

الوطن فى شعر فاروق جويدة
تقديم:
الشعر هولغة القلوب، ومرآة النفوس، يعبر عن الخلجات الغامضة، ويكشف عن الإحساسات الدفينة، يخاطب الوجدان والعاطفة، ويستلهم الوحي والخيال، وينفذ إلي أعمق ما فى الإنسان والطبيعة، يقوم علي اللفظ الرشيق والتصوير الدقيق والتشبيه العميق والنغم الرقيق.
وقد أكد هذا الدكتور إبراهيم مدكور، وقد سمي الشاعر شاعرا لأنه يشعر بما لا يشعر به غيره.
وقال صاحب كتاب العمدة: إن بنية الشعر من أربعة: لفظ ومعني، ووزن وقافية، وللشعر في الحقيقة جانبان لا وجود له بدونهما وهما: الخيال والموسيقى.
والقدرة علي قرض الشعر هي قدرة علي عيش الحياة فلن يكتب الشعر إلا كل حريص علي أن يعيش حياته وسط الناس والأحداث فيتفاعل مع الناس والأحداث، ويجد فرحه لأفراحهم، ويجد أيضا آلامه لأحزانهم، ويعبر عن ذلك بالكلمة الشعرية التي تخاطب الروح.
والشاعر الكبير فاروق جويدة عشق الكلمة منذ نعومة أظافره ولذا واصل التعليم والتحق بكلية الآداب واختار قسم الصحافة وتخرج عام 1968 وبدأ حياته العملية محررا بالقسم الاقتصادي بالأهرام، ثم سكرتيراً لتحرير الأهرام، وهوحاليا رئيس القسم الثقافي بالأهرام.
ويعد الشاعر الكبير فاروق جويدة من الأصوات الشعرية الصادقة والمميزة في حركة الشعر العربي المعاصر، نظم الكثير من ألوان الشعر ابتداء بالقصيدة العمودية وانتهاء بالمسرح الشعري.. وقدم للمكتبة العربية العديد من الدواوين والمسرحيات الشعرية.. وترجمت بعض أشعاره ومسرحياته إلى عدة لغات عالمية منها.. الإنجليزية والفرنسية والصينية واليوغوسلافية، وأعماله الإبداعية تناولتها مجموعة من الرسائل الجامعية في الجامعات المصرية والعربية.
وقد تابعت كتاباته ودواوينه ورصدت أن شعره يفيض حباً ووطنية ورؤى تستشرف المستقبل وتعتز بالماضي المجيد، ولكم تغذينا بالحب والوطنية من منهل شعره الجميل
ومجمل القول أن الشاعر الكبير فاروق جويدة هوشاهد عصره وهوابن هذه الأرض المصرية الطيبة، والأرض الطيبة نباتها طيب
لقد اختلفت أغراض الشعر وتعددت مدارسه ومذاهبه إلا أن الشعراء باختلاف مشاربهم وأفكارهم وطروحاتهم وتطلعاتهم أجمعوا على شيء واحد هوالوطن وحب الوطن، فكان الحنين إلى الأوطان وذكر الديار قاسماً مشتركاً بين الشعراء والأدباء، والشعر العربي حافل بقصائد عديدة حفلت أبياتها الشعرية بحب الوطن والحنين إلى الديار والأرض فيندر أن نجد قصيدة عربية إلاّ وبها حنين إلى الوطن حتى احتل الوطن الجزء الأكبر من قصائد الشعراء مقارنة بقصائد الحب والغزل.
قال الجاحظ في رسالة الحنين إلى الأوطان: كانت العرب إذا غزت أوسافرت حملت معها من تربة بلدها رملاً وعفراً تستنشقه.
والوطن في اللغة العربية كما جاء في لسان العرب.. هوالمنزل الذي يمثل موطن الإنسان ومحله، ووطن المكان وأوطن أى: أقام متخذا إياه محلا وسكنا يقيم فيه، فالوطن هوالمكان الذي ارتبط به الإنسان، فهومسقط الرأس، ومستقر الحياة، وسكنه روحاً وجسداً، وهام به حباً وحنيناً، فحب الوطن والالتصاق به وحب البقاء فيه من الأمور الفطرية لدى الإنسان.
ومصر.. ميمها مجد، وصادها صفاء، وراؤها رخاء واستقرار، وهي كنانة الله في أرضه، من أرادها بسوء خاب وخسر.
والمتأمل لشعر شاعرنا الكبير فاروق جويدة يجد حب مصر يسري بين شرايينه وينبض به قلبه وقلمه.. فها هويقول:
حملناكِ يا مصربين الحناياوبين الضلوعوفوق الجبينعشقناك صدراًرعانا بدفءٍوان طال فينازمان الحنينوفي نفس القصيدة يؤكد علي أن مصر سيبقي عبيرها بيت الغريب وسيف حق لمن لا سيف له حيث يقول:سيبقى نشيدكْيضئ الطريقعلي الحائرينسيبقى عبيركبيت الغريبوسيف الضعيفوحلم الحزينسيبقى شبابكرغم اللياليضياء يشععلي العالمينوفي قصيدة أخرى نجد أن شاعرنا الكبير فاروق جويدة يذكر أن مصر لولم تكن موطنه لغرس ترابها بين وجدانه، ونسج بين قبابها إيمانه حيث يقول:لولم تكن مصر العريقةموطنىلغرست بين ترابهاوجدانىوسلكت درب الحبمثل طيورهاوغدوتُ زهراًفى ربا بستانوجعلتُ من عطر الزمانقلائداًونسجت بين قبابها إيمانىوفى دعوة جميلة نجد شاعرنا الكبير فاروق جويدة فى قصيدة بعنوان (عودوا إلى مصر) يقول:عودوا إلى مصرصدر الأم يعرفنامهما هجرناهومصر الشقيقة الكبرى لكل العرب، وهى كعبة الأوطان.. ولذا يرسل شاعرنا المبدع تحذيراً شعرياً لكل من يدعى الزعامة.. حيث يقول:يا سادة الأحقادمصر بشعبهابترابهابصلابة الإيمانمصر العظيمةسوف تبقى دائماًفوق الخداع..وفوق كل جبانمصر العظيمةسوف تبقى دائماًحلم الغريبوواحة الحيرانمصر العظيمةسوف تبقى دائماًبين الورى فخراًلكل زمانيا من تريدون الزعامة ويحكممصر العظيمةكعبة الأوطانويقدم شاعرنا توصية لكل الرفاق من أحباب مصر العزيزة فيقول:مصر الحبيبةيا رفاقى كعبةُُلا تتركوهامرتع الأوثانفالعمر ليس بضاعة مسلوبةوالعمر ليس بدرهموغوانىوفى قصيدة أخرى يؤكد على أن الأوفياء هم درع مصر وأن شعبها هوباعث النهضة على مر الزمان.. فيقول:سنرعى أمانيكِمَنْ ذا سيفدىأمانيك يوماسوى الأوفياءْسنروى ربيعكرغم الصقيععبير الحناياوعطر الدماءْوشعبك يا مصردرع الزمانفلا تسألى غيرهفى البناءومصر هبة النيل والمصريين، وعن نهر النيل الخالد.. شريان الحياة يقول شاعرنا الكبير فاروق جويدة:يا نيل ماؤكللوجود هدايةعاشت على درب السنين مناراويقول أيضا:يا نيل فيك من الحياةخلودهاكل الورى يفنىوأنت الباقىوفى قصيدة بعنوان (وتبقى أنت يا نيل) يقول:مازلتَ فى العين ضوءالا يفارقنافالكل يمضى..وتبقى أنت يا نيلوالقضية الفلسطينية شكلت هماً من الهموم القومية التى أثارت قريحة شاعرنا الكبير فاروق جويدة فهاهويقول:غنيتُ للقدسِ الحبيبة أعذبَ الألحانوانساب فوق ربوعها شعرىيطوف على المآذن..والكنائس.. والجنانْالقدس ترسم وجه(طهَ(والملائكُ حولهوالكون يتلوسورة)الرحمن(القدس فى الأفق البعيدتطلُ أحياناً وفى أحشائهاطيفُ المسيح.. وحوله الرهبانالقدس تبدوفى ثياب الحزنقنديلاً بلا ضوء ٍبلا نبض... بلا ألوانْ..تبكى كثيراًكلما حانتْ صلاةُ الفجرِوانطفأت عيون الصبحوانطلق المؤذن بالآذانْوهنا نلمح أن شاعرنا عندما كتب عن القدس جعلها كوناً حيوياً.. جمع تعاقب الأزمنة ومن هنا كان استنهاضه للأمم والشعوب لحماية القدس من عبث العابثين.وفى قصيدة بعنوان (لن أسلم رايتى) نلمح تحدي وصمود كل فلسطيني من أبناء فلسطين الحبيبة.. حيث يقول شاعرنا فاروق جويدة:قل ما أردت عن البطولة والفداوأكتب جميل الشعر والأبياتلا شىء أغلى من دماء مقاتلبالدم يكتب أروع الصفحاتوالآن نرسم بالدماء طريقناهل بعد عطر الدم من كلمات؟الآن أسمعُ صوت كل شهيدةقد زينت بدمائها راياتىالآن أرقبُ وجه كل صغيرةرفعت جبين القدس فى الساحاتويقول أيضا شاعرنا الكبير:أنا صامد فى الأرض بين ترابهاوسط النخيل.. وفى شذا الزهراتعند الخليل وخلف غزة كلمالاحت وفى يدها الصباح الآتىوفى ختام القصيدة يؤكد التحدى والصمود فيقول:أنا الصمود.. أنا الشموخ.. أنا الردىأنا لن أسلم رايتى.. لغزاةوفى الذكرى الخمسين لاغتصاب فلسطين الحبيبة قال شاعرنا الكبير فاروق جويدة فى قصيدة جاء عنوانها فى صورة تساؤل (ماذا تبقىّ من بلاد الأنبياء)؟ ونقطف منها:ماذا تبقىّ من بلاد الأنبياء..لا شىء غير النجمة السوداءترتع فى السماءلا شىء غير مواكب القتلىوأنات النساءثم يقول:ماذا تبقىّ من بلاد الأنبياء؟خمسون عاماًوالحناجر تملأ الدنيا ضجيجاثم تبتلع الهواء...خمسون عاماوالفوارس تحت أقدام الخيولتئنُّ فى كمد.. وتصرخ فى استياء
وعندما قام أرييل شارون زعيم المعارضة الإسرائيلى بزيارته المستفزة والغير مسئولة إلى المسجد الأقصى فى الثامن والعشرين من شهر سبتمبر عام 2000 ثار الشعب الفلسطينى وانطلقت شرارة الانتفاضة.. وفى الثلاثين من شهر سبتمبر خرج الصبى محمد البالغ من العمر 12 عاما مع والده جمال الدرة لشراء بعض الاحتياجات فإذا بجنود الاحتلال الإسرائيلى يطلقون النار عليهما فأسرع جمال الدرة بابنه نحوبرميل فارغ بجانب جدار ليحميهما من وابل الطلقات النارية الإسرائيلية ولكن أصيب جمال الدرة فصرخ الصبي الصغير فزعا وطالب بالمساعدة فتحركت سيارة الإسعاف لإنقاذه ولكن جنود الاحتلال أطلقوا الرصاص علي سائق السيارة فاستشهد ثم أصيب الصبي الصغير محمد جمال الدرة بطلقات في بطنه فاستشهد بين أحضان أبيه وتصادف خلال هذا الموقف المؤلم وجود (طلال أبورحمة) أحد أبناء فلسطين ومصور التليفزيون الفرنسي فألتقط هذا المشهد لحظات الاستشهاد وقام التليفزيون الفرنسي بإذاعة اللقطات عدة مرات وأهدى نسخة للتليفزيون الفلسطيني وكذلك عدة تليفزيونات عربية كما نشرت الدوريات العربية والدولية ووكالات الأنباء هذا المشهد المؤلم مما آثار غضب الضمير الإنساني وقريحة الشعراء والكتاب وهاهوشاعرنا فاروق جويدة يقول في قصيدة بعنوان رسالة إلى شارون:
كيف اجترأت على أرض مطهرةأسرى بها خير خلق الله والأممهذا التراب الذى لوثتَ جبهتهمازال يصرخ بين الناس فى ألمثم يقول:محمد يا شهيد القدس يا أملاًمازال يحبوكوجه الصبح فى الظلميا درة العمر يا أغلى مباهجهأدميتنا بالأسى والحزن والسقمفى وجهك الآن تصحوكل مئذنةضاقت بها الأرض بين اليأس والحلمفى قبرك الآن بركان يحاصرناويشتكى عجزنا المسكون بالنقميا صيحة من ضمير الحق أسكتهاصوت الضلال وكهان بلا ذممفى عينك الآن مصباح وأغنيةلكل طفل برىء الوجه مبتسمفكل نقطة دم أنبتت حجراقد يكسر القيد أويهوى على صنمفاهدأ صغيرى فإن القدس عائدةمهما تمادى جنون الموت والعدمإن خاننى الشعر فى حزنى فلى أملأن يهدر الشعر كالبركان من قلمىوالقدس العتيقة وزهرة المدائن هى فى القلب ولن ننساها أبدا.. وهنا يقول شاعرنا المبدع فاروق جويدة فى قصيدة بعنوان لأنك عشت فى دمنا:ولن ننساكِ يا قدسستجمعنا صلاة الفجر فى صدركوقرآن تبسم فى سنا ثغركوقد ننسى أمانيناوقد ننسى.. مُحبيناوقد ننسى طلوع الشمس فى غدناوقد ننسى غروب الحلم من يدناولن ننسى مآذننا...ستجمعنا.. دماء قد سكبناهاوأحلام حلمناها...وأمجاد كتبناهاوأيام أضعناهاويجمعنا... ويجمعنا... ويجمعناولن ننساكِ... لن ننساكِ يا قدسونرى حملنا مع حلم شاعرنا الكبير فاروق جويدة عندما يقول:مازلت أحلمأن أرى فى القدس يوماصوت قداس يعانق ليلة الإسراءويطل وجه الله بين ربوعناوتعود أرض الأنبياءوبيروت لبنان لم تغب عن شاعرنا المبدع فاروق جويدة ففى قصيدة بعنوان (يا زمان الحزن فى بيروت) والتى ضمها ديوانه (شىء سيبقى بيننا) يقـول:برغم الصمت والأنقاض يا بيروتمازلنا نناجيكِبرغم الخوف والسجان والقضبانمازلنا نناديكِبرغم القهر والطغيان يا بيروتمازالت أغانيكِوكل قصائد الأحزان يا بيروتلا تكفى لتبكيكِويقول أيضا:وسيف الله يا بيروت رغم الصمتسوف يظل يحميكِويا بيروتيا نهراً من الأشواقعاش العمر يرويناويا جُرحاً سيبقى العمر... كل العمريؤلمنا... ويشقيناوفى نفس القصيدة يقول شاعرنا:غدوتِ الآن يا بيروت بركاناكبئر النار يحرقناويسرى فى مآقيناحرام أن نراكِ اليوم وسط النارهل شلت أيادينا؟
والأبيات السالفة الذكر أثارت بداخلنا الأحزان والهموم عما حدث لشعب لبنان الشقيق من جراء العدوان الغاشم الذى قامت به إسرائيل على لبنان فى الثامن عشر من شهر يوليوعام 2006... والعجب أن الولايات المتحدة الأمريكية باركت هذا العدوان الغاشم.. والمدهش أن مجلس الأمن لم يحرك ساكنا... فهل يا ترى أصبح مجلس الأمن هومجلس اللا أمن؟
وعندما قامت ابنة لبنان والعروبة سناء محيدلى فى التاسع من شهر ابريل عام 1985 بتفجير نفسها فى عملية فدائية ضد القوات الإسرائيلية، وقبل تنفيذ مهمتها كتبت وصية إلى أهلها نقطف منها:
أرجوكم... أقبل أياديكم فرداً فرداً لا تبكوني... لا تحزنوا علي، بل افرحوا... اضحكوا للدنيا طالما فيها أبطال... طالما فيها آمال بالتحرير...أنني بتلك الصواعق التي طيرت لحومهم وقذارتهم... بطلة أنا الآن... مزروعة في تراب الجنوب... أسقيها من دمي وحبي لها... آه لوتعرفون إلى أي حد وصلت سعادتي... ليتكم تعرفون لكنتم شجعتم كل الذين يسيرون على خط البطولة التحرير، إن الصهاينة الإرهابيين مهما كانوا أقوياء إرهابيين قذرين، هم ليسوا مثلنا... إنهم جبناء يطعنون من الخلف ويغدرون... يلتفون شمالاً ويمينا هربا من الموت..التحرير يريد أبطالاً يضحون بأنفسهم غير مبالين بما حولهم، ينفذون، هكذا تكون البطولة.
عندما قامت بهذه العملية البطولية كتب شاعرنا فاروق جويدة قصيدة بعنوان (بعض العشق.. يكون الموت) ونقطف منها:
كانت تعلم..
إن الموت ضريبة عشق الوطنإن الحبَّ سيصبح يوماأجمل وشم للأكفانأن الموت سيصبح عرسايُنسينا كل الأحزانويقول أيضا فى نفس القصيدة:لكن سيناء اختارت كيف تموت؟لتبكيها كل الأشجاراختارت أين تموت؟لتصبح عطراً للأزهاراختارت أن تبقى رسمافوق الطرقات... على الأنهارثم يقول:وسناء اختارتكيف تموت بداءِ العشقلتحملنا خلفَ الأسوارفماذا نكتب بعد اليوم...حين يصير الدم مداداًفلتسقط كل الأشعارونجد ورود الكثير من أدوات الاستفهام فى شعر شاعرنا فاروق جويدة مثل:كم: التى يسأل بها عن العدد.والهمزة: التى يسأل بها عن واحد من شيئين أوأكثر كما يسأل بها عن مضمون الجملة.وما _ ماذا: التى يسأل بها عن غير العاقل.ومن: التى يسأل بها عن العاقل.وأين: التى يسأل بها عن المكان.وهل: التى يسأل بها عن مضمون الجملة المثبتة.وكيف: التى يسأل بها عن الحال.كما نجد أيضاً عناوين الكثير من القصائد تحمل استفهاما مثل: متى يفيق النائمون؟ ماذا أخذت من السفر؟ ماذا أصابك يا وطن؟ ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟ متى تأتين؟ لمن أعطى قلبى؟ أترى يفيد الحلم؟ وهذا يشير إلى كثرة تزاحم الأسئلة داخل أعماق شاعرنا الكبير.. ففى قصيدة بعنوان (متى يفيق النائمون)؟ يقول:شهداؤنا فوق المنابر يخطبونقاموا إلى لبنان صلوا فى كنائسهموزاروا المسجد الأقصىوطافوا فى رحاب القدسواقتحموا السجون..فى كل شبرمن ثرى الوطن المكبل ينبتونمن كل ركن فى ربوع الأمة الثكلىأراهم يخرجون..شهداؤنا وسط المجازر.. يهتفونالله اكبر منك يا زمن الجنونوفى نفس القصيدة يقول:بيروت تسألهم أليس لعِرضهاحق عليكم.. أين الرافضونوأين غاب البائعونوأين راح... الهاربون...الصامتون... الغافلون... الكاذبون؟؟؟صمتوا جميعا...والرصاص الآن يخترق العيونوفى قصيدة بعنوان (مرثية حلم) نجد تكثيف شجون شاعرنا وهويتحدث عن القدس وبيروت وبغداد وطهران.. حيث يقول:بيروت فى اليمِّ ماتتْقدسنا انتحرتْونحن فى العار نسقى وحلنا طينابغداد تبكىوطهران يحاصرهانهر من الدمبات الآن يسقيناوعلى لسان طفلة مسلمة كتب شاعرنا المبدع فاروق جويدة رسالة إلى الرئيس الأمريكي بوش نقطف منها:يا سيدى بوش العظيم...بالله كيف يعانق الصبح الجميلخيوط ليل مُظلمهتبنون فى أوطانكم مجدا وفى أوطانناتعلوا السجون المحكمهوالحق فى أوطانكم حق الشعوب وعندناحق الكلاب المتخمه...والقتل فى زمن النخاسة أوسمه...لِمَ تقتلون الصبح فى أعماقناوتشيعون على المشانق مأتمهْ..؟؟العدل فى أوطانكم يعلووفى أوطانناقهر الآيادى الآثمهْ...تبكون أن سقطت على باريسأوروما ظلال قاتمهْوالآن تجرى فى ربوع بلادناانهار دمٍّ مسلمه..ونقطف أيضا:يا سيدى بوش العظيم..كل العصافير الجريحة فى بلادىتلعن الزمن القبيحماتت على الأغصانكم كانت تغنى كل صبح هل تُرىيبكيك عصفور جريحودمى يسيل على ثيابى هل تُرىيبكيك إنسان ذبيح؟ثم يجيئ التذكير بقرار الرئيس الأمريكى بوش والذى بمقتضاه ذهبت الجيوش إلى الكويت لضرب القوات العراقية التى غزت دولة الكويت... وهذا القرار ليس حباً فى الكويت بل من أجل النفط الذى كان سلاحاً فعالاً واستراتيجياً فى معارك أكتوبر عام1973:يا سيدى بوش العظيم...حاربتَ يا مولاىَ يوماً فى الكويتوجنيت منها ما جنيت...هل شعب بوسنة لا يساوىفى ضميرك.. بئر زيت؟وفى ختام القصيدة تأكيد على أن نور الله سيبقى معانقاً لكل بيت مسلم:يا سيدى بوش العظيم...إن شئتَ يوماً أوأبيتْسيظل نور الله فى وطنىيعانق كل بيتولأن الشاعر ضمير الأمة فقد رصد الشاعر فاروق جويدة فى قصيدة تئن حزناً وشجناً وألماً دعاوى دعاة الحرية وتخليص العراق من حاكمها الوطنى صدام حسين وأكد شاعرنا إن الهدف من غزوالعراق يكمن فى السيطرة على النفط... فقال على لسان طفل عراقى فى قصيدة بعنوان (من قال إن النفط أغلى من دمي)؟ نذكر منها:طفل صغير..ذاب عشقاً في العراقكراسة بيضاء يحضنهاوبعض الفل.. بعض الشعر والأوراقحصالة فيها قروشمن بقايا العيد.. دمع جامديخفيه في الأحداقعن صورة الأب الذيقد غاب يوماً.. لم يعدوانساب مثل الضوء في الأعماقيتعانق الطفل الصغير مع الترابيطول بينهما العناقخيط من الدم الغزيريسيل من فمهيذوب الصوت في دمه المراقتخبوالملامح.. كل شيء في الوجوديصيح في ألم : فراقوالطفل يهمس في أسى:أشتاق يا بغداد تمرك في فميمن قال إن النفط أغلى من دمي؟!وبرغم كل هذا فالغد يحمل الآمال مع الفجر القادم ونلمح هذا فى قول شاعرنا:بغداد لا تتألميمهما تعالت صيحة البهتانفي الزمن العميفهناك في الأفق البعيد صهيل فجر قادمفي الأفق يبدوسرب أحلاميعانق أنجميمهما تواري الحلم عن عينيكقومي... واحلميولتنثري في ماء دجلة أعظميفالصبح سوف يطل يوماًفي مواكب مأتمي) الله أكبر) من جنون الموتوالزمن البغيض الظالمبغداد لا تستسلميبغداد لا تستسلميمن قال إن النفط أغلي من دمي؟!وكتب شاعرنا الكبير فاروق جويدة قصيدة بعنوان (ما عاد يكفينا الغضب) وأهداها إلى صبايا بغداد فى سجن أبوغريب... ونشرت هذه القصيدة فى جريدة الأهرام المصرية ونذكر منها:ما عاد يكفى ان تثور شعوبناغضبا... فلن يجدى مع العجز الغضبلن ترجع الأيام تاريخاً ذهبومن المهانة أن نقاتل بالخطبهذى خنادقنا... وتلك خيولناعودوا إليها فالأمان لمن غلبما عاد يكفينا الغضبما عاد يكفينا الغضبونلمح مناجاة شاعرنا إلى خير البرية صلى الله عليه وسلم حيث يقول:هذى دمانا رسول اللهتغرقناهل من زمانبنور العدل يحمينا؟وعندما توفى الشاعر الكبير نزار قبانى يوم الخميس الموافق الثلاثين من شهر أبريل عام 1998 فى لندن ونقل جثمانه فى طائرة خاصة إلى سوريا تنفيذاً لأوامر الرئيس السورى حافظ الأسد - رحمه الله - كتب شاعرنا الكبير فاروق جويدة قصيدة بعنوان (وسافر فارس العشق) ونذكر منها:تبكى القلوب التى أهديتها زمنامن الجمال بحور الشعر والأدبتبكى الحروف التى سطرتهانغماًكانت ترفُّ على عينيك كالهدبنسيم لبنان هل تدرى بما حملتدموع "بلقيس" من حزن ومن عتبياسمينة الحى صاحت عندما لمحتمواكب الناس من باكٍ ومنتحبمالت على الأرض فى حزن وقد تركتثيابها البيض للأنداء والسحبكانت تصلى على جثمان عاشقهاكأنها طفلة ماتت بحضن أبقد عدت للشام... يا للشام كم حملتمواكب النور من صيدا الى حلبيا درة الشام.. يا أغلى قلائدهاأبيات شعرك تيجانُ من الذهبإن سَاءلوا الناس يوماً عن مراتبهمفدولة الشعر فوق التاج والرُتب
وبلقيس المذكورة هى زوجة الشاعر الكبير نزار قبانى وهى من العراق وتوفيت عام 1981 تحت أنقاض منزل منهار فى بيروت وظل الشاعر يجمع أشياء زوجته أربع ليال وتعرف عليها من خاتم الزواج الذى يحمل اسمه
وعندما رحل أحد فرسان الاغتراب الشاعر العراقى الكبير عبد الوهاب البياتى فى الثالث من شهر أغسطس عام 1999 حيث وافته المنية فى دمشق ودفن فى مسجد محيى الدين بن عربى تنفيذاً لوصيته.. كتب الشاعر الكبير فاروق جويدة قصيدة بعنوان (الخيول لا تعرف النباح) وأهداها إلى الشاعر الكبير عبد الوهاب البياتى ونقطف منها:
هنا كان بالأمس صوت الخيولعلى كل باغٍ له جلجلهْفكم أسقط الحق عرش الطغاهوكم واجه الزيف كم زلزلهفكيف انتهى المجد للباكياتومن أخرس الحق.. من ضللَّه؟؟ومن قال إنَّ البُكا كالصهيلوعَدْو الفوارس كالهرولهْ؟؟سلام على كل نسر جسوريرى فى سماء العُلا منزلهْ.