

وهج النخل

ما كنت أرى الأرض كما هي تبدو الآن
لقد كانت حاملة في يدها مفتاح الحب الأول
و اليومَ تعاقرُ حجرَ الأسلافِ
أجيء
يراقبني القمر الجالس في حضن السوسن
أشرب نخب العصر
و قد صار بذاكرة
فيها شبَهٌ بالفُقْمةِ
عسكرَ في ضفتها النسيان
و لكن أنا لن أنسى
أني كنت بمقهى يرفل في أبهة الساحل
أنسج للوقت رداء
لا يجد المرء له لوناً
أو طعما
أو رائحةً
و أقدم لما يتبقى عندي من شوقٍ
بعض فناجين القهوة
و أمامي
وهج النخل يطير بلا أجنحة
يسكب في الصحو رفات الضوء
و من نافذة تتثاءب في خاصرة المنزل
ثمة هرٌّ كان يطلُّ
و قد عسكر في عينيه الخوف...
ألا بالله عليك متى تأتي يا زمنا
نأكل فيك رغيف الخبزَ و لا نَغْمِسه في الآهِ
و إن نادانا البحر
أجبناه بزغاريد المدن المنذورة للأعراسِ
تعالَ قريبا
فمآدبنا الآن تُقامُ على جسد العشب
و سائر نكهتها من ذكرى الأشجان
هو الوطن الساكن في القلب
له باب يوصد عند مهب الفتنة
حين تشرَّدُ في التيه الخطوات
و يرمى إلى فك الفرن طموحٌ ما أبهاه...
أيتها النخلة
يا ذات السعف الموغل في الفرح الآتي
أقسم أني
لن أغرس في كفي
وجعا يمتح من أرَقِي الرابضِ في الأجفان.