الخميس ٢ كانون الثاني (يناير) ٢٠٢٠
بقلم سليمة مليزي

ها هو عام اخر يرحل من عمرنا ...

آمنتُ في كل مرة أننا نحن العرب لا يهمنا الاحتفال بالعام الجديد، للسنة الميلادية، هذه السنة رغم عنا اننا نتعامل بها في حياتنا اليومية والتقويم السنوي، رغم بعض العادات التي ورثنها من مستعمراتنا، أننا نحتفل احتفالاَ محتشماَ، هناك من يخرج لعشاء مع عائلته خارج، البيت وفيهم من يحتفلون في البيت مع بعض الاصدقاء، وكنا زمان فترت الثمانينات، التي كانت الجزائر تعيش فيها سلام وأمناً وتطوراً، عندما كنت في رعيان الشباب، كانت العاصمة تتزين محلاتها بأنواع مختلفة من الشكولاطة والكيك و حلوة ’( la buche) والمكتبات تتزين بأجمل البطاقات الجميلة الملونة بصور مدن الثلج، كنا نتهافت على اجملها ونشتريها ونكتب عليها كلمات الحب، وتهاني العام الجديد، ونرسلها لمن نحب وأصدقاء،التقينا بهم في عطلة الصيف، او اصدقاء الدراسة، هذه الظاهرة الجميلة التي كانت تسعدنا ونشعر أننا فعلا نودع العام بالفرح والشكولاطة، ونستقبل عاماً جديداَ، وننشر احلامنا الوردية، ونطمح الى عام مليئا بالفرح والسعادة والنجاح، أحياناً كنا نحتفل به في بيت الشاعر الكبير محمد بالقاسم خمار، كانتْ سهرات رائعة فيها الضحك والفرح والموسيقى والرقص والاكل اللذيذ، والهدايا، رفقة نخبة من المجتمع المخملي المتعلم المثقف في ذالك الوقت ..
بعد مظاهرات 5 اكتوبر 1980، تغيرت الجزائر وذهب الفرح وانقلبت الدنيا، بدأت ظاهرة الاحتفال برأس السنة الميلادية تخفت، وارتفعت الصيحات في المساجد والزوايا بأنه احتفال نصراني، ومن يحتفل به كافر، ثم أنتهت هذه الاحتفالات، وتغيرت الافكار والذهنيات بعد ظهور الاخوان المسلمين الذين نشروا التفرقة والتعصب، بدل الحب بين الاهل ومحوا كل اثار الفرح والجمال، ومنعت الاحتفالات برأس السنة الميلادية، فترة التسعينيات السوداء التي دفعنا الثمن غالي جدا بأبناء الجزائر، تفشي الجريمة في الطرقات والاحياء الفقيرة ، اختلط الحابل بالنابل، ولم نكن نعرف من يقتل من، ولبست المرأة الجلباب وصعدت الى الجبل لتكون خليلة ومفضلة الامير، بما كان يعرف بزواج (النكاح) وكانت تصبى الصبايا الى مشوار الضياع، ذالك الحمل الذي زرعوه في اذهانهم الجنة تحت اقدام الامراء الوهميين الذين يعيشون في الفقر وجبال الجزائر التي تحولت الى خط أحمر، وأصبحت رائحة الموت تعبد شوارع العاصمة، وكل شبر في الوطن، ودوي القنابل في كل مرة ترعبنا ، وفي كل مساء نسمع الرصاص والموت والصراخ، و والقتل والجريمة التي فتكت بالعائلات وفرقت بينهم، كان الرعب يزرع بدل الورد والفرح في قلوب الناس، لم تعد رأس السنة الميلادية لها طعمٌ ،وأصبحت أعوامُ العرب كلها دمارٌ وتخلف ، ولم يعد للسنة الجديدة طعم الحياة ولا الفرح، بدل ما نستقبل سنةً جديدة تحمل معها أملاً جديداً بمستقبلٍ يملئه النجاح والتقدم، ونحلم بعام جديد وأيّامه آتية ترفرف بتفاؤل وإصرار، تطوي كلّ ما خلفها من آلامٍ وفشل،فننظر له بعينٍ مشرقة متلألئة بأنّ الآتي أجمل ، هكذا يكون التفاؤل بعام جديد مليئا بالفرح والسعادة والنجاح والتطور

ليلة 30 ديسمبر 2019


مشاركة منتدى

  • تحية طيبة لكم احبتي في ديوان العرب
    اشكركم جزيل الشكر على النشر ، سعيدة جدا بوجودي بين نخبة المبدعين العرب ،
    انتظر منكم حوار يجمعني مع هيئة التحرير ، سيكون شرف لي .
    شكرا لكم
    محبتي
    الأديبة والصحفية الدكتورة سليمة مليّزي من الجزائر

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى