الأحد ٢١ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٨
بقلم جميل السلحوت

أحمد هاشم الزغير نموذج للبطل الشعبيّ

غيّب الموت يوم 17- يناير 2018 المرحوم أحمد هاشم الزغيّر، ومع أنّ الموت حقّ ونهاية حتميّة لكلّ الأحياء، إلا أنّ موت أبي هاشم أحزن كلّ من عرفوه وهم كثيرون، لما عرف عنه من صدق ونخوة وشهامة وتواضع الكبار، فهو ابن القدس التي أحبّها، واحتضنته في قلبها طيلة حياته، فالرّجل لم يدّع البطولة يوما، لكنّه بطل شعبيّ بكلّ المقاييس، عمل بصمت ومات بصمت، عرفه المقدسيّون في أفراحهم وأتراحهم، لم يسع يوما إلى الشّهرة، ولم تبهره وسائل الاعلام، لكنّ شعبه الوفيّ لم ينس أفضال الرّجل، فدائما كانوا يذكرون فضائله من باب " من حقّ ذوي الفضل علينا أن نذكر أفضالهم." لذا فإنّه حظي عام 1996 بثقة أبناء محافظة القدس عندما انتخبوه لعضويّة المجلس التّشريعيّ الفلسطينيّ، تماما مثلما انتخبه تجّار القدس رئيسا للغرفة التّجاريّة في مدينتهم. وتماما أيضا عندما أجمع مزارعو أريحا على رئاسته لجمعيّة المزارعين، فعمل بصمت لفتح الأسواق الأردنيّة والعربيّة لمنتوجاتهم الزّراعيّة بعد حرب حزيران 1967، وتماما مثلما وقف مع المواطنين السّوريّين في الجولان السّوريّة المحتلة عندما حوصروا عام 1982 لرفضهم الجنسيّة الاسرائيليّة التي فرضت عليهم، وقام بتسويق منتوجهم من التّفاح الذي يعتمدون عليه في تدبير شؤون حياتهم.

المرحوم أحمد هاشم الزّغيّر واحد من أوائل من فقدوا بيوتهم في حارة المغاربة في القدس القديمة، عندما هدمها المحتلون قبل أن تخفت أصوات المدافع عند احتلال المدينة في حزيران 1967؛ لبناء حيّ استيطانيّ يهوديّ على أنقاض حارتي الشّرف والمغاربة، فرفض كلّ المغريات المادّيّة، وازداد تمسّكا بمدينته وحقوق شعبه.

وقد يستغرب البعض أن فقيد القدس وفلسطين أحمد هاشم الزغيّر كان صديقا للجميع، فلم يتخلّ يوما عن واجبه في المشاركة بمناسبات مختلفه، فكان يتواجد في بيوت العزاء وبيوت الأفراح، وفي مناسبات الافراج عن أسرى، وفي اللقاءات الجماهيريّة لمختلف المناسبات. كان يرى ذلك واجبا عليه، دون أن تكون لديه رغبة أن يكون في الصّفوف الأولى، يجلس وسط العامّة كإنسان عاديّ جدّا، رغم المواصفات القياديّة التي تحلّى بها. لذا لم يكن غريبا على القدس ومواطنيها أن تكون له جنازة مهيبة رغم برودة الطقس في المدينة المقدّسة، وكأنّهم يردّون بعضا من جمائل الرّجل، الذي أفنى عمره كبطل شعبيّ لم يطمع يوما بأن يكون نجما في وسائل الاعلام، وإنّما كان يتصرّف بعفويّة تامّة مثل الأبطال الشّعبيين الذين سبقوه، وطواهم الموت بهدوء تامّ، لكن ذكراه ستبقى خالدة في ذاكرة من عرفوه، فلروحه الرّحمة ولذكراه المجد والخلود.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى