الاثنين ٤ أيار (مايو) ٢٠٢٠
إطلالة على النص الأدبي المشترك
بقلم عبد الرحيم حمدان حمدان

«حبل القوس ونبص الوتر» نص مشترك أُنموذجاً

تمهيد:

صدر للروائي الفلسطيني "غريب عسقلاني" والشاعرة العراقية "هناء القاضي" عن مكتبة سمير منصور للطباعة والنشر والتوزيع بغزة؛ كتابهما المشترك "حبل القوس ونبض الوتر" نص مشترك، طبعة أولى سنة ٢٠١٦ م.

يقع الكتاب في( ١٥٧) صفحة من القطع المتوسط، ويضم خمسة عشر نصاً مشتركاً، هي على التوالي: الليلة الثانية بعد الألف، ومقهى الذاكرة، عند فاصلة الحلم، عبق الياسمين، الكنعاني والأميرة السومرية، سبع حالات للوردة، مرايا الروح، شوارع المدينة، الرقص على نبض الوريد، حبل القوس وصدر الوتر، قتلوا الدراق على شفتيك، ليلة رأس السنة، هل رأيت ظل موتي؟، شرفة في الريح، رضاب الياسمين.

حملت النصوص المشتركة عنوان أحد تلك النصوص في الكتاب وهو "حبل القوس وصدر الوتر"، والعنوان في مجمله يجنح للغموض والتعمية، ويحمل في حناياه الإثارة والدهشة والتساؤل، فلا يستطيع القارئ لأول قراءة تأويل دلالاته، ولا أن يدرك المقصود من ورائه، وعلام يدل مراده؟

بيد أن القارئ المتفحص وبعد قراءة الكتاب غير مرة يكتشف أن العنوان في جزئيه: الأول والثاني "حبل القوس" و" نبض الوتر" يرمز للشخصيتين الرئيستين كلتيهما معاً، وهما الكنعاني الكاتب غريب عسقلاني()، والسومرية الشاعرة هناء القاضي((، وأن العنوان متشظٍ في الكتاب كله، وأن ثمة اتحاداً واندغاماً بين الشخصيتين، بحيث لم يعد من السهل أمام المتلقي الفصل بينهما؛ ليُعلمَ مَنْ المقصود بذلك؟ فمرة يجد المتلقي أن حبل القوس هي الشاعرة، وفي موضع آخر يجد أنها هي الوتر، ومرة أخرى يكون الروائي هو حبل القوس، وفي مكان آخر يكون هو الوتر، بمعنى: أنهما متوحدان في التسمية؛ لذا نجد الكتاب يكشف عن صعوبة الفصل بينهما بتكرار السؤال الآتي غير مرة والموجه للقارئ: " من منا حبل القوس؟ ومن منا الوتر؟.

وفي موضع آخر يقول الروائي:

"جلدي تقرّحَ يا صاحبتي من حبل القوس.. هل يطلق العازفُ أنغامَه من جلدي، أم من وجه الوتر!! لا تعذليني، فالذي بيننا أبعدُ من بوح الكلام.. "(الكتاب ص 110 )، ولكن بقليل من التأمل يدرك القارئ أن الشخصيتين كلتيهما مقصودتان، فقد جاء في نص "حبل القوس وصدر الوتر" ما نصه حبل القوس وصدر الوتر:

"...وقيل إنّ جنيّةً مرتْ بعاشقين يتبادلان النجوى، فأصابتها الغيرة، وسحرتهما حبلاً ووتراً.... وقد جاءَ في الحكاية، أنّ الجنية ندمتْ على فعلتها، لتناسل العشاق من بني البشر، ما أغرى عشيقها الجني بمطاردة العاشقات من نساء الإنس، لكنها لم تستطع فكَّ السحر؛ لأنها نسيت مَنْ منهما سحرته حبلاً ومَن منهما سحرته وتراً، ولا زالَ الأمرُ سراً في صندوق الربابة !! ولا زالَ النغم"(الكتاب ص١١٣).

وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا النص المشترك يتضمن - أيضاً - نصوصاً وردت فيما صدر من قبل من نصوص مشتركة للأديبين، وقد جرى عليها بعض التغيير والتبديل من: حذف وزيادة وتقديم وتأخير، وإعادة صياغة لبعض الجمل والتراكيب، وهذه النصوص المشتركة السابقة وردت في ثلاثة كتب هي: كتاب "رسائل في زمن الغربة" سنة 2008م، وكتاب "الأميرة والنورس" الذي صدر عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة؛ سنة ٢٠٠٩م، وكتاب "سبع حالات للوردة"، صدر عن دار السندباد للنشر، القاهرة 2010م. ومن تلك النصوص: الليلة الثانية بعد الألف، ومقهى الذاكرة، سبع حالات للوردة، مرايا الروح، حبل القوس وصدر الوتر، قتلوا الدراق على شفتيك، هل رأيت ظل موتي؟، شرفة في الريح. وغيرها.

وربما جاء احتواء هذا الكتاب على نصوص سابقة في محاولة من الأديبين؛ لإظهار أن ما اشتمل عليه الكتاب من نصوص مشتركة؛ إنما هي نصوص جديدة كل الجدة، وأنها نصوص نوعية غير مسبوقة في الكتابة المشتركة، أو هو لون من ألوان التناص الذاتي.
النصوص الأدبية المشتركة المشترك:

تنوعت ألوان الأدب وتعددت ما بين نصوص شعرية، ونصوص نثرية، فقد احتوت الأخيرة بدورها على فن الخاطرة الأدبية، والمقالة، والرسالة، والمقامة، والخطبة، والرسالة، والرواية، والقصة القصيرة، والمسرحية.

ويُقصد بالنصوص الأدبية المشتركة: أن يشارك في كتابة نص أدبي واحد أديبان أو ربما مجموعة من الأدباء، وعليه، فليست الكتابة الأدبية المشتركة ظاهرة أدبية وليدة العصر الحديث على مستوى الأدب العربي، وإنما هي ظاهرة أدبية عرفتها الأوساط الثقافية العربية القديمة، فمن يتتبع التراث العربي يجد فيه كتابات مشتركة، كتلك التي ظهرت في عصور التدوين الأولى، وكما عرف ذلك في فن المقامة الذي جمع بين فني النثر والشعر وكتابات إخوان الصفا ورسائلهم المعروفة برسائل "إخوان الصفا وخلان الوفا " في القرن الرابع الهجري، والتي بلغت الخمسين في عددها،

برز في العصر الحديث لون أدبي هو "النص الأدبي المشترك”، يجمع في حناياه ألواناً أدبية كثيرة من أنواع الأدب، فيكون ما بين شعر وحكمة ومثل ورسالة وخاطرة، ، وربما اشترك في تكوين النص المشترك شاعران أو أكثر، وقد تحتوي النصوص المشتركة على نصوص نثرية، وربما ساهم في إبداع النصوص المشتركة شاعر وناثر، وقد يحدث اختلاط في الحالة الاجتماعية بين أصحاب النصوص المشتركة، فتكون بين شاعرة وناثر.

وأشار بعض نقاد النصوص الأدبية المشتركة إلى ضرورة توافر بعض الشروط في النص المشترك كأن تكون هناك علاقات جيدة بين الأديبين وتفهماً عميقاً لإمكاناتهما الإبداعية؛ ليصل النص المشترك منهما إلى مراتب إبداعية عالية إنْ أحْسَنًا اختيار الموضوع، وتمازجت قدراتهما، واستطاعا توفير أبعاد إبداعية جديدة وإضافية للمنجز الإبداعي، ووفرا تعددية أصوات ثقافية في العمل الأدبي الواحد.

التمييز بين النصوص الأدبية المشتركة:

من المعلوم في النقد الأدبي أن لكل معنىً صورةً وسمتًا في القطعة النثرية والقصيدة، وعليه صار لكل أديب أسلوبٌ وملامح، ولكل أديب نبرة خاصة تميزه عن سواه، ينماز بها عن غيره، وتسم كل نص بسمات صاحبه، وتُجسِّد شخصيته؛ وفقاً لطبيعته، وموهبته، وزمانه، وفنه، ذلك أن لكل أديب نهجاً وأسلوباً يتكون من معجمه اللغوي، ومعانيه وصوره.

ومن المعلوم أن لدى النقاد العرب القدامى والمعاصرين درايةً ومعرفةً جيدة بالتمييز بين الأساليب، إذ كان النقاد العرب القدامى يميزون بين أساليب الأدباء وطرائقهم في التعبير، فهم يعرفون الشاعر من أسلوبه، ويقولون هذا أشبه به من التمر بالتمرة، وأقرب إليه من الماء إلى الماء، وليس بينهما إلا كما بين الليلة والليلة، فإذا تباينا، وذهب أحدهما في غير مذهب صاحبه، وسلك في غير جانبه، قيل بينهما ما بين السماء والأرض، وما بين النجم والنون، وما بين المشرق والمغرب.
نص "حبل القوس ونبض الوتر" من منظور النقاد:

اختلف النقاد فيما بينهم في تقييم هذا اللون من ألوان الأدب الجديد ما بين مؤيد ومعارض، أما الفريق المؤيد، فيرى أن النصوص المشتركة شكلٌ من أشكال التطوير والتجديد، ويذهبون إلى أن” النص المشترك” ما هو إلا وسيلة من وسائل تطوير الأدب وتحديثه، ويعد خروجاً على الأشكال التقليدية في التعبير والتعبيرية من دائرة الفردية والذاتية إلى دائرة الشعور والإحساس النوعي المشترك، ويرون أن تعدد الأصوات في المنجز الأدبي والسردية التعبيرية والتجريدية الوصفية أجدى ثمرة من أحادية الصوت، وسلطة المؤلف على النص، بل إنهم ذهبوا إلى أبعد من ذلك، فدعوا الأدباء الشبان؛ لأن يشارك بعضهم بعضاً في كتابة نصوص مشتركة ذات طابع تجريديي.

ويذهب ناقد آخر إلى أن "هذه النصوص المشتركة تنزف وجعاً انسانياً مجدولاً في ضفيرة خيوطها الشعر والتداعيات، ومفتوحة على فضاءات متعددة، تنفلت من قصيدة النثر وتتجاوز قيود السرد الى عالم الشعر والرجوعيات التأملية".

أما الفريق المعارض، فيرى أن مشروع النصوص المشتركة لا يعدو كونه مشروعاً، لا يمتلك مقومات الحياة والبقاء، ويرى ألا تكتب النصوص الأدبية بأحاسيس أدبين يختلفان من حيث النشأة والتكوين والحياة، وأن مثل هذه النصوص تأتي هجينة، وتولد ميتة.
من هذا المنطلق، يعد بعض النقاد أن الكتابة المشتركة؛ إنما هي ذوبان أو انصهار فكري بين اثنين، ينتج عنه تناغم أدبي يمثل حالات فريدة في النتاج الأدبي، بينما يرى آخرون أن هذه الحالات الأدبية تخرج مشوهة وغير متجانسة؛ نظراً لكونها تُكتب من قلمين مختلفين.

والواقع أنه إذا توافر في تجربة النص المشترك عنصرا الرؤية والتشكيل، فإنَّ مثل هذه التجربة تعد لوناً من ألوان التجديد والتحديث والتجريب في الأجناس الأدبية، ربما كتب لها النجاح والرواج إذا امتلكت مقومات النصوص الأدبية الفنية.

إن النص الأدبي المشترك، هو شعور وصور ومجاز وابتعاد عن التقليد، إضافة إلى أنه يحقق للمتلقي المفاجأة والدهشة، وهو كذلك جمالية تمتد على مساحات نصوص الكتاب المترابطة فيما بينها عضوياً ودلالياً، فهي تتسم بالتنوع اللغوي والتعدد الصوري.

إن قراءة أولى للنصوص المشتركة، تكشف للمتلقي أبعاداً أسلوبية وفنية متميزة تجعل للكتاب قيمة لغوية، وكثافة رمزية جديدة تضاف إلى النتاج الشعري العربي بعامة.

ويلحظ المتلقي هنا أن النص المشترك هو في الأساس رواية أفادت من الشعر، ويمكن أن يكون الأمر بالعكس، بأن تكون قصيدة أفادت من جماليات الرواية: سردا وأحداثا، وشخصيات، وعندها ستكون قصيدة روائية أو الرواية القصيدة، بل يمكن الجزم، بأن أي فن أدبي لن يتطور إلا بالتفاعل الإيجـــــابي مع الفنون الأخرى.

أما التشابه والتماثل في الرؤية الفكرية، فإن المتلقي يرى أن كلا الأديبين روَّعته حالة القلق والغربة والنفي عن بلده، فالكنعاني شرِّد عنوة عن مدينته "عسقلان"، وهو طفل رضيع على صدر أمه في النكبة الأولى 1948م إلى مخيم الشاطئ في قطاع غزة، إنه لا يستطيع العودة إلي مدينته عسقلان؛ ليعيش أقداره مع وطن مصادر، تلوح له "عسقلان" على الرغم من أنها قريبة على مرمى النظر إليها، يقول الروائي:

"إني درجت على الأرض ستين خطوة, وبضع شهقات من العمر, خطفوني عن ثدي أمي فرضعت العطش من الجوع, ومضيت غريباً أبحث عن أمي بين السبايا.. هي عسقلان, ذاكرتي التي لم أعشها على الأرض، وحملتها بين ضلوعي نتفاً من حكايات شوهها الرواة.. صارت فاصلة سكنت بين الحقيقة والخيال.. صارت ذاكرة.. وصرت الغريب ابن الحكاية (الكتاب ص 42 ، 43).

في حين أن هناء الأميرة السومرية قد تغربت عن موطنها العراق، وأقامت منفية مغتربة في الأردن، ولا تستطيع العودة إلى وطنها بسبب الظروف القاسية التي يمر بها بلدها، فالشاعرة تعاني الغربة القسرية عن العراق الحبيب، تصور الشاعرة شوقها وحنينها لوطنها العراق بكل نثرياته ومواضعه، فتقول:

لا تطفئ القنديل
دعني
أشم رائحة بغداد
وأحضنُ ذاكرتي
دعني أمشي على جسر التحرير
أصل سوق العصافير
أقف عند بائع الزنجبيل
وأشرب من يديه
نخب الزمن الجميل( الكتاب ص ٣٢، 33).

تعبر الشاعرة هنا عن همومها الذاتية تعبيراً ممزوجاً بهموم شعبها ومحنه وآلام غربته وتشرده فب كثير من أصقاع الأرض.

ويلمس المتلقي أن كلا الأديبين يحمل شوقاً مفعماً، ومحبةً وذكرياتٍ عارمةً لبلده، وكلاهما يعيش في زمن عربي متردٍ، الذي لا يتمكن من أن يحقق لأهله وأبنائه أمنياتهم في التحرر والحياة الكريمة، وكلاهما عبَّر عن الهم الوطني الذاتي تعبيراً شفافاً وأميناً، وأدغمه في التعبير عن الهم الوطني الجمعي العام.

فكتاب "حبل القوس ونبض الوتر" هو نموذج حداثي أدبي، ونص نحا منحىً تجريبياً يعكس الهم المشترك للفلسطيني والعراقي, بعد الحرب على غزة، وسقوط بغداد بعد حرب الخليج.

إلى جانب توجه الأديبين للتعبير عن المشاعر الإنسانية السامية، والقيم النبيلة الفاضلة من حب وشوق ولهفة وحزن وقلق ووجع إنساني، وتطلعٍ إلى لقاءات وهمية في عالم الأحلام والخيال، وقد جاء تعبيرهما في هذه النصوص المشتركة صادقاً صدقاً واقعياً وفنياً في آنٍ واحد.

وأن مثل هذه النصوص المشتركة تقوِّي وتوطِّد أواصر العلاقات بين الأخوة من أبناء الشعوب العربية: العراق وفلسطين؛ لكونهما ينتميان إلى الأدب العربي بعامة، وأن أدبهما جزء لا يتجزأ من ذلك الأدب.

أما التشابه والتماثل في تجربة الأديبين من حيث التشكيل الفني، فكلا الأديبين يمتلك أدوات التشكيل الفني والجمالي وآلياته؛ للتعبير عن تجاربه الشعورية من: لغة معبرة، وتصوير فني مبدع، وحوار وسرد ووصف، ولجوء إلى التقنيات الحديثة مثل توظيف الأحلام والغرائبية، والأسطورة، والحكايا الشعبية المستمدة من الموروث، حققت وظيفتها التعبيرية والجمالية، ونجحت في التأثير في الذات المتلقية، وإحداث المشاركة الوجدانية، ومن الأمثلة التي تشي بالتعبير عن الهم الوطني العام ما عبر عنه الكتاب من تصوير مأساة أبناء الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال الصهيوني من معاناة وتمزيق للمشاعر الإنسانية.

إن هذه النصوص المشتركة التي احتواها كتاب "حبل القوس ونبض الوتر"، تجمع بين أسلوبين أدبيين مختلفين أسلوب الشعر الحر، فضلاً عن قصيدة النثر كما تبدت في إبداعات الشاعرة هناء القاضي، وبين أسلوب الفن القصصي والسرد الحر والسرد الشعري كما تجلى في كتابات الأديب غريب، ولا شك في أنَّ هناك تشابهاً وتماثلاً والتقاءً وتوازياً واندغاماً بين هذين الأسلوبين، وأنهما يلتقيان في صدق التجربة وحرارتها، وعفوية التعبير ورهافته، وفي استخدام عناصر الفن الأدبي ومكوناته من لغة أدبية موحية مشرقة، ومفردات منتقاة مختارة بدقة ومهارة، وتراكيب وجمل لغوية متنوعة، وصور شعرية تضم انزياحات أسلوبية، ومجازات واستعارات وتشبيهات ذات أشكال متعددة، والتشكيل التصوري، والحوار والسرد، والتداعي الحر، والبوح الروحي الشفيف، والصدق الواقعي والفني في آن واحد.

إن التداخل في نصوص كتاب "حبل القوس ونبض الوتر" يجسد جمالية الاتساق والانسجام في نصوصه المشتركة شعراً وسرداً، ثمة توافق في الرؤى، وهذه خاصية جمالية يندر حضورها في بعض النصوص الأدبية المشتركة مثلما نراها تحضر في هذا النتاج الأدبي المشترك، وهي كذلك جمالية تمتد على مساحات نصوص الكتاب المترابطة فيما بينها عضوياً ودلالياً، فهي تتسم بالتنوع اللغوي والتعدد الصوري.

والحقيقة أن الأديبين: الشاعرة هناء القاضي، والروائي غريب عسقلاني في النص المشترك قد تمكنا من أن يوحدا الرؤية والأسلوب، وأن يدمجا أسلوبين وفكرين في نصٍ سيصبح واحداً بعد الانتهاء من الكتاب المشترك.

وعلى الرغم من إحساس المتلقي بالفارق والاختلاف بين أسلوب الأديبين، فإنه - أحياناً - يدرك أن هناك تمازجاً وتوحداً وائتلافاً بينهما، وقد تبدى ذلك جلياً في النص المشترك الآتي:

لا بأس يا صاحبي، فلنمارس البوح تحت مطرقة السؤال.. والسؤال ما زال فينا منذ وجدنا مرسومين على بتلات أزهار الربيع, منذ تعرفنا على طعم قبلات النرجس على ثغر الرضيع.. فانظر إلى أفقي وامتطِ موجي.. ترني..

ألوحُ لك مرسى للسفن..
وأكون لك الشراع..
على أرصفة الموانئ نرسم لقاء..
بلا وداع..

التحفُ دفئك، وأذوبُ في ضلعكَ، هل أتتكَ الريح يا ظلي حاملة هياجي، أم تراهم هدُّوا فيك معاقلي وحصوني.. فإذا أرهقكَ العناء وزحفتِ الروح إلى انطفاء..

أغمضْ عينيك بسلام..
سأفتحُ شباكاً في الليل..
وأوشوشُ الريح..
من هنا سيمرُّ بدر..
يتكئ على شرفة القلب..
هل انتظر..
لننتصر..(الكتاب ص ١٥٥ ، ١٥٦)

إن النظرة المتمعنة إلى النص السابق تهدي إلى أن هناك امتزاجاً وتماهياً وتوحداً بين أسلوب الأديبين إلى الدرجة التي لا يستطيع المتلقي التمييز بينهما، فالشاعرة استعارت من السرد آلياته، وعناصره، فاقتربت في أسلوبها من أسلوب السرد الروائي الحكي.

في حين أن الروائي في هذا الجزء من النص المشترك أخذ يجاري بلغته الشعرية الموحية شاعرية "الشاعرة"، بانزياحاتها ومجازاتها ومشهديتها البصرية؛ لإحداث هذا التمازج والتماهي، فاللغة الشعرية السردية تعبر عن تناغم ينقل الوجدان المشترك في محاكاة الغياب، وبذلك يتمكن الروائي من الخروج عن النمط التقليدي في الكتابة السردية إلى نمط حداثي متنوع؛ لجذب المتلقي إلى منجزه الأدبي.

وعلى الرغم من نقاط الالتقاء والتشابه بين هذه النصوص، فإن المتلقي الذي يمتلك حساً نقدياً مرهفاً، يدرك أن هناك اختلافاً بين أسلوب الأديبين، فأسلوب الأديب "غريب عسقلاني" القصصي يظل أكثر إشراقا وعمقاً وتماسكاً؛ نظراً لخبرته الطويلة، وتراثه الأدبي الغزير في كتابة الفن القصصي، وتجربته الشعورية الصادقة، وتجاربه الحياتية المريرة من: معاناة قاسية وغربة، ومنفى، وتشريد، ولجوء قسري إلى أحد مخيمات اللاجئين في غزة؛ وحنينٍ دافق، وشوق عارم إلى مسقط رأسه مدينة "عسقلان" التي سقطت في أيدي المحتلين الصهاينة؛ الأمر الذي انعكس بعمق في تجربته النفسية انعكاساً أميناً وصادقاً، فضلاً عن أن الشعر الحر، والشعر المنثور بعامة يفتقر إلى عنصر أساسي من عناصر الشعر الأصيلة، وهو الإيقاع النغمي المتولد من نغمات الوزن والقافية التي تضفي على النصوص جمالاً وروعة وحيوية، والتي لم تقدر العناصر الأخرى من ألفاظٍ تصويرية، ولوحات فنية، وأنغام داخلية أن تعوض فقدان ذلك النغم الموسيقي الذي يشكل العمود الفقري للمعمار الفني للشعر، وقد أدرك أحد النقاد هذا البون الشاسع والهوة الكبيرة ما بين الأسلوبين في مداميك البناء، واللغة، وهيئة البث النصي على الرغم من أساليب التزيين والتلوين اللغوي، فغريب غير هناء، فالرجل معروف، وله خبرة كتابية بائنة وراسخة.

صورة المحبوب عند الأديبين:

دأب الأدباء على رسم صورة المحبوب في نصوصهم سواء أكانت صوراً حقيقية واقعية أم صوراً خيالية منحوتة من الوهم؛ لتظل عالقة في أذهانهم راسخة في قلوبهم، يستعيدونها وقت الفراق، آخذين بوصفه وتمثله، وقد عمدوا إلى تجسيد هذه المشاعر والعواطف نصوصًا أدبيّة كان لها تأثيرها القوي في المتلقين، وأحدثت المشاركة الوجدانية معهم.

أ - صورة المحبوب عند الشاعرة هناء القاضي:

أخذت الشاعرة هناء القاضي تحت ضربات الزمن الغادر بعيدًا عن ملاعب صباها الأولى، ومرابع شبابها، التي ألقت بها في ديار المنفى والشتات، وجعلتها تعيش صقيع الغربة، ومحنة النفي، والوهم الحزين، والشوق والعذاب، وذهول الفقد والحرمان، وتهاجس نوّارة قلبها الذكريات والأحلام- أخذت تنحت من خيالها حبيباً وهميا يعيداً تناجيه، وتواصل البوح الرقيق الشفيف معه، وتفتش عن خباياها، فيطل عليها وجه الحبيب البعيد الذي يعد رمزاً من رموز الوطن، أو هو الوطن كله، بكل مفرداته ومعانيه؛ وللأرض، للأهل: للأم، للأب، للأخ، وللتاريخ، وللذكريات، وللمثل الإنسانية العليا التي تؤمن بها، وقد غدا هذا الحبيب البعيد الذي نحتت صورته من مادة الحلم فصلاً من فصول الذاكرة، تتخيل وكأنها تخاطب حبيباً أسطورياً يأبى أن يرجع... وهي من الشعراء الذين يجمعون بين الهم الوطني والهم الوجداني بأسلوبٍ سلسٍ وجميل:

أراكَ.. يا أنت والحزنُ
على محياكَ... ارتسم!
ألقي بأثقال العمر.. عندكَ
وأنتَ يا أنتَ.. مسكونُ بالشجن..
والندم..
صامتٌ تباغتني في شباك الحلم
قابضٌ على جرحك..
تنزفُ..
لا تفتح جرار العمر(الكتاب ص60) .

تبين من القراءة الأولية للنص السابق أن الحبيب البعيد هو المركز الذي يدور في فلكه معظم هذا الشعر، لقد اتسم أسلوبها بالرقة والرهافة، وأنه يحمل "مع القيمة الجمالية قيماً إنسانية، فإبداعها يمتزج بروحها الإنسانية الدافئة، وأننا نستشف في نصوصها نزعتها الإنسانية التي تلون قصيدتها، وتظهر كل الوضوح فيها".

وتظل الشاعرة الأميرة تبحث عن محبوبها الكنعاني في كل الأمكنة، لأنها ترى في لقائه والبوح له سر خلاصها من مأساتها: يقول الكاتب:

"ما زالت الريح تحمل أخبار أميرة, تحمل في صدرها وجه فتى سار يوماً خلف المسيح.. سكن القدس بعض وقت, قبل أن يستريح عند عتبة عسقلان..

توشوشُ الريح براعمَ الورد بأخبار الأميرة, التي ما زالت تخب في الطرقات تطبع على الرمل خارطة بلاد الرافدين.."( الكتاب ص 136 ، 137 ).

وغالباً ما تلجأ الشاعرة إلى استخدام ضمير المخاطب، تناجي الحبيب البعيد؛ لتعبر عن مكنوناتها النفسية، وتبوح له بمشاعرها الداخلية، تقول الشاعرة:

أتمعّنُ الثلج المتكدس في رضابك
إيماءات أصابعكَ..
عينيكَ..
الخريف لم يقتل بهاءكَ
ها هو الموسم الخامس
وأنا غارقة فيكَ..
لا أقوى على الخروج منكَ
لكنك غادرت.. رحلت

يا ليتك يوم الرحيل أغلقت في وجهي أبوابك.. "(الكتاب ص 110 ).

المتأمل في المقطع السابق يتبين له بوضوح أن الشاعرة ألغت ذاتها، وتماهت في ضمير المخاطب الحبيب الذي لا ترى وجوداً من دونه، مثل: "رضابك، أصابعكَ، عينيكَ، بهاءكَ، فيكَ، منكَ، لكنك، يا ليتك، أبوابك"، هذا الضمير يعبر عن تعلق بهذا الحبيب البعيد الذي لا يتحقق وجوده إلا في الحلم، فالحب والصداقة تحتاج تنازلاً بعض الشيء عن الذات من أجل الحبيب.

وفي غير موضع تعبر الشاعرة عن مشاعرها وأحاسيسها المتوقدة إلى الحبيب البعيد، وتبحث عن ذكرياتها معه، وتشعر بهموم حياته، تمسح عن عينيه الأحزان والهموم، وتكون له أملاً ونوراً ، تقول الشاعرة:

في مخدع الليل الذي أعرفه
سألوح لكَ في ضوء الشموع
وأمسحُ من عينيك الدموع
أهطل عليك نورا
وأملأ الدرب بريقا) الكتاب ص ١٤٢).

رسمت الشاعرة في المجتزأ السابق صورة للحبيب البعيد، وهو يعاني ألم الغربة والقلق والألم، وقد انعكست هذه الحالة في نفسية المحبوبة، فغدت تشاركه أحزانه وآلامه، فراحت تحاول جاهدة أن تخفف عنه تلك الأحزان والهموم، فهي البلسم الشافي والدواء الناجع لجراحه.

وقد توسلت الشاعرة بالخيال والحلم للوصول إلى تحقيق ما لم تستطع الوصول إليه في الواقع، ذلك أن المتلقي يدرك أن ما كان يحدث من لقاءات بين المحبين: الشاعرة والروائي، والتي يصعب أن تتحقق في عالم الواقع، بسبب ما يمران به من ظروف اجتماعية وسياسية وغيرها؛ إنما كانت تتحقق عبر ظلال الأحلام في عالم من الخيال والوهم.

إن المتتبع لقصائد لنصوص الشاعرة لا بد أن يلحظ أن ثمة مسحة من الحزن تطغى على تلك النصوص، تتمثل في العاطفة الملتاعة الصادقة، والمفردات اللغوية التي انتقتها؛ لتحمل دلالات الحزن والألم التي تشيع في أوصال النص، وما هذا التعبير سوى تنفيس عن مشاعرها الصادقة التي تموج بداخلها، وإحساسها بحالة من الغربة والبعد عن الوطن والأهل الذي كان لها أثر كبير في هذا الحزن. ويكشف النص -أيضا - عن العلاقة الحميمة التي تربط المحبوبة بحبيبها البعيد، وهي علاقة حب وشوق وحنين، علاقة فيها اتحاد وتماهٍ في المشاعر والأحاسيس.

وفي لوحة أخرى تستدعي الشاعرة شخصية السندباد الذي يرمز للقلق والارتحال والمغامرة وعدم الاستقرار، وترى في محبوبها البعيد صورة ذلك السندباد أو تستحضر صورة المطارد والمحاصر والذي يعاني الهموم الذاتية ممزوجة بهموم شعبه ووطنه المحتل، يقول النص المشترك:

"أنامُ على وجعي معلقة في خاصرتك منذ ألف عام أو يزيد، هل أنتَ السندباد يا صاحبي؟ أم أنتَ المطارد من قراصنة الزمان؟!!"(الكتاب ص 114).

وظفت الشاعرة شخصية السندباد في بنائها الشعري، وهو رمز تراثي لحالة اغتراب الذات والمعاناة والمكابدة والشجن والترحال والغربة، ورفض الاستسلام، واستدعت - أيضاً - شخصية الإنسان المطارد المعذب والمحاصر، وربما رمت بهذا الاستدعاء للشخصيات إلى إغواء القارئ ليبحث عن دلالات جديدة في ملامح هذه الشخصيات التراثية ومعالمها.

يتلمس المتلقي في شعرها خصوصية صورة الرجل، بتجلياتها المتعددة، فهي تغدق على حبيبها البعيد كثيرا من الشعرية والألفة، ويبدو أن ظل حبيبها البعيد لم يكد يفارقها في حلمها الطويل، وأن لمسة من توهج الفن كانت تكمن دائماً خلف ظله، وإن كانت تقع على بعض السمات التي تبرز حسها الأنثوي، وتطلعها إلى الانعتاق والحرية في تصور الحبيب مخلصاً وفادياً.

ونظرة متمعنه في تجربة الشاعرة إلى نصوصها الشعرية، تكشف أن أشعارها منسوجة على نمط شعر التفعيلة، وقصيدة النثر، والكتابات النثرية، تقول في مقطوعة شعرية لها بعنوان" المُغني":

حين غنّى المغني...
تذكرتُ أنّا كنا نجمتين
تذكرتُ أنّا كنا سروتين
نهدي الهوى من الورد ..تيجانا
فكيف استحلنا سرابا
وكيف أمسى ذاك الوجد دخانا؟
وكيف دار بنا الزمان
وكلٌ صار في مكان؟ "(الكتاب ص 12).

جاء تعبير الشاعرة الفني مصبوب في قالب شعري ممزوج بلغة شفيفة مترعة بالإيحاء والبوح، تبدت في ألفاظ موحية منتقاة ببراعة وإتقان وتراكيب سهلة متدفقة منسابة انسياب الماء الزلال، فيها الرقة والرهافة، لغة بسيطة سهلة ليس فيها التواء ولا غموض ولا التباس، لا تراوغ على مشاعرها، وجاءت كلماتها مشحونة بذكرياتها والدموع ممزوجة بآهات معتقة تخرج شظايا تمزق قلوب البعيدين.

أما صورها الفنية، فهي صور شعرية معبرة، فيها انزياحات أسلوبية وتشبيهات مجازية رائعة، تتمثل في قولها:"كنا نجمتين" تشبيه يوحي بالعلو والضياء والرفعة والسمو، وقولها: "كنا سروتين" تشبيه بليغ محمل بطاقات إيحائية تشي بدلالات وتأويلات مفتوحة على الشموخ والعزة والكبرياء والسمو، وفرحة اللقاء والضياع، والانكسار، وهي صور شعرية مترعة بالحنين من شاعرة قاست الغربة ولوعتها، فضلاً عن الجمل الإنشائية المتكونة من الاستفهامات التي تحرك الوجدانات، وتثير المشاعر، وتبحث عن إجابات لدى المتلقي، وفيها إلى جانب ذلك الإيقاع النغمي الجميل، والموسيقى الخفية المتولدة من هيمنة صوت النون، وهو صوت يحمل في حناياه رنة حزن وصدى نغم ملتاع، وتحتوي المقطعة على توازن منشود في القوافي والبناء الشعري القائم على ترديد الجمل، "تذكرتُ أنّا كنا نجمتين، تذكرتُ أنّا كنا سروتين."

وتجلت في هذه المقطوعة –أيضاً- قدرتها وموهبتها الشعرية وصياغة تجربتها في ثوب قصصي فيه نزعة سردية قصصية.

وفي مقطع شعري آخر تقول الشاعرة في عفوية ورهافة تعبير، وصدق مشاعر وأحاسيس، مستثمرة في ذلك الأسلوب السردي، جاء في مقطعة لها بعنوان: شرفة في الريح، تصور لحظة لقاء مفرح:

نمر بالحقول حيث تموج السنابل
يصاحبنا همس العنادل
ويدندن سعف النجيل بانتشاء
وتنقر الريح الطبل
ويصدح الناي بالغناء (ص الكتاب143) .

استعارت الشاعرة في المجتزأ السابق من السرد آلياته مع نزوع درامي، يعتمد في بنيته على مشهدية بصرية، كما أنها لم تتقيد بالتشكيل البصري المتوقع لقصيدة النثر التي تستخدم السطور الشعرية الطويلة المتوالية، فقد مزجت بين السطور الطويلة والمقاطع الصغيرة.

أما اللغة في الكتاب، فقد مزجت ما بين اللغة المحملة بطاقات شعرية، واللغة البسيطة السهلة التي هي لغة السهل الممتنع بعيداً عن التبسيط والنثرية، مع الحرص على الصور الجمالية التي تناسب المشهدية البصرية التي ميزت منجزها الشعري.

إن نظرة فاحصة لبعض نصوص الشاعرة تجعل المتلقي يكتشف أن مستوى التوظيف الفني لمقومات الشعري وعناصره في كتاباتها جاء بدرجات متفاوتة.

فإذا كانت الشاعرة قد حالفها التوفيق في التعبير عن تجربتها الشعورية تعبيراً موحياً من خلال استخدام الصور الشعرية، واللغة المكتنزة بطاقات دلالية غنية، والإيقاع النغمي المنساب، فإن تعبيرها في مواطن أخرى من الكتاب قد جنح للتقريرية التعبيرية والخطابية المباشرة، وكأن لغتها تنتمي الى لغة الصحافة أو السرد القصصي، ومثال ذلك قول الشاعرة في مقطع لها من نص مقهى الذاكرة:

ما الذي... أخرّكْ؟
ألم يخبروكَ أني انتظرتك طويلا!!
بحثتُ عنكَ في كل مكان (الكتاب ص 21).

يبدو من النص السابق أن المعنى يتسم المعنى بالوضوح الجلي، وأنه يخلو من التعبير غير المباشر، ويبعُد عن البناء الفني القائم على توظيف الصور والمفردات الموحية والألفاظ الموحية التي تحمل طاقات دلالية، واتصفت بالنثرية والتقريرية؛ الأمر الذي أفضى إلى الحد من تنامي المنجز الشعري، وتصاعده في بنية فنية محكمة.

ب - صورة المحبوبة عند الروائي غريب عسقلاني:

ينحت الكاتب الروائي غريب عسقلاني - أيضا- من خياله محبوبة من وهمٍ، يراها في الأحلام كأنها حقيقة يناجيها، يبثها حبه وحنينه وشوقه، ويبوح لها بما يعتمل في صدره من حب كبير، وحزن معتق، ومشاعر إنسانية نبيلة، إنها ترمز للوطن المسلوب، والأرض السبية، والأهل، وللقيم الإنسانية النبيلة، يقول الروائي في قطعة نثرية بعنوان: مقهى الذاكرة:

"دعوني أعبرْ.. إني على ميعاد معه عند أعتاب المنارة في عسقلان.

زرعوا الموت في صدري.. صرخوا:

 أين البطاقة أيها البدوي الغيب؟

- أي بطاقة؟! فأنا السومري الذي يدل رسمي على (اسمي).. إن نسيتم!! فأنا

 اغرب خلف الشمس، لا تدنس أرض الرب "ايرتس" اليهود.

بقروني في الخاصرة، شهق اليسوع فيَّ، وعمدني الرسول ابن عبد الله، طالهم الغبش فلم يروا النورس يأخذ روحي يثبتها راية على رأس المنارة، لم يروني كيف عبرت المسافات كيف مشيت درب آلام المسح.. وكيف أويت في قصر ابن هشام أتزود بعض راحة للوصول إليكِ.. آه يا لهفي عليك!!" (الكتاب ص ٢٦ ، ٢٧).

يعبر الروائي في هذه القطعة النثرية عن أحزانه ومعاناته في ظل الاحتلال الصهيوني الذي يقضي على كل حب وشوق وحنين للمحب، ويحرم المحبين من التواصل ويمنعهم من فرحة اللقاء، يقول الكاتب في حوار تناوبي درامي بين الكنعاني، والجنود الصهاينة على المعابر، ويصور معاناته في ظل الواقع المؤلم في غزة المحاصرة ويؤكد أن الأعداء يقفون بالمرصاد لقتل الحياة، وقتل الحب في قلوب المحبين، بيد أنه لا يكترث، يقول من نص "قتلوا الدراق على شفتيكِ":

فجأة جئتِ أنتِ, والوقت ليل..
لا نجوم.. لا قمر.. لا غيمة ماء!!

تسألين:

- لِمَ غبتَ.. خفت عليك من الموت!!
 لا عليكِ.. كل ما في الأمر أنهم في غزة سحبوا الزيت من روح الفتيل
–متى؟!
 عندما قتلوني.. وقتلوا العناب والدراق على شفتيكِ ( الكتاب ص120 ).

ولا يملك الكاتب غير مساحة الحلم لمناجاة المحبوبة البعيدة غير المتاحة، فيرسم صورة لتلك المجدلية الحبيبة في أسلوب سردي مشرق، إذ يقوم الروائي بتقديم سرديات متوالية عن الحبيبة المتخيلة وعلاقة الذات الروائية بها، يقول:

"تتلفعُ بشال من قرنفل.. خصرها مشدودٌ بزنار من نوار اللوز والدراق والمشمش.. يسكنُ وجنتيها قمران من كرز نضج على هجير حزين.. تخبئ بين نهديها فوق سرة القلب ذاك الفتى في مرجل عطر الياسمين.. تشهق الوقت منذ غادرتْ مسقط رأسها في التباس الزلزلة....( الكتاب ص 60).

ولا يفتأ الكاتب عن الحديث عن تلك الحبيبة التي يبحث عنها في أحلامه وذكرياته، ويأخذ في رسم صورتها في مخيلته في الحلم والواقع، إنها السومرية التي تحمل معالم وطنها العراق وملامحه. والحبيب البعيد الذي تبحث عنه هذه السومرية هو الكنعاني الذي يحمل -أيضاً- ملامح وطنه فلسطين ومعالمها، يقول الكاتب:

"... وجاء في سفر الرؤيا، أنّ امرأة خرجتْ من خميلة الهوى بين الدجلتين تاهتْ بين المدى والمدى.. ركبت الريح.. عبرت الصحارى حافية، زادُها رجفة قلب، وبضع أرغفة نضجتْ في تنور الألق, وقيل أنها ركبت الأشواقَ إلى البتراء في رأس جرش.. وقيل أنها شوهدتْ في الفيحاء دمشق, وغفتْ على هامة قاسيون.. فرأتْ فيما يرى النائمُ فتىً كنعانياً ورث عن المسيح قبل القتل أو الصلب سعفة من إكليل الشوك.. وأنها عندما حاذته حدّقَ فيها, فتسمرتْ وارتجفتْ.. فصرخ على وجع

 أنتِ هي!

 أنا السومرية يا فتى، فهل أنت هو؟

 أنت مجدلية، فأنا لي في كل ميعاد سومرية مجدلية()( الكتاب ص 59).

تجلت قدرة الكاتب الفنية في المجتزأ النصي السابق في استثمار تقنية الوصف في رسم لوحة فنية بارعة، جسد فيها ملامح محبوبته السومرية في منظر فني رسم خطوطها بلغة موحية تصويرية تلامس شواطئ الشعر في عاطفة شفافة وصادقة، مستغلاً إمكانات الحوار الخارجي الدرامي في الكشف عن معالم شخصية المجدلية والاستفهامات المتوالية؛ ليتمكن من البوح بمشاعره الداخلية.

وفي المقطع السابق نص صريح في الدعوة إلى العروبة، (سومرية / مجدلية)، إذ لن يكون هناك نص فاعل ومحرض أكثر من هذا المشهد.

وظف الكاتب اللغة الشعرية التي تجلت في السرد الروائي والصور الفنية المبنية على المجاز والاستعارات والكنايات والرمز، والصور ذات الدلالات الحسية من حركية وسمعية وشمية وبصرية، وقد برز ذلك من خلال الجمل والتراكيب.

وغالباً ما تختلط صورة المرأة البعيدة عند الروائي بالطبيعة، حتى يكاد الأمر يلتبس على المتلقي، فلا يعرف أيهما المقصود، يقول في قطعة أدبية بعنوان: الكنعاني.. والأميرة السومرية:

"من يصدق أني رأيتكِ امرأةً بطعم القرنفل.. كيف يصبح لحضورك مذاقُ القرنفل.. كيف يرقصُ صوتك أمامي مثل نرجسة بيضاء.. ؟

وهل للصوت لونٌ وللحضور مذاق..؟

وهل ما أرى وجه امرأة انطبع على وجه نجمة فأضاء صحراءَ قلبي..؟

هل هي أنت الغزالة التي تتقافز في فيافي الذاكرة أم أنتِ امرأة الحلم تحضرين عند حضور الروح.."( الكتاب ص 68 ).

يصور الأديب محبوبته البعيدة في صور منتزعة من الطبيعة من خلال الأسطرة في أدبه، بأن يقدم لها صورة كما يحبها هو أو كما يحلم بها، إذ تحولت المحبوبة في معظم الأحيان إلى حلم من خلال الأسطرة التي تعكس محاولة الروائي رسم تصور معين لمحبوبة مفتقدة في الواقع، متحققة في الحلم، لذلك تظهر هذه المحبوبة الأسطورية في صورة قرنفلة أو نرجسة أو نجمة أو غزالة، وهي الوحيدة القادرة على أن تعيد الحياة إلى قلب الحبيب، وأن تعيد إلى حياته السكون والحرية والاطمئنان.

استثمر الكاتب ما في اللغة من طاقات موحية، فرسم صوراً فنية مفردة مبنية على وسيلة التراسل بين الحواس، التي يُقصد بها تركيب حاستين على الأقل من الحواس الخمس، وهو صورة من صور المجاز وهو التشبيه، إذ شبَّه المحبوبة بالقرنفلة التي لها لون ورائحة، ثم جعل لها مذاقاً، أي هناك تراس بين حاستي اللون وحاسة الذوق، والنرجسة لها لون أبيض، فجعل لها صوتاً، ومن الصور التشبيهية صورة المحبوبة التي تشبه النجمة في الضياء والعلو والسمو، والغزالة في الرشاقة والخفة.

إن مثل هذه الصور الفنية تخلق صوراً بديعة ونادرة وغنية بالغموض والتأويل في العمل الروائي، وهي صور مترابطة متماسكة متفاعلة في لوحة فنية متكاملة.

وإذا كان الروائي قد وقف عند الوصف الخارجي لمحبوبته لا يتعداه، فإنه كان يتغيا الكشف عن الأوصاف المعنوية التي تستحق من المتلقي بعض عناء في التأمل، أو التوغل في خفايا النفس البشرية، وكنه حقائقها.

وهذه الصور المستوحاة من الطبيعة وجمالها، توحي بما يختلج في نفس الأديب من حسٍ مرهف ومتقد وعاطفة مشبوبة نحو كل ما هو جميل. فالأديب عندما يفتنه جمال المرأة المعنوي، يفيض وجدانه، وتتأجج مشاعره، فلا يدري مبعث هذا السحر، أهو من الصورة نفسها أم من الإطار الذي يحتويها، ويبرز معالمها ومحاسنها.

استغل الروائي إمكانات أسلوب الاستفهام المكثف والمتمثل في تكرار الأسئلة المتتالية بحرف الاستفهام (هل) في السرد الروائي؛ ليعكس حالته النفسية خلال السرد، ويُصوِّر دوامة من الأفكار والتساؤلات التي تتصارع داخل الأحداث، وهي عنده لا تحتاج إلى إجابة؛ إنما تكون لوظيفة إيصال فكرة مخفية للمخاطب.

ويواصل الروائي وصف حالة الحيرة والذهول التي يمر بها، ويناجي محبوبته البعيدة، إذ يقول:

"واصل الفرخ الطيران.. وتركني مع حيرتي. لا عسقلان متاحة للبحر ولا بغداد جالسة على ضفتي النهر، وأنا هنا يقذفني العيدُ إلى حجرة عارية من الدفء باع فيها التاريخُ إرثه" (الكتاب ص112).

يستمر الروائي في العزف على وتر الحيرة والغربة والذهول، مشيراً إلى العمق الوجداني للعلاقة بين العراق وفلسطين، فمأساة الشعبين واحدة نتج عنها نتائج متشابهة من حيث القتل والتدمير وفقدان البوصلة، وتراكم العتمة نحو المستقبل، مما يجعل البديل التوافق الروحي بين (هو) و(هي)، وهذه العلاقة الأزلية تحتلُ مكانةً في النفس، وتتخفى خلف علاقة عاطفية في ظاهرها تراجيدية في واقعها السياسي()، يقول الروائي:

"لا بأس يا امرأة ما زالت تعبق ببهاء السومريات، تجيء في الرؤيا كنعانية تحمل عذابات المجدلية"( الكتاب ص 43).

ربط الراوي في النص السابق ربطاً قوياً بين العراق وأهله ممثلاً في الحضارة السومرية، وبين فلسطين وأهلها ممثلة في الكنانية والمجدلية؛ الأمر الذي قوى العلاقة ومتنها بين الشاعرة والروائي.

وفي موضع آخر يرسم لمحبوبته صورة تحمل أبعاداً أسطورية، يقول الكاتب واصفاً ملامح شخصية محبوبته السومرية وأبعادها، يقول الروائي:

"حملتني الموسيقى إلى ما بعد الغمام، طفلةٌ ضفائرُها الشمس، كفاها مصبوغتان بحنَّاء الهيام، عصفورةٌ حملني خيط ضوء إلى هناك.. إلى صفصافةٍ تنام في باحة داري، كم خبأتني في عبها.. كم صامت على أسراري.. هللتِ الصفصافة.. رقصتْ.. أخذتني إلى حِضنها.. حدَّقت في حناء كفيَّ.. سألتْ:

أين هو؟

أخبرني أنه سيسبقني إلى هنا!! (ص ٨٧).

امتلك الروائي مقومات النص القصصي من وصف وسرد وحوار ولغة شعرية موحية، وأصبح له تجربته المتميزة والمتفردة المعززة بالمنجز الإبداعي، فغدت صورة المحبوبة السومرية كأنها صورة حورية من حواري الأساطير أو إلهة من آلهة اليونان، استعان الكاتب في رسم ملامحها وأبعادها بإمكانات الألوان، ورسم والخطوط والظلال، واضعاً إياها في إطار الموسيقى ونغماتها، فهي تتمثل في صورة طفلة وعصفورة، وصفصافة، وجميع دلالات هذه الصور وعناصرها تشي بالحيوية والطهارة والبراءة والحياة.

وفي موضع آخر يرسم ملامح رائعة لصورة السومرية فيض السومرية، يقول الكاتب:
" وتتناقل الكنعانياتُ في بلاد ابن مريم أخبار سومرية تجلسُ عند شرفة الليل تراقبُ القمر, ربما ترى وجه الذي سرقته الأيامُ منها مرسوما على وجه القمر.. وتطلق مع الريح زغاليل الشوق أسئلة في فضاء الليل ..يصبحُ الليلُ مخملا من سحر.. وتحمل الريحُ صوتا يسكنها شجنٌ" ( ص ٦٠ - ٦١ ).

يتبن للمتلقي من خلال القطعة النثرية السابقة أن النص المشترك بوح شعري مؤثر يستعين الروائي بالأسطورة والرمز لتقديم رؤيته.

وفي موضع آخر يصف الكاتب محبوبته بأوصاف خيالية:

" امرأة تقف عند حواف قرص الشمس، مع بواكير صبح نديِّ منذ بكارة الزمن الأول.. طفلة بضفائرها الذهبية، وشبراتها الملونة، وعينيها الضاحكتين، تجدل من ضفيرة الشمس جديلة، ولا تحترق! كل ما يصدر عنها وجيب كغكغة أطفال عصافير خارجة للتو من نبع البراءة..".

رسم الروائي لوحة فنية مشهدية لصورة المحبوبة امتاح مادتها الأصلية من عناصر الطبيعة: الشمس، الصبح، والشبرة الملونة، الطفلة، العصافير، فقد ترددت في هذه الصورة الدوال والتراكيب المستوحاة من الواقع والخيال معاً، فقد عمد إلى انتقاء الألفاظ ذات الطاقات الإيحائية، فالشمس ترمز للضياء والإشراق، والنور، والصفاء، ودفء المشاعر والأحاسيس، والطفولة، وما تحمله من طاقات دلالية: كالبراءة، والطهارة. وفي اللوحة دلالات الألوان الذهبية" ضفائرها الذهبية"، شبرتها الملونة، والصوت مثل:" وجيب كغكغة أطفال عصافير"، والأفعال التي تدل على الحركة الحيوية نحو: تجدل، تحترق، تكغكغ.

ويكتشف المتلقي في هذا الجزء من النص أن اللغة الشعرية تتجلى بصورة واضحة، بحيث يجاري الكاتب شاعرية الشاعرة، ذلك أن اللغة الشعرية تعبر عن تناغم وجداني، وتشي بأن أسلوب الروائي غريب عسقلاني بعامة يتسم باستخدام اللغة الشعرية وجمالياتها، ويدرك المتلقي أن الكاتب قد تمكن من توظيف مفرداته وتراكيبه اللغوية توظيفاً فنياً رائعاً؛ لنقل تجربته الإنسانية، وأفكاره ومشاعره إلى المتلقي من خلال لغة تقطر عذوبةً، وتفيض رقةً وجمالاً.

تظل علاقة الود والصداقة والمحبة بين الشخصيتين الرئيستين في النص المشترك علاقة وثيقة ومتبادلة، فلا تزال الأميرة السومرية تستذكر الحبيب البعيد العسقلاني المكبل بالجراح، وترى فيه الفارس والفادي والمخلص من حالة الانتظار، ويرى العسقلاني فيها ملاذاً ومنزلَ راحة، ويندبان حظهما في زمن عربي كسيح، تتحول فيه الهزائم إلى انتصارات، ويكون الفقراء والبسطاء هم الضحية، بيد أن الأمر يجيء على غير ذلك، فيركبان صهوة الريح؛ ليعيدا تنظيم الحياة من جديد انطلاقاً من رؤية جديدة، يقول الكتاب:

"وبقيت وحدي أنعي قلبي المدمى بحراب ذوي القربى.. ذبحوني في غزة، فسبقني دمي الى ماء النهر هناك.. وبقيت أراقب النهر والمدى من حولي سكون.. فجأة جاءت غيمة ترجل منها أعرابي يسحب ناقة عفيَّة على سنامها هودج عروس.. حدَّق الأعرابي في وجهي.. هتف:

 أنتَ هو.. أنتً الفتى..؟!

رقص الهودج. . ضحكت الناقة.. حلب ضرعها وسقاني حتى ثملت برائحتكِ.. هلَّل البدوي فرحاً:

 هل شبعتَ, وأنت الصائمُُ منذ خذلتكَ القبائلُ مثلما خذلتها فلاذتٌ بالجبل..

 مَنْ أنتَ أيها البدوي؟!

 أنا حارسُ الحلم في زمن الجنون.

 ما دليلك على أني هو؟

 مرسوم بين عينيك طيفُ أميرةٍ تحمل بين عينيها وجهَ نورس عسقلان.." ( الكتاب ص ١٤٥).

يخاطب الروائي المرأة بأجمل ما في الروح وأنبله من صدق وعمق الإحساس بمفاتن الروح، ويصورها بأنها ينبوع الحب الصافي في حياته، بل هي الفن رقة وعذوبة معنى ومغنى، وهكذا يبقى الفن هو ذلك الجدول الصافي الذي يتدفق من ينابيع الإحساس والوجدان.

وصفوة القول، فقد تبين مما سبق، وبعد قراءة نقدية جادة، وتحليل للنصوص المشتركة في كتاب "حبل القوس نبض الوتر" والكشف عن مكامن الجمال فيها بكل تجلياتها البلاغية والفنية، وصورها الفنية الموفقة؛ أن النص المشترك ظاهرة أدبية يحمل في طياته لوناً من ألوان التجديد والحداثة، وهو نص تجريبي، وتوليفة جديدة، تسمح للمبدع ألا يكرر نفسه فيما يبدع من نتاج أدبي.

يبدو ان الأديبين قد وفقا في مزج نصوصها الشعرية والنثرية وصهرهما في نسيج واحد، وكانا أشبه بالنحلة التي لا تكف عن امتصاص رحيق الأنواع الأدبية، ومن ثم إعادة إنتاجها من جديد، بحيث ينصهر الشعر مع السرد والحوار مع تصوير المشهد، كل ذلك في تناغم جميل من النصوص الشعرية والنثرية، والذي أثمر تجربة نوعية فريدة، تسحر ذهن القارئ بتفردها الأسلوبي والبنائي، إلى جانب طرحها لقضايا فكرية، إنها قضية النص المشترك ترتبط بالإبداع النصي في انفتاحه على الفنون الأخرى، وكل هذا يتوقف على براعة المبدع ذاته ومقدرته، وما يتغيا طرحه في إبداعه الفني عبر النص المشترك.

إن النصوص الأدبية المشتركة تمثل صورة فريدة لتداخل الأجناس الأدبية من شعر حر وشعر منثور، وقطع نثرية سردية في لوحات أدبية مسبوكة سبكاً فنياً رائعاً في وحدة عضوية متلاحمة ومتماسكة.

وبمعنى آخر: أن النص لا يتقيد ولا يعترف بنوع أدبي معين، وأن الأدبين وفقا - أيضاً- في دمج ما هو سردي بما هو شعري، وفي توظيف التقنيات الفنية الواسعة والمتاحة كافة، وإخراجها بطريقة فنية محكمة، بحيث يترك النص المشترك أصداءه في المتلقين، ويجعلهم يتفاعلون مع هذا التماهي والتداخل؛ لتتحقق الإثارة والدهشة الأدبية، وتصبح الذات المتلقية شريكة في إنتاج النص الأدبي، وإنتاج الدلالة، وعندها يحقق النص المشترك رسالته الفنية والجمالية المقصودة، فتحدث المشاركة الوجدانية بين كل من المبدع والمتلقين.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى