3.»
القصائد
إن القصائد 19 التي صدح بها الشعراء الشباب الآتين من عديد ولايات الوطن: أحمد بلحاج آية ورهام، مصطفى صوالح محمد، يحي فريمهدي، ياسين أفريد، عبد القادر مهداوي، بشير غريب، لخضر بركة، صالح خطاب، منير الرقي، بشير المثردي، مصعب تقي الدين بن عمار، أحمد مكاوي، عبد الحميد بريك، بشير ونيسي، سمية محنش، عادل محلو، عبد القادر عبيد، عادل عبد المالك، رفعت سلام.
كانت روضة غنّاء جمعت أطياف القصيدة العربية المعاصرة، كما ترافقت هذه القصائد بما صدح به ضيفا شرف الملتقى من مصر، والمغرب، لا تسمح لنا المساحة باستعراض القصائد كلها، فنكتفي ببعض المقاطع من بعض القصائد، ولتكن بدايتنا بالشاعر المغربي الضيف:" أحمد بلحاج آية ورهام " بقصيد عنوانه:( صَوْتٌ فِي بَابِ الْكَهْفْ ).. بعـــضٌ من أبيات هذا القصيد:
(حَطَبٌ أَنْتَتُدْفِئُ بِهِ الْمَعْرِفَةُ تَلاَوِينَهَا،اسْأَلْ عَنْ خَيْطِ خُرُوجِكَ مِنْ وَحْشَةٍ تَهْرِسُكْلاَ عَنْ مَوْجٍ خَلْفَ الْعَقْلِ يَقْذِفُكْأَنْتَ الْآنَ بَيْنَ فَكَّيْ لُغَةٍتُدْمِنُ الْمَوْتَ زَرْعًاوَالْحَيَاةَ فَحْمًا،َلاَ سَبِيلَ لَكَ غَيْرُ ذَاتِكْهِيَ حَرْفُكَ الَّذِيلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَعْمَىإِذَا غُمَّتِ الْجِهَاتُوَعَمِيَتِ الْأَنْهَارُوَسُجِّرَتِ الْبِحَارْ..)
الشاعر مصطفى صوالح محمد من الوادي في قصيد بعنوان: " أغصان الريح " يشكو لهيب الشوق لحبيبته التي يرجوها ألاّ تنكر هذا الشوق الذي تبوح به عيناها:
إليك أشكو لهيب الشوق وا أســــــــفاوالشوق جمر إذا أجّجتــــــــــــــــه ثارالا تنكريه وهذا الورد أخبـــــــــــــرنيوالورد أصدق يا عينيك أخــــــــــــباراها صرت أقبع دون الحلم منتظـــــــــرايا شهرزاد وديك الحال قد طــــــــــاراهذا المسافر عبر النار ألمحــــــــــــــــــهفي القلب علّق أشواكا وصبـــــــــــاراعيناك بحر من الأحلام أركبــــــــــــــهبالسحر يسري مدى الأيام مذ ســــاراأما الحكاية من عينيك مبدؤهــــــــــــا
الشاعر يحي فريمهدي في أسئلة فلسفية يسائل فيها الحياة والكون من خلال حبيبته في قصيد بعنوان: " مـا تيسّر من سورة الذّات"
هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ اــــــلرُّوحِ مــــــــَوْلاَتِيمَاضِيَّ جِسْـرٌ وَهَــــــــذِي الذَّاتُ تَقْطَعُهُلَمْ تُبْقِ ذَاكِــــــــــــــرة الأَشْيَاءِ فِي دَمــــِنَاعُمْرِي يَبَابٌ؛ وَهَـــــــــــــذَا القَلْبُ قَافــــِلَةٌتِيهٌ يُعَبِّدُ فِي الآفَــــــــــــــــــــــاقِ أَسْئـــــِلَةًكُلُّ الدُّرُوبِ سَرَادِيبٌ وَأَقــْبـــــــــــــــــــــــــِيَةٌأَيْنِي أَنَا الآنَ؟ لَا شَمْسٌ فَتَرْسُـــــــمُ لِيمِنْ أَيْنَ «أَسْرِي» لِأُطْفِئ جَمْرَ لَهْفَتِنَا؟أَمْ كَيْفَ «أَعْرُجُ» كَيْ أُفْضِـي لمُعجزةٍ؟
الشاعر ياسين أفريد من قصيد له بعنوان " بائية البحر" يعيش الوحدة وعذاب الشوق بعد أن تخلّت عنه حبيبته:
وحيدا أنتشي، شغــفي عَذابيغريق الحـبّ يجرفــني عُبــــابيأجَــلْ.. و تحِنُّ أنهاري إلـــــيهاأحنّ إلى يديــها في اضطــرابأحـــنُّ إلى عيــون جارفــــــــاتٍإلى شفتين خمرُهُـما رضــــابيإلى عطــر يهزهز كـلَّ رُوحِــــيفيسقطُ شهدُها بدمـي المُصابكأنَّ البـحــرَ أجْـفـَـــــــلَ إذ رآنـاوأيقـظ نارَهُ زخــمُ الحُـــــــبـــــابيغــــــار وقــدْ تجلـت ذات قــــلويرجــف كلما وقـــــفتْ بـبـابي
الشاعر عبد القادر مهداوي في قصيد بعنوان: " للدمع ضحكٌ وللأحزان أفراحُ.. يا ظلمة النور هذا الليل مصباح"
نعم... ولكنْ لقلـــــبٍ غيرِ قلـــبك يامن جنـّـــنَتْكَ فخِلــتَ الكون أخيلةً؟الحب ليـــــس فراشـــــــــــــات ملونـةٌعلى طريقتها في الــحب تعـــــشقنييشي بك الســـر لي بالسر يا امرأةًنهرٌ من الظمإ العطشــــان يشربنيمن قال يغرق في الشطآن مركبناالأمس ينظر من شــــبّاك ذاكـــرتيالذكريـــات ذئاب القلــــب تنهـــــشهالذكريـــات قناديــــــل مخــــــــــــــبَّأةٌ
الشاعر الشاب بشير غريب شاعر الفصيح والملحون في قصيد له بعنوان: " بعيدا عن احتمال الحب"
عـن أي حـبّ تـسألين؟ وما بي؟هـل صِـرتِ فِـعْلاً تـجهلين عذابي؟.أفلم يَبحْ دمعي الشقيّ بأحرفي؟أم قــد نـسـيتِ بـلاغـة الأهـداب؟عـن أي شئ؟ لست أذكر وقفتيلــلـحـب ّ أو طــرقـاً لــهـذا الــبـابمـنـذ الـطـفولة لـم أعـشْ لـبراءتيمــنــذ الـنـعـومة أيـنـعـت أتـعـابـيوكـبِـرتُ أُتـقـن فــنَّ كــلَّ مـتـاعبيحــزنــي وآلامـــي هــمـا أتــرابـيشـبـحُ الـظلام وكـلّ خـوف لـي أخٌالـجـمرُ زهــري فــاح مـنه شـبابي,حــتـى إذا مــا رُمْــت خُـبْـثَك مــرّةفــهـو اشـتـيـاق الــحـزن لـلأحـباب,وأراك مــاهـرة الــوصـال بـصـحبتي
الشاعر لخضر بركة في قصيده الموسوم بـ: " عصفور يعبر النص"
ماسورةٌ مكسورةٌ في الشمس تنزف بالوحولوملطّخٌ وجهُ الصباح برغوة الصابون تهطل من مناخير المبانيبائعو علب السجائر لم يبيعوني سوى ضجري من المعنى الملازم ليكثوب عباءةٍ متقطّعةمقهى يثرثرُ مثل منشار،يجفّ الماء في الأحداق،تستعصي الوجوه على التبسّم في الوجوهإيقاع صوت "الراي" ينضح مثل زيت محرّك قد شاخ..يستهوي ذبابا في الهواء الحامض الأنفاس،أبغي قهوةً معصورةً والماء،
شعرُ النادل المصفوفُ للأعلى كشوك ناتئٍ متلمّعٍ بالدّهن يشبهُ عُرفَ ديك في المرايا
كلّ شيء في المرايالوحة زيتيّة تمشي،***يمرّ الناس في علبٍ من الفولاذ،يحيا النّاسُ في علبٍ من الاسمنت،يمشي النّاسُ في علبٍ من العاداتِ،
الشاعر صالح خطاب ينحاز إلى الأنثى ويفرح بقربها، ينفر من الذكر في قصيد بعنوان: " دمعتــــان"
دمعتي أنثى،فرحتي أنثى،إنما حزني ذكريا عيني الحبلى بدمعة فرحةسالت على خد المدينةترشف أوجاعهامن بين أهداب القدريا عيني الــ...تجري بأدمع حزنيصعرت للشمس من جرحي شمعةوتذيب تبر صبريفوق خد الكون دمعهتترقرقكمرايا النهر ما بين الصخر;تتلظى ألف مرة،تتشظى ألف جمره،تعرض في الأفق أشجاني صوردمعتي الحيرى، وحلميتوأمانينسجان من خيوط الشمس
الشاعر منير الرقي يبحر في أسرار لغة الضاد، في حوار داخلي يمارس ذاك الإبحار في قصيد بعنوان:" ضاد وصراع في الأضداد"
الآن يصـــعد مـــا أوتيــــت مـــن كلِــــم حـــــــتى أعـــــود عصير اللفظ واللغةفي خـاطري جوهــــر يربو علـــى كلمي معنــــى عصيّ ولفظي صار موقعتيشـيء توشّــح بالأوهــــــامِ مـــن عنــــج يدنو ويبــــــــــــعد عن ألفاظ بوصلتيشـيء كـما لم يكن في اللّفظِ من صفة ماذا أقــــــــــــول وكل الهمّ في الصفةفمــا تكلّــم قــــبلي وفــــق مـــــــعرفتي أهــــل البــــوادي ولا أهـــــــل بأزمنتيوذاـــك أن مــــزار القـــــول شــــــــرّدني فصــــــرت أعدو غريبا وسط مملكتي
الشاعر بشير المثردي من قصيد له بعنوان: " سفر...."
آمال...سيري على أعـــتاب قافيـــــــــــــةوراودي حلما بالزنبق.ِ.. امتـــــــــــــــــزجاسيحي انشطارا فلي في الشجو ناصيةليل يفيض على الصبح الذي انبلـــــــجاصب ترقرق...لي يا حـــــــــــــــــرف أوردةكادت تجف ولي صحوي...وما اختلـــــجاعزف يئن وهل حُمِّلتَ يا سفــــــــــــــــراكأسان فاضا بنخب الدمع بعدَ شَــــــجاما هام وُدَّان... في رمضاء قيدهـــــــــماإلا تساءلت: هل ناريهما وَلــــــــــــــــجاهل يأبهان بريق السابحين هـــــــــــــنابحرَ العقود.. وإنْ غاصوا...فهل عَــــرَجاوأصمت الآن بنت الصمت تجذبنـي
هذه أبيات للشاعر أحمد مكاوي من قصيد له بعنوان: " ما زلت أبحث عن ظلال "
ما زلت أبحث يا جمالعن الظِلالْوَهِماً أرانيلا أكفُّ عن السؤالْمن أين أبدأ؟كيف أسرج ليلهم؟وإلى متى خطوييواجهه المحالْالشعر بعض نبوءتيوحديثهمملأ الفضالكنه يئد الرجالْ
والشاعر عادل محلو يصدح في هذه الأبيات من قصيد له: " كان المكان هنا"
العمرُ بعدك تشريدٌ وهمهمَةٌوزهرةٌ رشفَتْ غيماً من السّقَمِكانت تُغنّي...وهذا الكون جوقَتُهافـاستعْبَدَتْهُ تعـــــاريجٌ من الصَّمَمِكان الربيعُ خُطاها... والشذا قمرٌيسمو على شبح الأحزان والظُّلَمِأنّتْ فأنصَتَ بالجرحيْن موعدُناذاك الذي غرقت عيناهُ في القِدمِ2.ماذا أفجّرُ يا صَفصافُ من جسديحتّى أُحطِّمَ أصنـــــاما من الألمِ؟لم يبْقَ من رئتي حِنْثٌ ولا قَسَمٌوالوجدُ يكفُرُ بالإحْنَاثِ والقسَمِوالقلبُ أسْكَرَ أمواجا وأشرعةًحتّى تَوحَّدَ بالأصدافِ والعدَمِ
الشاعر الصوفي بشير ونيسي في قصيد له بعنوان، نقتطع منه هذه الأبيات: " هنا..."
وحدي أناشهوتيفي كل شيءنور ونار وماء.هنا...رمليبعث السماء.هنا...نخليرسم وقت التجلي.هنا...قبةتعيد للوجودسحره الأبدي.هنا...قمريمحو طوفان الليل.هنا...شمستشكل وطنا للملائكة والبراءة.
نختم رفقتنا للشعراء بالشاعر المصري رفعت سلام ضيف شرف الملتقى بأبيات له من قصيد بعنوان: " فَمِن أين تأتي الصَّرخةُ الصَّامتة"شَفَتَان تَقطُرَان النِّسيَانغَيبُوبَةً غَائِـرَةتَقطُــرَانتَقطُـرَانثَديُهَا وَهوَهَةٌ نَاهِدَةتَنَامُ فِي يَدِي.يَسكُنُنِي السَّهَرأُهَدهِدُه إِلَى أَن يَنَام؛فَأَصحُو إِلَى مَطلَعِ الحَرَام.أَيُّهَا المُفتَرَقنَشِيدٌ، أَم نَشِـيج؟أَيَّتُهَا الزُّرقَةُ الَّتِي تَرَى سِرِّيلاَ سُـؤَال.أَيُّهَا الصُّرَاخُ الَّذِي يَحبِسُنِيمَتَى؟أَطفُو عَلَى هَوَاءٍ بُرتُقَالِي.وَقَلبِي فَارِغٌ كَلِيم.مَتَى يَنتَهِي الكَلاَم؟بِلاَ خِنجَرٍ أَو مَنجَنِيق،أَمضِي عَارِيًا فِي الدُّرُوب.
القصائد الفائزة في المسابقة
1 ــ أغنية تشبهني.. للشاعرة لطيفة حسانييا أنت ماذا دهى الأحشاء والكبدا؟أفي هزيع زماني صبحهن بـــــــــدا؟أودعت للغيب سيناتي وأجـــــوبــتيورحت أفتح للضوء الجديد مــــــدىعلام أرحل والتحنان يرجعـــــــــــني؟والحب مدّ لروض الأمنيات يــــــــدامشوقة أم تراه العمر أنبـــــــــــــــنيعن مهجة أصبحت للتيه ملتحداأم أنّ بين أقاصي الجرح زنبـــــقةحينا تئنّ وحينا تجتـــــــــدي البرَداكم ذا تأبطت الأحزان ذاهــــــــــــــبةللاّرجوع تجــــــــــرّ الصمت والجلَداأمهجتي فاعذري صـــــدّي تملّكنيجرح قــــــــــديم على كينونتي ركداأرمّم الفلك بالنسيان جاهـــــــــــــدةعسى العواصف أن تمضي وتبتعداعسى المعازف أن تنساب آخذةصمت السنين وتسقي قلبي الصلِدارحلت والعمر مني مودع طــــــللايشكو الضياع ومنه الحلم قد ولداما مات من أيك قلبي غصن أمنيةإلاّ اغتدى بفؤادي الروض متــّــئـداجميلة ياغــــــصون السرو باسقةأخــــــــــــــــــــذت منك اكتمال والجلدايا قلب من أخذ التوديع خطوتهاهل نستعيد هزارا ودّع الرغـــــــــــدا؟لما الرواحل عادت وحدها وأنــــــاعلى الدروب اكتظاظ لا يرى أحداتناهبتني خيوط الريح مبعـــــــــدةعني المسافة في الماقد يكون غداضوء بأقبية النسيان يومئ لــيلمّي الصباح ألا يكفيه ما فقدا؟حلمي قصيد وجرحي وجه أغنيةكم كنت أنثـــــــــــرها لتجمع الخلدا
2 ــ هناك... بعيدا عن الموت.. للشاعر: الازهر محمودي
نَشَـــرْتُ عَــلَى حَبْــــلِ أُمِّـــــي عَـذَابِــــــيوَضَجَّــــتْ دُنَــا الذِّكْــرَيَـــاتِ بِبَــابِــــــــــيوَحِينًـــا يُخَـــاطِبُـــنِي الأَمْــــسُ وَحْيًــــــــاوَحِينًـــــــا يُسِــــــــــــرُّ وَرَاء حِجَــــــــــــابِبِـــــرَفٍّ يُـــدَاعِـــــــبُ زِينَــــــةَ أُمِّــــــــــــــــيوَرَفٍّ يُطَــالِـــــــــــعُ فَـــحْــــــــــوَى كِتَـــابِــــيوَمِــرْآتُهَـــــــا كَـانَــــــتْ البَـــــوْحُ، فِيهَــــــــــايُغَـــــازِلُ شَيْبِــــــي صَبَـايَـــــــا شَبَــابِــــــيوَتَـرْقُــــــبُ خَطْـــــوِي بِعَيْـــــنَيْ مَشُـــــــــوقٍيُنَــاجِــــي حُضُــــــورِي لَـدَيــْهَا غِيَـابِـــــــيهَنَــــا كُنْـــتُ أَحْبُــــو أُحَــــاوِلُ أَخْـــــــطُووَأَرْسُـــمُ حُلْـمِــــــي بِــوَجْـــــــــهِ التُّــــــرَابِوَتَسْــعَــــــــى إِلَـــــــيَّ عَـــــــرَائِسُ نَـخْـــــــلٍتُعَمِّـــدُ رُوحِـــــــي بِشَهْـــــدِ الــرِّضَـــــــابِأُدَاعِـــبُ كَـــــفِّـــــي بِخَيْــــــــطٍ قَصِيـــــــــرٍكَخَيْـــــطِ الأَمَـــانِــــــــي تُسِيــــــلُ لُـعَابِـــــــيجِـــــــــــدَارٌ يُعَـــــــــرِي طُفُـولَـــــــةَ حُــــلْـــمٍوَدُسْـــــرٍ عَـلَيْـهَــــا شَنَــقْــــتُ ثِيَــــابِـــــــــيوَفَــــــوْقَ لِسَـــانِـــــــي تَعَثَّـــــــرَ حَـــــــــــرْفٌبِخَمْـــثٍ وَ ثِــــتٍّ وَ ثَبْـــــــــعٍ حِسَـــابِـــــــــــيوَأَمْحُـــو شُعَـــــاعَ الغُـــــــرُوبِ بِكَـــــــــــفٍّلِليَــــــــلِ الحَكَـايَــــــــــا وَرَاءَ السَّــــــــــــرَابِأُصَافِــــــحُ فِــــــي كُــــــلِّ رُكْــــــنٍ شَظَـايَـــاابْتِسَامْـــــي بُكَــائِــــــي جُنُـونِـي صَــوَابِــــيوَفِــي الصُبْـــحِ تَصْحُــــو رُؤًى حَالِمَــــــاتٍبِلَحْــــــنِ الرُّعَــــــاةِ تَجُــــــــوبُ الــرَّوَابِـــــــيأَصُـــــــوغُ مَـــــدَائِــــنَ مِــــــلءَ خَيَــــالِــــــــيوَأَغْـــــــزُو مَمَـــــالِكَ فَـــــــوْقَ السَّحَـــــــابِوَتَمْنَحُــــــــنِي هَــدْهَــــــــدَاتُ الــزَوَايَــــــــــاعَصَـــافِيرَ جَـــــــذْلىَ تَحُــــفُّ رِكَـــابِـــــــــيوَدُنْيَـــــا أَبِــــــي وَسَّــدَتْنِــــــي صَـــدَاهَــــــافَصِــــرْتُ صَبِيًّـــا زَمَــــــانَ التَّصَـــابِـــــــــــيوَصُنْــــدُوقُ جَـــــدِّي يَصُـــــــوغُ عَبِيـــــــــرًايُــلاَمِسُ فِـــــــيَّ جُـــــــــذُورَ انْتِسَـــابِـــــــــيوَأَلْمَـــــحُ فِــــــي عَتْمَــــةِ البَيْـــــتِ طِفْـــــــلاًيُنَـــــادِي إِلَـــــيَّ إِلَـــــيَّ يُـرِيـــدُ عِتَـــابِــــــــــيلِمَــــاذَا قَفَـــــــوْتَ سَـــــرَابَ اللَّيَــــــالِــــــــي؟فَقُلْـــتُ عَـــذِيــــرِي فَلَيْلِـــــي سَـــــرَى بِــــيأَأَنْـتَ الصَّبِـــيُّ الــــــذِي كَــــــــانَ يَحْبُــــــــو؟هُـــنَا هَــــــا أَرَاكَ جَهَلْــتَ خِطَــــــابِـــــــــيكَبِــــــــــرْتَ وَلاَ زِلْـــــــتُ طَيّــــــَكَ طِفْـــــلاَيُعَــانِـــــــــــدُ فِيــــــكَ رِيَـــــــــاحَ اكْتِئَـــــــــابِوَمَــــــــاضٍ طَـــوَانَـــــا طَــوَيْنَــــــاهُ دَهْــــــــرًايُسَـايِـــــــرُ لَيْـــــــــلاً بِـوِحْشَـــــــةِ غَــــــــــابِ
3 ــ هواجس.. للشاعر بن شلال عصام
يـا مـن رمـيـت المستــــــــــحيل ورائـيومـنـحـتـنـي وطنا علـى أهوائيما سوفَ يأتي من سنين البؤسِ لنيـسـمــو بـنـا لـمـنـازل البــؤساءمـا سوف يـأتـي قـد يجـرُّ خـــــــــطيئةًهــل نـصـلحُ الـدنـيا بـلا أخـطاء؟أوَ ليستِ الـدنـيـا سـوى تـفّـــــــــــاحــةٍصـــــفراء تـعـرف سـرّها حــوّائيمــا أدركـت حـوّاءُ بـعـــــــــــــــــدُ بـأنّـهـاخُـلقت لأجـل ولادتــي و فـنـائيو لأجـلها ما زلت أرسـلُ هــــــدهـديلـــكــــنّـه يـــأتــي بــلا أنـــــــــبــاءيـا شوقُ لا تــنزل بقـلبـي إنّـنـــــــــيلـم ألْــقَ أحـبـابًـا بـقـدر وفــائــيو اتْـركْ شـرايين التُّـرابِ نَـدِيّـــــــــــــةًفـبــأيّ حـــقٍّ تــسـتـحـلُّ دمـائـي؟اليومَ قد نضحَ الإنــاءُ بما حـــــوىفبـمـا سـيـنضحُ يـا تـراه إنـائـي؟فاملأ كـؤوسي أيّ شيءٍ غيـــــــــرهافـالخمرُ أصبح طعمها كـالـمـاءثمل الزمان و للحـزيـن طقوســـــــهفمتـى سيضحك بعد طول بكـاء؟يـا دار جـدّي مــا بــــــــــقـيـتُ أنا أناوإذا بقـيـتُ هـنـا يـزيـد بـلائــــيمـن بعدما آنَ ارْتحالي لـم يـعــــــــدْفـي وُسْعِ قلبي أن يظـلّ ورائيلي مـا يشاءُ الحظّ فوق مشــيئتيوالصبر ليس يـزيل كلّ شقائييا صرخة النـاي الجريح تريــــــــّثيحـتـى ألمـلم مــن هــنا أشلائيكي أمنح التاريخَ بعض مــــلامحيإذ أبــعــث الفينيق مــن مــينائيلن يبلغ الرومان مـن قرطـــــــاجتيشــبـرا إذا زيّــــــــــنـتُـها بــــــدمـائيإنّ الحــضارات التــي عـلمــــــــــــتُّهامــا الأبـجــديَّة بـادرتْ بــعـــــدائييـا شعرُ إنّي قـد ذكـرتُ أحـــــــــبّـتيونـسـيتُ ما عُـلّمتُ مـن أسـماءأسـطـورة اللغة القديمة أصبحــــتمـحـذوفـة مــن مـعـجـم الإيـمـاءكـلمـاتُ هـذا الشعر ليست أحـرفافـالشعرُ يـشـبـه أعـيـن الشـعراءوأراه منفاي الجمــــــــيل وصاحبـيومُخَــلِّـصي مِـنْ ورْطةِ العــــقلاءفغدًا ســـــــأدرك أمـــنياتي دون أنْيـضـطــرّني تعبــي إلـى الإغـفاءوغدًا سأفهم من كلام الريـــــح مـايروُونه عــن حـكـمة الصحراءوغدًا سأبعثُ من قناديــلي الـــتـيخـمــدت أبـابـيلا مــن الأضواء
المداخلات
1 ـــ إضاءات حول المكان والشاعر العربي/الأستاذ-حسين مشارة.جامعة الوادي
ممّا جاء في المحاضرة أن الأستاذ المحاضر يعود بالمتلقّي إلى الماضي العربي السحيق وارتباط الإنسان العربي بفنّ القول لمّا تقتضي متطلبات الحياة المعيشية، فالمكان هو الفضاء الذي يتماهى معه الإنسان، ويمارس فيه وجوده:
« كان بيتُ الشَّعر المحطةَ الأولى، في رحلة الارتباط بين الإنسان العربي الأول وفن القول، حينما تقتضي الشاعرَ ضروراتُ الماء والكلإ أن يقيم في المكان فـيُركز العماد، ويضرب الأطناب، ويثبت الأوتاد ويربط الأسباب، في حياة دائمٍ تواترُها بين الحركة، والسكون، و(أصعب الأشياء بدياتها ) كما يقال، فكان المكان / الطلل من أعظم أدوات التوسل لارتقاء الشاعر إلى حالة الإبداع في الجاهلية، والطلل هو الوسيلة المثلى لبناء موضوعات القصيدة، وهو الشاهد الأوحد على تحقق الوجود بالحب و البطولة.
ولما ظهرت رسالة الإسلام في مكة كان المكان أقوى دليل على الظلم، حينما يُخرج الأشراف المتخلقون الأمناءُ من ديارهم، ولم يبق لهم مما يملكون إلا الديار، وكانت بالمكان أيضا أقوى معاني النصرةِ و الحمايةِ.
وفي عصر بني أمية كان التموضع في المكان أساسيا في غرضي الفخر والهجاء، وعند العباسيين توسع إنشاء الحواضر، واختلطت الأجناس فيها بين العربي والعَجَمي، وأخذ اللسان العربي يخطو أولى خطواته في طريق الفساد، فتنبه علماء اللغة إلى ضرورة جمع الفصيح منها، فضربوا أكباد الإبل للوصول إلى فصاحة البوادي، فكانت المدن والحواضر بذلك قد أفرزت أول خطر يهدد الفكر العربي...، وفي جانب الإبداع الشعري تنبه الأستاذ عباس محمود العقاد إلى ما بادر به الشاعر ابن الرومي حينما توسع في غرض الرثاء، ليشمل أيضا المدن بعدما يحل بها الخراب وتغمرها الفوضى مثلما وقع لمدينتي بغداد والبصرة.
وفي عصر المماليك والأتراك شهدت بعض دول المشرق العربي ركودا لا نظير له بسبب الاختلالات السياسية، وتمزق بناء الدولة الشامل إلى إمارات مشتتة، فاهتز الأمن العام وهان وقع الكلام الفاحش على أسماع العامة من الناس في المدن، فتكرس بذلك اتجاه كثير من أهل الفكر إلى العزلة عن المجتمع للتفكر في العالمين: الخارجي وهو آياتُ الكونِ من فلكٍ، وأرضٍ وسماءٍ...، والداخلي وهو باطن الإنسان نفسِه...، ووجد كثيرٌ من الشعراء أنفسَهم في بيئة صوفية أنتجوا وسطها أشعارَهم المليئة بأسماء المكان.
وكان الفتح الأندلسي في نهايات القرن الهجري الأول، و قد أخذ المكان قيمته في هذا العصر من منطلق التسمية على أساس إقليمي بخلاف معظم العصور الأدبية الأخرى التي تسمَّتْ بالوصف الديني: كالجاهلي والإسلامي، أو بالوصف السياسي نسبة إلى الأسرة الحاكمة: كالأموي والعباسي أو بالوصف العرقي: كالمملوكي والتركي...، ولعل ذلك يرجع إلى شدة انبهار الشاعر العربي بسحر الطبيعة الأندلسية وروعة عمرانها، فوصف القصور والقباب والنقوشَ والحماماتِ والساحاتِ و المتَنَزَّهاتِ...
وحين توسع إنشاء المدن والحواضر في مختلف البلاد العربية، انقسم الناس بين مؤيدين ومعارضين لحياة البداوة، أو الحواضر المدنية.
وحين اطلع الأدباء العرب على الحضارة الغربية شدهم تميز الرومنسيين في مفهومهم للفن والحياة، وفكرة الهروب من واقع المدينة الغربية التي سيطرت عليها الآلة، وربما أن الإنسان الغربي قد استفاق بعد الحرب الأولى على هول الدمار الذي خلفته تلك الآلة نتاجُ العقل.
أما المكان من حيث المفهوم فلا يعنينا منه في هذا المقام إلا ما ارتبط بالفكر والإبداع، ومن أشهر الباحثين في هذا المجال (غاستون باشلار) الذي يرى أن المكان هو النقطة التي تنطلق منها أحلام يقظة الإنسان، ومن دون المكان يظل الفكر الإنساني مشتتا، ويفيدنا الأستاذ (ياسين النصير) بقوله إن المكان لا يعني مجردَ أبعادٍ هندسية أو حجمٍ من الحجوم، إنه ((نظام من العلاقات المجردة يُستخرج من الأشياء الملموسة بقدر ما يُستمد من التجريد الذهني)).
أما الدكتور (إبراهيم رماني) فيرى أن الشعراء في الجزائر كانوا يصفون المدينة (( بإحساس خارجي، بشعور الواصف لا الفاعل، وهكذا ظلت موضوعا خارجيا لم تبلغ درجة التجربة الشاملة))، و ربما ينطبق كلام الدكتور رماني عن الفترة التي طبق عليها دراسته حول المدينة في الشعر العربي وهي تمتد من سنة 1925 إلى سنة 1962..، أما المكان اليوم فتتجاذبه هواجس الإنسان المتباينة إلى درجة التناقض حسب إملاءات الوضع النفسي والاجتماعي والمادي فيحل عند الشعراء محل السبب الأوحد للخيبة والانكسار، والفشل ويتخذ صورة الحجيم الذي لا مناص من الخروج عنه...، أو يرونه بصورة نعيم الجنة الفيحاء لا يبغون عنها حِوَلا.»
2 ــــ المداخلة الثانية
قراءة في خمسة دواوين شعرية من الوادي
الأستاذ: الازهر محمودي
الأستاذ الباحث والشاعر الأزهر محمودي يغوص في دواوين شعرية لشعراء شباب بحثا عن المكان وجماليته:
« الإنسان وزئبقية المكان في ديوان:(طعنات شرقية) لعادل محلو:
يلعب العنوان في القصيدة الحداثية دور اللافتة الإشهارية لاستهواء القارئ بل إغوائه واستدراجه إلى عالم النص وهو يمثل في كثير من الأحيان النص في حالته المضغوطة لذا فهو العتبة الأساس في محاولة تشكيل المعنى حيث من خلاله نأخذ الانطباع عن النص يتساوى في ذلك عناوين الدواوين ـ سمة العصرـ أو العناوين الداخلية، فالقارئ كالطفل الذي يؤلف من قطع السحاب لتتبلور في تصوره شكلا يقرأه وما يكاد يمسك به حتى يتفلَّت منه لتتوالى التشكيلات، هذه العناوين المتناثرة نحاول أن تجد لها شكلا معينا يتشكل عند القارئ وليس بالضرورة أن يكون مطابقا لمقصدية المبدع.وبالعودة إلى العنوان: طعنات شرقية: لقد جاء العنوان اسم نكرة في صيغة جمع المؤنث السالم طعنات موصوف بالانتساب إلى الشرق.
الإنسان الذي يعيش في وهم المكان لا يدري ما إذا كان طاعنا أو مطعونا، إنها معاناة الإنسان الذي ما زال يتحسس موقفه حيث لا تثبت قدمه في مكان ولا يدري ما إذا كانت ضرباته تصيب أو تطيش، إنه ذلك الإنسان الموغل في المجهول الطافح بالحيرة والخيبات. وإذا عبرنا العنوان الخارجي فسنجد ذلك الإنسان التائه المثقل بهمومه تؤرقه قضياه وتطرده في غير اتجاه، إنها صورة الإنسان العربي الذي يحمل انكساراته وهزائمه يتوغل فيه الجرح ويتوغل في المجهول، يطوف بين ضفتيه ولا يملك أن يرقعه سوى بخيوط الكلمات
في هذا الديوان يستدعي الشاعر مجموعة من الشخصيات وهم: مظفر النواب بريشة بيكاسو ثم إلى توفيق زياد، ناجي العلي و حنظلة، الشنفرى، وصديق (نكرة). وكما لا يخفى أن هذه الشخصيات سعت على الأرض ودرجت بدمها ولحمها ما عدا حنظلة هذه الشخصية الرمزية التي ابتدعها ناجي العلي لتكون قرينة له، حاضرة باستمرار في رسوماته.
وكما نعلم أن الشاعر لا يصور الواقع ولكنه ينطلق منه، فالشاعر يجر الواقع ليضفي عليه من ذاته ويحوله إلى فن حيث (تكمن غاية الفن في إعطاء إحساس بالأشياء كما نراها وليس كما نتعرف عليها ) (رأى شكلوسفكي نقلا عن محمد بوعزة في كتابه استراتيجية التأويل من النصية إلى التفكيكية )، وباستدعاء هؤلاء فالشاعر يرسم ملمحا وقسمات للإنسان العربي المهزوم الذي تتقاذفه الحياة ولا يكاد يحتويه مكان حتى يقذفه إلى مكان آخر يتمثل ذلك في كل من الشاعر العراقي مظفر النواب الذي ظل العمر طريدا يمتلئ قلبه قروحا وحزنا وتمردا على حال أمة زلت أقدامها في مهاوي الاستعباد والمذلة.
حضور هذه الشخصيات في إبداع الشاعر يشكل من خلالها رؤية للإنسان الذي يعيش داخل الذات الشاعرة.
المكان في ديوان طعنات شرقية يقف على أرض متحركة وكأني به يريد أن يهرب من الإنسان الذي لا يصل إليه، إنه المكان المراوغ مراوغة المعنى لذلك تزداد مأساة الإنسان الباحث عن لا شيء في لا مكان
2 ـــ الأنا المنكفئة والذات المتوثبة في ديوان( حروف وحروق) ليوسف بديدة:
ولوجا من عنوان الديوان (حروف وحروق) يسترعينا بداية حرص الشاعر على الإيقاع الموسيقي بإحداث التشاكل بين حروف وحروق، كلمتان على إيقاع موحد ربط بينهما حرف العطف الواو، كلاهما وارد في صيغة الجمع، هذا العنوان الذي يحدث المفارقة منذ البداية إذ يلحق الحروف بالحروق والتي يبدو للوهلة الأولى وكأنه لا علاقة بينهما، ولذا نحاول أن نستقصي تلك العلاقة: 1ـ حروف: جمع حرف ترمز إلى الصوت في صورته البصرية أي الحرف المكتوب، وإذا كان الفرنسيون حملوا معنى الحرف معنى الرسالة (LETTRE) فهو في العربية الحرف الذي تستدعيه الكلمة، الحرف في العربية فيه تركيز على الجانب الفني حيث تأخذنا كلمة الحرف إلى الانحراف بمعنى الانزياح والبحث في الكلمة عن علاقات غير اعتيادية بين الدال والمدلول. وكما أن الحرف يدل على الاضطراب وعدم الطمأنينة قال تعالى:«ومن الناس من يعبد الله على حرف» هذا الاضطراب يمكن إسقاطه على الشعر في غموضه الواضح في تفلت المعنى وتمرده على الحدود. لقد جاء العنوان في صيغة الجمع، لقد ضم الحرف إلى الحرف فصارت الحروف فولدت الكتابة وتدفقت مزن الشعر ديما على الحروق تطفئ أوارها، الحروق أي حروق؟.
أما الحروق فواحده الحرق ويبدو أنها قد تراكمت في جمع التكسير لتكون كتلة من حريق متنقل تجتاح صفحات الكتاب، تماما كما تجتاح الحرقة الذات بما تلاقي من لواعج الحزن و ألآم الاحتراق، إنها الحروق الخارجية حين تتضافر مع الحُرَقِ الداخلية تأكل من جسد الإنسان ومن قلبه، وبفواعل الأسى يوقد الشاعر حروفه عساها تنهمر ماء ثجاجا يطفئ نار الجسد وغلة النفس.
وبالتنقل بين شفتي الديوان سوف نخرج بدائرتين: دائرة الواقع الذاتي ودائرة الواقع الاجتماعي لتتداخل الدائرتان حد الانطباق أحيانا وتنفصلان حد التضاد تارة، دائرة تشع بالألم والحزن والتمرد، ودائرة مسكونة باللاوعي رغم ما يحيط بها، لكن الشاعر يظل يجذف وحده في وجه العاصفة، وبالرغم من أن القضايا جماعية اجتماعية إلا أن الشاعر يكابدها وحده مسلحا بحروفه المقاومة.
تبدو الأنا المنكفئة من خلال النصوص جميعها، بداية بالنص الأول حيث تعلن الأنا التي تشعر بمرارة الوحدة فتنطق في حالة من اليأس القاهر كونها نفضت أيديها ممن حولها.
وهكذا يبدو الديوان كمكون نفسي يصارع مكونا اجتماعيا ليعلن تحديه رغم ما تمر به الذات من إحباط وعدم الثقة بالآخرين تريد لتنهض بعبئها معلنة التمرد على هذا الواقع المحبط.
3 ـــ جسد وطن ووجه امرأة في ديوان:(فوق كل اللغات) لمصطفى صوالح محمد:
جاء العنوان مركبا إضافيا ظرف مكان (فوق) مضاف إلى لفظ يفيد الشمول والتعميم (كل) مضاف إلى جمع تكسير (اللغات)، فالعنوان يحيلنا إلى مكان حيث يمكننا أن نمارس لعبة الدخول والخروج وذلك ما يستحيل علينا في الزمان، فقد نستعيد المكان أو نعود إليه لكن ليس في إمكاننا أن نستعيد الزمن أو نعود إليه ولكنه يظل يطردنا باستمرار فنلجأ إلى المكان، هذا المكان الآن هو (فوق) ولكي نصعد إلى هذا الفوق وجب أن نتخلص من جاذبية الطين، فتبدأ المعوقات مع بداية العنوان من الزمن الممتنع والجاذبية التي تشدنا إلى الأسفل، هذا الفوق هو مكان يتربع معتليا شموليةً يسوقها (الكل) لتنضوي تحته اللغات جميعا.
إذا ما السبيل إلى التواصل وقد تخلصنا من جاذبية اللغات جميعا على اختلافها، لغات لسانية وغير لسانية، نعم إنها لغة الشعر التي تتسامى على التداولية، تسمو بها الذات الشاعرة لتذكي قلق المتلقي بقلق المعجم وخروجه من ثوبه فتخاصم الدوال مدلولاتها وتهرب منها في اتجاه تكوين دلالات جديدة تتشكل كخيوط دخان سرعان ما تضيّع شكلها ومعانيَ لا تثبت على حال، تفر من البنان وتدخلنا في لعبة الظلام والنور، الحضور والغياب، ثم إنها تطرح لنا معنى وتغادرنا لتقتنص قارئا غيرنا تمارس عليه نفس الممارسة وهكذا.
القصيدة معاناة. ليست لترميم شروخ الواقع ولكنها محاولة تدمير وإعادة بناء بشكل مختلف، ومعمارية مغايرة، القصيدة هنا شطرها امرأة وشطرها وطن، قافيتها وجه أنثى ورويها جسد خارطة فقدت ملامحها.
وحين يخاطب انتماءه تتشكل الأرض لتأخذ عيني غادة حسناء تبسط هيمنتها على الشاعر حتى أنه يشعر معها بعذب الحب في هواها، وهكذا تتحول البلد امرأة في ضمير الشاعر ليتحد بضمير المخاطبة تذكي خياله، تبادله الغزل، تعانقه وتتوسد أعصابه كل ذلك مؤكد في العنوان:إليك ْ بتسكين الكاف حيث يتيه القارئ ليظل يتساءل من المخاطب وطن أم امرأة؟
وفي موضع آخر يتسع الوطن وتتمدد على خارطته أيقونات لجمال أسطوري في عنوان يفتح أبواب التيه ليجعل المتلقي في حيرة، يطارده السؤال، ويطارد بدوره إجابات.
وهكذا يتظلل الوطن بظل أنثى غائمة الملامح، حبيبة، أما، صديقة، وطنا بكل الأحجام، من سوف إلى الجزائر إلى الوطن الكبير، وهكذا تنثر قصائد (فوق كل اللغات) كنانتها لنلتقط حبا وألما، أزهارا وشوكا، وفراشات تزهو أحيانا وتحترق أحيانا أخرى.
4 ــ ضجيج الرؤى وهدأة الحلم في ديوان (صخب الصمت ) لأحمد مكاوي:
صخب الصمت عنوان يبدو منذ الوهلة الأولى عنوانا يحمل المفارقة حيث يلتحم فيه الضدان: صخب/ صمت لينتج عن هذا التفاعل صخب صامت،أو صمت صاخب، الصمت الذي يمثل الغياب والصخب الممثل بالحضور، فماذا يقول الصمت في مساحات البياض؟ وماذا يخفي الصخب في السواد؟ فالصمت يخفي الكثير والصخب لا يبوح إلا بالقليل، ليتحول الأمر كله إلى مكون نفسي في أعماق الذات الشاعرة تبحث عن كلمات للتجلي والخفاء، إن من يطلع على الديوان المذكور يلاحظ على امتداد قصائده العشرين تردد كلمة الرؤى أربعا وعشرين مرة فما الرؤى أولا؟
كلمة الرؤى بمعناه النقدي ترددت في الأدب الحديث وكثر استعمالها وتعريفها عند النقاد، فهي عند نورثروب فراي هي الأدب،لأن الأدب مقرون برؤيا الحلم إذ يقول:«حلم إنساني وإسقاط تخيلي لرغبات الإنسان ومخاوفه، وبناء عليه فإن جميع الأعمال الأدبية إذا أخذت معا تألف رؤيا إجمالية...»(محي الدين صبحي: الرؤيا في شعر البياتي ص22) وغير بعيد عن ذلك رأي أدونيس في الرؤيا إذ يقول: «إذا أضفنا إلى كلمة رؤيا بعدا فكريا إنسانيا بالإضافة إلى بعدها الروحي يمكننا حين ذاك أن نعرف الشعر الحديث بأنه رؤيا»()أودنيس:زمن الشعر ص09 بل إن الرؤيا تكون حين تحرر الإنسان من كل ضغوط الواقع الاجتماعي وغيرها، يقول خالد سعيد: «الرؤيا أو الحلم الإبداعي تصور للعالم ينطلق من رغبات الإنسان العميقة الأصيلة في عياب كل شكل من أشكال التسلط والظلم والاستغلال والإذعان للأمر الواقع »(خالدة سعيد: حركية الإبداع ص12) ومن هنا يمكن القول أن الرؤيا هي الحلم المتحرر من كل الضغوط الواعية يتشكل في خيال المبدع لينتج محصلة نهائية هي الشعر والأدب.
والآن لنورد المواضع التي رصدنا فيها ذكرا للرؤيا إفرادا او جمعا في ديوان (صخب الصمت)، كانت ثلاثا منها عناوين قصائد وهي:وهج الرؤى، وجع باتساع الرؤى، موت الرؤى. كما تناثرت الرؤى طي الديوان في قصائد متغايرة منها: مطلع من قصيد خليليّ: ضمي يديَّ وهدهدي أشواقي/ سمراء يا وهد الرؤى الرقراق. وقوله في موضع آخر: ويظل عذب اللحن من إيقاعها / شهدا تقطر من صميم رؤاها.
وينتهي الديوان بـ(موت الرؤى) حيث جاء فيها: يا أيها الآتي من الأشواق في / رحم الرؤى / كل الرؤى ماتت هنا / فاقرأ معي: ذهبت رؤاك على خطاي وانتهت.
أما لفظ الحلم مفردا أو جمعا فقط ورد ست وعشرين مرة أي بعدد مقارب من استعمال كلمة رؤى.
إذا الشعر رؤيا والرؤيا حلم، والشعر في ديوان (صخب الصمت) يتوالد من صخب الرؤيا، وصمت الحلم، فالرؤيا صاخبة تتشكل باستمرار تدفع بالأشياء في غير اتجاه تستل الكلمات من حضن المدلولات، تمارس الفوضى، تغير الحواس أحاسيسها وشعورها، ومن خلال ثلاثة عناوين: وهج الرؤى، وجع باتساع الرؤى، موت الرؤى، لقد بدا الديوان بالرؤى المتوهجة، والرؤى تتوهج وتتقد وتذكي نار الشعر، العالم يصبح أدوات ومواد أولية يعجن منها الشاعر قصائده، ويرسم صوره، الرؤى تشكلها امرأة يشكلها وطن يشكلها موقف شعري: سمراء يا وهج الرؤى الرقراق.. الرؤى هي في النهاية الشعر نفسه: ويظل عذب اللحن من إيقاعها/ شهدا تقطر من صميم رؤاها.
الرؤيا تتوهج تتشكل تقطر شعرا وشهدا وإيقاعا، تتسع تفتح ضفتيها ليتسع الجرح ويتمدد الوجع (وجع باتساع الرؤى) وبين الوجع والرؤى نسب فيعيش الشاعر تحت وقع الرؤيا وضجيجها حين يتسع الوجع على الراتق يستسلم الشاعر لرؤياه، يشكل عالما يهرب إليه يلقي فيه متاعبه، فالأوجاع تنبت رؤى، والرؤى تزهر شعرا.
وفي آخر الديوان نعيش احتضار الرؤى بل موت الرؤى، فهل الرؤى تموت؟ قد يبدو ذلك ولكن الرؤيا في صدر الشاعر لا تموت.لكنه شعور بعدم الرضا عن الذات فالرؤى ما ماتت ولكنها انبعثت حلما صامتا متأملا.
5 ــــ الكتابة بين الوجود والعدم في ديوان (كتاب التجلي) لبشير ونيسي:
كتاب التجلي ديوان شعر حداثي في مضمونه إذ يعتمد صاحبه قصيدة الومضة، تقوم قصائده على مبدإ التكثيف، في نفس صوفي واضح، حتى أنها في كثير من الأحيان لا تتجاوز مفردات القصيدة بضع كلمات، تغير مواقعها، فتغير دلالتها، تخلي مكانا للعدم، فيحضر الوجود، مثلا نأخذ قصيدة جنائز حيث يقول النص:
في دمي / الوقت جنائز / في الوقت / الدم جنائز/ جنائز الوقت دم / جنائز الدم وقت / تخلع شجرة الكون.
يأتي الوجود الذي يحضره المتلقي ليجسر فجوات النص بخلفياته الثقافية، ويعيد التكوين، حين يوصل نقاط النص لخطوط قراءته.
كتاب التجلي الذي يجوب أقاصي الحداثة، عنوان صادم ومفارق ن فمثل هذه العناوين يمكن العثور عليها في بدايات عصر التدوين، كتاب الخيل، كتاب المطر، بل يمكن القول انه يستظل بكتاب التجليات لابن عربي ذي النزعة الصوفية الذي وضع فيه أكثر من مائة قسم للتجلي الإلهي، والتجلي في عرف الصوفيين هو ما ينكشف للقلوب من أنوار الغيوب.
يضم الديوان قصائد وجهتها الكشف، ولكن هو الكشف الشعري وإعادة ترتيب المشهد بدلالات تتموقع بين الوجود والعدم، يتنازعها الطرفان، فيظهر بعضها معلنا وجوده ن ويختفي أكثرها فاسحا مجالا للتأويل والقراءة، لأنه العدم الذي يعني الوجود على رأي هيدقر حين يقول في تعريف العدم: «هذا الآخر الذي يختلف تماما عن جميع الكيانات هو ما لا كيان له او عدم، لكن هذا العدم هو وجود على نحو أساسي.» هذا ما يسعى كتاب التجلي لتوظيفه واستكناه وجوده إنه كتاب في التصوف الشعري والنقدي لما يحمله من زخم صوفي يتجلى في جل القصائد ابتداء من العناوين الثلاثة والسبعين،الموزعة على أربع وسبعين صفحة، العناوين وردت جلها بصيغة التنكير وبالتنكير تتسع مساحة الوجود وينحسر العدم، حين يمتلأ المكان بالنكرة، ويمكن أن نقسم بداية هذه العناوين إلى مجموعتين: المجموعة الأولى (ليل ـ شك ـ عنقاء ـ غيب ـ فناء ـ خفاء ـ شطحة ـ ورقاء ـ حيرة ـ عدم ـ جنائز ـ توحد ـ حلول ـ فجر ـ تحول ـ جذب) المجموعة الثانية:(دخول ـ بعث ـ بدأ ـ فوضى ـ إسراء ـ بهاء ـ علو ـ شمس ـ حب ت رفض ـ ولادة) المجموعتان تمثلان حقلين دلاليين، الحقل الأول يمثل العدم والثاني يمثل الوجود، ومحاولة لإيضاح ذلك آثرنا استنطاق هذه الكلمات العناوين.
التقاطع الشعري
أوبيرات افتتاح المهرجان إبداع شعري تقاطعي فني بعنوان: " كان المكان هنا " شاركت فيه نخبة من الشعراء المعروفين الموهوبين تماهي في الأوبيرات الإلقاء الشعري باللحن والأداء:
تقاطع شعري بعنوان: كان المكان هنا
تركيب النص: الشاعر مصطفى صوالح محمد
شعر وتمثيل: الشاعر صالح خطاب
الشاعر بشير ونيسي
الشاعر بشير غريب
الشاعر بشير المثردي
المقاطع المغناة: المقطع الأول الشاعر أحمد مكاوي
المقطع الثاني الشاعر بشير غريب
المقطع الثالث الشاعر الأزهر محمودي
المقطع الرابع الشاعر مصطفى صوالح محمد
النص النثري: من رواية " المقبرة البيضاء " للدكتور أحمد زغب
تمثيل النص النثري: دور الراوي " الممثل بلقاسم زلاسي " والفتاة " وريده بعطوط "
غـــــــــــــــــــــناء: الفنان عبد الرحمان غزال والفنانة حورية صوالح
إخــــــــــــــــــراج: علاء الدين بوصبيع
ما أغرب هذا المكان ! الرمال تحتضن كل شيء، ومع ذلك تبتسم ينابيع الماء فيه وتلبس الأرض بردها الأخضر الزاهي، وكلما زهت النفس البشرية وراق لها الجو واطمأنت، تراءى لها الخط الأسود الطويل الذي يقسم الدنيا قسمين...، فيتساءل، ما عساه أن يكون...؟؟
...علام يدل وجودي هنا في هذه المدينة المغمورة في الكثبان والصحارى؟
ألا يدل على أن الإنسان تحدوه رغبة ملحة في البقاء والخلود؟
صالح خطاب:
ياعيني الحبلى بدمعة فرحةسالت على خد المدينةترشف أوجاعهامن بين أهاب القدريا عيني الـ..تجري بأدمع حزنىصعرت للشمس خدي والقمرتهب للصبح من جرحي شمعهوتذيب تبر صبريفوق خد الكون دمعهتترقرقكمرايا النهر ما بين الصخرتتلظى ألف مرهتتشظى ألف جمرهتعرض في الأفق أشجاني صورمكاوي غناء:وقفت..وعيون الدهشة تأكلها..تجتاح كيانا في دمها..زرعته الريح وقد مرت ذات مساءوقفت..أضواء العتمة تغريها..وليالي السر وقد أبدت مخلبها..تدعوها كي تسمر في حضن مسرتهاوقفت..من يوقف حلما مسعورايمتص الألق المورق في عينيهاويبدد لهب الأمل الساكنفي أمداء تبسمها؟!
الراوي: بين الكثبان الرملية التي تحاصر القرية والتي تشكل أكواما بارزة...،وبين هامات النخيل الشاهقة...... كأنها تحرصها من عوادي الزمان،ثم تداعبها الريح فتتمايل طربا وكأنها منتشية... كان قرص الشمس قد أخذ يذوب شيئا فشيئا ويترك لونا أحمر يزين الأفق كما تزين الأصباغ خدود النساء.
بشير ونيسي:
وحدي أرسم الوجود
على جدار زمن موشح بالعدمأنا التائه في شتات الدملا شكل لي في شظايا الحلموحدي أنا لا انا.ها أنت تعيدني للمستحيللأعرف هوية القمرفي ليالي المعنىلأرى ما يتجلىمن الضحى والليل اذا سجىها أنا نجم هوى.
بشير غريب
سافرْ حبيبي وْ غـيبْ عـن شـوفانيقلبي معــاك يـطيــر وأنــا ثـــانــي.......... ســافِــرْ وزيــد غـيــابــكوانـقــش معاني البعـد فوق سحابـكواسـرح مـعاك الحـب حـل أبـوابـكوداعـب هديل الشـوق في وجـدانـيأنـا معاك مهما ساح بـيـــك تـرابـكمازال حـبك حي فــــي شــريـانــــي.......... سافـــر هـوايـا يــشـوفـكويـوصل عبيره يهيم بين رفـوفـككل المعاني تـذوب وسـط حروفــكويـطـفـي وصالـك حرقتي ونيرانـيفي كل نسـمة نحـس بـيـها وقـوفـكزي ما حضنتك قبل بين أحـضاني
غناء غريب:
زدني بفرط الحلم عمرا مزهــــــرا واحبس كلامي كي أبوح وأجهرا
لا وجه للحرف المعتق هاهـــــــــنا إلا الذي من غيم صمتك أمطـــرا
في جبتي ألواح غيب أورقـــــــــت ضوءا تفجرّ في يقيني أنهــــــرا
يا حضرة الحب الجميل تجلـــى لي فالليل أضمر قبلتي وتنكـــــــــرا
وترعرعت أغصان طيفك في دمي فانثر حروفك في الظلام لأظهرا
الراوي:
كان قلقا يريد أن يتناسى الأحداث...، يحاول أن يمتع نظره بتلك اللوحة..الرائعة التي أبدعها الخالق تشير إلى صراع الإنسان من أجل البقاء.
الشاعر بشير المثردي:
شدوتك لحن المنى في اعتصاري وأجّجـــــتُه بالعـــرائس دبـكافلا كنتُ سحر الغمــــــــام تجلى وطوَّح شهد الفـــــــتون وأبكاولا كنتُ دندنة الانتشـــــــــــــــاء تفكـِّك عـِقد النهايـــــــاتِ فكَّاولاصمت عمر...أنا صمت عمـر تفتـَّقَ شكًّـا يقيـناً....... وشكَّاولا كنت حسني الــــــمخبَّئ في صفحاتٍ من الشوق ترقبُ أيكاولا كنت مــــن يستشفُّ الرؤى ويمـضغ أنس المشـاعــر عِـلكاانأ في الوجوم الرهيب كتاب ٌ عصٍّي، تورَّقَ كان.... ويُحكى
بشير ونيسي:
سألت الوقت عن الفوضىفأوحى بحكاية أنثىتسقيني بالهوىوجنة توشح المدىحين أشتهيكيبدو الوجودملائكة وكينونة بيضاءتدخل علي من كل بابوأنا سلطان الأرضعلى عرش عينيك
الشاعر محمودي الازهر غناء:
يا دمعه يا عـره المسفـوح فـوق الأرصفــــــهتمتصـه الأيام تشـرب ريقـه سحـب الوعــــودأغـدا تعـود الريـح تدعـوه فيبــرح موقفــــــه؟مـا زال يبحـث عن رغيـف عالق بيـن الحدودهــذا دمـي هـذا أخي هـذا فمي لن أعـرفـــــهيغتالــه وهــج المنـى يلقيـه فـي شـــدق الوعيـــدودم ينــاشـد ثـأره سيفـــا أبـــى أن ينصفـــــهوالعالم المجنـون يسـرق جثتي قتــل الشهـــوددفـــــن الجريمـة وانثنى للص يمسـح معطفــهوقميصـي المقـدود ياوجعي يشـــده مـن يريد
كان قد نسي أو كاد ينسى كل الأحداث التي ارتبطت في ذهنه بفضائه، تلك الأحداث التي أثرت كثيرا في نفسه وملأت عليه أيامه، فقد مضى على ذلك شهـور كامـلة، قضـاها بعيدا عـنها، كان قد سجل على كثبانها الذهبية.. أعمق ذكريات طفولته وشبابه.
الشاعر صالح خطاب:
وتحدثت إليك ؛فاَلْتَوَتْ في شَفَتيِّ الكَلِمَاتْرَجَعَتْ أدْرَاجَهَا ؛ثم أَصْغَيْتُ إليكِ«وَضَبَطْتِ وتَرًا في شَفَتَيْكِ »وَعَزَفْتِ نَغْمَةً الأوجاعثم نَغْمَةَ الأحْزَانِ تَتْلوُنَغَمَاتٍ لِلْحَرِيِقْ..للغرقوأنا أبحرت في لهب الحنينالى لقاكأجذف بيراعتيعلى صقال دفاتريأهديك كل قصائديألقيتنيألقيتهافي أتون مواقدىفما احترقتوما حرقت قصائديانما احترق الورقفقصائدينبض روح مشاعريومشاعري لا تحترق.
الراوي: كان قلقا يريد أن يتناسى الأحداث التي مرت به، ويحاول أن يمتع نظره بتلك اللوحة الفنية الرائعة التي أبدعها الخالق لتشير إلى صراع الإنسان من أجل البقاء،وصراع الموت والحياة،وإلى ذلك العناق المحموم بين الموت والحياة.
بشير المثردي:
كـــــان الطريق الى عينيك منفــــــــــــــــــلتاقفرا ووردا وأنهارا ومنعــــــــــــــرجاوكانت الانجم الثكلى تعاتبـــــــــــــــــــنيأن أمسك الماء لا أن أطفئ اللجـــــــجايا أنت سيري...سيري على أعتا ب قافية ٍوراودي حلما بالزنبق... امتــــــــــزجاسيحي انشطا را فلي في الشجو ناصيـةليل يفيض على الصبح الذي انبلــــــجاحضن ترامى...ولي يا حـــــــرف أوردة ٌكادت تجف ولي صحوي...وما اختلـجاناي يئن وهل حُمِّلتَ يا نغــــــــــــــــــــماكأسان فاضا بنخب الدمع بعدَ شَــــــــجاما هام وُدَّان...في رمضاء قيــــــــــــدهماإلا تساءلت: هل نا ريهما وَلــــــــــــــجا
بشير غريب:
كم راق لي بعدي وغربة أدمعـــيوأعود شوقا للشقاء أعاشـــــــــرههو عالمي الأزلي ينسج ملمــــحيلولاي ما تضني الرياح معاصرهلولاي ما رثت الحروف مشاعريتبكي حروفي كي تنار منــــــابرهفاسأل غيابك يا حبيب وأدمـــــعيإسأل فضولا ما يشيد معــــــــابرهأتراه أنكر ما يشتت وجهـــــــــتيوتبين عن لغة الوضوح ضمــائرهمصطفى صوالح محمد غناء:لا تتركي قلبي الـذي أحييتـــــهلا ترحلي… بل فامكثِـي بجواريإلا لن أطارد بعد حبك نجمــــةًلا لـن أغير و جهتـــي وقـراريوجـهُ المدينـة قـد تغير فجـــــأةًلا الليـل ليلي..لا النهار نهـــاريلا ماء ينبعُ من أصابع وحشتيلا غيـم تـورقُ دونـه أمطـــــاريأنا مذ عرفتكِ يا صغيرةُ سائـحٌلحـن تسافـر خلفـهُ أوتـــــــــارييا كل لحن رائع يجتاحــــــــنيصوني الهوى ولتسكني أشعاري