السبت ٢٨ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٦

يهود لبنان

لم يبق من اليهود اللبنانيين في لبنان سوى اربعين او ثلاثين شخصا. قبل قيام دولة اسرئيل كان عدد اليهود يقارب العشرين الفا والبعض يقول الثلاثين الفا. وقد بدأت هجرتهم قبل قيام دولة اسرئيل وبعيد قيامها، ثم بعد حرب 67 . وفي خلال الحرب الاهلية غادرت اعداد كبيرة ايضا.

من بقي منهم هنا لا يحب الاعلام ولا الحديث الى الصحافة وقد حاولت مع شخصين على الاقل لكنني فشلت في تسجيل مقابلة تتحدث عن احوال هذه الطائفة في لبنان.

حتى ان هؤلاء الباقين هنا يحتجبون عن التصويت في الانتخابات النيابية ولم يشارك سوى شخص واحد منهم في الانتخابات البلدية التى جرت في لبنان قبل عامين. مع العلم ان لوائح الشطب ما تزال تحمل اسمائهم . وتحت خانة الطائفة كانت تدون عبارة اسرائيلي.

يقول غربيال بوليتيس وهو يهودي لبناني من مدينة صيدا في الجنوب، يقيم حاليا في كندا، ان يهود لبنان شعروا بعد العام 48 انه لم يعد لديهم مستقبل في المنطقة بعد ان تصاعد جو العداء لليهود.

اما هو فقد غادر لبنان عندما كان عمره 18 عاما وذلك عام 1968 . ومنذ ذلك التاريخ لم يزر لبنان لكن ابنته وعمرها اثنان وعشرون عاما فعلت ذلك العام الماضي ،وامضت شهرا فيه ،وهي تتعلم حاليا اللغة العربية في الجامعة في كندا بعدما ابدت اهتماما للتعرف على اصلها اللبناني كما قال.

اما البير سيدي المقيم حاليا في كندا فقال ان لبنانيين كثر يعتبرون اليهود اسرئيليين على الرغم انه لم يزر اسرائيل يوما.

وروى لنا سيدي كيف ان اليهود اللبنانيين في الخارج يتواصلون عبر شبكة الانترنت، وصوروا مؤخرا فيلما تسجيليا عن ذاكرة اليهود اللبنانيين ،هو عبارة عن مقابلات مع كبار في السن سبق ان عاشوا في لبنان.

ما زال لليهود ممتلكات في لبنان هي في عهدة محامين وقد استرجعوا غالبيتها ولاسيما تلك التي تقع في قلب العاصمة.

وما زال كنيس اليهود في وسط بيروت قائما. وقد تعهدت شركة سوليدير بترميميه بعد ان استملكت بالمقابل مدرسة التلمود خلفه. وقال سيدي ان ممثلي الطائفة في لبنان اتفقوا على مخطط الترميم الذي لم يبدأ بعد. زيارات تفقدية

شهدت السنوات الماضية عودة اعداد كبيرة من اليهود في زيارات تفقدية كما افادنا عبد الذي يملك محل سمانة في وسط بيروت منذ الخمسينات.

وقال ان عائلات عدة اتت الى وادي ابوجميل حيث كانت تقطن قبل الرحيل، وان عددا من هؤلاء زاره في محله مع الاولاد والاحفاد.

كان اليهود اللبنانيون يقيمون في حي يدعى حي وادي او جميل او حي اليهود في قلب العاصة اللبنانية بيروت، وقرب ما كان يعرف بالوسط التجاري.

وقد اسمي هذا الحي بوادي ابوجميل نسبة الى شخص يهودي مشهور كان يلقب بابي جميل كما قال لنا مختار عيتاني احد الباحثين في تاريخ بيروت.

وروى لنا عيتناني كيف كان الحاخام اليهودي ينزل الى مسلخ بيروت ويسمى على المواشي قبل ذبحها ما يجعلها حلالا للمسلمين.

ويروي ايضا ان اشهر مطهر في بيروت كان يهوديا ويدعى سلمون وكانت عائلات بيروت تعتمده. كما كان الدكتور شمس من اشهر اطباء لبنان وكان يلقب بابي الفقراء.

اما صديقه اليا بصل فقد رفض مغادرة لبنان واصر على البقاء فيه رغم مغادرة العائلة، وبينهم شقيقه الملحن في الاذاعة اللبنانية سليم بصل الى اسرائيل. وقد وجدت له في الاذاعة اللبنانية اغنيتين تحت اسمه الفني سليم شوقي.

كانت لليهود في لبنان مدارس خاصة وكانت تميزهم لكنة خاصة اقرب الى اللكنة الحلبية كما قال لنا كثير ممن التقيناهم من سكان حي وادي ابو جميل .حتى ان هؤلاء السكان اخذوا هذه اللكنة لدرجة انهم عندما يتكلمون كان يعرف ان مكان سكنهم هو وادي ابو جميل.

لدى اللبنانيين، ممن عرفوا اصدقاء من اليهود اللبنانيين او عايشوا فترة الهجرة من لبنان بالترافق مع قيام دولة اسرائيل وقبلها، روايات عديدة عن تلك الفترة من بينها ان باخرة كانت تأتي قبالة شاطئ الجامعة الاميركية وتأخذ اليهود الى اسرئيل بينما كانوا هم يقولون انهم ذاهبون الى قبرص.

كثيرون قالوا ان رحيل الجيران كان غالبا مفاجئا . كانوا يستفيقون على حقيقة انهم غادروا. وكثيرا ما كانوا يقولون انهم بصدد نقل السكن لتبرير عرض المنزل للبيع او اثاثه.

تقول مارسيل وهي من عائلة مارونية كانت تقطن وادي ابوجميل ان صديقتها غمالو مزراحي كانت من اوائل الذين غادروا الى اسرائيل وهي ما تزال تحتفظ بصورتها.

وقالت ان عائلة صديقتها بررت الرحيل بأنه مرتبط بالاحوال المادية، فالعائلة وعدت بمساعدات من جمعيات يهودية.

اما طوني وهو من سكان الوادي ايضا فقد روى لنا كيف كان يهود لبنان ينظمون مسيرة احتفالية في عيد الغفران . كانوا يسيرون في شارع فرنسا وهو الشارع الرئيسي في وادي ابوجميل وهم يرددون اناشيد خاصة ويتمايلون للامام والخلف.

لم يكن زواج ابناء اليهود من الطوائف الاخرى ممكنا، كان نادرا الى اقصى الحدود . وقد اخبرنا عن حالتين او ثلاثة بينها قصة مروان المسلم الذي تزوج سرا من هناء الفتاة اليهودية التى كانت تقيم مع والدتها في لبنان رغم مغادرة كل العائلة الى الولايات المتحدة.

وكان على هناء ومروان ان ينتظرا وفاة الوالدة كي يرتبطا من دون اخبار اهلها، لكن الزواج لم يصمد سوى عدة سنوات قبل ان تنضم هناء مجددا الى العائلة بصورة مفاجئة.

و اخبرنا مروان انه لم يتأكد من رحيلها النهائي الا عندما ادرك انها اخذت معها رموزا دينية خاصة بها منها الشمعدان السداسي.

لقد رفض من حصلنا على ارقامهم من اليهود الذين ما زالوا في لبنان الحديث معنا وبدا الوصول الى احدهم من اصعب المهمات.

موضوع من BBCArabic.com


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى