الخميس ١٩ آذار (مارس) ٢٠٠٩
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

ست الحبايب

تعد أغنية (ست الحبايب) التى غنتها (فايزة احمد) من أجمل وأرق ما قدم للأم.. وقد كتب كلمات هذه الأغنية الشاعر الكبير (حسين السيد) فقد كانت والدته كلما تشاهده تقول: (أهلا ست الحبايب) والمفروض هو الذى يقول هذا ومن هنا جاءت فكرت هذه الأغنية فكتبها ولحنها الموسيقار الكبير (محمد عبد الوهاب) وغنتها فايزة أحمد وتقول كلماتها:

ست الحبايب ياحبيبة
يا أغلى من روحى ودمى
يا حنينه وكلك طيبة
يا رب يخليكى يا أمى
ياست الحبايب يا حبيبة
زمان سهرتى وتعبتى
وشلتى من عمرى ليالى
ولسه برضو دلوقتى
بتحملى الهم بدالى
أنام وتسهرى
وتباتى تفكرى
وتصحى من الآدان
وتيجى تشقرى
يا رب يخليكى يا أمى
يا ست الحبايب
يا حبيبة
تعيشى لى
يا حبيبتى يا أمى
ويدملى رضاكى
دا أنا روحى
من روحك أنتى
وعايشه من سر دعاكى
بتحسى بفرحتى
قبل الهنا بسنه
وتحسى بشكوتى
من قبل ما أحس أنا
يا رب خليكى
يا أمى
ياست الحبايب
يا حبيبة
لوعشت طول عمرى
أوفى جمايلك الغالية على
أجيب منين عمر يكفى
والاقى فين أغلى هديه
نور عينى ومهجتى
وحياتى ودنيتى
لو ترضى تقلبيهم
دول هم هديتى
يا رب خليكى يا أمى
يا ست الحبايب
يا حبيبه

وأتذكر أننا كنا نسجل عددا من مجلة (العروبة) الإذاعية _ التى ترأست تحريرها _ بأحد استديوهات الإذاعة المصرية وكان العدد خاصا للأم وأثناء التسجيل كانت الإذاعية (سامية السيد) تبكى وهى تسجل مادة المجلة
وتقول الإذاعية فضيلة توفيق الشهيرة بأبلة فضيلة.. أشهر من قدم برامج الأطفال:
استضفت في برنامجي الموسيقار محمد عبد الوهاب وطلبت منه أن يغني (ست الحبايب)

فقال:

لقد غنتها فايزة أحمد بصورة رائعة.. وبعد إلحاح من الأطفال غنى على عوده (ست الحبايب) وكان يود ألا تُسجل بصوته.

وأذكر أن زميلتي العزيزة سامية صادق استضافت ذات يوم في برنامجها فايزة أحمد وبعد أن استمعت للحلقة اتصلت بها وقلت:

خبطة إذاعية هائلة يا سامية لأنني عندما استمعت إلى (ست الحبايب) لأول مرة من فايزة أحمد بكيت برغم أن والدتي على قيد الحياة

والشاعر حسين السيد كاتب كلمات هذه الأغنية الرائعة (ست الحبايب) من مواليد اسطنبول في الثالث عشر من شهر مارس عام 1921 من أب مصري وأم تركية وبعد عامين من مولده حضر إلى مصر مع والديه وعاش في طنطا ثم أنتقل مع الأسرة إلى القاهرة وعاش بالخرنفش.

كان بيت خاله مكانا لتجمع أهل الدين والتصوف وحرص حسين السيد علي حضور ندواتهم ولذا أحب الموسيقى الشرقية.

حصل حسين السيد على الثانوية من مدرسة الفرير عام 1937 وكان حسين السيد يعشق اللغة العربية ويكتب بالفطرة الشعر الفصيح، وكان لأستاذه (مرجان) الدور الأكبر في حبه للغة العربية حيث كان شاعرا ويقوم بتحفيظ التلاميذ موضوعات الإنشاء، وذات يوم حضر (زكي مبارك) المشرف على المدارس الأجنبية في زيارة لمدرسة الفرير وكان حسين السيد في الصف الثالث الثانوي، وعندما مر زكي مبارك على الفصول لم يعجبه مستوى الطلاب في اللغة العربية فقد طلب منهم الكتابة في موضوع (كل إناء بما فيه ينضح) ثم قال:
عايز قلم أحمر.. ولم يجد هذا القلم إلا مع حسين السيد، فقال له:

هذا يسمى قلم أقل من القليل. . فضحك الطلاب، وأعطى زكي مبارك لحسين السيد (5) درجات من) 10 (وكانت هذه أكبر درجة، وأثناء الفسحة كتب حسين السيد على السبورة بعض الأبيات الشعرية وعندما شاهدها زكي مبارك وضع خطا تحت بعض الكلمات وقال لمدرس الفصل: أأنت الذي كتبت هذه الأبيات؟
فقال: لا. . الذي كتبها هوحسين السيد، وهنا قال زكي مبارك لحسين السيد:

أنت تكتب الشعر؟

فقال: نعم. . وهنا قال زكي مبارك للأستاذ مرجان مدرس الفصل:

خلي بالك من هذا الولد.

بدأ حسين السيد مشواره الفني في عام 1939 عندما أعلن عن طلب وجه جديد للتمثيل في فيلم (يوم سعيد) مع محمد عبد الوهاب فتقدم ونجح في الفوز بدور صغير في الفيلم، وفجأة قال حسين السيد لعبد الوارث عسر:

أنا ممكن أكتب الأغنية التي تخدم الفيلم، فأخبر عبد الوارث عسر الفنان محمد عبد الوهاب برغبة حسين السيد
عندما تقابل محمد عبد الوهاب مع حسين السيد سأله:

اسمك ايه؟

فقال: اسمي حسين بهاء الدين السيد

فقال محمد عبد الوهاب:

اسمك طويل فمثلا نقول: حسين بهاء الدين أو حسين السيد... فكان (حسين السيد) ثم حكى محمد عبد الوهاب إلى حسين السيد المواقف التي سيكتب عنها ففرح حسين السيد وذهب إلى منزله بالعباسية ولم يذق طعم النوم طوال الليل وقبيل الفجر بقليل سمع خطوات خيول عربات الكار وفكتب (أجري أجري.. وديني قوام وصلني) ثم قدمها لمحمد عبد الوهاب فأعجب بها، ومن هنا توطدت العلاقة بينهما.

وبعد ثورة 1952 كتب حسين السيد العديد من الأغنيات الوطنية والقومية ونذكر منها: الصبر والإيمان - اليوم فتحت عيني - بطل الثورة يا جمال - ساعة الجد - نشيد ناصر - الجيل الصاعد - دقت ساعة العمل - كل أخ عربي - الوطن الأكبر الذي اجتمع فيه لأول مرة في تاريخ الغناء العربي مجموعة كبيرة من المطربين والمطربات في عمل غنائي واحد وهم.. محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ ونجاة الصغيرة وصباح وشادية وفايدة كامل ووردة الجزائرية.. وعرض الوطن الأكبر في عيد الثورة الثامن في حفل أضواء المدينة.

وضع الشاعر حسين السيد بصماته الفنية في فيلم بور سعيد وفيلم رسالة من امرأة مجهوله.

تغنى بكلمات الشاعر حسين السيد نخبة من الأصوات الغنائية الأصيلة ونذكر على سبيل المثال: محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وشادية وفايزة أحمد وصباح ووردة ومحمد فوزي وليلى مراد ومحمد قنديل وهاني شاكر وياسمين الخيام ونجاة الصغيرة.

كتب الشاعر حسين السيد العديد من الأغنيات للأطفال.. وفي هذا الصدد ذكرت زوجته:
إن كل الأغاني التي كتبها حسين السيد للأطفال كانت من واقع أسرتنا.

كما كتب الشاعر حسين السيد المئات من الأسكتشات والفوازير لثلاثي أضواء المسرح، كما كتب أيضا فوازير رمضان. . فبرغم عمله بالتجارة إلا أن الشعر تملكه وكانت الكلمة رسالته.

في عيد العلم عام 1960 منح الرئيس جمال عبد الناصر الشاعر حسين السيد وسام العلوم والفنون، وفي عام 1976 كرمه الرئيس محمد أنور السادات في عيد الفن وذلك عندما ألقى قصيدة بعنوان العبور .
عن الشاعر حسين السيد قال الموسيقار محمد عبد الوهاب:

الشاعر حسين السيد كان يكتب الأغنية الموضوعية فأغنيته ذات موضوع وقصة.

وقال أيضا:

حسين السيد موسيقي الأذن.. وموسيقي الحس.. فعندما كان يقرأ لي ما كتبه يقرأ بالوزن وكأنه ملحنها. .

وفي السابع والعشرين من شهر فبراير عام 1983 توفي الشاعر المبدع حسين السيد وهوفي مكتبه خلال كتابته لكلمات اغنية يحيي فيها الموسيقار محمد عبد الوهاب بعيد ميلاده لتغنيها فرقة الموسيقى العربية

ومحمد عبد الوهاب ملحن أغنية (ست الحبايب) من مواليد من الثالث عشر شهر مارس عام 1902 في حى باب الشعرية ووالده كان يعمل كمؤذن وقارئ في جامع سيدى الشعرانى بباب الشعرية

أُلحق محمد عبدالوهاب بكتّاب جامع سيدى الشعرانى بناءاً على رغبة والده الذى أراده أن يلتحق بالأزهر ليخلفه بعد ذلك في وظيفته وحفظ عدة أجزاء من القرآن قبل أن يهمل تعليمه ويتعلق بالغناء والطرب حيث شغف بالإستماع إلى أهل المغنى في ذلك الوقت مثل الشيخ سلامة حجازى وعبد الحي حلمي وصالح عبد الحي، وكان يذهب إلى الموالد والأفراح التى يغنى فيها هؤلاء والإستماع لغنائهم وحفظ أغانيهم، ولم ترض الأسرة عن هذه الأفعال فكانت تعاقبه على ذلك، بعدها قابل محمد عبدالوهاب الأستاذ فوزي الجزايرلى صاحب إحدى الفرق المسرحية بالحسين والذى وافق على عمله كمطرب يغنى بين فصول المسرحيات التى تقدمها فرقته مقابل خمسة قروش كل ليلة، وغنى محمد عبدالوهاب أغانى الشيخ سلامة حجازي متخفياً تحت اسم (محمد البغدادي) حتى لاتعثر عليه أسرته إلا أن أسرته نجحت في العثور عليه وازدادت إصراراً على عودته لدراسته فما كان منه إلا الهروب مع سيرك إلى دمنهور حتى يستطيع الغناء، وطُرد من السيرك بعد ذلك ببضعة أيام لرفضه القيام بأى عمل سوى الغناء فعاد إلى أسرته بعد توسط الأصدقاء التى وافقت أخيراً على غناءه مع أحد الفرق وهى فرقة الأستاذ عبدالرحمن رشدي (المحامي) على مسرح برنتانيا مقابل 3 جنيهات في الشهر، وكان يغنى نفس الأغانى للشيخ سلامة حجازى، وذات يوم حضر أمير الشعراء أحمد شوقي أحد عروض الفرقة وبمجرد سماعه لعبدالوهاب قام متوجهاً إلى حكمدار القاهرة الإنجليزى آنذاك ليطالبه بمنع محمد عبدالوهاب من الغناء، ونظراً لعدم وجود قانون يمنع الغناء أًخذ تعهد على الفرقة بعدم عمل عبدالوهاب معهم.

التحق عبدالوهاب بعد ذلك بمعهد الموسيقى العربية حيث تعلم العزف على العود على يد محمد القصبجي وتعلم فن الموشحات وعمل في نفس الوقت كمدرس للأناشيد بمدرسة الخازندار، ثم ترك كل ذلك للعمل بفرقة على الكسار كمُنشد في الكورال وبعدها فرقة الريحاني عام 1921 وقام معها بجولة في بلاد الشام وسرعان ماتركها ليكمل دراسة الموسيقي ويشارك في الحفلات الغنائية، وأثناء ذلك قابل سيد درويش الذى أُعجب بصوته وعرض عليه العمل مقابل 15 جنيه في الشهر في فرقته الغنائية، وعمل في روايتي البروكة وشهرزاد، وبالرغم من فشل فرقة سيد درويش إلا أن عبدالوهاب لم يفارق سيد درويش بل ظل ملازماً له يستمع لغنائه ويردد ألحانه حتى وفاة سيد درويش.

في عام 1924 أُقيم حفل بأحد كازينوهات الإسكندرية أحياه محمد عبدالوهاب وحضره رجال الدولة والعديد من المشاهير منهم أحمد شوقي الذى طلب لقاء عبدالوهاب بعد انتهاء الحفل، ولم ينس عبدالوهاب مافعله به أحمد شوقي بمنعه من الغناء وهوصغير وذكّر أحمد شوقي بذلك الذى أكد له أنه فعل ذلك خوفاً على صحته وهوطفل، ومنذ تلك المقابلة تبناه أحمد شوقي، وتعتبر السبع سنوات التى قضاها عبدالوهاب مع أحمد شوقي من أهم مراحل حياته حيث اعتبر أحمد شوقي مثله الأعلى والأب الروحي له الذى علمه الكثير من الأشياء فكان أحمد شوقي يتدخل في تفاصيل حياة عبدالوهاب وعلمه طريقة الكلام وكيفية الأكل والشراب وأحضر له مدرس لتعليمه اللغة الفرنسية لغة الطبقات الراقية، وبدأ نجم محمد عبدالوهاب يبزغ حيث قدمه أحمد شوقي في كافة الحفلات التى كان يذهب إليها وقدمه إلى رجال الصحافة مثل طه حسين وعباس محمود العقاد والمازنى وكذلك رجال السياسة مثل أحمد ماهر وسعد زغلول ومحمود فهمي النقراشي، إلا أن ذلك لم يمنع الآخرين من مهاجمته وخاصة من المطربين الذين تخوفوا من شهرته مثل منيرة المهدية التى طردته من أوبريت كليوباترا ومارك انطوان وكذلك هاجمه العقاد والمازنى
ويمكن القول أن العلاقة بين عبدالوهاب وأحمد شوقي علاقة وثيقة ذكرها عبدالوهاب كثيراً في أحاديثه
قام عبدالوهاب بتمثيل سبعة أفلام امتدت خلال فترة الثلاثينيات والأربعينيات وهى كالتالى:

الوردة البيضاء عام 1933 _دموع الحب عام 1935 _ ويحيا الحب عام 1937 _ ويوم سعيد عام 1939_وممنوع الحب عام 1942 _ ورصاصة في القلب عام1944 _ ولست ملاكا عام1946.
تزوج محمد عبد الوهاب ثلاث مرات الأولى في بداية مشواره الفنى وهى سيدة تكبره بربع قرن يُقال أنها أسهمت في إنتاج أول فيلم له هوالوردة البيضاء وتم الطلاق بعدها بعشر سنوات وفى عام 1944 تزوج محمد عبدالوهاب بزوجته الثانية (إقبال) وأنجبت له خمسة أبناء هم أحمد ومحمد وعصمت وعفت وعائشة، واستمر زواجهم سبعة عشر عاماً وتم الطلاق في عام 1957 ثم كان زواجه الثالث والأخير من (نهلة القدسى)
لقب محمد عبد الوهاب بفنان الشعب وحصل على جوائز وأوسمة وتكريمات كثير ة ونذكر منها:

دبلوم وميدالية ذهبية من معرض تولوز الفنى بفرنسا عام 1962 ووسام الإستحقاق من الرئيس جمال عبد الناصر ووسام الإستقلال وقلادة الكوكب الأردنية عام1970 والجائزة التقديرية في الفنون عام1971 ووسام الإستحقاق السورى عام 1974 والدكتوراه الفخرية من أكاديمية الفنون عام 1975 والإسطوانة البلاتينية عام 1978 ووسام الكفاءة المغربى ولقب (فنان عالمى) من جمعية المؤلفين والملحنين بباريس عام 1983 ووسام الإستقلال الليبى والوسام الأكبر العمانى عام1984 ورتبة اللواء الشرفية من الجيش ونيشان النيل من الطبقة الخامسة ووسام الأرز اللبنانى من مرتبة كوماندوز والميدالية الذهبية من مهرجان موسكووالوشاح الأول من الرئيس بورقيبة والميدالية الذهبية للرواد الأوائل في السينما المصرية والميدالية الذهبية في العيد الذهبى للإذاعة والميدالية الفضية في العيد الفضى للتليفزيون وميدالية طلعت حرب وجائزة الجدارة

توفى محمد عبدالوهاب في الثالث من شهر مايوعام 1990 وشُيعت جنازته في الخامس من نفس الشهرفي جنازة عسكرية

عندما توفى الموسيقار محمد عبد الوهاب كتب الشاعر فاروق جويدة قصيدة بعنوان (وسافر الزمن الجميل) ونذكر منها:

كيف ارتمى العود فى أحضان عاشقه
عند الوداع وحزن الأرض يدميه؟
هل أودعوالعود فوق القبر يؤنسه
وقبرك الآن هل يدرى بمن فيه؟
فيه الشموخ الذى غنى لنا زمنا
عمرا من الحب لن ننسى معنيه
ياأيها القبر إن ماتت أنامله
أسمعه لحنا فإن اللحن يحييه
فدمعة فوق وجه النيل تؤرقه
وهمسة من شذى الجندول تشجيه
قد صار كالنيل يسرى فى جوانحنا
نهرا من الحب يسقينا.. ونسقيه
فى كل لحن شجى سوف نذكره
فى كل عمر ضنين.. سوف نبكيه..

كما كتب الشاعر رفعت المرصفى قصيدة بعنوان (تبكيك الحروف الروابى) ونذكر منها:

يا فيض نهر إلى أعماقه ارتدا
أرض الغناء ارتوت واغرورقت مدا
كل القلوب الرمال اعشوشبت نغما
والفيض باق على وجه المدى وردا
طرح اللحون اللواتى منك قد سكبت
تكفى الزمان التحارق اللظى بردا
تبكى الحروف الروابى ليس عن عطش
لكنه بعض حب منك قد مدا
يا أيها النهر إنا هزنا شجن
أصداؤه في حشانا أنجبت رعدا
والكون في واحة الأنغام مندهشا
ما قطع لكون أوتارا ولا عهدا
خزائن العزف بالألحان عامرة
من شاء منها فيوضا يقصد الوردا

أما فايزة أحمد فهى من مواليد عام 1930 بصيدا من أم لبنانية وأب سورى وفى طفولتها كانت تغنى لأسمهان وليلى مراد وعاشت فايزة طفولتها فى دمشق وأنفصل والدها عن والدتها وعمرها (6) سنوات. . أحضرت والدتها من يعلم فايزة أصول الغناء ثم قررت احتراف الغناء فتقدمت إلى إذاعة لبنان ونجحت ولكنها لم توفق فى امتحان لجنة إذاعة دمشق وتعلمت الموسيقى على يد أول أزواجها محمد عمر النعمانى وفى صيف عام 1954 استمعت لها الفنانة ميمى شكيب وزوجها سراج منير فاعجبا بها وطلبا منها الحضور للقاهرة وفى عام 1956 قررت السفر إلى مصر عاصمة الفن العربى وغنت أول أغنية فى الإسكندرية وتقدمت إلى الإذاعة المصرية وتم قبولها عام 1959 وقدمها الإذاعى صلاح زكى فى أغنية من ألحان محمد محسن وهى (أبشر غيرك) ثم لحن لها الموسيقار محمد الموجى (أنا قلبى إليك ميال) و(ياما القمر على الباب) وللتغلب على مشكلة الإقامة فى مصر تزوجت من عبد الفتاح خيرى عازف الكمان المصرى ولكن هذا الزواج لم يدم سوى عامين فقط من عام 1957 حتى 1959 وفى عام 1963 تزوجت من محمد سلطان ثم انفصلا وفى عام 1980 تزوجت من ضابط مصرى ثم طلقت منه قبل وفاتها وعادت لمحمد سلطان.. تعاونت مع نخبة من الشعراء والملحنين وغنت للأم والأخ والبنت والحب والوطن ورصيدها من الأغانى يتجاوز ال 500 اغنية وثمانية افلام وفازت أغنيتها (خلينا ننسى) كأحسن أغنية عام 1977 وحصلت على درع الجيش الثانى ووسام من الرئيس بورقيبة

وذات يوم طلبت من محمد سلطان تلحين مجموعة من الأدعية الدينية وبالفعل لحن لها 14 دعاء وأثناء التسجيل كانت تبكى فى خشوع وتضرع لله تعالى.. ومما يروى عنها أنها كانت تأخذ الطعام من مسكنها وتعطيه بنفسها لعمال الجراش وكانت عطوفة على الحيوانات وذات مرة كانت جالسة بجوار زوجها محمد سلطان اثناء قيادته للسيارة وعند بولاق الدكرور لمحت رجل كبير فى السن يمشى على عكازين فطلبت من محمد سلطان التوقف وهبطت من السيارة وذهبت للرجل وأعطته المال

وفى يوم الثلاثاء الموافق للعشرين من شهر سبتمبر عام 1983 كان محمد سلطان معها فى المستشفى فقالت له:
خلاص يامحمد أنا أنتهيت.. وفى الساعة التاسعة من صباح يوم الأربعاء الحادى والعشرين من شهر سبتمبر عام 1983 فاضت روحها إلى بارئها

والجدير بالذكر أن ديننا الإسلامي حثنا على طاعة الوالدين وبرهما.. ويعتبر الإسلام البر بالآباء من أفضل أنواع الطاعات التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى

قال تعالى:

وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوكِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا
الإسراء 23، 24

وقال تعالى:

واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا
النساء36

وقال تعالى:
وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
لقمان: 15

وجاء في الحديث أن رجلا جاء إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟

قال: أمك.
قال: ثم من؟
قال: أمك.
قال: ثم من؟
قال: أمك.
قال: ثم من؟
قال: أبوك.
رواه البخارى ومسلم

وقد عرفت البشرية مجموعة من المشاهير فى مجالات.. السياسة والأدب والفنون أشتهروا وعرفوا بأسماء أمهاتهم ولا سيما عائلة الأم.. لا عائلة الأب.. ونذكر منهم على سبيل المثال:

إبراهام هانكس- لنكولن
تشارلز باور- ديكنز
توماس إلفا ايليون- إديسون
جورج بول- واشنطن
وليام أردن- شكسبير
ألبرت كوخ- أينشتاين
ارنست هول -همنجواي
بابلورويز- بيكاسو
جوهان وولفجانج نكستور- جوته
نابليون رامولينو-بونابرت
لودفيج كيفرتيش- بيتهوفن

وهكذا يخلد حب الأم فى القلب مابقيت الحياة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى