
إيلاف
بَيْنَا أُتمْتِمُ والهَوَى أَطيَافُ
إذ هَاجَنِي عِندَ المَسَاءِ هُتَافُ
قُمرِيةٌ تَشدُو بِلَحنٍ آسِرٍ
يَندَاحُ ، لَيسَ لِمثلهَا أوصَافُ
صَدَّاحَةٌ تَنعَى فِراقَ أصِيلِهَا
فُتِنَت بسَجْعِ بُكَائِهَا الأَريَافُ
فكأن هَيضِي بِالفُؤَادِ جَدَاوِلٌ
وكَأنَّهَا فِي الحَالتَينِ ضِفَافُ
فَذكَرتُ عَهدًا للأَحبَّةِ مُؤنسًا
حَنَّتْ لهُ بَينَ الضُّلوعِ شِغَافُ
فَرَكِبْتُ بَحْرَ التّيهِ أَنشُدُ غُربَتِي
مِن أَينَ أَعبُرُ أيُّها المِجدَافُ
أَأَظَلُّ وَحدِي لا أَنِيسَ لِمُهجَتِي
إلّا الخُطُوبُ، سِهَامُهُنَّ ثِقَافُ
والَّليلُ يَنسِجُ ألفَ ألفَ حِكَايةٍ
ودَويُّهُ فِي خَافِقِي أضعَافُ
فإذَا البَشِيرُ يلوحُ لي بقَميصِهِ
بُشْرَاكَ أقبَلَ سَعدُهُ أتَخَافُ ؟!
قَدْ عَادَ فِي رَوْعِ الزَّمَانِ أمَانُهُ
أنْ سِيقَ بَعدَ بَلَائِهِ الأَلطَافُ
والقِبلَةُ الشَّمّاءُ فِي صُعُداتِهَا
أروَاحُنَا يُسْعَى بِها ويُطَافُ
والقُبَّةُ الخَضرَاءُ فَاعَ شَمِيمُهَا
يَسْقِي حِمَاهَا غَيثُها الوَكّافُ
والرّوْضُ يَاقُمْرِيَّتِي هَلْ يَزْدَهِر
ليَمِيسَ بَيْنَ نَخِيْلِهِ الصَّفْصَافُ؟!
أتَعُودُ أَدْوَاحُ الوِصَالِ بِهَا لِكَي
يَحْلُو وَفِي رَدَهَاتِهَا التِّرشَافُ؟!
قَالَتْ وَقَدْ مَلأَ اليَقِينَ هُتَافُهَا
تِلكَ الّتِي نَادَتْ بِهَا (إِيْلَافُ)
فَاغرَورَقَتْ عَيْنَايَ مِن فَرَحٍ فَمَا
أبْهَى البَشَائِر حِينَ حَانَ قِطَافُ
فكَأنّ تِريَاقَ البِشَارَةِ بَعدَمَا
دَارَتْ عَلَيَّ كُؤوسُهُنّ سُلَافُ
وَحْيٌ لَطِيفٌ أَطلَقَتهُ نُبُوءَة
حَاشَا بِأَنْ تُلقَى بِهِنَّ جُزَافُ
يَا أيُّهَا المُزْجِي عَليَّ بِشَارَةً
اللهُ أكْبَرُ هَكَذَا الإِنْصَافُ
طُفْ مِثْلَمَا طَافَ النَّسِيمُ بَأَيْكِهِ
لايُعْجِزَنَّكَ دُونَهَا التَّطْوَافُ