الثلاثاء ١٨ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٢٥

تحليل لرواية «عناق على حاجز إيرز»

شريف ابراهيم احمد

اهداء الى الاخت الفاضلة دكتورة : رولا خالد غانم

أولًا: البنية السردية

تعتمد الرواية على سرد واقعي مكثّف يستند إلى اليوميّ الفلسطيني المتشظّي تحت الاحتلال. يبدأ الكاتب من نقطة زمنية مشحونة — الانتظار على الحاجز — ثم يبني الأحداث عبر تراكم المشاهد القصيرة التي تُظهِر قسوة المكان قبل أن يكشف عن الحدث المركزي: العناق.

تميل البنية إلى الشكل اللوحاتي (مشاهد منفصلة تتكامل دلاليًا)، ما يعكس التقطّع القهري لحياة الفلسطيني الموزعة بين معبر ومعبر، وبين إذن ورفض.

ثانيًا: الشخصيات

الشخصيات ليست أفرادًا بقدر ما هي نماذج تمثل الجماعة الفلسطينية:

● المرأة أو الأم أو الحبيبة

تجسّد الانتظار الفلسطيني في أصدق صوره. حضورها الجسدي الضعيف يتناقض مع قوة صبرها، مما يجعلها رمزًا للحاضنة الوطنية والإنسانية.

● الرجل أو الابن أو الحبيب

هو النموذج الفلسطيني المحاصر بالحواجز، الممزق بين الرغبة في الحياة وبين شروط الاحتلال. عودته أو لقاؤه يتحول إلى انتصار صغير لكنه شديد المعنى.

● الجندي

ليس شخصية مُفصّلة، بل ظلٌّ بارد. يمثل السلطة القامعة وغياب الرحمة. وتهميش تفاصيله يعكس موقف الكاتب الذي لا يمنحه حضورًا إنسانيًا، بل يجعله كيانًا وظيفيًا، تمامًا كالحاجز نفسه.

ثالثًا: المكان بوصفه بطلًا روائيًا

حاجز إيرز ليس موقعًا جغرافيًا فقط، بل هو رمز قاهر؛
مكان يتساوى فيه البشر أمام البندقية، وتنهار فيه الحدود الطبيعية بين الحياة والموت، وبين الحرية والقيد.

يأتي المكان محمّلًا بمعانٍ ثلاث:

1. السلطة: إذ يتحكم في الزمن والحركة والمصير.
2. الانتظار: الزمن الميت الذي يقضم أعصاب الواصلين.
3. الفصل: الحواجز التي لا تفصل الجغرافيا فقط، بل تمزق العلاقات الإنسانية.

رابعًا: الرمزية والدلالات

● العناق
ليس مجرد لحظة عاطفية، بل فعل مقاومة.
عناق عند حاجز عسكري يعني أن الحب أقوى من الخوف، وأن الفلسطيني ينتزع حقه في لحظة إنسانية رغم كل أدوات المنع.

● البوابة الحديدية
ترمز إلى:
السياسات التي تصادر الحرية
انغلاق الأفق السياسي
هشاشة الوجود الإنساني تحت القهر

● الانتظار
هو الحاضر الأكثر رسوخًا في الحياة الفلسطينية، وتوظيفه في الرواية يؤكد أن الاحتلال يسيطر على الزمن كما يسيطر على الأرض.

خامسًا: الأسلوب واللغة
تمزج دكتورة رولا بين اللغة التقريرية في وصف إجراءات الحاجز، وبين اللغة الشعرية في تصوير العاطفة. هذا التناوب يخلق تباينًا دلاليًا:
لغة الاحتلال جامدة، حادة، آلية
لغة الفلسطيني دافئة، إنسانية، نابضة
وكأن الرواية تُظهر صراعًا لغويًا بين نمطين من الوجود.

سادسًا: الرسالة الفكرية
الرواية تقرر أن:
الفلسطيني لا يستسلم للآلة العسكرية
العاطفة ليست ضعفًا بل سلاح معنوي
أبسط حقوق الإنسان في الحب واللقاء تتحول تحت الاحتلال إلى معركة صغيرة
الإنسان يبقى أقوى من النظام القامع حين يتمسك بأكثر لحظات حياته بساطة

سابعًا: البعد الإنساني العالمي
على الرغم من محليّة المكان، إلا أن الرواية تحمل بعدًا إنسانيًا عالميًا؛ فهي تتحدث عن لحظة يتفوق فيها الإنسان على السلطة، حيث تنتصر المشاعر على المنع، ولو لدقائق.

شريف ابراهيم احمد

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى