| سكرت لذكركَ هذه الأنخابُ |
وتكسرت من سُكرها الأكوابُ |
| ذكراكَ خمرٌ في دنان قلوبنا |
وقلوبنا لكرومها أترابُ |
| كم ظنَّ فيك الشعرُ يبلغ شاطئا |
فتقطعت بلغاِته الأسبابُ |
| غرقت به سفنُ المجاز وهدَّهُ |
مدٌّ وجزرٌ جارفٌ وعبابُ |
| بحرٌ من النور المقدس ساطعٌ |
لا الفكرُ يدركه ولا الألبابُ |
| ماذا أنا اسطيعُ وَسْطَ عبابه |
وأنا به مما به انسابُ |
| لا الشعرُ يُسعفنى ولا نْثرٌ ولا |
صمتٌ ولا طيٌ ولا إطنابُ |
| قبلي كم الشعراءُ فيه تبارزوا |
فإذا به لبيانهم غَلاَّبُ |
| لا «كعبُ» سَامتَ كعبَه أبدا ولا |
«بانت سعاد» بيانُها مِعرابُ |
| والبردةُ العصماءُ أينَ لها به؟ |
جلَّ المقامُ وجلتِ الألقابُ |
| يكفي «البصيريُّ» استعادَ بسرها |
بصراً، دعاءُ العاشقين يُجابُ |
| ومدائحُ البُرَعيٍِّ رغم شموخها |
قَعدت بها من دونه الأعتابُ |
| وجميع من بالسرِّ عُلِّق كلهم |
ردتهمُ عن كنهِِهِ الأعقابُ |
| «هل غادر الشعراء» فيه قصيدةً |
بكرا لها في حبِّه أنخابُ |
| «هل غادر الشعراء» كيف أُعيدها |
وأنا الذي عشقي له صبَابُ |
| ذكراهُ ذكرٌ في نياط قصائدي |
وجمالُه في مقلتيَ شرابُ |
| العالَمون تفرسوا لصفاته |
وأنا بها في العالَمين أُثابُ |
| أنَّى له وصفٌ وجل جلالُه |
أعطاهُ وصفاً ماله أَضرابُ |
| خُلُقٌ وخَلق يستحيل مثيلها |
تمثيلها للعارفين كتابُ |
| تمثيلها القرآنُ حين بآيِهِ |
وبسرِّه قلبُ المحبِ يُذابُ |
| ماذا أحدث؟ هل أقول تبلجت |
أسراره فتوحدت أقطابُ؟ |
| ماذا أقولُ؟ لَظَلَّ هذا الكونُ في |
عميائه وتقدست أنصابُ |
| و لَعاثَّ في كل القلوب «يَغُوثُها» |
و«يعوقُها» وتقطعت أصلابُ |
| و لَمارت الصحراءُ من قُطاعها |
وتقاتلَ الأغرابُ والأعرابُ |
| وإذا ظللتُ أعدُّ لستُ ببالغ |
عشرَ الذي لولاهُ ظلّ يُعابُ |
| ماذا أحدثُ يا رسول الله |
فالقلبُ المحبُ عزاؤُه الإسهابُ |
| ما كنتُ أنوى أن أُعكرَ فرحتي |
لكنها أيامُنا أسلابُ |
| سقطت صروحُ الدين بعدك وانتهت |
أمجادُنا وتكَالبَ الأحزابُ |
| وتقطعت مِزَقا بلادُك كلُها |
وتحكمتْ دِببٌ بها وذئابُ |
| بالأبيضِ البيتِ القلوبُ تعلقتْ |
فكأنه – هيهاتهُ – الوهابُ |
| من أينَ أبدأُ والجراحُ تقرحت |
والأرضُ قصفٌ قاصمٌ وخرابُ |
| لم تبق في الجسد المُمَزقِ مضغةٌ |
إلا لها مما أُشيع نصابُ |
| أَشلاءُ لا لغةٌ تُضارعُ ما بها |
سقط القصيدُ وغرَّب الكتابُ |
| من أين أبدأُ والهزائمُ نزّلٌ |
تتْرىَ، تجيىء وخلفها أسرابُ؟ |
| أَتُرىَ أحدثك العراقَ وقد غدا |
أثرًا وعاثَ بأرضه الأغرابُ ؟ |
| بغدادُ تصرخُ والنخيلُ مصفدٌ |
وعلى الفرات من الغزاة حِرابُ |
| في كل شبرٍ ثَمَّ تلطمُ خدَها |
في الرافدين مساجدٌ وقبابُ |
| داسوا على عتباتنا فتدنست |
وشكا «الحسينُ» وقتِِّلَ الأصحابُ |
| الجرحُ أعمقُ من قصيدة كاملٍ |
سُدت على أنفاسِها الأبوابُ |
| فإذا فتحتُ بها نوافذَ للرؤى |
عَلتِ العيونَ زوابعٌ وضبابُ |
| ماذا أحدثُ واللغاتُ تحجرت؟ |
لا الأرضُ أرضٌ لا ولا الأحسابُ |
| ودمُ الشهيد تدنست أسماؤُه |
فصفاتُه الإجرامُ والإرهابُ |
| والقدسُ أضحت في الحروف خرافةً |
يشدو بها للعاجزين خِطابُ |
| لا العرضُ عرضٌ نفتديه ولا لنا |
في العالمين مكانةٌ وحسابُ |
| ماذا أحدثُ يا رسول الله والحُـ |
لم القديمُ سحابةٌ وسرابُ؟ |
| كم منقذٍ وَعَدَ الصغارَ بوقعةٍ |
مُضريةٍ فإذا به كذّابُ |
| وكم اشرَأَبَت للحياة رقابُنا |
فتساقطتْ للحالمين رقابُ |
| ما كنت يا خيرَ البرية قاصدا |
هذا البكاءَ ولا لَهُ طَلاَّبُ |
| لكنها ضاقتْ عليَ ومن تضقْ |
يوما عليه فحسبُه الأحبابُ |
| أهديك من قلبي تحيةَ عاشقٍ |
يفنى الزمانُ وعشقُهُ مِسكابُ |
| وعليك صلى الله ما صلىَ امرؤٌ |
لفريضةٍ وتعاقبت أحقابُ |