

وصيّة الأنقاض
قَصّوا عليّ وصيّة الأنقاض، والقتلى.
يقولونَ الدّماءُ قرنفل الأشلاءِ،
أعرفُ وردةً أخرى تُطِلُّ من الحجارةِ ترفعُ الأهدابَ لله
أسمعُ الأنفاسَ تصعدُ، للضبابِ
وتلتقي بالشمسِ،
والأرجاءُ صارتْ قبلّةً للميّتينَ على الخرابِ
تهاوتْ الأحداث مثلَ دموعها
والقصفُ يشحذُ بالنهايةِ عصرنا
العصر للموتى فسيروا للرصاصةِ
فالزمانُ خيانة الأحياءِ
وانصَرِفوا إلى الماضي هنا
لا شيء يُحكى كلّ شيء فاق وصفي،
منْ يُصدقُ أنّ أطفالا صغاراً
يُقصّفونَ فَيَنثرونَ رمادهم، كالقمحِ
والأرضُ التي قالت لهمْ:
أينَ السنابلُ لم تجدْ غير الدمار،
يُصَعَّدونَ،
دمي حريقٌ
صَدَّقُوا النارَ اليبابَ وحينَ توغلتْ فينا
كأنَّ عظامَنَا قشٌّ،
كأنّ هياكلَ الأجسادِ مِدْفَأَةُ الحروبِ
وعالمٌ في الأفْقِ يرفعُ للدخانِ حداثةً!!
غربٌ
أطلوا من دهاليز الرصاصة،
يسألونَ دمَاءنا: من نحنُ؟
قلنا نحنُ نولدُ في الحطامِ ونستَعِدُ لموتنا
نحنُ الذينَ تأكّدوا أنْ لا ضحايا غيرهمْ
نحن الذينَ تحطّموا بمستشفى الشفاء،
بلا أصابعهمْ،
ونحنُ فصولُ حزن من كتاب القتلِ،
والقتلى
سيقرؤنا الهنودُ الحمرُ في أفراحكمْ
وسيرقصونَ على الدموع لموتنا.
نهرُ الهويّة في الحجارةِ نَقْشُه،
والنَّازحُونُ تَأَبَّطُوا، أَوْجَاعَهم،
متجهمينَ من الخرابِ، إلى التهاوي
ودّعوا الأشلاء والأعضاء والأشجار
التي سكنتْ ضلال الموت فيها.
فالحيّ دوّى بالصواريخ المهولة، والرزايا،
والفدائيّ الكثيف تلفّحَ الغارات مرفوعَ الجبينِ
مُهيئًا للريحِ والطير المخبأِ في الدموعِ
ترى ستهجرني العصافيرُ التي خبأتُها بين الجروح،
تُرى ستُفلحُ الأعشاشُ في سرد الحكاية
مثلَ جنديٍّ أخيرٍ؟!
لا تَقُولُوا لهْ.
من أينَ يبدأ فالرصاصةُ أخفقتْ في قتله
حَمَلَ الهويّة فوقَ أكتاف الضحايا
كي يسيرَ ونحنُ نعرفُ أنّ تمثالَ الطفولة
قد تهشم في الطريقِ إلى القطاع
تفتتت السماء منَ الصواريخِ العجيبة،
من يعيدُ لرمشها الألوانَ؟!
أينَ ستزرعُ الغيماتُ باقاتِ الغياب؟!
وأينَ تابوتُ الزمانِ!؟
ألمْ يحنْ وقتُ الخلودِ!؟
متى ستظمأ ضفّةٌ أخرى؟!
لينثال البريقُ على جفونِ مدينةٍ
أَهدَت نداها للبقاء، شموخَها.