الاثنين ١٣ أيار (مايو) ٢٠١٩
بقلم سلوى أبو مدين

حلم في زنزانة

أيمن أبو الشعر شاعر سوري معاصر ولد في دمشق عام 1946. تلقى تعليمه في دمشق ونال الدكتوراة في الآداب من معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم السوفييتية العليا.

عمل في مجال الترجمة الأدبية في موسكو لصالح دار التقدم ودار رادوغا، كما عمل في المجال الإعلامي في الصحافة المطبوعة والمرئية والمسموعة قرابة أربعة عقود.

انتابتني نشوة الإصرار في متابعة القراءة وأنا بين طلقات الشاعر وهو يضيء حلمه في قصيدته حلم في الزنزانة السابعة. فيقول بأسى:
تتراءى لي أخيلة وجه الأهل
وأطياف رفاق الدرب
وجثث الشهداء
وتهتف أمي من بين الحشد
حبيبي..
عد لي جثماناً أرفع رأسي..

* هذه مساحة تحمل الكثير من الشجن بكل ألوانها القاتمة وتكمن نزعة، الشجاعة في حلم الأم مطالبة ابنها أن يعود إليها شهيداً محملاً على الأكتاف. مزيج من المشاعر التي تحمل صدق المعنى.

وهو يردد صدى الوصية فيقول:
عد لي جثماناً أرفع رأسي
وأقبل نعشك..
لا ترجع لي منسحباً وجباناً

فأسارع بالنصل الجائع
أبتر كل أصابع كفي لكي
لا تمسك قلماً يرضى توقيع الذل

* في هذا المقطع يفوح عبق الشهادة في انتظار الهدف الذي يراود الشاعر. مشاعر ثائرة للكرامة رسمها أبو شعر، الذي يأبى الذل والهوان..وتزداد روعة التصوير فيردد:
وأهتف أني أزداد إباءً وشموخاً
إذ يزداد طعان الأوغاد
فجنون السوط على الجسد
الصامد تعبيراً عن خوف الجلاد

* ما أروع هذه المعاني وما أقوى تأثيرها فهو يرى ضعف العدو في استخدام وسيلة للتعبير عن ضعفه وعجزه باستخدام أداة الضرب.
ويمضي قائلاً:
علمني بوح جدار السجن
بأن إرادة رجل حر
أقوى من قفل السجان

علمني قبر فدائي
أن ركوع شهيدٍ
فوق التربة أسمى
آيات الإيمان

علمني لون الجرح النازف
أن الأحمر أشرف من
كل الألوان..

* صور رائعة لفدائي مغوار رسم بحبره أجل وأشرف المعاني بلغة شعرية فريدة، وقد طغى الشموخ على فضاء القصيدة، فشاعرنا يمضي مرفوع الرأس لا ينحني ولا ينكسر، تدفعه القوة والإرادة الحرة التي لا تهاب ولا تنصاع! وأكاد أجزم أن شاعرنا يتمنى أن يلطخ جسده بلون الأحمر الذي تتوق له نفسه لأنه يرى فيه لون الحرية والشهادة التي يتوق إليها.

ولا أعلم لماذا ربطت قصيدة - حلم في الزنزانة السابعة - بقصيدة المتنبي تكسرت النصالُ على النصالِ ربما لأن المقطوعتين تفوحان بعبق الشجاعة والإقدام وفيهما وقوة وبلاغة في تجسيد المعاني.

فَصِرْتُ إذا أصابَتْني سِهامٌ تكَسّرَتِ النّصالُ على النّصالِ
وهانَ فَما أُبالي بالرّزايا لأنّي ما انْتَفَعتُ بأنْ أُبالي
وهَذا أوّلُ النّاعينَ طُرّاً لأوّلِ مَيْتَةٍ في ذا الجَلالِ
كأنّ المَوْتَ لم يَفْجَعْ بنَفْسٍ ولم يَخْطُرْ لمَخلُوقٍ بِبالِ
صَلاةُ الله خالِقِنا حَنُوطٌ على الوَجْهِ المُكَفَّنِ بالجَمَالِ
على المَدْفونِ قَبلَ التُّرْبِ صَوْناً وقَبلَ اللّحدِ في كَرَمِ الخِلالِ

*مؤلفاته :

1. خواطر من الشرق - شعر- دمشق 1971.
2. صندوق الدنيا - شعر- دمشق 1972.
3. بطاقات تبرير للحب الضائع- شعر- دمشق 1974.
4. طلقات شعرية- شعر - حلب 1979.
5. الحب في طريق المجرة- شعر- حلب 1979.
6. الصدى
7. الحلم في الزنزانة رقم سبعة
8. انتخار الدلفين
9. الثلاثيات
10. الحزن الالق وصلاة العاشق
11. عصفور محكوم ٌ بالإعدام
12. المجد للصمود
13. أنطولوجيا الشعر السوفييتي - المجلد الأول الشعر الروسي
14. مسرحية الأرنب الذئبي
15. مسرحية رجل الثلج باللغة الروسية
16. مسرحية الملك والشاعر
17. مسرحية محاكمة المواطن (س)
18. مسرحية رسائل عشق
19. صوت الحياة بالروسية
20. القمر المغرور
21. الأخوة والأخوات (ترجمة)
22. دراسات في تاريخ الثقافة العربية في القرون الوسطى (ترجمة)

صالة العرض


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى