الاثنين ٢١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٩
بقلم الحسان عشاق

فلفول كبير المفسدين

يجر فلفول كلبا مشدودا برسن سلسلة حديدية، الكلب البني المرقط ذي الشعر الكثيف يحشر انفه في الأعشاب، يقفز بحركات نشيطة،يرفع رجلا يتبول على شجرة،غربان تنعق في السماء الواسعة، لقالق فوق الأعشاش تصدر طقطقات بمناقيرها الطويلة،عيون تدعك في حقارة الشاب الأمرد الذي تتدلى منه جدائل الشعر فوق الظهر،حركات أنثوية مثيرة، يستعذب بطقطقات الصندل ذي القاع الخشبي على الرصيف،يمشي مزهوا في الشارع الكبير،ينزه الكلب نزهة الصباح ويتنزه،رياضة يومية،التقى إدريس المكناسي تبادلا التحايا وضربا موعدا كما العادة، لإشعال الشموع،إنارة الزوايا المعتمة في الأوصال، المجون دخل إليه من الباب الواسع، يلملمه الخوف والرغبة ويدهسه الشوق القابع في الأعماق، ينفضه، يمزقه، تضج المخيلة بصور كثيرة، ضجيج الألم لا يزال يسكنه، ضجيج فتى يافع داهمته قسوة وعنف الجسد، اللهو في الحقول متعة، صيد الطيور بالفخاخ،وقطف ثمار الأشجار المثمرة، تفاح وتين، أجاص ورمان وعنب،الطائر الأسود ذي المنقار الأصفر يثقب حبات التين، يفرغها من الداخل، تجف، تسود، تصفر،يكمل النمل عملية التنظيف، يسبق المتسللين إلى الحبات الطازجة، التسلل خلسة إلى البساتين مغامرة مفضلة، راقبه يدلف إلى الإدارة القريبة من مسكنه،يستعيد لحظة الاقتحام و الألم والرضوض، إعصار هائل يثور بداخله،ذل وانكسار، تجرع المأساة وغلفها بالصمت،المرة الأولى كانت قاسية و صعبة،استرد عافيته مع التعود، وأصبح مدمنا يطلب المزيد.

أغلق صفحة النظرات الثاقبة، دخل في لحظات لاوعي مبعثرة صاحبتها لذة انغماس إرادية في ثنايا صورة عميقة للرجل الذي اقتحم الحصن المنيع المحروس بعنفوان، بغنج ودلال، وأمام لحظات الضعف سقط في لجة الخضوع الذاتي،وطأة التهديد الحاد يزداد قياسا بحرارة الرفض والقبول. لم يعد بمقدوره الهرب ومقاومة الشراسة، داهمته لحظة الاستسلام،يغتسل من أدران الاقتحام المؤلم،الكلب يعوي، يجر السلسلة بقوة، في الجهة المقابلة كلب ضخم،يحشر رأسه في صفائح القمامة، رغبة التكاثر تحركه، ابتسم في مكر،راح يداعب خصلات الشعر المنسدلة على الوجه،من يراه من بعيد يعتقد انه فتاة في العقد الثاني أو اقل بكثير، يرنو إلى صور عتيقة مضببة،تخدش الوجوه القاسية،تنسكب في تضاريس الألم المعقدة، الاستغاثة والعويل والصراخ ما تبقى له.ارتشف قهرا من ثمالة الوجع والبشاعة والغثيان، زمن ثقيل يضغط عليه، السروال سقط عنوة، تمزق الحزام، اقتلعت الأصداف، عاريا يمشي يحمل الجرح، يتردد صوت الاختراق، اتسعت الكوة وسط السور،شجرات التين تسقط الأوراق، الصفعة واللكمة تلسع دواخله،يخر ساجدا منكسرا كعصفور أدركه الصقيع،باكيا مذعورا، يكفكف الدمع، قد قميصه من دبر،لم تكن هناك امرأة العزيز المسكونة والشغوفة بجمال يوسف،ولا نسوة سحرت ألبابهن وقطعن أيديهن بالسكاكين، ولا بئر للعقاب،ولا الإخوة الأعداء، كانوا أربعة شبان،أكلوا من شجرة الزقوم تباعا،ارتضى وابتلع قدره في صمت،

 صباح الخير فلفول كيف الحال

 بخير

 كاين قصارة عشية تحضر...؟

 موجود

ليس له يد ولا حيلة..،معتقل في كوابيس الرغبة، ينبوع يرتوي منه العطشى الأتراب، يغسل الأشلاء المنتصبة المحمومة المصابة بأوجاع البلوغ،حين يحس بقسوة الألم، تحضر في وعيه أساطير قصص الحب الطاهر،يستحضر صبر الفتيات، لحظة انتقالهن إلى طوابير النساء، لاستكمال دورة الحياة،فراشات ترفرف في الفضاء، تعانق في شوق الأزهار، يدق الباب يستقبله ادريس المكناسي بترحاب كبير كما العادة، يربت على أسفل الظهر بحنو ظاهر، ادريس موظف حكومي، عزف عن الزواج لأنه يذوب في المحرم، يجد خلاصه وحريته في مملكة سدوم، يعرف تبيان الفاكهة الطرية من الفاسدة( وفـتية كمصابيح الدجى غرر شم الأنوف من الصيد المصاليت) رحم الله أبو نواس،من اكبر المدافعين عن مملكة سدوم، وحفدة سدوم، تصدح الموسيقى،الدرس اليومي بدأ.

يشاهد مصلح الدراجات الهوائية منهمك في عمله،العجلة الغضة والطرية تحتاج إلى التشحيم والنفخ،لا يمكن قطع المسافات بعجلة نائمة، المنفاخ يجب أن يكون قويا. والنافخ مفتول العضلات،يرمقه يسحب آلة، يفتح قفلا صغير اسودا، يدفع أنبوبا في ثقب العجلة السوداء،يضع رجلا على قضيب معقوف، يرفع الساحب إلى الأعلى ويضغط، تتكرر عملية النفخ، العجلة النائمة تمتلئ بالهواء،يصفر الأنبوب، يغلق الثقب بالسدادة.

وقال له ادريس متهكما ومازحا،التفاح الطازج شانه القطاف اليومي، الثمرة الناضجة تحتاج إلى أيادي موهوبة، مهرة في قطف الثمرات،منعا للذبول والتحلل..؟ يتيه في طلاسيم المعنى،يختزن في كيانه حرمان شقي، يتحرق لري حتى الثمالة،الحرث يملؤه نشوة وزهوا،ادريس المكناسي فلاح متمرس،يعرف كيف يشق الأرض، يدفع المعول بتوادة في الأخدود، دفئ النبش يغمر الخلايا يتدفق الدم في العروق،تفرس بتلذذ في التلال والروابي،إيماءات تشعل حرائق الشهوة، توقظ الفتنة النائمة،يهصر بقوة الهضبة المتحركة،يحمله دفئ غامر إلى المجهول، يمتطي صهوة جواد مجنح،يطير مع الطيور المهاجرة، السندباد البحري يركب المغامرات لاكتشاف العوالم النائية بحثا عن الثروة، علاء الدين يحضن بعذوبة وحذر المصباح السحري، يفركه، يدعكه بحركات متلاحقة وشرسة، ينتظر في فرح وخوف ولهفة خروج العفريت من القمقم، يستجيب للطلبات المبهمة والصعبة،يطفو فوق بساط اللذة،يشعر بلزوجة تنسكب،الموسيقى الشعبية تصدح في إرجاء الغرفة، قفل من الرحلة متعبا، استعاد الأنفاس،أمره بالمغادرة،الدرس اليومي انتهى.

الأزقة مزدحمة، تنفلت فردة الصندل بسبب المطبات ينحني لإرجاعها، يعبر الأزقة الضيقة،عيناه تلاحق الفراغات،يوزع الابتسامات و التحايا، تصدم آذانه كلمة ( ولد النصرانية) ابتلع الشهقة المتعثرة في الحلق،وعانق نزف الحيرة المتنامي،أكمل الطريق،شتيمة لازمته مند الدراسة، لم يكن له دخل في أن أنجبته نصرانية، هندوسية أو يهودية، مجيئه إلى الدنيا لم يكن باختياره، أبوه غريب عن المنطقة، جاء هاربا من مدينة أخرى،خوفا من القتل، أهدر دمه، سرق أموال المقاومين ضد الاستعمار.

التحرشات اليومية من التلاميذ أجبرته على مغادرة مقاعد الدراسة، امتهن التسكع، مجالسة كبار السن،يحتمي بهم حين تقتحمه وتنهكه أوجاع الخلوة، ينبجس الضياع والظلام،تزفه السنون إلى عباءة الفتوة، يهرب من زعاف ورهبة الإيلاج النابت قهرا في طين الحفر، تأتي الغيبوبة حين يترنح الإناء بماء فيض، ترتوي الشفاه وتزول الدهشة، يبحث عن كلمات لصلب هودج التعري النابت في الضلوع، لتهاجر حبات الرمل لهيب الصحراء،أشاح بوجهه بعيدا، سقطت عيناه على حداد الحي، يهوي بالمطرقة على قطع حديد ملتهبة، تتشكل الأداة، يغطسها في الماء، يصعد البخار، يعيد حشوها في النار المستعرة، الكير يعمل، فتى الكير مفتول العضلات، عيناه مشدودة إلى النار، كلما استعرت كلما ضمن الخبز اليومي...محاريث، معاول مناجل،سكاكين صفائح البهائم...ترتاح أمامه، تتصلب أطرافه، يحمر، يعرق من شدة الحرارة، يمشي مستسلما، يستعيد سفره، سقوطه في أبجدية الألم، يستنبت نباتات وحشية في حقول الصقيع، البذرة نطفة تخرج من بين الصلب والترائب، والمحراث أنبوب يقتفي في توأده اثر الجرح، الأرض جدباء لا تحتاج إلى سماد، ارض هاربة من قبضة الربيع،تنحني خوفا من لطمة الريح المتأججة من لسعات الرفض،امسكه من قفاه،وسحبه إلى زقاق جانبي، عاتبه بشدة،لم يلتزم بموعد الأمس،في عينيه تلطمه الثورة الجامحة، اوعبو امازيغي قح، تاجر مواشي، يستهويه المحرم،لا فرق لديه بين الذكر والأنثى، كل من تجري في عروقه دماء يصلح للحرث،حكمته الأبدية، يحمل جرحا بين فخديه، رأس مثقل بالوجع،نار مستعرة،بداخله تقرع أجراس العراء،يحثان الخطى، لاختزال مسافة العطش، الانغماس في لزوجة الفرح،الشجرة تنمو في مياه الروح العكرة.

يغرق فلفول في الرتابة، تنتابه حالة من الارتباك والضياع لائحة الخلان تطول، تزدحم بالأسماء و تتعدد الأماكن،يجلس مطرقا يستعيد شتات الذكريات،يقلب اضمامة الصور، ينفخ في الصور يستوي في العقد الخامس،فارع الطول، هزل كثيرا، يحمل عاهته بين الضلوع، شمسه افلت، وشاخ الجسد وتهدل، فقد الطراوة والرشاقة،الشعر الأسود الفاحم المنسدل على ضفاف الرأس اختفى،فقد جزء من الواجهة التفاخر في الصبا،مند حط رحاله في الوطن قادما من بلاد الضباب، قضى الليل مارقا يسبح في الخيالات الجارفة،يطوف في ركام الذاكرة،في المهجر عمل سائقا لحافلة، في الليل يتردد على الحانات والعلب الليلية، التقى ببعض أبناء الوطن، كرع عشرات الكؤوس، انسل من الشلة دخل المرحاض، طال الغياب، الزوجة الأجنبية تساءلت، يكبر السؤال تعمقه الثمالة، تدخل المرحاض في لهفة، هالها المنظر صرخت،الزوج ينحني عاريا يؤدي طقوس الاستسقاء في استسلام، يستقبل زخات المطر اللزجة.

 انت حمار حشمتي بينا

 كنت سكران

 هاد شي ديالك ديرو ملي تكون بوحدك

قبل نهاية الأسبوع جمع حقائبه،عاد إلى الوطن مهزوما، يحمل في الجمجمة بذور الخطيئة والسقوط، فلفول أصبح غريبا، الجفاف يخيم على خلجان الوجه، الجسد يحمل عطشا قارسا، وجرارا من القهر والتعب والغربة،أضواء الشوارع الباهتة تزيح ظلمة المساء، مثقلة بالسكون،الأشجار العارية تحدق في الفراغ، يستأنس برائحة المكان،يطوف بدون اتجاه،تستريح في المخيلة ذكريات الطفولة،من بعيد صوت حميدو زعزع سائق العربة، يخرجه من التأملات العميقة، عانقه بلوعة، ندت عنه شهقة تحمل أكثر من معنى.

باحة المسجد تزدحم بالمصلين،طابور ينتظر أمام مرافق الوضوء،خضر وفواكه تعرض في عربات مجرورة،زعزع لم يكن وحده مطلا على الأسرار، ظل يثرثر بدون توقف، يضحك بدون سبب، تحدث عن الطفولة الخشنة والبساتين التي أقفرت، والأصدقاء الذين ألتهمتهم وهزمتهم تجاويف الحياة، عن التجار والكساد، وفتيات الحي اللواتي تزوجن واللواتي تطلقن،يصغي برصانة مصطنعة، يرسم المشاهد في المخيلة ويعيد بناء الصور،ذكره بلعب القمار، لعبة (العيطة بالكارطة) في منزل الحوات في الحي الشعبي،تأوه بشدة، شريط الأمس البعيد يتهادى أمامه،صوت لاعبي الورق يتعاظم، لاعب يتهم الأخر بالغش، رنين الدراهم له وقع خاص،يسقط الضوء يبدد وحشة المكان، سرير وبضعة أغطية، رائحة المرق تكبس على المكان، كؤوس الشاي الساخن وسجائر رديئة،كل يوم سهر وحفلة،كان قطب الرحى للمجون الجميل.

لم يكن الوقت مناسبا لاستحضار الذكريات،تركه يفرغ الحمولة، ليخرج من حالات التيه الداخلي، تغمره المشاهد، تحرره الكلمات من اسر الزمن البعيد،تنفخ في أشرعة الماضي وتعيد السفن إلى المراسي، لم تلألأ في ذلك اللقاءات سوى أطياف لحظات قديمة، وضباب الرعشة والهدوء المسربل بالضحكات، من أجساد ثملة تغرق في الضياع، تهجر أعماق اللحظة البريئة، خلف ضوء الشمعة وصوت الموسيقى، ترتكب الفعل الهمجي، تركع وتسجد للجسد المسجي الممد عاريا، تؤدي طقوس الجنازة، تضيع البوصلة ركضا خلف الهواجس متزاحمة منفعلة، تنغرس في العروق فيرقص الحاضر والمستقبل، دخلا إلى المنزل، شربا حتى الثمالة، ضحكا كثيرا، يرتمي حميدو زعزع في النهر المشتعل، يقتحمه الحنين المخضب بنزق الاشتهاء، تجرفه الآهات يغرق، يرتجف، يحصد بالمنجل حشائش الحقل، يتقيأ الجرح، يرى جمجمة وهالة النشوة، قضي الأمر، خلع قميصه للشجرة المحرمة فأثمرت، حينها عرف انه لم يغادر الوطن ولم تهزمه السنون.

يجول في المدينة، يستعيد الماضي ويخطط للمستقبل، قفزت الفكرة من العدم وجثت على الصدر،انسكبت في الدماغ دفعة واحدة وبددت وحشة التردد،أيقظت رغبة قديمة مدفونة في الوريد.

 ساترشح مرة أخرى للانتخابات

 فكرة جميلة

 سبق أن فشلت لكن هذه المرة اشعر أنني سأفوز

 نحن معك...؟

المدينة تغرق في الضجيج، صور بألوان الطيف، معلقة على الجدران والصدور،مرمية على الأرض،وجوه تشرئب بقبح تفصح عن المبتغى،تطل صورة فلفول تحتها تنام عبارة (انتخبوا فلفول رمز الثقة و الشرف والعطاء..) عبارات تصلب الحقيقة، تبقر ملامح الصفاء والطهر، تفغر الأفواه، العاهرة المحترفة تتحدث عن الشرف، تمتطيهم النظرات الخرساء المرتابة، دعابة سمجة، تساءل احد السياسيين بمكر، لقد افسلت،دعابة ثقيلة تسقط في وعثاء التمويه و العناد والتربص، تهشمت زجاجة الخرس، جرى الكلام الطويل حول فلفول، عرس السخافة والسخرية يلبس المدينة، يداعبها بصخب وجنون، فلفول بالوجه العبوس المتعالي قادر على لملمة حطام المدينة، مشاهد عبثية يومية، كل مترشح يقدم وعودا، يحمل عصا موسى، ويلبس جبة المهدي المنتظر، تهتز شجرة اليقين فتنداح الظنون، تتهاوى المبادئ والمواقف، الأوراق النقدية تفك عقد الحناجر،تدثر الإعطاب، فلفول أصبح بطلا عظيما، أعظم من جنكيزخان، نيرون، طارق بن زياد،هولاكو، نابوليون، غيفارا...يصعد فوق سطح السيارة، يوزع التحايا، يرسل القبلات عبر الأثير، تلمع صفحة الوجه المكللة بالتجاعيد، تهرب المساحيق، تتطاير الأوراق الرمز، من أيادي جيش الأتباع، تغرق الأزقة والشوارع، طوابير سيارات تكتسح المنازل بأصوات الأبواق، عربات مجرورة بالبهائم تتكدس بها الرؤوس، فرق موسيقية تتغنى بالبطل، الجسد يطير في الهواء، آلاف السواعد تتقاذفه، ريشة في مهب الريح، حياة مندثرة انبعثت في الأشلاء الميتة و الصدئة، تهرب من الهلاك والتلاشي أخيرا،تغادر البؤس الشقي،وقوقعة التخبط الأهوج، تصادمت الوجوه وتعانقت في ضجة غريبة.

 مبرك السيد الرئيس

 مبروك علينا جميعا

 تنتظرك ملفات كثيرة تعد من الأولويات

 سنعمل على قدر المستطاع للنهوض بالمدينة

الشمس تلقي بشظاياها من خلف المكتب الكبير، فلفول قطب الرحى سيد المكان، الأعين مشدودة إليه، فلفول يعتدل في جلسته، يفغر فاه، يحتضن بيده ملفا، يحاول النهوض من رماد سقوطه، يعلن الهرب من الأسر القديم، يعلق القميص الملطخ بالعار فوق حبل المدينة الحطام، يجمع الشتات ويروض الأحصنة الجامحة، لتركض في براري الضوء، تمشي متبخترة في مواكب التصفيق والمداهنة، تلعب دور الزاهد المتعبد الناسك، تخرج من شرنقة الماضي،لمقاومة حروب الردة، تتمرد على حرقة الخزي، في عيونهم تأتي الشماتة فاغرة الأشداق، تتقشر أمامهم، يعرفون كم دفعت نقدا لشراء الكرسي، مقيد بالذل والمهانة،رئيس مزور جاء بشراء الذمم،تمحو العار بالعار.

يسكن الفقر في مصارين المدينة العارية المسكونة بالفتنة، سنوات عجاف، أسدلت ستارة من الغشاوة على عيون تتوق إلى الحرية والغوص في الأشياء الجميلة، فلفول يوزع الأحلام بالتساوي على الحالمين، ويكبر اللهاث في قلب من انتعل الخريف، وسار حافيا على أشواك الصبار، توزعه المسافات الصدئة في ضباب ارث الأسلاف، يصلب روحه على مذبح الانتظار، يسجد لأمير الخراب والدمار. تستعدي القريب والبعيد، نيرون يشعل الحرائق، يحمل تيجان الخلاعة، تنغمس في الملذات، تخرج من حالة الإفلاس الأكيد، تنتعش التجارة الخاصة، يرتفع سعر العقارات. المدينة تتمزق، تتعرى ترجع القهقرى، تغوص في سنوات عجاف أخرى.

 اغرق المدينة في الديون

 أجهز على المناطق الخضراء

 المدينة اسمنت مسلح

 لابد من تحرك جماعي لوقف النزف

 رأينا فسادا وفاسدين بالمئات ولكن فلفول كبير المفسدين بدون منازع، أتى على
الأخضر واليابس

تمايل بخطوات ثقيلة واسند طوله على الجدران، كأنه يحمل نعشا على الظهر المحدودب،تحمر وجنتاه المتبرجة، تطل آذن تشبه فردة حذاء طفل صغير، من زجاج مكتب المؤسسة يراقب جمهرة من الناس، صور ولافتات وأعلام، مكبرات الصوت، صوره تضمخها عبارة ( ارحل)، سيارات الأمن تغلق المكان، أعداد بشرية تتقاطر من كل جهة، الحناجر تصدح بالشعارات النارية، المطالبة بالمحاكمة والمحاسبة، تعذبه، وترعده صرخات الغاضبين، عرقوب يقف عاريا مصلوبا على شتات الوعود، يجره الفساد إلى مخالب الفضيحة، حارس المعبد لص، سرق الجمل بما حمل،الصرخات تتعالى بحجم القبح الذي يسكن شرايين المدينة، يغيب سؤال من باع ومن اشترى، من تآمر و نصب الجهل، يحضر سؤال اجتثاث الفساد من الجذور، يخاف الوقوف في المحكمة،ليس كل مرة تسلم الجرة، طمأنه انه احد الأتباع بان الاحتجاج من فعل الخصوم، لعنه في خياله، يعرف انه متملق منافق، لو أبعده من الدائرة الضيقة لقال فيه ما لم يقله مالك في الخمر، أيام عصيبة تنتظره، افلت في السابق من السجن، لكن هل يفلت الآن...؟ أشياء كثيرة تغيرت في الوطن...؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى