السبت ٦ أيلول (سبتمبر) ٢٠٢٥
بقلم ميادة مهنا سليمان

حوار مع الشاعرة المصرية شيرين شيحه

موجز السّيرة الذّاتيّة للضّيفة المبدعة

الاسم: شيرين محمد إبراهيم شيحة

المؤهلات: ماجستير في الآداب تخصص المكتبات والمعلومات – دبلوم عام في التربية.

عضو اتحاد كتّاب مصر

عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية.

تم ادراج اسمها وبعض أشعارها في موسوعتي الشعراء الألف الصادرة عن نخبة شعراء العرب، و"القصيدة أنثى" إعداد / أ. براء الشامي، وموسوعة شعراء مصر، إعداد /أ. فاطمة بوهراكة

لها عدة دواوين في الشعر الفصيح.

نبارك لكِ فوزك بجائزة ديوان العرب، حدّثينا عن مشاركتك، وعن أهمّيّة الجوائز في مسيرة المبدعين

المشاركة جاءت بالقدر، حين وجدت إعلان الجائزة على الموقع، أؤمن أن كل الأمور في حياة الإنسان تحدث في موعد مكتوب ومقدّر لها سلفا. أما أهمية الجوائز، فهي أشبه بريح تهبّ على الشاعر، فتُنعش خطواته وتشد على يده وتؤكد له أنه يترك أثرًا يُرى ويُقدَّر.

والفوز بجائزة لا يعني لي مجرد درع أو شهادة تُعلّق على الجدار، إنها اعتراف بأن الكلمة ما زالت تملك القدرة على لمس الأرواح، وإمتاع النفوس والعقول. الجائزة بالنسبة للشاعر ليست محطة وصول، بل نافذة جديدة يطل منها على قرّاء أكثر وعوالم أرحب.

* ماذا يعني لكِ أن يكون موضوع الجائزة عن أدب المقاومة والتّصدّي، وهل للقلم جدواه في زمن السّلاح، والغطرسة الصّهيونيّة؟

القلم قد لا يوقف رصاصة، لكنه ينزع الغطاء عن وجه صاحبها لنرى حقيقته القبيحة، ويزرع في صدر المقاوم يقينًا بأنه على الحق وأن حوله أياد وقلوب تؤازره ولو بأضعف الإيمان. أدب المقاومة شاهد على الحكاية، ولسان حال الأرض.

السلاح قد يغيّر الحدود، لكن الكلمة بالتأكيد تغيّر الوعي. و"الوعي" هو كلمة السر وراء كل تغيير وبداية التحرير، ودائما ما أقول: الاحتلال ليس هزيمة.. الهزيمة الحقيقية أن تموت المقاومة..

تكتبين الشّعر العامّيّ، والفصيح، أيّهما يعطيكِ حريّة أكبر في التّعبير عن مكنوناتك؟

عندما أكتب بالفصحى أشعر أنني أُحلّق في سماء عالية بجناحين من الثقة والمتعة. أما العامية فهي أرض خصبة، تمنحني دفء الناس وعطر البيوت وملح الحكايات اليومية. أحتاج إلى الاثنين؛ فمن دون السماء لا أتنفّس، ومن دون الأرض لا أعيش.

(غُنا الوطن)، و(قالَ لي) ديوانا عامّيّة وفصيح معًا، لمَ تجمعين بين العامّيّ، والفصيح في ديوانٍ واحدٍ، ألا يفقد كلّ نوع بريقه في هذا الدّمج؟

قدمت في بداياتي هذا الدمج بين النوعين في ديوان واحد لأنني رأيت - وقتها- أنني أقدم نفسي كما هي بطبيعتها وحقيقتها كشاعرة تكتب النوعين وتحبهما بنفس القدر وتجيدهما بنفس المهارة، واعترف أن هذا كان قلة خبرة مني فلم أكن قد سلكت بعد طريق الاحتراف، اليوم عندما أنشر أفصل كل نوع في ديوان على حدة، وبالرغم من ذلك أجدني أحيانا أجمع بينهما في قصيدة واحدة لأضع مقطعا بالفصحى وآخر بالعامية حيث أشعر أن الجمع بينهما هو أشبه بعزف آلة الكمان إلى جوار الناي.. لكل صوت رنينه، لكن حين يجتمعان يتشكل لحن جديد، أوسع نغما وأجمل إيقاعا. العامية لا تذوب في الفصحى، والفصحى لا تتنازل عن مكانتها، لكن حين يتعانقان، يقدّمان نصًا يجمع البساطة بالفخامة.

مَن أبرز شعراء العامّيّة المصريّة الّذين تأثّرتِ بهم، وماذا تحفظين له؟

أحب صلاح جاهين ببساطته وعمقه الفلسفي وأحمد فؤاد نجم الذي جعلني أؤمن أن أفضل شعراء العامية هو من يستطيع أن يخرج القصيدة من فم الشعب. هؤلاء لم يكتبوا للناس، بل كتبوا من الناس، ولذلك خُلّدوا في ذاكرة الناس.

يا عندليب متخفش من غنوتك
قول شكوتك واحكي على بلوتك
الغنوة مش هتموتك إنما
كتم الغنا هوه اللي هيموتك

قالوا الشقيق بيمص دم الشقيق
والناس ما هياش ناس بحق وحقيق
قلبي رميته وجبت غيره حجر
داب الحجر ورجعت قلبي رقيق
جاهين.

الحكاية إن البلد مش ملك ناسها
والخلايق في البلد مش مالكة راسها
والبلد يا ولاد بلدنا مش عليلة
البلد علتها جاية من خرسها
أحمد فؤاد نجم.

أحببت أيضا شعر الكبير فؤاد حداد الذي استطاع أن يضفّر العامية بكلمات فصيحة بطريقة جميلة وفريدة لا يجيدها غيره.

أنا في اختراع الأمل
صاحب عشر براءات
صاحب مزاج فلسفي
فرحي ضعيف؟
لأ، عفي
حزني خفيف؟
لأ، خفي

لمَ لا توجد لديكِ دواوين من الشّعر الحديث، وما رأيك بالجدل حول قصيدة النّثر؟

قصيدة النثر بالنسبة لي مغامرة يخوضها كثير من الشعراء، ولا أنكر أن لها جمهورها وحضورها الخاص على الساحة الأدبية العربية. لكنني لم أجد نفسي في هذا اللون الأدبي؛ ربما لأنني ما زلت أرى الإيقاع والموسيقى أعمدة أساسية للبناء الشعري (سواء كان عمودي أو تفعيلي). لا أرفض قصيدة النثر، لكنني أشعر أنها تنتمي إلى أرض لم أزرها بعد، وربما لن أزورها، لأنني ما زلت أجد في الأوزان التقليدية ما يمنحني نكهة الشعر وحلاوته.

لديك عدة دواوين مشتركة مع شعراء عرب، ما ميزة هذه الكتب المشتركة، وما سلبيّاتها؟

الميزة ربما أنها تجمع أصواتا متعددة لكل منها بصمته الشعرية الخاصة، فيشعر القارئ أن الشعر خيمة واسعة يتجاور فيها الجميع. لكن العيب أن النصوص أحيانًا تتنافر في الأسلوب والرؤية، فيفقد القارئ خيط الوحدة. مع ذلك، أؤمن أن في التنوع ثراء.

كتاب (لقطة من شاشات الحياة) هو كتاب مقالات ومقولات، ما أبرز مواضيع مقالاتك فيه.. *

أحيانا نحتاج إلى أن نأخذ لقطات شاشة حتى نستطيع التركيز على الصور واستخراج ما بها من تفاصيل،
والكتاب محاولة لالتقاط صور لبعض مشاهد الحياة
ربما نستطيع استخراج تفاصيل الحكمة الكامنة فيها،

هذه اللقطات عبارة عن مقالات قمتُ بنشرها في بعض الدوريات أو على مواقع التواصل الاجتماعي على مدى سنوات،
كتبت فيه عن الإنسان.. عن الغربة، وخيانة العمر.. عن الحب والكراهية.. عن المقاومة. وضم أيضا بعض الخواطر الدينية والفلسفية.. أردته مرآةً تعكس "اللقطات" التي نصادفها ثم ننسى أن نتمعّن فيها.

أيّهما أفضل برأيك: الكتابة في جنس أدبيّ واحد والتّركيز عليه، أم الكتابة في مجالات متنوّعة؟

الكتابة مثل نهر؛ قد يتفرع إلى جداول، لكنه يظل ينبع من منبع واحد. من يكتب في مجال واحد يركز عليه جدا فيجيده في محاولة للوصول إلى الكمال، ومن يكتب في مجالات متعددة يكتشف ثراء التجربة.

عن نفسي أفضّل التنوع، لأنه يجعلني أرى العالم بأكثر من زاوية، وكأنني أفتح شبابيك مختلفة لغرفة واحدة.

كلمة أخيرة لديوان العرب، ومقترحاتك لتطوير الموقع، أو الجائزة.

ديوان العرب أراه - كما يُعرّف نفسه - منبرا حرا للثقافة والفكر والأدب. أقترح أن يفتح أبوابا أوسع للموهوبين من الشباب، وأن يخصص مساحات أكبر للنقد حتى لا تبقى النصوص يتيمة بلا قراءة. أما الجائزة، فأجمل تطوير لها أن تظل وفية لمبادئها: أن تكرّم الكلمة المبدعة والذات الموهوبة، لا الاسم الكبير فقط.

وفي نهاية الحوار أود أن أشكرك أستاذة ميادة كانت أسئلتك ذكية والجوار معك ممتع حقا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى