الأحد ٣٠ تموز (يوليو) ٢٠٠٦

طوفان الشرف الكاذب

ثلاث قصص حديثة لجرائم تتعلق بالشرف يعتقد منفذوها أنهم نالوا من أي أحد يحاول أن يتطرق إلى الإساءة لسمعتهم أو يفكر في إهانتهم يوما! وبقتلهم لبناتهم، وإن كان ظلماً، يقطعون الطريق على كل الأقاويل! وبدلا من أن تتناولهم الألسن بالسوء، يعتقدون أن الناس سوف تتحدث عنهم بالحسنى!! وستصفهم بالشرفاء الذين انتقموا لشرفهم..!! هكذا يظنون..

لم يفكروا أبداً أن بناتهم مظلومات. أو أن هناك دائماً أشياء أو أشخاص أو ظروف تقف خلف ظلمهم! والأهم من كل هذا وجود مجتمع غافل يغمض عيونه عن كل الظروف التي أودت بأولاء الفتيات إلى القتل -وإن كان ظلماً- ويفتح أبصاره مستغرباً مستهجناً متلذذاً بسرد تفاصيل وأحداث الجريمة!

ومعروف أن لكل جريمة أدواتها التي تكمل فظاعة وبشاعة فصولها. والمؤسف أن يكون الجهل والعادات البالية والفقر والعوز من أهم تلك الأدوات. ثم يأتي القانون بإجحافه لحق المرأة بشكل عام، وبقضايا "الشرف" بشكل خاص، ليسدل الستار على نهاية مسرحية تحصيل "الشرف"! وما يؤكد ذلك برودة أعصاب مرتكبي تلك الجرائم واطمئنانهم من ناحية القانون. ومن خلال السرد السريع والمختصر للجرائم الثلاث التالية نكتشف ونؤكد ظلم المجتمع والأهل والقانون مجتمعين على هدر حياة فتيات غالباً ما يكن بريئات.

1- رماها زوجها سنين طويلة مع بناتها تعاني الفقر والظلم من مجتمع لا يرى حاجة أم تكفلت وأقٌسمت على رعاية بناتها الثلاث بعد أن رفض أهلها تربيتهن.. وبعد أن تخلى عنهن الأب وعاش حياته طولاً وعرضاً في بلاد الاغتراب.. حاولت وجهدت أن تعيل بناتها بشرف حين تخلى عنها الجميع. إلا أن معشر الذكور لا يروق لهم هذا الاجتهاد! وبدلاً من أن يتعاونوا ويجمعوا على مساندتها، أجمعوا وتعاونوا على قتلها بوحشية وبشاعة! ومثلو بجثتها بشكل لم يسبق له مثيل!

هؤلاء الرجال هل يستحقون أن يكونوا حماة شرف؟!!
2- أصيب والدها بالشلل وتربت في ملجأ للأيتام. ثم أجبرتها الظروف على مساعدة والدتها في شطف الأدراج وتنظيف المنازل. صغيرة هي، وتحت السن القانوني! ولا تعرف مكر وأساليب الخبثاء حتى أصبحت ضحيتهم وضحية الجوع والعوز.. وعلى مرأى من المجتمع الذي تخلى عنها وقت حاجتها. ذلك المجتمع الذي يدافع عن فحولة الرجال ويقدم لهم الأعذار دائماً مهما فعلوا، هو نفسه المجتمع الذي أشاح أبصاره عنها وقت حاجتها! بل وتركها لقمة سهلة لأصحاب النفوس الضعيفة! هو نفسه الذي ينظر إليها اليوم جثة هامدة مفصولة الرأس عن الجسد تستحق عقابها بعد أن باركوا للأهل فعلتهم!

فمن هم الذين يسهلون هدر الشرف ويباركون ويتلذذون بسرد وتفاصيل إنجاز عملية حماية "الشرف"؟!

3-ضربها والدها ضرباً مبرحاً فقط لأنه ظنين وظالم! ضربها بكل قوته الشرسة حتى هوت على الأرض مغشياً عليها! فاعتقد أنها ماتت.. جرّها إلى منطقة المدافن وألقى بها هناك. باتت ليلتها تئن من آلامها حتى أرسل لها القدر امرأة اصطحبتها إلى المستشفى.. فكتبت لها الحياة!

برأيكم: هل هذا هو مفهوم "الشرف"؟

ومن يحاسب من؟! وأين هي العدالة في تلك الجرائم؟! والسؤال الأهم هل يحق لشخص إنهاء حياة الآخر حتى إذا ارتكب خطأ ما؟ فكيف إن لم يكن مخطئاً؟!

براءة نعيم - عن نساء سوريات


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى