الأحد ٢٣ تموز (يوليو) ٢٠٢٣
بقلم مريم علي جبة

حوار مع الناقد والأديب د. يوسف حطيني

دمشق، هي الياسمين الذي يحمي حدود الحلم الفلسطيني

في البداية كان الشعر هاجسه؛ ثم اغرته القصة القصيرة، وسرعان ما تطورت تجربته الإبداعية ليخط الرواية والدراسة والنقد.

احب مسقط رأسه "مخيم اليرموك بدمشق". وبعتبره الطريق إلى فلسطين "حبيبته" ..

هو الكاتب والناقد والشاعر والأديب، الدكتور يوسف حطيني..وعلى هامش زيارته القصيرة إلى دمشق .. التقته "ديوان العرب".. وكان هذا الحوار الشيق معه:

ـ حدثنا عن البدايات متى اكتشفت أن قلمك سيخط الشعر والقصة والدراسة والرواية؟

• البدايات كانت مبكرة جداً، وكنت ميالاً إلى الشعر الذي عرفت أوزانه بشكل مبكر، وقد أصدرت ديوانين شعريين هما "صرخات في ضجيج السكون" و"بيني وبين حبيبتي شيئان" في أثناء دراستي الجامعية قبل أن أتمّ الثانية والعشرين، ثم بدأت علاقتي مع القصة نقداً وإبداعاً، مع بدء دراساتي العليا في مرحلتي والماجستير والدكتوراه في جامعة دمشق، حيث أنجزتُ قصتي الأولى "مدينة البامياء" في أثناء دراسة الدبلوم اللغوي، وقد تطورت التجربة الإبداعية مع تطور التجربة النقدية، فكتبتُ المجموعات القصصية والرواية، وكنت الناقد الأول لما أنجزه من كتابات إبداعية.

ـ أنت من مواليد مخيم اليرموك بدمشق.. ماذا يعني لك مخيم اليرموك؟ وماذا تعني لك دمشق؟ وكيف كتبتهما شعراً.

• أرى مخيم اليرموك مكاناً مؤقتاً نحبّه كثيراً، لأنه يمثل الطريق إلى فلسطين، إنه المعْبَر الذي ينير الطريق إليها، هو ليس الوطن، ولكن تفاصيله تقود إلى الوطن: الشوارع التي امتلأت بالمسيرات، والجدران التي امتلأت بصور الشهداء، وقد كتبت عنه عددا من القصائد، أما دمشق فهي الياسمين الذي يحمي حدود الحلم الفلسطيني، هكذا كنت أراها وما أزال، وقد كتبت فيها عددا من النصوص منها النص التالي:

"إن جئتَ دمشقَ على عجلٍ
فتمتّعْ بالبشْرِ الطَافحِ
مِنْ وردةِ حبّ جُوريّهْ
واحذرْ أن تسرقَ حبّةَ رملٍ
كي لا تنهشَكَ سِباعُ أزقّتها
وسيوفُ أميّهْ"

ـ أنت في زيارة لدمشق، حدثنا عن هذه الزيارة.

هي زيارة قصيرة، جاءت بعد غياب اثني عشر عاماً، عدت إلى دمشق وعادت إلي، بحثت عن نفسي فوجدتها في كل زاوية من زوايا دمشق، وفي كل شارع من شوارعها، شاركت بعدد من الأنشطة الثقافية في أنشطة اتحاد الكتاب العرب الذي تشرفت بتوقيع كتابي الأخير بين أركانه، سافرتُ إلى حلب حيث فرع حلب لاتحاد الكتاب العرب، ثم إلى مديرية الثقافة في حماه، وما زال لدي عدد من الأنشطة منها توقيع "موسوعة الرواية الفلسطينية" في المركز الثقافي العربي في أبو رمانة. وأنا سعيد جداً بوجودي بين أهلي.

ـ تشغلك النصوص القصيرة في الأدب، شعراً وقصة. وقد وقعت كتابك "ألقصيدة القصيرة جداً" مؤخرا في دمشق، وكنت قبل أكثر من عشرين عاماً قدمت كتاباً حول "القصة القصيرة جدا بين النظرية والتطبيق". برأيك هل يمكن أن تكون الأشكال القصيرة جداً أدباً رفيعاً؟ ماذا عن الهايكو أيضاً.

لا تشغلني فكرة الأدب الوجيز، إلا بمقدار ما تعدّ جزءاً من دراساتي، فقد قدمت كتابين نقديين في القصة القصرة جداً، وكتاباً واحداً في الشعر، أما في دراسة القصة القصيرة والرواية فقد كانت الإنجازات اكثر بكثير. ولكن حظّ كتب الأدب الوجيز كان افضل في الوصول إلى القراء. دراسة الأدب الوجيز بالنسبة لي دراسة مثيرة لأنها تتعامل مع المختلف، وهذا النوع من الكتابة يمكن أن يشكّل أدباً رفيع المستوى بالتأكيد، وليست القضية في الشكل بل في قدرة المبدع نفسه، إذا يمكن أن نقدّم قصة قصيرة جداً تنتمي للأدب الرفيع، مقابل رواية لا تستحق الانتماء إلى الأدب. وقد أنجزت شخصياً مجموعتين من القصص القصيرة جداً هما "ذماء" و "جمل المحامل"، ومجموعتين من القصائد القصيرة جداً هما "بنفسجة في سحابة" و"نجمة في سماء الجليل"، دون أن يمنعني ذلك من إنجاز قصائد طويلة في "اليوسفيات" ورواية بعنوان "رجل المرآة"، صدرت عن الهيئة السورية العامة للكتاب.

أما سؤالك عن قصيدة الهايكو فهي نص ياباني انتقل إلى كل بقاع الدنيا، ولكنه خسر سماته الإيقاعية والفنية والموضوعية، وهناك من ينجز قصائد جميلة وقصيرة تحت عنوان الهايكو، ولكنها ليست كذلك. لنقل إنه صار لدينا نوعان من الهايكو: الهايكو الياباني الأصلي الذي يكتبه "الرجل" بإيقاع معين (ثلاثة أسطر تتالف من سبعة عشر مقطعاً صوتيا، ويتناول بطريقة حسية بسيطة ومدهشة موضوعات الطبيعة الحية) وهناك الهايكو المعدّل الذي انتشر في كل بقاع الأرض، ويكتبه الرجال والنساء ويتناول مختلف القضايا التي تعبر عن أزمات الإنسان.

ـ كتبت عن القصة الإماراتية والسرد العماني وعن القصة الفلسطينية. كيف ترى الأدب العربي بكل أنواعه الآن.

أنا محاضر في قسم اللغة العربية في جامعة الإمارات، وبسبب طبيعة عملي كان علي أن اطلع اطلاعاً جيداً على التجربة السردية العربية، فعملت على دراسة القصة القصيرة والرواية في الإمارات، وكتبت عن الرواية العمانية، وقدمت كتاباً عن الرواية العربية عموماً، اسمه "أغصان على شجرة السرد العربي"، بالإضافة طبعاً إلى عدد من الكتب التي تدرس الأدب الفلسطيني. أما عن رؤيتي للأدب العربي الآن، فهي رؤيتي للأدب العربي في كل العصور: الكثير من الغث، والقليل من السمين، يمرّ الزمن ويغربل الأعمال الأدبية، ولا يبقى منها إلا ما هو جدير بالبقاء.

ـ لك مجموعة شعرية مبكرة اسمها صرخات في ضجيج السكون، وقد صدرت عام 1984. متى يصرخ يوسف حطيني؟
أصرخ دائماً، حتى يسمع الناس صوتي، والحديث ها هنا يدور حول يوسف حطيني الفلسطيني الذي يتجاهل الناس مأساته منذ ثلاثة أرباع القرن، وقد كتبت نصاً قصيراً جداً حول هذا الموضوع بعد أكثر من خمسة وثلاثين عاماً من "صرخات في ضجيج السكون" أقول فيه:

حين تُرسل صمتك
عبر المدى
لن يجيبَ الصدى

لأعبّر عن ضرورة استمرار الصراخ، حتى يصل الصوت ويرتد الصدى، لأن الإنسان الذي لا يصرخ، لن يسمع أحد صدى أمنياته المحبوسة في روحه.

ـ ما رأيك بالجوائز الأدبية؟

كنت، وما أزال، عضو لجان تحكيم مهمة في الرواية العربية تحديداً، وأنا شخص محايد تماماً فيما يتعلق بالتحكيم، وتصيبني الحيرة أحياناً في تقديم عمل على آخر بسبب تقارب المستويات، والجوائز الأدبية لها ما لها وعليها ما عليها، والفائز يشيد بحيادية دائماً التحكيم، والخاسر يشن هجوماً عليها. أنا لا أدافع هنا عن لجان التحكيم؛ فبعضها يتضمن أعضاء غير متخصصين، ولكنني أرى أن هذه الجوائز تشجّع المبدعين، وقد تحدثت مرة عن الجوائز وهمومها،
ورجوتَ الأسماء الراسخة في الأدب ألا تتقدم للجوائز حتى تتيح الفرصة أمام الأسماء الجديدة.

ـ نريد أن نختم مع الشعر.. "اليوسفيات وقصائد أخرى" هي آخر المجموعات الشعرية التي أنجزتها. هل تختار لنا منها شيئاً؟

نعم، يسرني ذلك، صدرت هذه المجموعة عن اتحاد الكتاب العرب في دمشق، وأختار لكم منها مقطعاً من قصيدة "جنازة أمي":

تراكِ سئمتِ من الشّعْرِ
يحملُ غربتَنَا؟
هل سئمتِ القَوافي؟
تزوجتِ منفيةً من فتىً
كانَ يحملُ غربَتَهُ فوقَ ظهرِ المخيّم
زوادةً للتَّجافي
وأنجبتُما زعتراً وانتماءً
وعائلةً لا تُذَوِّبُ سُكَّانَها
في رِمَالِ المنافي.

الدكتور يوسف حطيني في سطور:

ولد في مخيم اليرموك في دمشق.

أستاذ محاضر في جامعة الإمارات العربية المتحدة.

حاصل على إجازة في اللغة العربية من جامعة دمشق عام 1986.

حاصل على دبلوم الدراسات الأدبية العليا من جامعة دمشق. عام 1988.

حاصل على دبلوم التأهيل التربوي من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في مدينة عمان عام 1996.

حاصل على ماجستير في الأدب العربي الحديث (أدب ونقد: القصة القصيرة) من جامعة دمشق عام 1992.

حاصل على دكتوراه في الأدب العربي الحديث (أدب ونقد: رواية) من جامعة دمشق عام 1997.

مؤلفاته:

صرخات في ضجيج السكون شعر 1982
بيني وبين حبيبتي شيئان شعر 1984
سميرة عزام: رائدة القصة القصيرة الفلسطينية.
مكونات السرد في الرواية الفلسطينية (دراسة).
ذماء .. قصص قصيرة جدًا.
مدينة البامياء.. مجموعة قصصية.
القصة القصيرة جداً بين النظرية والتطبيق، دراسة نقدية.
الحفار والغربة.. مسرحية مونودراما
الطريق إلى مخبز شبارو.. مجموعة قصصية.
القصة القصيرة الإماراتية..
ملامح السرد القرآني دراسة في أنماط القص والتلقي والشخصيات والبيئة القصصية.
مقامات طريد الزمان الطبراني.
في سردية القصيدة الحكائية (محمود درويش نموذجاً) دراسة.
عبد الرحيم محمود: فارس الوطن.. فارس القصيدة.
القدس في الشعر العربي الحديث.
دراسات في القصة القصيرة جداً،
جمل المحامل (مئة قصة فلسطينية قصيرة جداً) مجموعة قصصية.
السرد العماني الروائي الحديث.
في ظلال النخيل دراسات في الرواية الإماراتية.
مصطلحات السرد في النقد الأدبي.
نجمة في سماء الجليل قصائد قصيرة جداً.
بنفسجة في سحابة.. قصائد قصيرة جداً.
رَجُل المرآة.. رواية.
اليوسفيات.. وقصائد أخرى.
الشعر الإماراتي قراءات في الموضوع والفن.
رؤى.. قصص قصيرة.
كتاب .. قصائد قصيرة جدا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى