الأحد ٩ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٨
بقلم محمد عبد الحليم غنيم

المصابيح الزرق بين حنا مينا ومحمود تيمور

ظهرت رواية"المصابيح الزرق"للرواى السورى حنا مينا (924- 2018) عام 1954، وكات باكورة إنتاجه الروائى والأدبى، وبعد ست سنوات من هذا التاريخ طهرت رواية"المصابيح الزرق"لشيخ القصة في ذلك الوقت محمود تيمور (1894- 1973) حيث طبعت لأول مرة عام 1960 م، حنا مينا شاب في الثلاثين من عمره ومحمود تيمور شيخ في منتصف العقد السابع.

تتخذ الروايتان عنوانا مشتركا هو"المصابيح الزرق"في إشارة واضحة إلى أن المصابيح كان يلون زجاجها باللون الأزرق أثناء الحرب، كما تتخذ الروايتان الحرب العالمية خلفية وزمانا للأحداث، الفرق الوحيد هنا أن الحرب المقصودة لدى حنا مينا هى الحرب العالمية الثانية، بينما الحرب المعنية لدى محمود تيمور هى الحرب العالمية الأولى، ونحن نقرأ ذلك بشكل واضح لدى الكاتبين، وكأنهما قد اتفقا على تحديد ذلك في الجملة الأولى للرواية، فتبدا رواية حنا مينا بالجملة التالية:"لم يكن فارس في بدء الحرب العالمية الثانية شىء يذكر، كان صبيا يافعا في السادسة عشرة من العمر" (الرواية، ص 18). والجملة الأولى في رواية تيمور تؤكد بشكل لا لبس فيه أننا في زمن الحرب العالمية الأولى:"القصة التى أرويها الساعة، وقعت أحداثها في صيف عام 1916م" (الرواية، ص 5).

وفيما عدا ذلك تفترق الروايتان تماما في كل شىء، كانت رواية حنا مينا باكورة إنتاجه الأدبى وفى ذات الوقت رواية رائدة في تاريخ الرواية في سوريا، وعلامة من علامات الرواية الواقعية في الأدب العربى، حيث ساهمت بشكل واضح في ترسيخ تيار الرواية الفنية الواقعية، جنبا إلى جنب مع روايات نجيب محفوظ وعبدالرحمن الشرقاوى، اما رواية"المصابيح الزرق"لمحمود تيمور فلم تكن روايته الأولى بل السادسة، إلى جانب ما يزيد عن عشرات مجموعات من القصص القصير وكتب الرحلات وغيرها، ولنذكر له في الرواية على الأقل:"كيلوباترا في خان الخليلى"و"سلوى في مهب الريح"و"نداء المجهول"و شمروخ"و"حلو و مر".

وإذا كان الأمر كذلك فهل يجوز لنا ان نقارن بين الروايتين ؟ نعم، فما الذى يجعل كاتبا ما يتخذ لرواية عنوانا سبقه إليه كاتب آخر ؟ وما الذى يجعل كاتبا ما يتخذ الحرب العالمية خلفية وزمانا لأحداث روايته مثلما فعل سابقه، بقطع النظر الحرب العالمية الأولى أم الثانية؟ ومع ذلك لسنا هنا في مجال الدراسة المقارنة للبحث في مدى التأثير والتأثر او من أسبق من الآخر؟ نقول لسنا في مجال المقارنة، فلعل هذه الأمور جاءت بالصدفة البحتة، و قد يكون محمود تيمور قد اطلع على رواية حنا مينا أو لم يطلع، لا فرق، فشتان بين رواية"المصابيح الزرق"لحنا مينا و"المصابيح الزرق"لمحمود تيمور.

تقع رواية حنا مينا فيما يزيد عن ثلاثمائة صفحة من القطع الصغير وتقع رواية محمود تيمور في مائة واثنين وثمانين صفحة من القطع نفسه، حتى ليمكن القول ان رواية تيمور نصف رواية مينا في الحجم تقريبا. ولأن حنا مينا يكتب رواية واقعية فقد اهتم برسم الشخوص ولو من الخارج على حد قول منتقديه، واعتنى كذلك بالتفاصيل الدقيقة للواقع المحيط مع كثرة عدد الشخوص داخل الرواية وهى سمة ستلازم حنا مينا في معظم اعماله القادمة حتى ليعجب المرء، من أين يأتى الكاتب بكل هذا العدد من الشخصيات!. بينما يكتب تيمور رواية رواية صغيرة أقرب إلى النوفيلا، ولعل الكاتب كان موفقا عندما كتب تحت العنوان"قصة مطولة".حيث تقل الأحداث والشخوص وتكثف اللغة، وهو منذ اللحظة الأولى يلفت نظرنا من خلال تقديم للرواية تحت عنوان"لمحة"إلى أن قصته المطولة هذه ذات مغزى وتتخذ من المصابيح الزرق رمزا مشعا بالمعانى، ومن ثم فهى رواية واقعية رمزية، يقول:"وكما انكشفت المصابيح الزرق في عهد الاحتلال عن نور حرية واستقلال، يتجلى في الشخصية الإنسانية، أحيانا، خلال زرقة الملابسات، وعتمة الاحداث فجر مشرق، ونور بهيج...

فمن الشر يولد خير!....
ومن الرجس ينبع طهر!...
ولربما سطع نور من جمر!...

وذلك سر"المصابيح الزرق"... إن كان لها سر!..." (الرواية، ص 3، 4)

إذن فرواية تيمور تتوسل باللغة البيانية المجازية والرمز وسيلة رئيسة في تقديم المحتوى وتوصيل الفكرة، لذلك ستضيق رقعة الأحداث وتختصر الشخصيات وتتلاشى لتنحصر في شخصيتين اثنتين، هما فهيم الشاب الذى لم يتجاوز العشرين ربيعا وهو راوى القصة أيضا و (نواعم / بهية / أشجان) تلك السيدة التى لا تتجاوز الثلاثين ربيعا والتى شاهدها فهيم لأول مرة وهويجلس مع أصحابه على مقهى بالكورنيش، وبين هاتين الشخصيتين تأتى شخصيات أخرى - على قلتها – ثانوية وذات أثر محدود للغاية في النص، هناك من نعرفه بالاسم مثل سيد العتر وعبدالله بك والد بهية ورفيق ابنها، وهناك من لا نعرفه بالاسم ولكن بالوظيفة مثل ابن البواب والاطفال زملاء رفيق وصاحب محل الحلويات واصدقاء فهيم والضابط الانجليزى ولعلنا قد ذكرنا بذلك كل الشخصيات الواردة في الرواية.

تدور أحداث القصة كما كما ذكر الرواى / المؤلف في بداية الرواية في عام 1916 م، في مدينة الاسكندرية (يلاحظ هنا أنها مدينة ساحلية مثل اللاذقية في مصابيح حنا مينا) أى بعد عامين من قيام الحرب العالمية الأولى وتنتهى ونحن مازلنا تحت نير هذه الحرب، حيث يسلم قياد البطولة الحقيقية لبهية، تلك السيدة الأرملة، التى أجبرتها ظروف الحرب - وإن لم يذكر لنا المؤلف طبيعة هذه الظروف - تدنس وتمارس الزديلة مع جنود وضباط العدو الانجليزى المحتل، وكذلك مع الراوى، فتعيش في إهاب شخصيتين الأولى: فاضلة محترمة أمام الناس حيث تعمل ممرضة وهى السيدة بهية، والشخصية الثانية في الخفاء مومس أو غانية على حد قول المؤلف، وهنا يكون اسمها"نواعم". وقد التقى بها الرواى – فهيم – صدفة، حيث شاهدها أثناء كان يجلس بالمقهى على شاطىء البحر في الاسكندرية وسط زمرة رفاقه المناضلين من الشباب الوطنى المتحمس لطرد المحتل والموت فداء الوطن، يتعرف الشاب فهيم على نواعم،واقعا في غرامها من النظرة الأولى، حيث كانت تمر بهم"تسير مرفوعة الهامة، لا تتلفت... متهادية المشية، كانها ظبى يجوس متخطرا خلال الشجر!..." (الرواية، ص12).

يهيم الرواى حبا بنواعم، ويمارس معها الحب الجسدى، مثله في ذلك مثل الضباط الانجليز، ثم تنتهى إجازة الصيف ليودع الراوى الاسكندرية عائدا إلى بيته في القاهرة، وفجاة تقع عين الرواى وهو يقرأ في الصحيفة على حادث جلل، إنه حادث وفاة الطفل رفيق ابن السيدة بهية / نواعم، و يصف لنا الرواى هذا الحاث الجلل، فيقول:"يا لهذ الحدث الجلل.. ما أسوأ وقعه علي قلب تلك الأم الرءوم! أية فجيعة تلك التي خبأها القدر ورمي بها تلك الأسرة الآمنة!

هذا الصبي الأنيس، هذا العصفور المرح، هذه الفورة من الحيوية الناضرة، كيف يصبح ذلك كله بين عشية وضحاها خبرا من الأخبار، كأن لم يكن بالأمس ملء الأسماع والأبصار! (الروايه، ص 131، 132)

علي أثر هذا يعود فهيم إلي الإسكندرية ذاهبا إلي مسكن بهية، فيتقصي الأخبار من البواب وأصحاب المحلات أن رفيق كان قتل برصاص الانجليز والقصد وراء ذلك أن الجد والد بهية قام بمظاهرة ضد الاحتلال، بدأت من الشقة الصغيرة حيث كان يلعب مع حفيده وأطفال الجيران لعبه الحرب ضد الانجليز، لكن سرعان ما انتقلت المظاهرة كالنار فى الهشيم إلي خارج الشقة وسارت في الشارع وانضم إليها جمع من الناس وأثناء حماس الطفل الصغير محمولاً علي الأعناق أصيب برصاص"كتيبه عسكرية من تلك الكتائب الإنجليزية التي دأبت علي التطواف في الشوارع للاستطلاع، فانبرت للمظاهرة تطلق عليها قذائف الرصاص، وأصابت الغلام إحدي الطلقات، فهوي مدرجاً بدمه، والعلم من فوقه يجلله، وما هي إلا أن هرولت الأم إلي ابنها تحمله جثة هامدة إلي الدار، وهي مولولة تنوح..." (الرواية ص 136)

عرف فهيم قصة موت الطفل ولكنه لم يعرف مكان بهية بعد وأخذ يقتص ويبحث حتي وجدها، وما أن وجدها إلا وقد حثته هي علي مواصلة النضال ضد الانجليز بكل الوسائل بالسلاح وغير السلاح، لكنه أخذ يهدأ من روعها وفي الأخير اتفقا علي عمل مشغل لتعليم الفتيات فنون الحياكه والتفصيل. شارك فيه فهيم برأس المال علي أن تكون صورة رفيق معلقة في مدخل هذا المشغل وتحتها علي مصر مدرجاً بالدم، في ذلك الوقت كانت بهية قد غيرت اسمها إلي أشجان وكان أبوها قد فارق الحياة..

وفي يوم الافتتاح تخطب أشجان خطبة وطنية في ذكري وفاة ابنها الشهيد"إنكم لتحتفلون معي بتلك الذكري العزيزة، ذكري ولدي (رفيق).. لقد اغتاله الأوغاد... قد وقع بين أيديهم كما يقع العصفور الغريد الأنيس بين برائن وحش مفترس.. لم يكن هذا العصفور الوديع يحمل سلاح حرب وضرب، بل كان يحمل راية الوطن، شارة الاستقلال، وها هي ذي مرفوعة أمامكم تظلل صورة الطفل الشهيد، صريع الغدر والبغي والعدوان..!" (الرواية، ص 178)

وتتسارع الأحداث في الصفحات الأخيرة وتتجاوب في القاعة الهتافات الوطنية العدائية، تصب اللعنات علي من يسفكون دماء الأبرياء، فتأجج الحماس واشتدت الفورة، وهنا تأتي دورية إنجليزي مقتحمة القاعة ومطلقة الرصاص علي الحاضرين، تكون الضحية هذه المرة أشجان أم الطفل الشهيد رفيق، أما دور البطل فهيم فهو أن يتلقاها بين ذراعيه ويخبرنا بموتها (وما هى إلا أن تهاوت، والراية على جسدها تبسط، ففزعت إليها أتلقاها بين ذراعى...

وأهويت على جسدها أتحسسه، وقد شقة حلقى صيحة هلع،وانا أناشدها أن تخبرنى مذا دهاها، فما راعني إلا دمها يتدفق من بين جوانحها، ممتزجا بدم ولدها الشهيد، علي ديباجة الراية الحمراء، راية الوطن...! (الرواية ص 182)

وهكذا تنتهي الأحداث وتنتهي الرواية وتتحق فكره الكاتب التي أشار إليها في بداية الرواية
"من الرجس ينبع طهر، ومن العتمة يظهر نور وكان هذا هو سر المصابيح الزرق. لقد أخلص محمود تيمور لفنه وكتب رواية واقعية ذات مغزي رمزي وهدف وطني، و محققاً لمقولته حول الأدب الهادف، ولعل المؤلف محمود تيمور كان يصبو أن تقرر هذه الرواية علي المدراس الإعدادية أو الثانوية في ذلك الوقت، ومثل هذا القول لا يقلل شيئاً من شأن وقيمة الرواية فنيا.

ونعود إلي حنا مينا ومصابيحه الزرق، فنقول نعم هذه روايتة الأولي بما تحمله من طزاجة التجربة والبداية المتعثرة، ولكن حنا مينا كان قد سبق ومارس كتابة القصة القصيرة والمقالات وغيرها من فنون الكتابة في الصحف، وكما أشار الأستاذ شوقي بغدادي في مقدمة الرواية فإن حنا مينا، قد عكف ثلاث سنوات يكتبها، ونشر فصولا منها وعرض بعض هذه الفصول علي أصدقائه قبل النشر، ثم أخيرا نشر الرواية عام 1954 فكانت بداية لافتة ورواية لافته بل ورائدة أيضاً، فكما أشرت تعد أول رواية فنية واقعية في الرواية السورية فما سبقها من محاولات لشكيب الجابري (1912- 996 م) تعد محاولات ساذجة بجوارها ولم ترق لمستوي الرواية الفنية. كتب شكيب الجابرى وهو شخصية مثقفة وحاصل على الدكتوراه فى العلوم أربعة رويات،على الترتيب: نهم 1937 – قدر يلهو 1939 – قوس قزح 1946 – وداعا يا أفاميا 1960 م، هناك من يعده بها رائد الرواية الفنية الحيدثة فى سوريا، ويمتاز أسلوب الجابرى بالمتانة والقوة والجرس بين الجمل وفخامة التعبير فى بيان عربى ناصع، لذلك سمى بمنفلوطى الشرق. وفى المقابل عد حنا مينا جوركى العرب تارة ونجيب محفو بلاد الشام تارة أخرى ولعل اللق الاخير كان أحب الألقاب إليه.لذك كثيرا ما كان يردد أنه الأكثر شهرة والأكثر إنتاجا بعد نجيب محفوظ بين الروائيين العرب

لن أقوم بتلخيص رواية"المصابيح الزرق"لحنا مينا، لأن سبق الكتابة عنها بكثرة وتم تلخيصها في أكثر من موضع، لكن نشير بداية أن هذه الرواية طبعت لأول مرة في مصر عام 1969م، عن دار الكاتب العربي"الهيئة المصرية العامة للكتاب حاليا"، ثم طبعت في سلسله آفاق عربية الصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، عام 2002م، وهي ذات الطبعة التي بين أيدينا الآن.

منذ أن نشرت الرواية في عام 1954، وسهام النقد القاسية لم ترحم الرواية ولم ترحم حنا مينا نفسه، فلم يغفر له أي زلة وقع فيها، ولم يعامل أبداً بوصفه كاتبا مبتدئا أو علي الأقل يكتب الرواية لأول مرة. علي أية حال تم الاحتفاء بالرواية أيضا من قبل نقاد كبار مثل محمود أمين العالم ومحمد كامل الخطيب وعبد الرازق عيد وفيصل ذراح وغيرهم.

إن رواية المصابيح الزرق لحنا مينا بعد أربعة وستين عاماً من صدورها تبقي رواية تستحق أن تقرأ حتي هذه اللحظة، لما تتميز به من صدق وحيوية وما تتضمنه من خبرة بالحياة، ونحن لا نقيم الرواية علي مستوي المضمون، فهي من الناحية الفنية رواية واقعية التزمت بمواصفات الرواية الواقعية من تصوير لواقع حقيقي بقطع النظر عن الفترة التاريخية ولكنها كانت صادقة في تصوير آلام البشر وقت الحرب واستطاع الكاتب فيها أن يجمع بين الإيقاع و التشويق، كما حرص فيها على توفير المتعة والمعرفة للقارىء، يقول حنا مينا: لقد حرصت داما على شيئين: الإيقاع و التشويق! وكتبت لغايتين: توفير المتعة والمعرفة للقراء، وهذا سر نجاحى الكبير"

وبينما ركز تيمور في روايته علي البطولة الفردية متمثلة في شخصيتة الغانية الي تحولت من الرجس إلي الطهر، وصارت شهيدة في سبيل الوطن، فإن حنا مينا في روايته جعل البطولة للمهمشين من البشر الفقراء في مدينه اللاذقية أثناء الحرب العالمية الثانية، وفي ذات الوقت سعي الكاتب لأن يخرج ببطل إيجابي من بين جموع الفقراء، فحاول أن يجعل من فارس بطلاً إيجابياً، ومن ثم جعل هذه الشخصية تمر بتجارب فردية وجماعية، تضعه علي رأس الشخصيات الثانوية التي تلعب أدورا مهمة في الرواية.

نحن في مصابيح حنا مينا مع حكاية بطل ومجتمع في آن واحد، البطل فارس وهو في الختام إن لم يوفق في هذه البطولة حيث يموت وهو يحارب مع الحلفاء، فإن البطولة الحقيقية تبقي لجموع الشعب متمثلاً في أبيه الصامد وبقية الشخوص الثانوية الأخري التي تشارك جميعا في مظاهرة ضد الاحتلال تطالب بالاستقلال وجلاء العدو المحتل فرنسا. ولعل الفقرة الأخيرة من الرواية تؤكد ما ذهبنا إليه

"... فركضت مريم تنظر ما يحدث وارتدت مسرعة تصيح:

ـ مظاهـرة !!

وعادت إلي الباب تتبعها أم فارس والجارات الأخريات وظل المتظاهرون يتقدمون نحوهن بجموع سدت الشارع الكبير علي رحبه. كان محمد الحلبي في المقدمة يحمل البيرق مركزا عقب ساريته في خصره، ومصطفي الصيداوي وأبو فارس وصقر والجبلاوي وعلي مكسور يسيرون مع السائرين، وعبد القادر يهتف محمولاً علي الأكتاف، وهتافات الجموع ما تفتأ تعنف وتعنف في كل خطوة،والناس يتسارعون فينضمون إلي المظاهرة ويهزون قبضاتهم في الفضاء، مرسلين إنذارا بالموت أو الجلاء". (الروايـة ص 317)

وفي الختام كما أشرت، لا تهدف هذه المقالة إلي عقد مقارنة بين"مصابيح"حنا مينا و"مصابيح"محمود تيمور، ومن تأثر بالآخر، ولكن تهدف إلي تسليط الضوء علي عملين مختلفين يستحقان القراةة - على الرغم من بعد الشقة بينهما وبيننا - لكاتبيين أثريا الحياة الأدبية بعشرات الأعمال السردية المتميزة، فرحمة الله علي الراحلــين، حنا مينا ومحمود تيمور، ولتكن هذه المقاله بمثابة دعوة لإعاد قراءة أعمال كل من حنا مينا ومحمود تيمور، حيث المتعة والفائدة.والإيقاع والتشويق. وهنا ينبغي أن نؤكد أن حنا مينا قد تجاوز في أعماله التالية المصابيح الزرق لتصير روايات له مثل"الشراع والعاصفة"و"الياطر"و"نهاية رجل شجاع"من علامات الرواية العربيه في المائة سنة الأخيرة.


مشاركة منتدى

  • وعادت إلي الباب تتبعها أم فارس والجارات الأخريات وظل المتظاهرون يتقدمون نحوهن بجموع سدت الشارع الكبير علي رحبه. كان محمد الحلبي في المقدمة يحمل البيرق مركزا عقب ساريته في خصره، ومصطفي الصيداوي وأبو فارس وصقر والجبلاوي وعلي مكسور يسيرون مع السائرين، وعبد القادر يهتف محمولاً علي الأكتاف، وهتافات الجموع ما تفتأ تعنف وتعنف في كل خطوة،والناس يتسارعون فينضمون إلي المظاهرة ويهزون قبضاتهم في الفضاء، مرسلين إنذارا بالموت أو الجلاء". (الروايـة ص 317)

    وفي الختام كما أشرت، لا تهدف هذه المقالة إلي عقد

  • المصابيح الزرق ((بكل بساطة رواية تصور حياة جماعة من الناس البسطاء أيام الحرب)) العالمية الأخيرة. ومن ورائها حياة اللاذقية، وسوريا، أو بكلمة واحدة تصور الجو المحموم الذي كانت تعيشه بلادنا أيام الحرب. فإذا صح أن تكون لكل قصة عقدة، فعقدة المصابيح الزرق هي أزمة الحرب

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى