
محمود هنا.. محمود هناك
بقلم: طلال حمّــاد
لم يرحل محمود بعد..لم يرحل نبي اللغة في قصيدتي المقدسيةلم يرحل أخيلم يرحل أبيولا ابن عميولا جارنا في القدس القديمةولا الطريق إلى جلجثة القيامةهل يرحل من رسم مفاتيح المدينة؟أو يرحل من يقرأ التلاميذ كتاب سيرتهقبل كتاب القراءة؟هل يرحل...؟أنا أرحل كي يعود فدائي القصيدة المحنّاة..بطين الجليل..وماء البحر من ميناء حيفاهل قلت حيفا؟أقول حيفا.. فليس عندنا في القدس بحرعندنا دمٌ نعم..وعندنا عشّ حمام يحمل اسمهوعندنا خيوط الثوب الذي نلبسهوعندنا.. صور وذكرياتلكننا نغتسل بماء البحر..نحضره في زجاجات..ونملأ الكؤوس.. ونستحضر سيرته..نشرب على نخبه..عندنا مليون محمود.. لكنليس عندنا غيره.. لا يشبه إلاّ نفسهمحمود هذا.. لا أحد يشبهُهُ..محمود هذا الوحيد الذي نعرفُهُفكيف نفقِدُهُ...؟نفتقد غيابه..يغيب ساعة..يغيب ساعتين..يغيب عاماً..يغيب.. نغيب.. تغيب الشمس في آخر النهاروينحسر الماء عن اليابسةويأوي الطير إلى موئله..ويأوي الحبيب.. إلى ما يشتهيوالحبيبة إلى ما لا ينتهيومحمود.. يعودلا يفاجئنا..ولكنّة يأتي على حين غرّةٍليسألنا: ما الجديد؟ولا جديد إلاّه..لا جديد في هذا البراح إلاّ صورتهإسمُهُ/ رسمُهُ/ صوتُهُ/ أغانيهكأسُك يا محمود..وضحكتُهُ..من يذكُرُ ضحكتَهُ.. إذا ضحك؟هذا الذكيّ فيما يعرف..والنبيه فيما يسمَعُوالجميل فيما يكتُبُوالفصيح الصريح فيما يقرأوالمنتبه إلى رفّة حمامة قلبك..عندما تراه.. لترى بأنّه يراكفيبتسم وتبتسم..وهو يرى تخلّفك عن ظلّه المزدحميمشي إليك.. وتمشي إليهوهو يحسّ بظلّه يشتدّ ازدحاماً من ورائهِكم ساروا من ورائه؟كم مشوا في ظلّه..وكان يدري.. أنّ ظلّه ليس ظلّهموأنّهميبحثون في ظلِّهِ.. عن مكانهم؟لم يرحل محمود عن مكانه بعد..لمحمود المكان..ولمحمود ـ لو شاء ـ الزمان..لكنّه أكرم من حاتم..فقد ترك لنا..ما نورثه من بعدنا..للأرضِ..وللنّاسِ..وللزمانمحمود هنا..محمود هناكمحمود فينا.. لو بحثنا بأمانةوصنّا من بعده الأمانة
بقلم: طلال حمّــاد