فلسطين الجريحة بصوت صليحة
اعترف بقصوري في مجال الموسيقى؛ رغم اني درست ابجدياتها وطبوعها الغربية والشرقية بصورة اكاديمية، وانا تلميذ في الثانوية. وحتى وانا طالب جامعي ، لم اكن قد اهملت ذلك ؛ لان تلك الفترة كانت من اجمل سنوات الجزائر المستقلة ، وكانت الثقافة تقتضي شحذ الذوق الفني وتجسيده بما يكفل الثراء الثقافي . فالموسيقى جسدها واشار اليها ابن خلدون في مقدمته "صنعة الغناء"، لكننا اهملناها ، عن جهل ، فوقع لنا ما وقع ، من تشرذم وانحطاط فني رهيب انعكس على سلوكاتنا وتصرفاتنا .لقد كان للاغنية الوطنية والنشيد دور كبير في شحذ الهمم وتربية المجتمع التربية الواقعية ، بعيدا عن التزلف والرياء و خدمة للانسان في تبني قضاياه القطرية . والقضايا العربية العادلة.
كما ان الجزائر ، لم تنس القضية الفلسطينية هكذا؛ بل ربت ابناءها على حبها والنضال في سبيل تحريرها- التحرير الذي يعطي للامة العربية والاسلامية مكانتها بين الامم والشعوب الاخرى ، لقد كانت القضية الفلسطينية الشغل الشاغل للشعب الجزائري، حتى وهو في محنة الاستعمار الاستيطاني الفرنسي ، لادل على ذلك ان الجزائر وهي تعيش غمرة احتفالات اعياد البشائر بالاستقلال عرضت عليها عصابات اسرائيل المساعدة في علاج جرحاها عبر الصليب(4) الاحمر الدولي ، الا انها ابت ورفضت هذا العرض الذي يراد به الباطل ، ولم تنس مبادئ اول نوفمبر الراسخة في الذاكرة والتي لا تقبل النقاش والمساومات الرخيصة .
كما ان الرئيس الراحل هواري بومدين كان يردد دوما : " انا مع فلسطين ظالمة ومظلومة"، وواصل بعده الرئيس طيب الذكر المجاهد الشاذلي بن جديد في نفس الخط قائلا : "نحن مع فلسطين في السراء والضراء" ولم يكن باقي رؤساء الجزائر متنكرين لنصرتهم شعب فلسطين رغم محن الجزائر ، وها هو الرئيس عبد العزيز بوتفليقة – رغم ثقل المشاكل الداخلية يبعث بالتاكيد ومن منطلق العولمة والتكيف مع الواقع الدولي المرير ، واقع القطبية الاحادية يؤكد مبادئ الجزائر الثابتة" نحن مع فلسطين ، نحن مع فلسطين ، نحن مع فلسطين ...... ولا يمكن ان نكون فلسطينيين اكثر من الفلسطينيين انفسهم " للدلالة على نصرة هذا الشعب الابي، و عدم تدخل الجزائر في شؤون هذا البلد ، كونهم ادرى بما يصلح لهم .
فبعد حوالي سنة (1987) من الانتفاضة المباركة في فلسطين المحتلة ، والتي فرضت نفسها فرضا على العدو وعلى العالم وعلى العرب ، جاء اعلان دولة فلسطين سنة 1988 على ارض الجزائر المجاهدة من مبدا ان : الدولة ليست قرارا او اعلانا سياسيا او شعارا عابرا يختاره السياسيون الفلسطينيون دون حساب ولكنه اعلان : شعار ، برنامج ،-قرار ينبع من اقوى حقيقة سياسية في القضية الفلسطينية منذ زمن طويل وهي الانتفاضة
عرف اهل فلسطين الخطر الصهيوني منذ لحظة التغلغل، اي منذ تكوين المستعمرة اليهودية الاولى "ريشون ليزيون" في فلسطين سنة 1882 في ظل الحكم العثماني، وعارضوا المشروع الصهيوني منذ تلك المحاولة لقبول الامر الواقع. لذا تنبه وكتب المؤرخون الصهاينة ووفق عادتهم المستهترة والمستهزئة قائلين: "حمل الفلاحون الفلسطينيون السلاح في تلك السنة( 1882) واطلقوا النار على اول مستعمرة صهيونية" ، فهل الكفاح الفلسطيني بدا سنة 1948؟ ام 1967؟ او سنة 1965 ، او بعد ذلك ، كل الاجابات مقبولة –شرط الاشارة الى حالة المرض في بدايته، وكيف تنبه له اهل فلسطين . الفلسطيني كطائر العنيق باسطورته التي هي حقيقة؛فهو الذي ينبعث من تحت الرماد ، كما كان يقول بذلك الراحل يلسر عرفات (رحمة الله عليه) وقال زعيم صهيوني " لقد حاربنا الفلسطينيون (فاعل) بكل عنف من اللحظة الاولى لانهم عرفوا جيدا اهدافنا الحقيقية " ومنذ هذا التاريخ لم يتوقف كفاح الشعب الفلسطيني الى يومنا هذا ، فمن قال ان الشعب الفلسطيني قد انهزم فقد كذب ، فهذا الشعب العريق كطائر العنيق الذي يبعث من تحت الرماد.
وهكذا فلا غرو ، ان ينطلق شعر محمد بوزيدي مدويا في سماء الجزائر والعالم بصوته الجهوري ، وان تشدو المطربة صليحة الصغيرة بقصيد فلسطين ، وقد اجادت الهمسات والصرخات ، فحركت اوجاع ابناء الشعوب العربية عامة والشعب الجزائري خاصة ، لقد صرخت كالرعد بالواجب، والنار ، والحرية وتحرير الارض ، ولم تجد من يكفكف دمعها وهو ينادي ويحذر من ضياع القدس ، لم تنس الرصاص المدمر للقلاع ، قلاع التخاذل والانهزامية والانبطاح بدعوى العولمة والحضارة الزائفة ، والتعايش الحقير ... لم تتوقف عند الحد السابق ؛ بل نادت وابدعت في وصف المجد ، وان المجد لا يكون الا لمن باع الروح ، وليس من قايض الارض وهرول مع المهرولين ، مستلذا الركون والتكاسل والميوعة ، وها هي الصرخة تعيد نفسها من خلال قوافل الشهدا الذين تروي يوميا دماؤهم ارض فلسطين ، ولم تنكس ابدا البندقية الفلسطينية؛ حتى ان ابناء صهيون اصبحوا يخشون الانتحاري اكثر ما يخشون المواجهة.
وها هي القصيدة العصماء، التي تبرز العبقريات الجزائرية والروح الجهادية في سبيل تحرير الارض والانسان.
لا تودعني
لا تودعني وان حان الوداع... واجب العرب ينادي للدفاع
الهب الميدان نارا تتلضى... حرر القدس واقداس البقاع
لا تقل سالت دموعي خوف ثكل ...انما دمعي ينادي القدس ضاع
يا حبيبي كن جحيما كرصاصا... وخرابا مدمرا للقلاع
لا تودعني
ان اختي في دور حيفة تنادي....كل حر مستعد للصراع
عربي الباس كليث تراه ...حاقد النقمة مفتول الذراع
فالى الميدان يا اغلى حبيب ...لا تفكر في الثكالى والجياع
لم يعش للمجد من كان جبانا ...انما المجد لمن للروح باع
لا تودعني
هكذا نلحظ بكل جلاء ، الكلمات القوية واللحن القوي والاداء الراقي ، فبكائية صليحة ، بشعورها المرهف والحساس ما كان ليوجد ؛ لولا الكلمات القوية واللحن الشجي للموسيقار الشريف قرطبي بكمانه الحائر، بوترياته المتناغمة ، بطبوعه الموسيقية الجزائرية المحضة ، والتي هي من عبقريات فن ارضنا الطيبة ، فهل للفرق الموسيقية الجزائرية ان تعيد بعث هذه الانشودة ، وان تجسد حلم مطربة راحلة من نساء الجزائر ؟ لنترك ذلك للمنشدين ، لنترك ذلك لطلبة الموسيقى الجزائرية ، لنترك ذلك لطلبة الموسيقى العربية في الجامعة الجزائرية لعلهم يبعثونها في نطاق اوبيرالي او سيمفوني عالمي ؛ وما ذلك بالشيئ الصعب او المهين في ديارنا-مهد العبقريات .
القصيدة مرفقة بصورة تعبر عن نصرة الشعب الجزائري لشقيقه الشعب الفلسطيني، وهي تعبر عن الاعلان عن دولة فلسطين على ارض الجزائر المجاهدة –سنة 1988-
يظهر في الصورة : الاستاذ المجاهد واحد رموز الحركة الوطنية –عبد الحميد مهري –
الرئيس المجاهد الشاذلي بن جديد- رئيس الجمهورية الجزائرية (1979-1992)
مشاركة منتدى
14 نيسان (أبريل) 2019, 12:58, بقلم عدنان احمد الورغي-سوق اهراس
الشكر موصول لمحرر هذه المقالة حول:"فلسطين الجريحة بصوت صليحة" الاستاذ عزي لخضر، والشيئ الجديد ان الشاعر محمد بوزيدي(1934-1994) المعروف بحصصه التربوية المتميزه وبنضاله في صفوف جيش التحرير الجزائري ابان ثورة التحرير المباركة، كان صوته كالرعد المسبح في الليل الكئيب عبر اذاعة صوت الجزائر المجاهدة ابان حرب التحريري... وكرم من طرف الرئيسين الجزائريين الراحلين: الشاذلي بن جديد ومحمد بوضياف باوسمة ذات عبر وطنية، واجمل ما قراته من اشعاره ما ورد في موقع البابطين تحت عنوان: منبر الاحرار..................، تابعوني في هذه الابيات الصارخة:
اِبعثـوهـا تعـانق الأقـمـــــــــــــارا
وقضـاءً يصـارع الأقـــــــــــــــــدارا
واصنعـوهـا مـن الـدّمـاء خلــــــــــودًا
شعَّ نـورا وأرسل الأنــــــــــــــــوارا
اِبعثـوهـــــــــــــــــــا إرادةً تتحدّى كلَّ طـاغٍ وتخلق الثــــــــــــــــــوَّارا
خلّدوهـا عـلى الزّمـان بـــــــــــــلادًا
تصنع الشّمس للأنـام مـنــــــــــــــارا
اما الموسيقار الشريف قرطبي(1935-2010م)، فهو الوطن الناهض، لحن للوطن، للانسان، لحن للثورة المباركة، للهامات، ونشيد "هامات المجد "هو النشيد الذي رفع هامته عاليا وخلد في سجل التاريخ، عاش فنانا ومات فقيرا، بفعل الفاعلين الماكرين اعداء الوطن والامة والشعبن الله يرحمه ويرحم بناة الجزائر وشهداءها الابرار، والفنانة صليحة الصغيرة واسمها الحقيق هند زكرياء(1943-2003م) وهي خريجة جامعة الزيتونة ومكفوفة ولا تخطئ في قواعد اللغة العربية الفصحى وقد ادت عديد الاغاني الوطنية ومنها اغنية"فلسطين" وها هو رابط التحميل للاغنية:
http://www.al-fann.net/track/138604-
وارجو للمرة الالف سماع هذه الانشودة لفلسطين الابية واول المستمعين كاتب المقال السيد عزي لخضر الذي رددها امامنا بصوته والدموع في عينية تتلالا.المجد للجزائر وفلسطين وعاش العرب وحدة وتضامنا رغم كيد ربيع الذل والمهانة.
6 أيار (مايو) 2021, 08:25, بقلم الاستاذ الدكتور الاخضر ابو علاء عزي-المسيلة-الجزائر
بسم الله الرحمن الرحيم
رمضان كريم علينا وعليكم وعلى كل الامة العربية الاسلامية وبعد؛؛؛؛
شكرا اخي على هذه الاضافة عن الفنانة الثورية المقتدرة**صليحة الصغيرة** واسمها الحقيقي **هند زكرياء*** من مواليد اقليم الكاف بتونس وتنحدر من احدى بلديات وادي سوف-الجزائرية.لما كتبت هذه **الخربشة* سنة 2005م لم تكن في حوزتي معلومات عنها ولا عن الموسيقار الشريف قرطبي واليوم تحديدا الخميس 06 مايو(ايار) سنة 2021م الموافق ل24 رمضان المبارك العام1442ه استمعت للانشودة الثورية عن فلسطين الحية في قلوبنا دائما وابدا. وكنت جد متاثر بالايقاعات الجزائرية في هذه الانشودة.ويا رب احم الجزائر ويا رب الجزائر بقيت وفية للقضية الفلسطينية وتعرضت لضغوطات كثيرة وتحديات نتيجة مواقفها المشرف.؛فاحفظ بلادنا وانصر فلسطين ظالمة ومظلومة وفي السراء والضراء.سلامي لكل اهلي بسوق اهراس ومدنها وقراها وجبالها المهيبة وغدرانها ونهر مجردة ووادي ملاق وسدراتة وكل ربوع الجزائر.وعيدكم مبارك سعيد:هل هلال العيد على الاسلام سعيد.