الثلاثاء ١٢ آب (أغسطس) ٢٠٢٥
بقلم ميادة مهنا سليمان

حوار مع الشّاعرة الأردنيَّة رند الرِّفاعي

موجز السّيرة الذّاتيّة للضّيفة المبدعة:

حاصلة على ماجستير في المحاسبة والتمويل

من الجامعة الهاشمية عام 2008

عضو اتحاد الجمعيات الأردنية

عضو اتحاد الكُتاب العرب

عضو اتحاد المدربين العرب

مؤلفاتها:

ديوان أبجدية قلب/ دار ورد /2021

ديوان ألواح مسمارية/ دار الفينيق/ 2024

نبارك لك فوزك بجائزة ديوان العرب، فرع الشّعر، حدّثينا عن أهمّيّة أن تكون دورة هذا العام عن أدب المقاومة، وما جدواها في ظلّ ما يحدث في غزّة؟

بارك الله بك أشكرك. في البداية لا بدّ أن أشكر ديوان العرب على تكريمي وقصيدتي، وعلى حسن استضافتي، وعلى هذا الحوار أيضًا. والشكر موصول لهم دائمًا على انتقاء المواضيع التي تمس الشارع العربي، وعلى دعمهم للمبدعين العرب في جميع المجالات.

وأمّا فيما يخص موضوع الدورة لهذا العام "أدب الصمود والمقاومة"، فمن حيث أنّه موضع أدبيّ فقد هوجم واتّهم لعقود بالمباشرة، وبخلوّه من الإبداع، بعد أن كان حاضرًا بقوّة وله أثره الكبير في الواقع العربيّ وحتى العالمي. لكنّني أراه يعود بقوّة أيضًا، وليس الأحداث السياسيّة والأمنيّة المضطربة في المنطقة وحدها المسؤولة عن عودته كما كانت المسؤولة عن نشوئه، بل عودة المبدعين له بعد هجره بحجّة مواكبة الحداثة، وقد استطاعوا تجاوز مرحلة الخطاب المباشر واستطاعوا أن يثبتوا لأنفسهم أوّلًا ثم للجماهير أنّ أدب المقاومة أو ما يسمّى بالأدب الملتزم بشكل عام قادر على خلق الجمال الأدبي في نصوص حداثيّة حيّة لا تخلو من الإبداع، فحقّقوا مقولة إيمرسون:

"اجرح هذه الكلمات وستنزف لأنّها حيّة".

وأمّا عن عن جدوى تخصيص هذه الدورة لأدب الصمود والمقاومة في ظلّ ما يحدث في غزّة، فقد نرى من شدّة ألمِنا أن لا جدوى من الكلمات العاجزة عن المواجهة في عصر الصواريخ والقنابل الذريّة، ولكنّي ما زلتُ أُراهن على قوّة الكلمة في التغيير وفي شحذ الهمم. وحتّى لو لم تستطع كلماتنا سوى أداء دورها في التذكير بحقّنا وتنشئة أبنائنا على الإيمان بهذا الحقّ، فهذا موجبٌ للكتابة وملهمٌ لها أيضًا.

كُرمتِ في مصر، ما انطباعك بعد التكريم، وكيف كان تنظيم الحفل؟

سعيدةٌ جدًّا وفخورة بهذا التكريم الذي ترك في نفسي أثرًا عميقًا سيدفعني دائمًا للمواصلة في الطريق. فمن جهة حسن الاستقبال وكرم الضيافة، ومن جهة أخرى موّدة وحميميّة الشعب العربي المصري الجميل وجمال أمّ الدنيا التي كان تكريمي فيها سببًا لزيارتي الأولى لها وقد انتظرت هذه الزيارة طويلًا.

وأمّا حفل التكريم فقد كان منظّمًا بشكل يليق باسم ديوان العرب وبموضوع الدورة وبالمضيفين والضيوف. لقد كان التنظيم ممتازًا يستحقّ كل من ساهم فيه الشكر والامتنان.

قمتِ بالعديد من دراسات الجدوى الاقتصاديّة لعدّة مشاريع داخل الأردن، منها مشروع مول ضخم، ما الصّعوبات الّتي تواجهك كأنثى في مجال العمل الاقتصاديّ؟

في الحقيقة الصعوبة التي تواجهها الأنثى في العمل الاقتصاديّ لا تتعلق بصنفه، فلا يتعارض الاقتصاد مع الأنوثة مطلقًا، لكنّ العمل بشكلٍ عام هو من يتعارض غالبًا مع الأنوثة في مجتمعاتنا، فمن ناحية زادت أعباء المرأة كثيرًا بسبب عمالتها، فبعد أن كانت مسؤولة عن الأعمال داخل المنزل فقط، أضافت لنفسها أعباء العمل خارجه. ومن ناحية أخرى، ما زالت المرأة مستضعفة في بلادنا ما يسمح لكثيرين بمحاولة استغلالها. ناهيك عن أنّ بعض القوانين المتعلّقة بالعمالة تميّز بين الذكر والأنثى، فمثلًا في قانون الضمان الاجتماعي لا تورّثُ المرأة راتب الضمان لأبنائها على عكس الرجل.

ما تأثيرات السّياسة، والحالة الاقتصاديّة على الإبداع برأيك؟

المبدع شخص مرهف يؤثر فيه المحيط كما تؤثر فيه الفكرة، فالواقع السياسي والاقتصادي الحرج قد يكون ملهمًا أحيانًا، وقد يكون مُحبِطًا أحيانًا أُخر. فالمبدع يبحث دائمًا عمّا يستفزّ إبداعه سواءً كانت بسمة أو دمعة. فحتى في حالات الإحباط ينبش جعبة خياله لتسعفه وتعينه على النجاة.

تقولين: "أحبّ مهنتَي التّدريس والتّدريب كثيرًا، ودائمة العطاء بكلّ طاقتي للحصول على أفضل النّتائج"، هل ترين أنّ مهنة التّدريس حاليًّا لها القدسيّة ذاتها الّتي كانت أيّام آبائنا؟

أرى أنّ قدسيّة المهنة جاءت من قيمتها العظيمة وخطورتها، فالمدرّسون مسؤولون عن تنشئة أجيال الغد علميًّا وقيميًّا، ومن هنا جاءت قداسة المهنة لذا فهي باقية. أمّا عن تراجع التعليم في الوطن العربي ككل عمّا كان عليه، فهو نتيجة لتراجع المنظومة القيميّة قبل كل شيء.

إن حالة الانحدار الذي يعيشه العالم العربي في منحنى تطوّر الأمم، لا بدّ ستؤثر على التعليم كما أثّرت على السياسة والاقتصاد والاعلام وكل المجالات الحيويّة في المجتمع.

تكتبين الشّعر الموزون، والنّثريّ، هل ترين أنّ قصيدة النّثر أخذت حقّها في عالمنا العربيّ؟

أنا دائمًا أقول أنّ الجميل يفرض نفسه، فمن يثبتُ حضوره يأخذ حقّه بالتأكيد. المعضلة ليست في كون المكتوب موزون أو غير موزون، المشكلة الحقيقيّة في الاستسهال، فقد جرّأت قصيدة النثر الكثيرين ممّن عجزوا عن كتابة القصيدة الموزونة بادّعاء كتابة الشعر النثري.

نقراُ الكثير من الكتابات النثريّة التي يدّعي أصحابها أنّها شعر، لمجرد كتابة العبارات على الأسطر على هيئة القصيدة، وهي تخلو تمامًا من الشعر.

أمّا عن النثريّة الشعريّة الحقيقيّة فهي تفرض نفسها بقوّة، فمثلًا أدونيس، ومع أنّي أحبّ قصائده القديمة الموزونة أكثر من نثره، إلّا أنّ أحدًا لا يستطيع إنكار صفة الشعريّة عن كتاباته لأنّه شاعر حقيقي مكّنته ثقافته الواسعة من الابتعاد لأكثر من الوزن في شعره. وباختصار الشعر يفصح عن نفسه بغض النظر عن شكله وشروطه.

قال الشّاعر نزار اللبدي عن ديوانك (أبجديّة قلب):

" فيه من الدّلالات الّتي تشدّ القارئ، ناهيك عن صدق المشاعر الّتي ترسمها الكاتبة في نصوصها".ما هي أبرز هذه الدّلالات، وهل قصائدك كلّها من الخيال، أم من وحي تجارب شخصيّة؟

لا إبداع دون خيال، فحتّى عندما أكتب تجربةً واقعيّة فأنا أُبحرُ في خيالي لرسم صورة استعاريّة لما أريد قوله. والشعر لا يكون شعرًا دون المجاز الذي يتّكئ على الخيال. الإبداع دائمًا مرتبط بالخيال حسب اعتقادي، فلولا تخيّل الانسان قدرته على الطيران لما صُنِعت الطائرات.

أمّا عن دلالات مجموعتي الشعريّة الأولى التي كتب الأستاذ نزار عوني اللّبدي كلمتها التقديميّة "أبجديّة قلب"، فقد كانت في معظمها دلالات على قضايا نسويّة، حيث أنّ الكاتب بشكلٍ عام يتحدّث عن عوالمه الداخليّة والخارجيّة، خاصة في باكورة أعماله، والتي عادةً ما تكون ذاتيّة تحكي الكلّ وتعبّر عن الأنا.

لكنّ مجموعتي الثانية "ألواح مسماريّة" بدأت تتحرّر من الذات لتحكي الآخر.

أمّا مجموعتي الثالثة، والتي لم أعنونها بعد، والتي ستصدر قريبًا إن شاء الله، فقد تحرّرت من الأنا لتغوص في الكلّ الوجودي.

نلتِ جائزة أفضل مقال نقديّ في الرّواية من دار الفينيق عام 2024، هل هو عن الرّواية بشكل عام، وما أبرز ما جاء فيه؟

كلّا لم يكن عن الرواية بشكل عام، بل عن رواية محدّدة أصدرتها الدار في نفس العام وهي رواية "باباس" للروائيّ الشاعر الراحل أحمد أبو سليم، وقد كان قراءة نقديّة للرواية تحدّثت فيه عن جماليات السرد عند أبو سليم وقدرته في خلق الشخصيّات سواء الواقعيّة أو الأسطوريّة، وتمكّنه من نسج حبكة متماسكة لروايته، وعن بعض ملاحظاتي على الروابط بين الشخصيّات أو الأحداث.

لديكِ مخطوط رواية بعنوان الهالة 40، لم تُنشر بعد، ما مغزى العنوان، و متى سترى النّور؟

نعم، أتوقّع نشرها مطلع العام القادم إن شاء الله. أمّا عن مغزى العنوان فكلمة (هالة) كما تعلمين تعني دارة نيّرة تحيطُ بالرأس أو بالشخص ترمز إلى الطاقة، وأمّا العدد40 فهو مرتبط بعمر النبوّة، والذي يمثّل سنّ اكتمال النضوج وهذا ما جعلني أُطلق هذا الاسم على الرواية لدلالته الرمزيّة على أحداثها.

"لا يصلح العطّار ما أفسدَ الدّهرُ"هل ترين أنّنا في عالم يلهث وراء الجمال المصطنع، أم أنّ هذا "الجمال" لا يمكن أن يخدعَ مَن يحبّ الوجوهَ الحقيقيّة؟

الجمال وجود حسّي قائم بذاته وكوحدة واحدة لا تتجزأ لذا يفرض نفسه، فكما هو في الأدب هو في الواقع. فمثلًا جمال لغة السرد في رواية لا يغني عن وجود الأحداث المشوّقة ومهارة الحبكة وغيرها من عناصر الجمال في الرواية. وكذلك في الأشخاص فإن جمال المظهر لا يخفي الجوهر فإذا لم يجتمعا في الشخص لا تشعرين بجماله، وإن كانت ملامحه جميلة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى