
ابن الأثير ودوره في الكتابة التاريخية
صدر عن دار فضاءات للنشر والتوزيع –عمان وبدعم من وزارة الثقافة كتاب «ابن الأثير ودوره في الكتابة التاريخية» للباحث الدكتور طارق محمود أبو هدهود وقد جاء الكتاب في 472 صفحة من القطع المتوسط، وصمم غلافه الفنان نضال جمهور
وقد قدم له الاستاذ الدكتور عبد العزيز الدوري، ومما جاء في مقدمته:
تثير دراسة المؤرخ ابن الأثير أسئلة غير تلك التي تثيرها دراسة مؤرخي القرن الثالث الهجري «فترة التكوين». ففي الفترة الأولى يركز الباحث على تدقيق أصول الكتابة التاريخية ومصادرها، وكذا يركز على مناهجها.
أما في القرن السادس الهجري فإن المؤرخ يجد تراث قرون عدة من الكتابة التاريخية، وفي مقدمتها تاريخ شامل مثل تاريخ الطبري، الذي اعتمده ابن الأثير في تأريخ الفترات حتى نهاية القرن الثالث الهجري.
أما بعد القرن الثالث الهجري فقد أفاد ابن الأثير من مصادر أخرى، مؤلفات وتواريخ وسجلات ورواة، وصار هو المصدر في الغالب. وابن الأثير مصدر هام للقرن السادس وبعده، له منهجه في التدقيق والكتابة.
وهنا ترد أسئلة عن صلة ابن الأثير بالطبري؛ هل اقتصر ابن الأثير على تلخيص تاريخ الطبري في القسم الأول «حتى نهاية القرن الثالث الهجري» فحسب؟ ألا يحوي ابن الأثير مثلاً معلومات لا ترد عند الطبري؟ ثم كيف تعامل ابن الأثير مع الروايات المتباينة أو المتضاربة عن الحدث نفسه عند الطبري؟ وكيف يقدم ابن الأثير رواية واحدة؟ وإذا كان بعض مصادر الطبري متداولاً زمن ابن الأثير مثل ابن إسحاق، ألا يجوز أن يعود ابن الأثير إلى بعضها، ويشير إليها، وهي في هذه الحالة مرجعه المباشر لا الطبري؟ ثم ألم يرجع ابن الأثير إلى مصادر أخرى لأحداث القرون الثلاثة الأولى، ويأتي بمعلومات ليست في تاريخ الطبري «أيام العرب، الدعوة العباسية»؟
ويبقى الفرق الرئيس في المنهج؛ إذ إن الطبري يورد الروايات المتباينة عن الحدث الواحد بينما يقتصر ابن الأثير على إيراد خبر واحد انتقاءً. ويوزع الطبري الأخبار مجزأةً على السنين بينما يتجه ابن الأثير إلى وحدة الخبر واتصاله وتحاشي التجزئة، وفي الاتجاه نفسه إلى وحدة الموضوع.
وهل اقتصر ابن الأثير على كتابة التاريخ العام؟ إن خطورة الأحداث في عصره، والدور الهام للزنكيين، وصلة أسرته بهم، ونظرته إلى التاريخ، جعلته يتوسع في التاريخ المعاصر، فيضع كتابه"التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية". وهو وإن بدأه تاريخاً محلياً، إلا أنه بمسرح أحداثه واختلاف عناصره وما تمخض عنه جعله يتجاوز ذلك.
بعد هذا أين ابن الأثير من الإسناد، النهج الأول للتوثيق عند مؤرخي القرن الثالث الهجري؟ وهل عني ابن الأثير بالتوثيق؟
لقد تكونت لدى المشتغلين بالتاريخ نظرة إلى الإخباريين والمؤرخين بمرور الزمن، مما أدى إلى الإشارة إليهم عادة لا إلى سلاسل الإسناد. وهكذا نجد مؤرخاً مثل المسعودي يعطي في مقدمة مروج الذهب تقييماً شاملاً لجُلّ من سبق من المؤرخين، بل إن ابن الأثير نفسه يشير إلى بعض المؤرخين الذين أخذ عنهم في المقدمة، وفي طليعتهم الطبري.
وابن الأثير لا يكتفي بالأخذ عن مؤرخين سابقين، بل يرجع ـ خاصة في التاريخ المعاصر ـ إلى الوثائق والسجلات، ويأخذ عمّن شاركوا في الأحداث، وعن بعض أفراد أسرته الذين عملوا مع الزنكيين، هذا إلى معلوماته المباشرة وتحرياته، وهذا يعطي مصادره شمولاً وقيمة ملحوظة.
وابن الأثير يدرك خطورة التحديات التي تواجه العالم الإسلامي آنئذٍ، متمثلة في غزو الفرنجة أولاً وما أدى إليه من ردود واستجابة، ويَنظر إلى بدايات التحدي المغولي وما يمكن ـ في تقديره ـ أن تفضي إليه من كوارث.
وتتصف معلومات ابن الأثير بصورة ملحوظة بالشمول، وتُشعر بأنه مؤرخ معنيّ برصد هموم مجتمعه، فالتفت إلى النواحي الاجتماعية والاقتصادية والمالية، وإلى بعض الظواهر المؤثرة في حياة الناس من طبيعية وصحية إضافة إلى النواحي السياسية.
وقد بذل الباحث في هذه الدراسة جهده في تَبيّن هذه النواحي.
إن ابن الأثير مؤرخ له نظرة إلى التاريخ، وله منهجه وفكره، وقد استحق من الباحث بذل جهده، وهذا أمر ملحوظ في دراسته الجادة عن هذا المؤرخ.
مشاركة منتدى
22 تشرين الأول (أكتوبر) 2019, 14:44
بحث حول نشأة تاريخ عند ابن أثير
22 تشرين الأول (أكتوبر) 2019, 14:45
شخصيات ابن أثير