أَطفالها لا يكبرون..

أطْفَالُها لا يكبرُون فيالَهَا
مِنْ أَرْضِ قَهْرٍ تَسْتَغِيثُ رِجَالـَهَا
هِيَ غَزّةُ العَصْمَاءُ نَزْفُ عُرُوبَةٍ
وَحِكَايَةٌ قَتَلَ الرّدَى أبطالَهَا
قَدْ ضَمّدَتْ كَفُّ الزَّمَانِ جِرَاحَهَا
وَبَنَتْ على أنقاضِهَا آمالَهَا
في غزّةَ العَصْمَاءَ لا حُلُمٌ ولا
شمسٌ تُضِيءُ لكي تَمُدَّ ظِلَالَهَا
لا خبزَ لا ماءٌ ولا وطنٌ ولا
ضوءٌ ولا شفةٌ تردُّ سؤالَهَا
لا شيءَ غيرُ قذيفةٍ ورصاصةٍ
وصراخُ جُنديٍّ يشُجُّ نضالَهَا
في صمتِ غزّةَ كم تنوحُ مقابرٌ
وتغيبُ أشياءٌ قضتْ آجالَهَا
قصفٌ وصوتُ رصاصةٍ من حاقدٍ
وقذيفةٌ قد حطمتْ أوصالَهَا
وعلى سفوح الجرح تبكي طفلةٌ
لا بيتَ يأوي حسنَها ودلالَها
طفلٌ هنالكَ أَرْجَحَتْهُ مواجعٌ
صاغَ المدامعَ أحرفاً لو قالَهَا
أطفالُهَا وُلِدُو لنيلِ شهادةٍ
طوبى لأرضٍ لا ترى أطفالَهَا
يرمُون مُحْتَلّا أصابَهُ ذُعْرُهُمْ
بحجارةٍ تأبى النِّصَالُ قِتَالَهَا
وُلِدُوا من الطّهْرِ القديمِ بأرضِهِمْ
أرضٌ تجاوزَ طهرُهَا أمثالَهَا
وَطِئَتْ بِهَا قدمُ النبيّ فأشرقتْ
حتّى كَسَى نُورُ الرّسُولِ رِمَالَهَا
تِلْكُمْ فلسطينُ الشُّمُوخُ فَمَا أَجَلَّ
ترابَها ووِهَادَهَا وجِبالَهَا
عَلَمٌ يُرَفْرِفُ لامَسَتْ ألوانُه
مُهَجًا وأرواحاً ترومُ نوالَهَا
شَجَنٌ رَمَاديُّ المُرُورِ وقِصَّةٌ
خَطَّ الشَّهِيدُ على السُّفُوحِ جَلَالَهَا
فَمَضَتْ تُرَتِّلُها الشّفَاهُ كَــــسُوَرَةٍ
وترومُ أفئدةُ الأنَامِ وِصَالَهَا
يا للعروبةِ كم ذَوَتْ بدمائِنَا
وَتَصَرَّمَتْ فالذُلُّ بَـــتَّ حِبَالَهَا
أُمَمٌ يُهَدْهِدُهَا السُّكُونُ إلى الهَوَانِ
وَأَلْفُ جَيْشٍ لا يَفُكُّ غِلالَهَا
شُهَدَاؤهَا كَمْ أَوْرَثوهَا عِزَّةً
وشهادةً بَذلُوا نُفُوسَهُمُ لَهَا
هي غَزَّةٌ مَهْوَى الفؤادِ وطِفلةٌ
فقدتْ من الأسرِ القديمِ جَمالَهَا
طارتْ لها أرواحُنا كحمامةٍ
للمسجدِ الأقصى تشُدُّ رِحالَهَا
كقوافلٍ للعِزِّ تمضِي في المدى
كمواكبٍ للنَّصْرِ تمضي حِيالَهَا
مأسورةٌ كلماتُنَا من روعِهَا
تبكي مرافئُ حزنِنِا أطلالَهَا
غَصّتْ حناجرُنَا بِدَمْع مسبِلٍ
وتَحَشْرَجَتْ لمّا رأتْ أحْوَالَهَا
فلَعَلَّ فَجْراً سَوْفَ يأتي باسماً
فيَفُكَّ من بعد الأَسَى أغلَالَهَا