

زَمانُنا قادِمٌ
زَمانُنا قادِمٌ يا غَزَّةُ، سَيَنفَجِرُ
عَلَى الأَعَادِي مِن كُلِّ صَوْبٍ قَدَرُ
نَمْضِي إِلَى النَّصْرِ، لا نَخْشَى بِهِ أَحَدًا
فَالنَّصْرُ يَأْتِي إِذَا مَا صَانَهُ الوَطَرُ
إِنَّا وُلِدْنَا هُنَا، وَالمَجْدُ يَعْصِمُنا
لا يَنْثَنِي العَزْمُ، لا يَضْعُفُ البَشَرُ
إِنَّا وُلِدْنَا هُنَا، وَالمَجْدُ يَعْصِمُنا
فَالعَزْمُ نَارٌ عَلَى الطُّغْيَانِ تَسْتَعِرُ
يا دُرَّةً تَسْطَعُ بَيْنَ القُرَى بَدْرُ
يا مَسْرَى الرَّسُولِ، قَدْ فَتَحَكِ عُمَرُ
إِنَّا وُلِدْنَا لُيُوثًا لا تُرَوِّعُهُمْ
نَارُ العِدَا، فَقُلُوبُنَا فُولَاذٌ خَافِقٌ زَئِرُ
نَمْضِي وَنَحْمِلُ أَرْوَاحًا مُطَهَّرَةً
تَهْوِي إِلَى المَوْتِ، لا يُرْهِبُهَا خَطَرُ
شُهَدَاءُ بِدَمْعِ الأُمِّ قَدْ رَسَمُوا
دَرْبَ الفِدَاءِ، فَأَيْنَ الظُّلْمُ يَنْتَصِرُ؟
فَالأَرْضُ تَشْهَدُ رَغْمَ نَكْبَتِهَا
فِيهَا الصُّمُودُ، وَفِيهَا الصَّبْرُ وَالقَمَرُ
أُمٌّ تُوَدِّعُ أَغْلَى النَّاسِ فِي وَجَعٍ
لَكِنَّهَا فِي ثَبَاتِ الأعْلاَمِ تَفْتَخِرُ
نَحْنُ الفِدَاءُ، وَرُوحُ العِزِّ تَحْمِلُنَا
إِلَى الكَرَامَةِ، لا خَوْفٌ وَلا ضَجَرُ
لَنْ يَسْقُطَ الحَقُّ، إِنَّا سَوْفَ نَحْفَظُهُ
مَا دَامَ فِينَا فُؤَادٌ نَابِضٌ ظَفِرُ
وَأَسْرَى كِرَامٌ بِنُورِ العَزْمِ صَبْرُهُمْ
كَالصَّخْرِ صُلْبٌ، إِذَا مَا مَسَّهُ الشَّرَرُ
لا تَحْسَبَنَّ الأَسْرَ يَزِيدُهُمْ هَرَمًا
فَالسَّيْفُ فِي الغِمْدِ لا يُلِينُهُ دَهْرُ
وَلا السِّجْنُ يُثْنِي خُطَاهُمْ أَوْ يُرَوِّعُهُمْ
وَلا الحِصَارُ، فَنُورُ الفَجْرِ يَنْتَظِرُ
لا يَنْحَنِي ظَهْرٌ لَهُمْ، وَلا يَنْكَسِرُ
رَغْمَ القُيُودِ، وَإِنْ ضَاقَ بِهِمْ أَسْرُ
تَشْتَاقُ أَعْيُنُهُمْ دِفْءَ البُيُوتِ، وَكَمْ
فِي البُعْدِ يَحْزُنُهُمْ ذِكْرَى لَهَا أَثَرُ
هُنَاكَ زَوْجٌ تُنَاجِي اللَّيْلَ فِي أَمَلٍ
تَدْعُو اللَّهَ، وَعَيْنُ الصُّبْحِ تَنْهَمِرُ
فَإِنْ مِتْنَا فَجَنَّاتُ خُلْدٍ اللهُ مَوْعِدُنَا
وَإِنْ عِشْنَا فَسَبِيلُ الشَّهَادَةِ نَنْظُرُ
فَطَعْمُ المَوْتِ فِي دَرْبِ العُلَا صَعْبٌ
كَطَعْمِ العَيْشِ فِي ذُلٍّ الدُّنْيَا يَمُرُّ
نَمْضِي إِلَى كُلِّ مُعْتَرَكٍ مُلَثَّمِينَ
كَجَيْشٍ مِنَ الجِنِّ، لا نُبْقِي وَلا نَذَرُ
نُرْدِي مُدَرَّعَاتٍ بِالصَّوَاعِقِ حُرَّةً
كَأَنَّهَا الشُّهُبُ فِي سَمَاءِ الكَوَاكِبِ تَثْأَرُ
بِجُرْحٍ يَسِيلُ، وَالدِّمَاءُ كَأَنَّهَا
حِبْرُ الكِتَابِ، وَفِي طَيَّاتِهِ شِعْرُ
يُسَطِّرُهُ الشُّعَرَاءُ فَخْرًا شَامِخًا
وَفِي نَظْمِهِ يَحْيَا تَارِيخُهُ حُرُّ
قَوْمٌ لَا عَهْدَ لَهُمْ وَلَا مِيثَاقُ
شَرَايِينُهُمْ بِيضٌ وَحُمْرٌ، كُلٌّ يَغْدُرُ
فَلْيَعْلَمِ الجُبْنَاءُ أَنَّا صَامِدُونَ هَاهُنَا
مَهْمَا تَجَبَّرَ ظَالِمٌ، مَصِيرُهُ سَيُدَمَّرُ
فَبِسِلَاحِنَا يَعْلُو الحَقُّ، وَالحَقُّ أَغْلَبُ
وَإِنْ جَارَ لَيْلُ الضَّيْمِ، لَا نُكْسَرُ
وَفِي كُلِّ بَيْتٍ لَنَا طِفْلٌ يُرَدِّدُهَا
عَرَبِيَّةٌ هِيَ، مَهْمَا جَارَ مُقْتَدِرُ
مُنْذُ صِغَرِهِ وَالأَيَّامُ شَاهِدَةٌ
مُنَاضِلٌ هُوَ، فَدَرْبُ العُلَا سَفَرُ
وَفِي مَيَادِينِ العَوَاصِمِ نَبْعَثُ
عُرْبٌ وَعُجْمٌ، كُلٌّ بِصَوْتِنَا بَصِرُ
كَأَنَّهُ البَحْرُ لا يَهْدَأُ لَهُ مَوْجٌ
أَوْ كَالرِّيَاحِ إِذَا مَا هَاجَهَا المَطَرُ
هَذِهِ فِلَسْطِينُ، لا يَثْنِيهَا طَاغِيَةٌ
مَهْمَا جَارَ أَوْ بَطَشَ مُتَجَبِّرٌ مُغْتَرُّ
نَبْنِي الصُّرُوحَ، وَنُحْيِي كُلَّ زَاوِيَةٍ
وَنَرْفَعُ العَلَمَ الخَفَّاقَ مُزْدَهِرُ
وَنُنْبِتُ الزَّيْتُونَ مَعَ الأَحْلَامِ فِي
شَجَنٍ، وَيُغَرِّدُ الْكُرْوَانُ المُسْتَبْشِرُ
فَحتَّى الطَّيْرُ فِي الأَجْوَاءِ عَاكِفٌ
عَلَىٰ المُكُوثِ مَعَ الإِنْصَافِ سَمِرُ
فَنَرْجُو مِنَ اللهِ رِزْقًا وَمَغْفِرَةً
فَهُوَ الرَّحِيمُ، وَبِتَوْفِيقِهِ الأَمْرُ
سَنَرْفَعُ النَّصْرَ، لا قَيْدٌ يُقَيِّدُنَا
وَلْتَشْهَدِ القُدْسُ، فَالتَّكْبِيرُ مُنْتَشِرُ