الجمعة ١٠ آذار (مارس) ٢٠٠٦

المسيري: الفيديو كليب نموذج لانفصال الفن عن القيم

صدر عن الشروق الدولية بالقاهرة كتاب جديد للكاتب المصري عبد الوهاب المسيري حمل عنوان "دراسات معرفية في الحداثة الغربية" تمتد فيه رؤيته البانورامية إلى أبعد مما كان يطرحه فكريا متناولا أغاني الفيديو كليب الذي يعتبر كثيرا من نماذجه تجسيدا لانفصال الفن عن القيم الإنسانية.

ويرى المسيري أن الأغاني العربية كانت مركبة ومتنوعة حتى لو تضمنت إيحاءات ورموزا جنسية فإن الكلمة المجردة تمنح مسافة للخيال في حين تؤكد أغاني الفيديو كليب جانبا واحدا هو الجانب الجنسي، فالراقصات الحسناوات لا يتركن أي مجال لخيال المشاهد لأن الصورة حسية ومباشرة ولا تترك مجالا للعقل أن يتأمل, حسب قوله.

ويضيف في كتابه أن "الفيديو كليب يقدم الرقص باعتباره شيئا طبيعيا وجزءا من الحياة اليومية وبدل أن نذهب إلى الملاهي لنشاهد الرقص الجنسي الصارخ جاء هو إلينا، ولعل هذا ما حققه شريف صبري في أغنية روبي الأولى "أنت عارف ليه" حين ظهرت تسير في الشارع بشكل عادي جدا ببذلة الرقص ثم ظهرت بملابس عادية واستمرت في نفس الرقص البلدي".

ويضم الكتاب فصولا منها "الحداثة المنفصلة عن القيمة وتفكيك الإنسان"، و"النموذج المعرفي والحضاري الغربي الحديث"، و"النموذج الحضاري الغربي الحديث والحياة اليومية"، و"الثقافة الشعبية في مصر والانفصال عن القيمة". ويتضمن دراسة عن فيلم "خلي بالك من زوزو" الذي كتب له السيناريو والحوار والأغاني شاعر العامية الراحل صلاح جاهين وقامت ببطولته
الممثلة المصرية الراحلة سعاد حسني.

وفي الدراسة التي حملت عنوان "الفيديو كليب والجسد والحداثة" يقول المسيري "إن الرقص البلدي يهدف إلى الإثارة بشكل صريح ولكنه لم يكن جزءا من حياة الناس الذين كانوا يشاهدونه في الأفلام وحفلات الزفاف باعتباره جزءا من حياة الراقصات اللاتي يطلق عليهن في مصر مصطلح العوالم".

وأضاف أن "الفيديو كليب يختزل الأنثى والإنسان عموما إلى بعد واحد هو جسده فيصبح الجسد هو المصدر الوحيد لهويته وهي هوية ذات بعد واحد لا أبعاد لها ولا تنوع فيها, أغنية روبي (ليه بيداري كده) إعلان أن الفتاة إن هي إلا جسد متحرك لذيذ إنها في نهاية الأمر مفعول به"، متسائلا عن سبب عدم تحرك حركات تحرير المرأة لامتهان الأنثى بهذه الطريقة.

ويقول إن خلفية الفيديو كليب تتنوع بامتداد المسافة من الهند إلى الولايات المتحدة ولا ترتبط بوطن أو هوية وهكذا يمكن وضعه -حسب قوله- في سياق العولمة، فجوهر العولمة هو عملية تنميط العالم بحيث يصبح العالم بأسره وحدات متشابهة والإنسان الذي يتحرك في هذه الوحدات هو إنسان اقتصادي جسماني لا يتسم بأي خصوصية وليس له انتماء واضح لأن ذاكرته التاريخية قد تم محوها.

ويربط المسيري بين أجساد راقصات الفيديو كليب والنظام العالمي الجديد مشيرا إلى مقولة للكاتبة الأميركية الراحلة سوزان سونتاج في كتابها "ضد التفسير" تذهب فيها إلى أن أكبر تحد للثوابت والعقل هو الجسد.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى