السبت ١ آذار (مارس) ٢٠٠٣
لأول مرة في المغرب:

احتجاج جماعي للنساء المتضررات

جمعهن هم واحد ووضعية لا تتعلق إلا بحال تذمرهن عن مماطلة القضاء في تمكينهن من الطلاق واستعادة حضانة أبنائهن ثم تمتيعهن بحق النفقة، وقد حملت الشعارات واللافتات، هذا الوضع الخاص الذي جعلهن يتوحدن في وقفة احتجاجية جماعية أمام المدخل الرئيسي للمحكمة الابتدائية بالرباط من دون أن يتخلين عن حمل صور أبنائهن الذين يعتبرنهم مختطفين أو رهائن.

عن هذا الحدث الذي يأتي بمبادرة خاصة من النساء المعنيات بمشاكل الطلاق والحضانة والنفقة، تقول ليلى الرحيوي، رئيسة الجمعية الديموقراطية لنساء المغرب فرع الرباط، وهي الجمعية التي أشرفت على التنظيم والتنسيق:

  إن أهمية هذه الوقفة تكمن في كونها تسلط الضوء على مشكل الطلاق والحضانة والنفقة وهو مشكل تكرسه مدونة الأحوال الشخصية التي تجعل النساء يعشن مآسي لا تتصور جراء بطء سريان مسطرة الطلاق.

لذلك نجد الكثير منهن متضررات في حياتهن الزوجية ولهن الأسباب الواضحة لطلب الطلاق، لكنهن يبقين في وضعية تتبع القضية في المحاكم لسنوات طوال، وأشير الى أن هناك بعض الحالات التي ما زالت قضاياهن سارية في المحاكم مدة تزيد على 13 سنة وأكثر.

لاعب

وتقول نعيمة بوفراحي (35 سنة)، التي كانت تحمل لافتة مكتوباً عليها "محرومة من نفيلة وإسعاد":

  لقد دام زواجي 17 سنة بعدما انقلبت حياتي مع زوجي الذي يعمل بصفوف رجال الأمن الى سلسلة من الضرب والخوف والتهديد وإخراجي من البيت ليلاً من دون حاجياتي الخاصة، بل من دون حتى بطاقتي الشخصية.

لقد كانت زوجته الجديدة توقع بدلاً مني على استدعاءات الحضور الى المحكمة من أجل طلاقي لأنه قدم للمحككمة عنواناً مغلوطاً لمحل بيتي وهو بيته، وهذا خول له تطليقي غيابياً بعد تخلفي عن حضور جلسات المحكمة. حيث تم التلاعب بي وبمصير ابنتيّ اللتين حرمت منهما مدة سنتين كاملتين أي منذ أن طردني من بيت الزوجية.

لقد عمل الى قطع الهاتف كي لا تتصلا بي أو أتصل بهما مع العلم أنه يهددهما إن قاما بأي محاولة لرؤيتي، لذلك لا أجد القانون عادلاً بتركه يتلاعب بحياتي وحياة ابنتيّ اللتين حرمتا من رؤيتي.

مليون درهم

دكتورة إيمان بن عبد الكريم (طبيبة)، لم تكن أقل إحراجاً ولا أقل حدة من سابقتها ، فقد لازمتها الدموع طيلة اللقاء كما لازمتها صورة ابنتها ذات الثلاث سنوات، التي يطالبها زوجها من أجل رؤيتها ان توقع شيكاً موقعاً على بياض، توضح إيمان الابتزاز قائلة:

  لقد كان في البدء يطالبني بشيك أبيض إلا أنه في الايام الأخيرة حدد أمام الشهود المبلغ الإجمالي مليون درهم ليمتعني بحقي في ابنتي التي لا اعرف عن وجهتها أي شيء.

كل ما أعرفه حق المعرفة هو أنه قام مرات بمحاول خنقها فيما كان يعبر أمام الجميع كرهه لابننا الأصغر ويعتبره وجه النحس، لانه لم يختطفه واكتفى بابنتي كرهينة، لقد وصلت به ساديته ولاإنسانيته ان أمرني في إحدى حالاته المرضية ان اقبل أقدام عائلته كي يحدد لي فقط رؤية ابنتي، وفعلت، لكن والده قال بالحرف: اعتدنا على تقبيل الأقدام إننا نريد شيئاً أخر .

لم يكن شعار "نتضامن مع النساء المحرومات من حضانة أطفالهن" أو "محرومة من حضانة إبني الذي انتزع مني" او شعار "أيها المسؤولون أبناؤنا مختطفون" ليهدأ أو لتلين حرارته المتصاعدة من أفواه المتضامنين والمعنيين بهذه الوقفة لو لم تنته العدة المخصصة قانونياً للاحتجاج الذي جاء نتيجة بحث إحدى النساء المتضررات عن طريقة أخرى، لجعل القضية بيان تنديد أمام الحقوقيين والإعلاميين والقضاة وهي جنان بنعبود، التي حرمت من ابنها "غالي" ابن الأربع سنوات، فوجدت هذا الشكل من التنديد والاحتجاج ورقة ضغط محرجة لأمثال زوجها، الذي يريدها أن تتنازل عن ابنها نهائياً مقابل تمتعها بالحرية، تقول جنان:

  لقد تتبعت طريق المحكمة مدة ثلاث سنوات فلم يتولد بداخلي سوى المزيد من الحرج والإهانة، رغم أني أطالب بالطلاق المبرر بتضرري من عنف زوجي.

لهذا اخترت أن أخوض مسيرة الاحتجاج الجماعي التي دعمنا فيها من طرف رجال أيضاً وانتظر أن يكون المسؤولون في مستوى المسؤولية للإحساس بمعاناتنا المتواصلة.

مساومة

ويقول حميد البرطيع "مندوب تأمين":

  لقد حضرت خصيصاً لأساند النساء في مطالبهن المشروعة والتي لا أجد مبرراً وعدلاً أن يساومن فيها، ومن العيب على الرجل أن ينتزع من إنسانيته الاحترام اللازم ليجعل ابنه موضوعاً للابتزاز وزوجته في قفص المساومة المادية. كان الوضع غريباً حين أفصحت إحدى النساء المحتجات عن كونها لم تر أبناءها مدة أربع عشرة سنة، وكان الشعار الأكثر فضحاً لسلوك بعض الأزواج هو "أيها المسؤولون أبناؤنا مختطفون"، يتردد على الألسنة حتى بعد الانسحاب من الوقفة التي دامت نصف ساعة وسجلت شكلاً آخر من أشكال الدفاع عن الحقوق من قبل النساء.

أي القانون

استشرنا أحمد أرحموش (محام)، حول الموضوع فقال:

  لم تعترف النصوص المنظمة لمدونة الأحوال الشخصية ولا قانون الالتزامات والعقود المغربية بحق المرأة في المطالبة بالتطليق، أو ما يسمى بالانفصال عن الزوج، كما لم تعرف تلك النصوص أي مراجعة أو تعديل يضمن حق المرأة في حريتها وإنسانيتها، فإذا كان للزوج الحق في اتخاذ أي إجراء يشاء في ما يخص الطلاق ومن دون أي منازع، فإن الزوجة على خلاف ذلك، مطالبة بأن تسلك طرقاً أحياناً معقدة وفي حالات كثيرة مطولة وقد يكون مآلها في بعض الملفات الرفض.

إن الزوج أيضاً من حقه الحصول على الطلاق بمجرد تقديمه للطلب في الموضوع للغرفة الشرعية ولقاضي التوثيق، في حين يكون على الزوجة عرض ملفها على أنظار هيئة قضائية، يدرج بجلسات، يستمع فيها القاضي لرأي الطرفين، وقد يرفض الطلب لأي سبب.

ومن الأمور التي تثير الاستغراب في الوضع القانوني القائم حالياً بمدونة الأحوال الشخصية، أن الزوجة ليس من حقها المطالبة بالتطليق إلا لأسباب محددة حصرا، وهي غياب الزوج أو للضرر أو عدم الانفاق أو الهجر، خارج هذه الحالات لا يمكنها أن تطرق باب القضاء بغض النظر عن طول المدة التي يستغرقها الملف وعن كون طلبها حتى في الحالات الأربع المذكورة يمكن أن يواجه بالرفض.

وحتى في حالة قبول طلبها فإن حصولها على رسم الطلاق مشروط بصدور حكم نهائي. أي أنه حتى في حالة صدور حكم استثنائي لصالح الزوجة فإن مجرد طعن الزوج فيه باللفظ يوقف تنفيذ الحكم الصادر لصالحها، ولن يتسنى لها الحصول على رسم الطلاق إلا بعد صدور حكم من المجلس الأعلى، وهذه المسطرة المعقدة يمكن التأكيد على أنها تتطلب على الأقل مدة أربع سنوات لإصدار الحكم النهائي.

في حين أن الزوج يمكنه أن يستصدر أمراً بالطلاق في ظرف يوم واحد أو أسبوع واحد، وتلك هي المفارقة الخطيرة المكرسة فعلاً للوضع اللاإنساني الذي توجد عليه الكثير من النساء.

وإذا كان الأمر لا يطرح إشكالات كبيرة في مجال التطليق للغيبة فإن باقي الحالات الثلاث الأخرى (الضرر وعدم الانفاق والهجر) نادراً ما يمكن الحصول فيها على حكم الطلاق للزوجة باعتبار أن القانون يخول للقاضي رفض الطلب ولو لسبب بسيط، وفي ما يخص الوضع الذي يتعرض له بعض الأبناء جراء إخفائهم من قبل الآباء، فقد ميز المشرع المغربي بين حالات الاختطاف فألحق بعضها بخانة الجنايات والبعض الآخر بالجنح، اعتماداً على سن القاصر أو الهدف الجنائي أو الوسيلة المستعملة لاختطاف، ومن الجنح التي نص عليها القانون في هذا المضمار جريمة عدم تسليم الابن الى من له الحق في المطالبة به، وذلك بموجب الفصل 476 من القانون الجنائي الذي يقضي بأنه من كان مكلفاً برعاية طفل، امتنع عن تقديمه الى شخص له الحق في المطالبة به، يعاقب بالحبس من شهر الى سنة، ومن تطبيقات هذا الفصل صدور حكم اتفاقي بين الزوجين أثناء قيام العلاقة الزوجية من تنظيم أوقات الزيارة بخصوص الأبناء، ففي هذه الحالةيلتزم الطرفان باحترام المتفق عليه، وفي حالة مخالفة لهذا الاتفاق الذي يقوم مقام القانون، فالمخالف بسلوكه هذا يكون قد سقط تحت مقتضيات الفصل 476، ويعد ذلك مرتكباً لجريمة يعاقب عليها بعقوبة تتراوح بين شهر وسنة، ويتضح بهذا أن التشريع المغربي يولي حماية خاصة للقاصر. حيث حظر كل سلوك يلحق به الأذى وهكذا منع خطف القاصرين ولو كانوا أبناء.

المغرب-نعيمة الحاجي
عن سيدتي


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى