

صرخة مجاهد فلسطيني
لنْ أُوقفَ الشرحَ حتى يُفهمَ الدرسُ
ولا الكتابةَ حتى يُملأ الطِّرسُ
ولا انتفاضةَ عزمٍ عِشتُ أُطعمُها
خبزَ الإباءِ، ومِن أنهارِهِ تحسُو
ولن أساومَ في شبرٍ بذلتُ لهُ
عمرًا من الضوءِ، عمرًا صمتُهُ هجسُ
ظهري بوارجُ رفضٍ والبحورُ دَمي
وغير مرفئيَ اللجِّيِّ لنْ أرسُو
وهذه الأرضُ عِرضي من سيقبلُ أنْ
يَنالَ مِن عرضِهِ وغدٌ ومُندسُ ؟!
أمي التي شَبَّ في أحضانِها جسدي
وعاشَ يُرضعُني من ثديِها البأسُ
فكيف من ولدٍ تُرجَى مُساومةٌ
في أمِّهِ؟! إنَّ هذا أمرُكم رِجسُ
يا أمة العارِ، هل ما زال فيكِ دمٌ
يَجري!؟ وتنبضُ في أضلاعِك النَّفسُ؟!
ألم تحسِّي بعارٍ؟! ، غيرةٍ؟! ، ألمٍ؟!
أم قد تحجَّرَ في أحشائِكِ الحِسُّ؟!
شَعبٌ يُبادُ وأنتِ اليوم قابعةٌ
في مرتعِ الذلِّ يُردي وجهَكِ الرَّفسُ
مشغولةٌ بنِياقٍ أو بعارضةٍ
أو أنْ تغيرَ على ذُبيانِها عبسُ
يَندى الحصارُ حياءً وهو منتظرٌ
صهيلَ عُربي، وعُربي كلُّهم خُرسُ
تَبللَ النجمُ دمعًا، والصخورُ أسًى
دوَّت، وليس لهم في نُصرتي هَمسُ
كأنَّهُ مُستمرٌ وضعُ نكبتِنا
مُزرٍ، وأيامُهُ في ثُقلِها نَحسُ
وليس ثمةَ بيتٌ أو وميضُ يدٍ
إلا انهمى القصفُ أو سَوَّى بهِ الدَّهسُ
كأنَّما طَللٌ يَهوي على طَللٍ
وكومةٌ مِن طوًى يَغتالُها البؤسُ
يا كلَّ أُذنٍ طواها الوقرُ عن وجعي
وكلَّ عينٍ غَشاها عن دَميْ النَّعسُ
هذا العدوُّ الذي ما انفكَّ مُفترسًا
وكلما زادَ في إجرامِه؛ يقسُو
إنْ لم تثوروا على أطماعِ فكرتِهِ
كما يثورُ على الإسكاتةِ النَّبسُ
لنْ تسلموا منْهُ فالأدوارُ قادمةٌ
لن يسلمَ الجسمُ ما لم يسلمِ الرأسُ
يا حاطبًا من ثباتِ الغابِ خضرتَهُ
وخائضًا كلَّ دربٍ خطوهُ عكسُ
هذا التخبطُ في كفيكَ يُنبئُ عنْ
خوفٍ عميقٍ ، ويومٍ قُربُهُ أمسُ
تُتِيْهُ فأسَكَ أشجاري إذا انتصبت
كما يُتيهُ بعقلِ الأحمقِ الحدسُ
لا تزدهي بالفؤوسِ الضارباتِ دمًا
يومًا سيهوي على حطابِهِ الفأسُ
إنْ كنتَ زرعًا سيطويكَ الحصادُ، وإنْ
نُحِتَّ فيهِ سيُنهي نحتَك الطمسُ
أما أنا فجُذوري فيهٌ ضاربةٌ
وقد تكاثرَ في أرجائيِ الغرسُ
كالسِّدرِ نَقوَى، وهذي الأرضُ مَغرسُنا
ما استؤصلت سدرةٌ إلا نمَت خمسُ
وما استبدَّ دُجًى إلا انتَضَت نزقًا
من كلِّ ومضِ على دَيجورِهِ شَمسُ
هذي البلادُ أنا، مَن سوفَ يقدرُ أنْ
يُقصي بلادًا نمَت في جوفِها "القدسُ"؟!
أنا البقاءُ فلا شيءٌ يُزحزحُني
ضَعفي الصُّمودُ وخوفي كُلُّهُ الأنسُ
إذا تدفَّقَ طوفاني بفكرتِهِ
فلنْ يُعيقَ قُوَى استفحالِهِ حبسُ
مهما أطالت جُدوبُ الغزوِ وطأتَها
فينا وغُيَّبَ عن أفواهِنا الكأسُ
يومًا سينبُت مِن قفرِ الرَّدى أملٌ
يفيضُ نصرًا ويُطوَى العجزُ واليأسُ
وتَعتلي مِن رمادِ الضوءِ جوهرةٌ
مُشِعةٌ، في سناها يُصعبُ اللمسُ
مِن المجازرِ تأتي كلُّ فاتحةٍ
وبعد طُولِ النَّوَى يُستَعذَبُ العُرسُ