الخميس ٩ نيسان (أبريل) ٢٠٢٠

إشكالية النهضة في ديوان أزهار أرض باخوس لكريم أيوب

عبد الكريم القباج

في ظل مشهد شعري مضطرب، يخرج فيه المتشاعر والعاشق له، ليبدأ الاحتفاء اللاأخلاقي، في صورة مقرفة للنقد.

وفي ظل هذا الوسط، نحن بحاجة إلى قراءة الشاعر الصامت/ المنفجر، الذي يزرع أحرفه في التاريخ أولا، دون الإلتفات إلى التهريج الزائف.

ويبقى الشاعر الشاب "كريم أيوب" واحدا من الشعراء الحداثيين الذين اتخذوا على عاتقهم التعبير عن واقع حال العروبة، بصورة بعيدة عن الصخب الإعلامي، الذي لم يلتفت إلى عمل بحمولة فكرية عميقة ورؤية مختلفة.

لقد أصدر كريم أيوب ديوانه "أزهار أرض باخوس"، عن دار النشر الموجة الثقافية، في فبراير من عام 2019، وجعله في 102 صفحة، يحمل 30 قصيدة.

يفتح الديوان على تمهيد يقرب التيمة العامة، حول عدمية العيش بأرض ثقافية/هوية، في أرض طبيعية ذابلة، وهي إشارة لموضوع أنطلوجيا الإنسان وعلاقته بالأرض التي تسكن وجدانه، وقد أحال فيه على بداية سقوط الأرض الثقافية /الهوية، كإشارة الى عام 1948، ومن ثمة بدأت الأرض تسقط إلى أن كمل سقوطها الهوياتي عام 2018 بعد تعصيم القدس للاسرائيليين، وهو ما يفسره انطلاق الديوان بقصيدة تحت عنوان
"سقوط الأرض الخالدة "

ويعد استحضار "باخوس" دلالة على الأرض التي تغمرها النشوة، ولكنها خالقة لتراجيديا مالينخولية، أبدية، في تناقض وجداني يعد إشكالية من إشكالات مابعد الحداثة.

ويشير الشاعر، كريم أيوب في تمهيد تصدر الكتاب، إلى كون الأزهار هنا، هي الاجساد، الذوات الكلمى التي تعيش دون أرض ثقافية خصيب، وهو ما يقيس الاقتباس الذي أورده الشاعر من "رابندراناث طاغور"، يقول فيه ...(يا أرضي أطلب إليك الخلاص من الخوف، هذا الشبح الشيطاني الذي يرتدي احلامك الممسوخة، الخلاص من وقر العصور التي تحني رأسك وتقصم ظهرك وتصم أذنيك عن نداء المستقبل)

هذا ويحتوي الديوان على مزيج من قصائد الشعر المعاصر ومن قصائد النثر، ومنها: (نظرة في مرآة الارض - نشيد البعث الأخير - أزهار الوجود - أزهار ميدوزا - أزهار المدينة - هجرة السنونوة ...)، وتعتبر هذه النصوص كلها بحثا في علاقة الإنسان بوجوده وأرضه الثقافية والطبيعية، وانكسارهما كانكسار الوزن في القصيدة، وهو ما فسر به إقحام المنثور.

وفي تواصل لي مع الشاعر كريم أيوب حول الكتابة الشعرية عنده يقول: الكتابة الشعرية مجلبة لنار الشعر ونار الوجود، يلطف بي ثارةً ويحرقني ثارة أخرى، ولكن الأهم، أنها تبث فيك بعض الوعي بما تفعله.

ويضيف قائلاً _ من وجهة نظره في النشر _: هناك من تتأكله حمية الشهرة والتصفيق السهل فيبحث عن النشر ليصير بائعا متجولا لانتاجه، وهناك من يعيش الأدب قدرا ويضع فكره بصدق، ليترك وشمة على تاريخ ماكر، فينشر بيسر وإن بدا أول الأمر صعبا.

ويعتبر هذا الديوان، بحق، باكورة شعرية مائزة، اتخذت أشعارها وحدة موضوعية، همها الأول والأخير، الانسان، الأرض والهوية، كثالوث نهضوي ما زال مضمرا.

عبد الكريم القباج

مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى