الأحد ١ حزيران (يونيو) ٢٠٠٣
إحساسي القومي وشعوري بالأمومة وراء إصراري على إنجاز فيلم " أمنيات صغيرة "

رغدة: الفيلم وثيقة أمام الضمير العالمي عن معاناة أطفال العراق

لندن – إعداد أحمد منير الاسكندراني

قالت لنا الفنانة السورية "رغدة" أنها تعايش ما يحدث في العراق بشعور خاص لأنها تبنت منذ سنوات عملية رعاية أطفال عراقيين ممن أصيبوا بالسرطان نتيجة الحصار الذي دام 13 عاماً على بلادهم وأنها تكتب يوميات العدوان يوماً بيوم.

وأنها تعتبر ما يحدث هناك عدواناً على كل عربي في كل مكان. وكانت "رغدة" قد أنجزت قبل فترة قصيرة من بدء العدوان علىالعراق فيلماً تسجيلياً عن هؤلاء الأطفال الذين يعيشون تحت ظروف العدوان والحصار من واقع معايشتها لهم طوال السنوات العشر الأخيرة.

وتكاد رغدة أن تكون الفنانة العربية الأبرز في اهتمامها بالقضايا القومية سواء في نشاطاتها لمساندة الانتفاضة الفلسطينية أو لمساندة شعب العراق.

 وسألناها، كيف تتابعين أخبار العراق والحرب؟‍!

فقالت أنها تمضي وقتاً طويلاً في ملاحقة الأخبار والتطورات من خلال المحطات التلفزيونية الفضائية العربية والأجنبية وأنها تحاول أن تقرأ ما بين السطور . . فهي تدرك أن هناك أكاذيب وتضليلاً وشائعات وحرباً نفسية تجري من خلال وسائل الإعلام.

وتقول رغدة أنها أيضاً تتابع الموقف من خلال الاتصال بالأصدقاء الذين تعرفهم سواء في سورية أو في العراق وأيضاً من خلال السفارة العراقية في دمشق.

وتلفت النظر الى أن هناك فضائيات عربية مشكوك في أمرها وهذا – كما تقول – متفق عليه فهناك من يبث 99% من رسائله لصالح الأعداء!. . ومع أن هذه الفضائيات تتكلم باللغة العربية إلا أنك تشعر وكأنها محطات أميركية أو بريطانية لا ينقصها إلا أن تنطق بالإنكليزية!

وتقول: لقد ذهبت الى فضائية مصرية خاصة هي قناة "المحور" وأدنت هذه الوسائل الاعلامية التي تساند العدوان على العراق بينما تدعي أنها عربية . . فهي تبث الأخبار وتزج بك في أزقة حتى تتوّهك عن الحدث . . وتدعي الحيادية.

فيلم كتبته وصورته بنفسي

 وعندما سألتها عن الفيلم التسجيلي الذي قامت بكتابته وإخراجه وتصويره بنفسها في بغداد منذ فترة وتناولت فيه حياة أطفال زمن الحصار على العراق طوال الإثنتي عشرة سنة الأخيرة، قالت أنها تعايش هؤلاء الأطفال منذ نحو عشر سنوات خلال زياراتها العديدة ضمن اللجان الشعبية المصرية لمساندة الشعب العراقي. . وهي اللجان التي كانت تقوم بتقديم العون الطبي والمساعدات الغذائية وتوفر فرص العلاج من أمراض السرطان التي أصابت هؤلاء الأطفال وتتولى العلاج في مستشفى قصر العيني في القاهرة.

وتضيف: كنت عايزة أنجز هذا الفيلم من بدري . . كوثيقة للجيل الذي ولد في بدايات الحصار الاقتصادي على العراق وهو جيل لا ذنب له في ما حدث ويحدث . . ومن حق هؤلاء الأطفال أن يطالبوا العالم كله بمساحة من الحياة الانسانية.

وكنت عارفة أن العدوان قادم . . قادم. ولذا أردت أن يكون هذا الفيلم التسجيلي وثيقة للذاكرة العربية والانسانية كلها. وأطلقت عليه اسم "أمنيات صغيرة" . . وكتبت له سيناريو بسيط بعيد عن التشنج والهتافات وعملته بشكل إنساني بحت موجه الى ضمير العالم كله.

رسالة بسيطة من أطفال حقيقيين وليسوا ممثلين . . تركتهم على سجيتهم في حركتهم وكلامهم وسلوكهم العادي اليومي تحت الحصار، وأخذت منهم بعض الجمل كتعليق على شريط الفيلم أيضاً.

فصورت يوميات وحياة أطفال عراقيين في حي فقير متهالك في العاصمة
. . طابور المدرسة . . الغارات . . اللعب . . الحياة تحت الحظر الدائم . . ولعبهم بمخلفات الحرب .. والقذائف التي حولوها الى ألعاب!

وتراهم بجانب الذهاب الى المدرسة يعملون للحصول على دخل إضافي لأسرهم للمساعدة في مواجهة ظروف الحياة القاسية في منطقة "سوق المتنبي".
 وكيف أنجزت هذا الشريط؟

أمضيت تسعة أيام في بغداد وصورته بكاميرا إخبارية . . وفي مصر عند عودتي، نقلته على شريط "بيتكام" وكتب له الموسيقى الفنان العراقي "نصير شمة".

وفي هذا الشريط تشعر بالوجع مع أنهم لا يتكلمون عن أوجاعهم! وفيه صورت مسيرة 10 آلاف طفل عراقي من جيل الحصار وهم يتوجهون الى مقر الأمم المتحدة في بغداد تعبيراً عن الاحتجاج على حالهم وحال وطنهم.

وقد صورت أشرطة مدتها 4 ساعات ونصف الساعة حتى أنجز هذا الفيلم الذي لا تزيد مدة عرضه عن 14 دقيقة فقط.

 ولماذا قامت "رغدة" بإخراج هذا الشريط بنفسها؟

كان من الصعب أن أدع أحداً غيري ينقل للناس . . المتلقين إحساسي، فهذا شيء أردت أن أقدمه من خلال إحساسي الخاص كإنسانة عربية قومية . . وكأم.

ولم يكن يعنيني الجانب التقني فقط. . ولذلك قمت بإنجاز الفيلم بنفسي . . لأنه عملية إحساس بهؤلاء الأطفال الذين عايشتهم وعشت محنتهم طوال السنوات العشر الأخيرة . . وأردت أن أعبر عن إحساسي الشخصي وليس إحساس أي مخرج.

كلنا مدانون!

 وهل عرض الفيلم على الجمهور؟

عرض في بعض المناسبات في القاهرة وعندما علم اتحاد الفنانين العرب برئاسة السيد راضي ود. فوزي فهمي . . وممدوح الليثي وغيرهم، طلبوا عرض الفيلم وعملوا اجتماعاً كبيراً وذهبت ووجدت اللافتات والميكروفونات والخطب ونددوا بالعدوان وشجبوا . . وأصدروا بيانات ولكن قالوا لي أنهم لم يتمكنوا من إيجاد جهاز عرض فيديو ولم تكن هناك شاشة لعرض الفيلم؟؟؟؟! (معقولة )؟!!!!!!!!!!!!!

وقالوا لي. . لماذا لا تقفي وتلقي خطاباً؟! فقلت ليس لدي كلام أقوله تعالوا نجلس ونكون لجنة ونبحث الدور الذي يمكن أن نقوم به لمواجهة هذا العدوان السافر. نعمل شيئاً مفيداً بدلاً من الخطب والبيانات والشجب والتنديد. . ففوجئت بهم يعتذرون لأنهم تعبوا! وذهبوا الى بيوتهم!

وما أريد أن أقوله هنا هو أننا كلنا مدانون . . ومشاركون بشكل أو بآخر في هذه الجريمة كفنانين ومثقفين .. ماذا فعلنا؟!

 وهل عُرض هذا الفيلم على شاشات الفضائيات والتلفزيونات العربية؟

قناة دبي أخذت مني نسخة وترجمتها الى الإنكليزية وحصلت عليها شركة لبثها في أميركا. . لكن لا أدري هل عُرض أم لا. .

وهناك محطات فضائية عربية مثل "العربية" حصلت على نسخة مجانية . ويبدو أنها لم تذع من الشريط إلا دقائق قليلة.

وبالأمس طلبت مني فضائية A RT السعودية عرض الفيلم وطلبت معدة البرنامج أن تستضيفني لأتحدث عن تجربة إنجازه . . فسألتها عن طبيعة البرنامج وهل سيكون هناك ضيوف معي ففوجئت بأنها سوف تستضيف معي سفير الكويت في القاهرة .. تصور!

فواجهتها بحدة: كيف أجلس مع الرجل الذي تنطلق من بلاده القنابل لقتل هؤلاء الأطفال؟ ورفضت هذا الأسلوب المتخاذل في التعامل مع قضية العدوان على العراق وشعبه وأطفاله. . وقلت لها متى ستكونون عرباً حقيقيين؟!

شمس الأتربي . . مولت المشروع

 هل يمكن أن نسأل: من دفع تكاليف إنجاز هذا الفيلم؟

هي تكلفة بسيطة تولتها سيدة أعمال مصرية عضو في اللجنة الشعبية لمناصرة شعب العراق هي السيدة شمس الأتربي.

 والآن . . كيف ترين الأمور؟

أشعر أن ما يحدث للعراق يحدث لي شخصياً. . وأتساءل يا ترى الأطفال دول عايشين إزاي؟!

وكنت قبل ذلك أجهز نفسي للسفر الى بغداد لأكون معهم، ولكن بدأت الحرب ووجدت أنني لا أريد أن أكون عبئاً على أحد . . وعموماً المفترض أن تأتيني خامات فيلمية تصورها لي هناك صديقة صحافية . . تصور يوميات العدوان الوحشي على بغداد.

وأنا أكتب يومياً وأسجل مشاعري كل يوم في رسائل يومية تحمل انطباعاتي ومشاهداتي الى صديقتي العراقية ابتسام عبد الله.

 بمناسبة الكتابة .. هل توقفت عن الكتابة الصحافية؟

كنت أكتب صفحة اسبوعية في مجلة خليجية ولكن وجدت أن مدير المجلة يحاول النصب عليّ فتوقفت عن هذا السخف!

وأخيرا :
من قال لأميركا أن الشعب العراقي سيقبل الغزو والعدوان والاحتلال؟ إذا استطاعت أن تنجح في حملتها العدوانية بالقتل والدمار. . من يضمن أن يقبلها العالم كقوة مدمرة تمص دم الشعوب؟!

لندن – إعداد أحمد منير الاسكندراني

مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى