حورية الذاكرة
بيني وبينها عشق كبير ، عشق لا امله عندما ارهف السمع لالتقط حديثها .. نعم لقد أنجزت حفر خريطة الوطن في ذاكرتي ، و توصي بأن اسمي باسم أطلالها اجمل الفتيات ، أصبحت اسيرا لهذا العشق الذي بذرته الحاجة هادية في تلافيف القلب ، يذهب الجميع وتبقى أشنة وصورة أجدادنا العظام .
عندما قلت لها ذات يوم:
" انشاء الله بترجعي للبلد " مطت شفتيها الذابلتين
وقالت :
"انشـــــــــــــاالله" .
للاشياء دوائرها غير المتناهية وللحديث سطوة المطر وللشوارع تفاصيل تتشظى في حنايا الحكايا التي تحبل بها أشنة .
منع تجول
صباح خليلي ينجلي عن ليل بهيمي لا يسمع فيه غير أزيز الرصاص، وعواء جنازير الدبابات ، وعلى باب سوق الخضار وقفت الحاجة هادية ، تتكىء على عكاز من الخيزران زين بالنقوش .
قالت مخاطبة ابنها الذي رافقها إلى السوق:-
– ما هذه الضجة أمام السوق يا بني .
– هذه دبابة تمر بين أرتال السيارات يا حاجة ، ألا تشمي رائحتها؟ . أجاب الابن.
– وهل لها رائحة ؟ ألا يكفي ضجيجها ؟!! .
تساءلت الحاجة باستغراب.
أخذت تقرب الرائحة وتغزو أنوف جموع المتسوقين.
أخذ ت الحاجة بيد ابنها واستقلا سيارة قريبة ، يبدو أن وقت التجول المسموح اقتربت نهايته ، وتمر بالقرب منهم جنازة أحد الشهداء توفي مختنقا بالغاز الذي تنشره الدبابات بعد ثلاثة أيام من العلاج في مستشفى الشهيدة دلال المغربي .
زخ المطر
امرأة بين أكداس بشرية انكمشت تحتضن طفلها يرتشف الحنان الذي يقبض على القلب في غفوة الزمن وغبش الذاكرة، تدفئه بجسدها على رصيف … بينما ينهش البرد أطرافها، فلا إغماض جفونها تناعس …. ولم تكن رقدتها إضطجاع دلال، وتهمس بداخلها أن الموتى لا يكونون حصراً تحت الأرض، تذهب الأعناق بعيدا إلى كبد السماء نحو رقشاء، وهي تبقى تجاهد لاتقاء أذاها تحت زخ المطر.
رصاصة طائشة
في إحدى الشرفات بمدينة غير هادئة ماء ينـز من ثقب أحدثته رصاصة طائشة في حوض نعناع، بينما تجوس خلف الجدران عيون لم تجد متسعا لراحة البال، إذ لم تهدأ بعد ثائرة الأحلام.
مــلح
جلس ثلاثتهم على طاولة مستديرة، لم يخل سطحها من تضاريس رسمت بتلقائية، تحدث الاثنان بصوت واحد، سوف " تتغدى " عندنا هذا اليوم …..؟! . تململ الضيف في مجلسه وقال:
– لا لا … لا أريد أن اثقل عليكم.
أجاب الاثنان أيضا بصوت واحد:
– لا يمكن أن تخرج من دون أن " نتغدى " سوية ؟؟
رد قائلا :
– إذا كان ولا وبد من ذلك فليكن من الموجود.
سادت فترة صمت تحرك أحدهم بعدها وجلب كيسا صغيرا من الملح ووضعه على الطاولة.
قصص قصيرة جدا
محمود أبو أسعد