السبت ١٩ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٩
بقلم
عَبرة إلى الشام
ألا للشام شوقِيْ لا يُحدُّ | ففي نسماتها للروح وِرْدُ |
أتيتكِ يا شآمُ وليس عندي | سوى قلبي وضيفُكِ لا يُردُّ |
أُعاقِرُ سطوة الإعياءِ وجداً | ويوغِلُ في النحيب القلبُ كَمْد |
بقايا غُربتي في الوجه صارت | مَعَالِمُ لَوْعَتيْ وَلَهُ تَخُدُّ |
فَلاسْمَك يا شآم على شفاهي | كأنغامٍ تُغنّى وهو فْرد |
أَحِنّ إليك مثل الطفل دوماً | إلى أمٍّ تهدهدهُ وتَحْدو |
فيا لهفَ الفؤادِ إلى لُقاها | متى رَحْلُ المودةِ قد يُشدّ؟ |
فلا يروي الفؤادَ سِقاءُ قومٍ | سوى بردى فذا للقلبِ بَرْد |
لَيرْسو مركبي في كل مَرسى | ولا يرويهِ غيرُ الشامِ وِرْد |
فما لمراكبي شطٌ لِتَرْسو | ولا رُبّانها للبينِ جَلْد |
فلا بغدادُ أمستْ لي ملاذاً | ولا وَجَـدَ الدواءَ القلبُ بعدُ |
ولا غيدُ الرياضِ مَلَكْنَ قلبي | ولا سَلَبَتْ لُبابَ الصّبّ نَجْد |
ولو جاءت حسانُ الكونِ تَتْرى | لما استهوى فؤادي عنكِ حَشْد |
فلا فاقتْ بلادُ السّنْدِ حُسْناً | ولا بجمالها فاقَتْكِ هِنْد |
ولو غَنّتْ طُيورُ الشوقِ دهْرا | لما طرِبَتْ لغيرِ الشّامِ تشدو |
فكمْ أهدى لك الأقمارُ شعراً | وكم أرْدى الكواكبَ منكِ خدُّ |
تُجدّلُ للشآمِ الشمسُ صُبْحاً | جدائلَها ويروي الحُسْنَ قدّ |
تجولُ بخاطري الآهاتِ وجْداً | وتضطربُ الجوارحُ إذ تَرُدّ |
فدمعي عن لساني باتَ يروي | من الأعماقِ لهفاً يَسْتَمِدّ |
وودي للحبيبة مثلُ نهرٍ | وشِعري زورق العاشِقِ يغدو |
حَزِِنْتُ لأنني أَبْحَرْتُ عنها | وأدْرَكْتُ الضنى واليمُّ مَدّ |
فؤادي يا دمشقُ غدا رَهيفاً | رقيقَ القلبِ من يهواكِ يغْدو |
شآمُ العِزِّ كَمْ باغٍٍ رماها | بسهمِِ الغَدْرِ، كان لهُ يُرَدُّ |
وكمْ طاغٍ أرادَ بها مُراداً | بِثَوْبِ الذُلّ يَرْفُلُ ثُمّ يَعْدو |
فلاسَلِمَتْ أيادٍ باتَ فيها | نوايا الغَدْرِ نحوكِ قَدْ تُمَدّ |
فشامُ العز مثوى الفاتحين | وحاملةُ الرماحِ بها تَشُدّ |
رسولُ الله خيرُ الخَلْقِ أَثْنى | عليكِ الخيرَ للأَزْمانِ خُلْدُ |
فَلَوْ ما أنتِ يا فيحاءُ رُكناً | لدينِ اللهِ والأنوارُ تبدو |
لما أعطاكِ رَبُّ العَرْشِ فَضْلاً | فأرضُ الشامِ يوم الحَشْرِ مَهْد |