الاثنين ٢٦ حزيران (يونيو) ٢٠٠٦
الشاعر والناقد الأردني الدكتور محمد عبيدالله:

استعارة السرد من الغرب مسألة تحتاج عربيا إلى مراجعة

الدستور - عمرابوالهيجاء.

الشاعر والناقد د. محمد عبيدالله من الاسماء التي عنيت بالنقد بالقصة القصيرة والرواية العربية وخاصة التجربة الاردنية والفلسطينية ، وقد اصدرفي النقد: القوس والحنين.. القصة القصيرة في مجلة الافق الجديد المقدسية ، القصة القصيرة في فلسطين والاردن ، فلسطين في القصة القصيرة الاردنية ، فن المقالة ، بلاغة السرد ، بنية الرواية القصيرة ، في الاردن وفلسطين ، وله في الشعر: مطعونا بالغياب ، سحب خرساء. الدستور" التقت الشاعر والناقد د. عبيدالله وحاورته حل تجربته النقدية والشعرية وعن النظريات والمرجعيات الغربية في النقد ، فكان هذا الحوار.

 أصدرت ديوانين من الشعر: مطعونا بالغياب 1993 ، وسحب خرساء 2005 ، ما موقع الشعر في تجربتك ضمن اهتماماتك المتشعبة بالنقد والعمل الأكاديمي والثقافي؟.
 بدأت حياتي الثقافية شاعرا وحتى قرابة منتصف التسعينات لم أنشر غير الشعر ، وكتاب (مطعونا بالغياب) أول كتاب يظهر لي ، وأعتقد أن اسمي ارتبط به إلى حد بعيد ، هناك مشكلة أعاني منها مع غيري ممن تعددت اهتماماتهم لأسباب مختلفة ، تتمثل في أن الناس يريدون حبسك في خانة واحدة وهم أيضا يقارنون بين اهتماماتك ومجالات كتابتك مع أنها تنتمي إلى حقول متباعدة أو مختلفة ولا رابط بينها ، بمعنى أننا لا نقارن بين الشعر والنقد مثلا فلكل منهما اعتبارات خاصة. هي مشكلة عامة في التلقي ولكن من منظور شخصي أنا أعتبر أن الشعر بوابة أساسية فتحتها ولن أتخلى عنها حتى لو تشاغلت عن القصيدة زمنا ما ، لا شيء يوازي الإبداع وفعل الكتابة خاصة عند كائن مثلي يرى في الشعر وجها من وجوه إعادة التوازن للذات والعالم.

من جهة ثانية أعتقد أن عملي الجديد (سحب خرساء) لم يقرأ بعد ، ولم تمر سوى شهور على صدوره ، كما أن أمر قراءته ووضعه في سياق الشعر الجديد في الأردن أمر يعود لغيري من النقاد والمتابعين ، ما أستطيع قوله أن الشعر جزء من تركيبتي الروحية ، وهو يمثل منظوري الأساسي إلى العالم.
 تربط في دراساتك بين القصة والرواية الحديثة والتراث السردي عند العرب ، كما أنك تحاول نفي استعارة هذه الأنواع من التجربة الأوروبية؟.
 مسألة استعارة أنواع السرد من الغرب مسألة تحتاج إلى كثير من المراجعة ، وضمن قراءاتي واستخلاصاتي وجدت للعرب تراثا سرديا غنيا درسته ودرسه غيري من الباحثين العرب والأجانب ، فكيف نترك هذا التراث كله ونقول أن تراثنا لم يعرف السرد أو الرواية أو القصة. لماذا نحب أن نقلل من قيمة ما نملك ومقابل ذلك نتعلق بكل ما يأتي من هناك ، نحب عربيا فكرة الاستيراد والتبعية في الثقافة والسياسة ونكره أنفسنا إذا ما أحسسنا بشيء من الخصوصية والإبداع الذاتي.
من أصلح: حي بن يقظان أم روبنسون كروزو لتكون بداية للرواية مثلا ، وأي عمل أثر سرديا في الغرب والشرق أكثر من ألف ليلة وليلة.. نحن أمة سرد كما أننا أمة شعر. أنا في خلاصة الأمر أعتبر أن الأنواع السردية المعاصرة ليست إلا استمرارا وتطويرا للأنواع السردية القديمة وقد استعارها الغرب وأفاد منها فدخلت إلى نسيج السرد العالمي قبل أن تظهر القصة العربية الحديثة. أمر آخر أن فكرة الاستعارة هذه مجرد إشاعة نشرها النقد العربي المتأثر أو المنسوخ من التجربة الأوروبية ، أما المدونة الروائية والقصصية فتقول شيئا آخر: خذ مثلا نماذج مشهورة من السرد المتأثر مباشرة بالسرد القديم عند: نجيب محفوظ وجمال الغيطاني وهاشم غرايبة ومحمود المسعدي وصلاح الدين بوجاه وإبراهيم البرغوثي وإميل حبيبي وغيرهم وغيرهم.. هل سرد هؤلاء مستعار من الغرب أم هو استمرار لمسرودات عربية معروفة في سرديات الحكاية والرحلة والسيرة وألف ليلة وغيرها.

 في ضوء ذلك هل هناك نظرية نقدية مستقلة عن المرجعيات الغربية ، وهل أنت مع من يطالبون بنقد عربي خالص؟.

 نحن مشتبكون مع الغرب على مختلف الأصعدة ، وأنا لا أنفي التأثير الذي تركته المدارس الغربية ، كل الثقافات عرفت أنواعا من التأثيرات الإيجابية ، ولكن من موقع الثقافة المهزومة يختلف الأمر..أين هي المساهمة العربية اليوم في النقد والأدب العالمي إنها مساهمة شبه معدومة ومع ذلك تجدنا ندافع بأن النقد نظرية عالمية وليست مرتبطة بالثقافة وطبيعة الخصوصية فيها. النقد الغربي يستند لخصوصية الثقافة الغربية وتطور المجتمعات الغربية فلماذا لا نساهم نحن أيضا خصوصا أن الثقافة اليوم هي مصدر القوة عربيا بعد أن أصاب الضعف كل جوانب حياتنا ، نريد نقدا عربيا معافى ينطلق من بيئتنا وتراثنا وشخصيتنا وليتأثر كيفما شاء بمؤثرات شرقية وغربية لكن بعيدا عما شاع عندنا من استنساخ وتقليد أعمى تحت شعارات إنسانية النظرية النقدية وعموميتها ، ليس هناك في مسائل الثقافة ما هو عمومي بالمطلق وكل شيء يخضع لمصفاة الخصوصية الثقافية وحاجات الشخصية العربية والثقافة العربية.

 اهتمامك واضح بالقصة في فلسطين والاردن ، ولك اكثر من كتاب في هذا المجال ، لماذا هذا التركيز وبماذا تفسره؟.
 يعود ذلك إلى ما لاحظته من غنى كمي ونوعي في القصة القصيرة في فلسطين والأردن ، كذلك رغم مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة لفلسطين والأردن إلا أن الأدب لم يستفد من ذلك فظل الإنتاج الأدبي مهمشا على المستوى العربي لا يعرفه القراء ولا النقاد ، وانتبهت إلى قلة الإنتاج النقدي حول هذا القطاع الإبداعي المتميز وقد أنصفته إلى حد ما في بعض كتبي ودراساتي ، لكن لا يعني ذلك أنني أقصر دراساتي على القصة الأردنية والفلسطينية بل لدي مشاريع أخرى تضع هذا الإنتاج في سياقه العربي. وآخر إصداراتي كتابي: بنية الرواية القصيرة "الرواية القصيرة في الأردن وفلسطين" الصادر عن دار أزمنة في عمان ، وقد يكون أول كتاب عربي حول نوع (النوفيلا) وفضلت أن تكون نماذجه محلية لتسليط الضوء على الغنى الإبداعي في هذه المنطقة التي لم يهتم بها النقد العربي ، كذلك ظهر كتابي (بلاغة السرد) وفيه عشر دراسات تطبيقية على القصة القصيرة الأردنية.

الدستور - عمرابوالهيجاء.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى