الأحد ٢١ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

بطل من سيناء

البطل الشيخ متعب هجرس من مواليد عام 1922 وتعلم في الكتاب وأجاد القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم في قرية رابعة التي سميت فيما بعد بقرية الثلاثين من يونيه.

البطل متعب هجرس كان من كبار مشايخ العشيرة فهو ابن عشيرة الهروش ومن مشايخ قبيلة البياضين وقد صدر قرار بتعيينه شيخًا لعشيرة الهروش من الجمهورية المتحدة فى ذلك الحين.

عندما قامت إسرائيل بعدوانها الغادر على مصر يوم 5 يونيو عام 1967 واحتلت سيناء تألم بشدة البطل متعب هجرس وأصابته الحسرة وخاصة عندما شاهد كبقية أهالي سيناء قوات الصهاينة ترتع فى ربوع سيناء فأقسم على أن يقدم شيئًا لوطنه مصر وبدأت مقاومته للاحتلال ورفضه لوجودهم وتدنيسهم تراب سيناء فبدأ طواعية ومن وازع وطنى فى مساعدة الجنود العائدين من نكسة 1967 واتفق مع رجال قريته وعشيرته على تقديم الدعم والمساعدة للقوات المصرية دون الالتفات لتحذيرات قوات الاحتلال بعدم معاونة القوات المصرية ولكن البطل متعب هجرس وأهالي سيناء انطلقوا فى مساعدة العائدين من رجال القوات المسلحة تجاه بئر العبد وقدموا لهم المأوى والمأكل والملبس والإقامة فى بيوتهم غير عابئين بالعدو الصهيوني وكان البطل متعب هجرس يردد: (رجالنا فى محنة ومن الشهامة أن نقف معهم ونساعدهم حتى يتخطوا هذه المحنة).

البطل متعب هجرس وأهالي سيناء كانوا يقومون كدليل للقوات المصرية المنسحبة ويسيرون في طرق مؤمنة لايعرفها سوى أهالي سيناء لتمكينهم من العبور عبر ملاحات بورسعيد حتى يطمئنوا من انتقالهم بسلام وأمان للغرب من قناة السويس وفى مرات كثيرة كاد أن يستشهد البطل متعب برصاص الاحتلال الإسرائيلي عندما كانوا يفتشون عن رجال المقاومة الذين يساعدون القوات المصرية فى النجاة من أسر العدو الصهيوني.

بعد أن اطمأن البطل متعب هجرس وزملاؤه من نقل الآلاف من الجنود إلى غرب القناة بدأ يفكر فى الطريقة المثلى فى مقاومة الاحتلال الصهيوني باتباع اسلوب ما يمكنه من مقاومة الاحتلال الصهيونى في سيناء.

اتفق البطل متعب هجرس مع المخابرات المصرية على إظهاره المواءمة مع الصهاينة وتركهم يستميلونه بطرقهم التى علم عنها من المخابرات المصرية الكثير ومن خلال تعاملات الصهاينة أنفسهم معه وبالفعل نجخ البطل متعب هجرس في ذلك وشيئًا فشيئًا استطاع الدخول إلى معسكراتهم وإقامة صداقات متعددة مع الضباط والجنود الصهاينة وكانت التقارير المخابراتية من جانب أجهزة الأمن الإسرائيلية فى صالحه حتى عرضت عليه المخابرات بشكل غير مباشر أن يتعاون معهم ضد القوات المصرية وكان كل هذا تحت سمع وبصر عناصر المخابرات المصرية مع اتخاذ كافة إجراءات تأمين البطل متعب هجرس والحفاظ على سلامته وبعد أن تخطى مرحلة الثقة من جانب المخابرات الإسرائيلية بدأ فى ممارسة ما يجيده وتعلمه سابقًا من عناصر المخابرات المصرية وذلك من خلال تصوير الأسلحة والمعدات والتحركات الدائمة والطارئة للقوات الصهيونية حتى أضحت جميع تحركاتهم مكشوفة لدى المخابرات المصرية.

استمر البطل متعب هجرس فى إمداد المخابرات المصرية بكل المعلومات عن تسليح ومعدات وأعداد قوات وعناصر الجيش الإسرائيلى موثقة بالصور لفترات طويلة واعتمد البطل متعب هجرس فى تلك المهمة على إظهار الولاء لإسرائيل والتعامل مع الموساد على أنه ضمن مجنديه وظل على هذا المنوال بداية من عام 1968 م.

المخابرات المصرية أطلقت على البطل متعب هجرس (القمر الصناعى المصري) لأنه لم يفت معلومة عن المعدات الإسرائيلية ولا ما تقوم به إسرائيل دون أن يرسله للقيادة المصرية كما أن تقارير البطل متعب هجرس كانت شديدة الدقة فعلى الرغم من أنه كان ينقل للمخابرات المصرية كل صغيرة وكبيرة من تحركات العدو الصهيونى وأحجام قواته ونقاط تمركزها ومناطق احتلالها فإنها كانت معلومات فى منتهى الدقة.

أحد الأشخاص قام بالتبليغ عن البطل متعب هجرس وثلاثة من رفاقه المجاهدين كانوا فى طريقهم إلى بورسعيد لإرسال صور ووثائق عن معدات وأسلحة حديثة وصلت إلى سيناء للجيش الإسرائيلي فتعقبتهم دورية إسرائيلية وفتحت عليهم النيران وأصابت بعضهم ثم ألقت القبض عليهم وقد حكم على خالد عرابى بسبع سنوات وسالم نصار بثلاث سنوات ومتعب هجرس بخمس سنوات.

ظل البطل متعب هجرس فى السجن الإسرائيلى وعانى من أشد ألوان التعذيب بالمعتقلات الإسرائيلية وتهتكت رئتاه نتيجة وعانى من مرض عضال كاد يقضى على حياته وهو فى السجن الإسرائيلي وبعد 3 سنوات تم الإفراج عنه لتدهور حالته الصحية وعملت القوات المصرية جهودًا مضنية فى سبيل نقله مع أسرته من شمال سيناء إلى القاهرة عام 1971 ليتلقى العلاج فى مستشفيات القاهرة وظل أسير المرض حتى توفى في مستشفى الدمرادش عام 1977 وأصرت أسرته على أن يوارى تراب سيناء جثمان ولبت الدولة المصرية مطلب أسرة البطل متعب هجرس وتم نقل جثمانه إلى بئر العبد بشمال سيناء ليكون أول مَن يوارى ثرى سيناء جسده بعد انتصار أكتوبر العظيم.

مصر كرمت البطل متعب هجرس ومنحته نوط الامتياز من الطبقة الأولى كما أطلق اسمه على إحدى مدارس شمال سيناء.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى