

ظِلٌّ لا يُرى
أُهدهدُ الوقتَ،
وأطوي الدقائقَ بين كفَّيَّ،
كأنها منديلُ وداعٍ نُسي في جيب المعطف،
تفوحُ منه رائحةُ اسمٍ
لم يُنطق بعد.
أضعها في زجاجةٍ صغيرة،
وأدفنها تحت الوسادة،
علَّها تحلمُ بي عند الفجر.
كأنني طينٌ نسي ملامح الماء،
تتشققُ ضحكتي في وجهِ الريح،
فترتجفُ الأشياءُ حولي،
لكن دمعي...
لا يهبط،
بل ينبتُ وردًا
من حنجرةِ الغيم.
في قلبي
رفٌّ مهجور
تتكدّسُ عليه رسائل
لم تُكتب.
أوراقها صفراء،
وحروفها خضراء،
تتسلّقها العصافير
لتصمت.
كأنني غيمةٌ بلا ظل،
أعبرُ فوق الماءِ
دون أن تبلّلني الحكايات،
أُربكُ القصبَ
بأنينٍ لا يُسمع،
وأمضي...
قلبي لا يعيشُ في صدري،
بل يتسكّعُ
في ممراتِ الليل،
يشعُ داخلَه القمرُ
نقطةً نقطة.
مشيتُ مساءً
على ظلٍّ يشبهني،
فانكسر.
عرفتُ حينها
أنّ الأرضَ ليست تُرابًا فقط،
بل ذاكرةٌ تهمسُ تحت الأقدام،
وأنّ خطاي
توقظُ النملَ من غيبوبته،
وتعلِّمُ الندى
أنْ يُصلِّي واقفًا.
حين أحببتُكِ،
لم أقل شيئًا،
بل خبّأتُ اسمي في صدفةٍ
ورميتها في بحرٍ
لم يكن يعرفني.
مشيتُ إليكِ
كأنني لغةٌ منسيّة،
تبحث عن صوتٍ
يبكيها دون أن يقرؤها.
كل صباحٍ،
أفتحُ النافذةَ
لا لأرى العالم،
بل لأتحسّسَ وجهي
في مرايا الضوء،
لأتأكَّدَ أنني ما زلتُ أتنفّسُ
من جهةِ الشعر،
وأنَّ العتمةَ
لا تعدُّ بشيء،
بل تسألني:
«هل كتبتَ؟»
فأردُّ عليها
بقصيدةٍ ناعسة.