الاثنين ١٢ آب (أغسطس) ٢٠١٩
بقلم عمرو صابح

دور يوسف صديق فى أزمة مارس 1954

المؤرخ الراحل الدكتور عبد العظيم رمضان عاش ومات معادياً لجمال عبد الناصر،وناقماً على سياساته، ومهاجماً له فى كل المحافل، ولكن فى عام 1975 أصدر الدكتور عبد العظيم رمضان دراسة تاريخية بعنوان

"الصراع الاجتماعى والسياسى فى مصر منذ قيام ثورة 23 يوليو 1952 إلى نهاية أزمة مارس 1954".

اعتمد رمضان فى دراسته على شهادة العديد من قادة الحركة العمالية فى مصر خلال أحداث أزمة مارس 1954، ومنهم الصاوى أحمد الصاوى رئيس اتحاد نقابات النقل المشترك، أجرى د. عبد العظيم رمضان حواراً صحفياً مع الصاوى أحمد الصاوى فى 15 نوفمبر 1974 بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر بأكثر من أربع سنوات، روى الصاوى فى شهادته وقائع ما جرى خلال أزمة مارس 1954، ويمكن تلخيص شهادته التاريخية فى النقاط التالية:

يوم 10 مارس 1954 استدعاه القائمقام يوسف صديق للقاءه فى مقر اللواء السابع بالقوات المسلحة بالعباسية، وهناك وجد الصاوى كلاً من يوسف صديق والصاغ خالد محيى الدين، كما لاحظ وجود نشاط كبير داخل اللواء من الضباط المؤيدين ليوسف صديق، طلب يوسف صديق من الصاوى التعاون معه لتصفية الثورة عبر قيام نقابات النقل بالإضراب فى ساعة الصفر، وأخبره صديق انه جهز كل شئ بين طلبة الجامعات وغيرهم من الطوائف من أجل تصفية الثورة وتنفيذ قرارات 5 مارس 1954.

وافق الصاوى أحمد الصاوى على مخطط يوسف صديق وخالد محيى الدين، وبعد أسبوع من اللقاء، أرسل يوسف صديق فى استدعاء الصاوى أحمد الصاوى مجدداً، ولكن هذه المرة فى بيت صديق بحى الزيتون، فذهب الصاوى وهناك وجد مع يوسف صديق بعض الضباط، وأخبره يوسف صديق ان عليه الاستعداد لتنظيم الإضراب المؤيد لتصفية الثورة، وعندما قال له الصاوى ان الإضراب سيترتب عليه خسائر مادية للعمال، أخبره يوسف صديق انه سيصرف له عشرة آلاف جنيه تعويضاً عن الخسائر، كما ان العمال سيكون لهم حزب بعد تصفية الثورة والتيار الذى يقوده جمال عبد الناصر.

عندما عاد الصاوى أحمد الصاوى لمنزله وفكر مجدداً فى عرض يوسف صديق، قرر أن يذهب لهيئة التحرير ويخبر الصاغ أحمد طعيمه والصاغ إبراهيم الطحاوى من قيادات الهيئة عن مخطط يوسف صديق لتصفية الثورة، فقاما بشكره ثم اتصلا بجمال عبد الناصر وأخبراه بمخطط يوسف صديق، كان قرار جمال عبد الناصر أن يستمر الصاوى أحمد الصاوى فى خداع يوسف صديق واقناعه انه سوف يقود إضراب نقابات النقل لصالحه.

فى يوم 26 مارس 1954 تم إضراب 64 نقابة عمالية تابعة لاتحاد نقابات النقل المشترك لصالح استمرار الثورة والتيار الذى يقوده جمال عبد الناصر، ويبرر الصاوى أحمد الصاوى ذلك بإن انتصار التيار الذى يقوده محمد نجيب ويوسف صديق وخالد محيى الدين كان سيؤدى إلى تصفية الثورة وعودة ظلم أصحاب الشركات من جديد، وان انتصار جمال عبد الناصر فى أزمة مارس 1954 رد للعمال حقوقهم وأمن لهم حياتهم، وجعل اتحاد نقابات النقل المشترك هو المسيطر على أصحاب الشركات.

تعقيب:

تنبع أهمية شهادة الصاوى أحمد الصاوى من كونها جرت بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، وفى ظل حملة اعلامية عاتية لتشويهه، كما انها تلقى أضواء كثيفة على مخطط التيار الأخر من قادة ثورة 23 يوليو والذى تزعمه محمد نجيب ويوسف صديق وخالد محيى الدين، كما ان تلك الشهادة تلقى بشكوك عميقة على ما أشاعه خالد محيى الدين فى مذكراته الصادرة عام 1992 بعنوان"الأن أتكلم"، عندما ذكر ان جمال عبد الناصر دفع للصاوى"4 ألاف جنيه"من أجل تنظيم إضراب عمال النقل لصالحه، الصاوى فى شهادته فى عام 1974 أى قبل 18 سنة من صدور مذكرات خالد محيى الدين، ذكر ان يوسف صديق هو الذى عرض عليه"10 ألاف جنيه"مقابل تنظيم إضراب عمال النقل لصالح فريق محمد نجيب ويوسف صديق وخالد محيى الدين.

وجود تلك الشهادة للصاوى أحمد الصاوى فى كتاب للدكتور عبد العظيم رمضان الذى يكره جمال عبد الناصر كراهية التحريم يزيد من مصداقيتها.

لم يكن الصراع فى عام 1954 صراعاً من أجل الديمقراطية بل كان صراعاً على السلطة بين فريق يقوده جمال عبد الناصر أراد استمرار الثورة حتى تحقق أهدافها وتقضي على النظام القديم وبين فريق يقوده"محمد نجيب ويوسف صديق وخالد محيى الدين"أراد تصفية الثورة وإجراء انتخابات فورية بدون تغيير جذري للمجتمع ومع استمرار للنظام القديم.

فى هذا الصراع انتصر جمال عبد الناصر.

 الصور لغلاف الكتاب ولصفحتى 211 و212 من كتاب"الصراع الاجتماعى والسياسى فى مصر منذ قيام ثورة 23 يوليو 1952 إلى نهاية أزمة مارس 1954".


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى