الأمن الثقافي
في ظل ما يشهده العالم من تداخل للثقافات صار الخوف على الثقافة المحلية يزداد باستمرار لان الثقافة كعامل أساسي في تكوين الشعوب لها مكانة إعتزازيه تحمل في طياتها كل ميزات الخصوصية الإنسانية فهي ما يشكل الملمح العام لحضارة الشعوب فكل يعتز بثقافته ويحاول جاهدا أن يحافظ عليها ومن حقه من أجل هذا الهدف ان يستعمل كافة السبل لتحصين مكتسباته..
فما يحدث في العالم من تمازج بين مختلف الثقافات الإنسانية نعم يحمل بعض الخصائص الايجابية لكنه أيضا بنبي على تفسخ بعض الثقافات وإفساحها المجال لأخرى قادمة وجارفة بقوة حيث ينشئ تنافر حتمي واختلال قد يودي إلى تلاشيها..
وهذا الأمر سيجعل من بعض المجتمعات بلا ثقافة حقيقية على إعتبار أن ثقافتها هي ثقافة مستوردة غير نابعة من الذات وهي بذلك مساحة أو أرض يبني فوقها الآخرين معمارا لهم وبالتالي هي غريبة ومتنافرة مع الطبيعة..
هنا- برز عنصر الانتباه لخطر الاندثار خصوصا الشعوب الصغير والكيانات القزمة وإنها صارت في مواجها لا مفر منها إن هي تنبهت للخطر المحدق وإلا لم يعد أمامها سوى الانصياع والرضوخ والقبول بان تكون تابعة ليس لها أي أساهم حضاري وتفقد بذلك كيانها ومن ذلك لغتها و تراثها وكل ما يشكل الفارق الحضاري عن غيرها..
وبرز في الأثناء مصطلح الأمن الثقافي كواعز حتمي واختيار ضروري لدور يؤمن مكتسبات الشعوب ويحفظ خصائصها ومكوناتها.
إن الأمن الثقافي وسيلة دفاعية لابد منها ولا يمكن تجاهلها بأي حال من الأحوال وتحت أي مسمى كان كحرية التعبير أو حق المعرفة او التبادل المعرفي الثقافي لكن كيف يُعمل على المحافظة على مثل هذه المكتسبات الشعبية الثقافية وبأي طريقة هل بمنع دخول بعض الإصدارات واتخاذ إجراءات وقائية كالتشويش على بعض القنوات الفضائية وحجب بعض المواقع الالكترونية او باستحداث بدائل محلية تكون قادرة على شغل فراغ يتواجد بالضرورة ؟؟؟
في الواقع – أن وسائل الرقابة خصوصا في فترات معينة من عمر الإنسان كفترة المراهقة لا بديل عنها لان هذه المرحلة هي ما يشكل أساس الثقافة وإذا كان هذا الأساس متينا قد لا يكون من الأجدى اتخاذ الوسائل الرقابية شرط أساسي في الفترات اللاحقة..
أما عن البدائل فهذه هي النقطة الجوهرية وكيف يتم ومن الذي تنوط به مهمة جسيمة كهذه وهي أشياء تحتاج إلى فهمها بصورة عميقة..
والنظر للثقافة المحلية بمقياس نقدي يحذف ويزيل من الثقافة المحلية الخرافات والشعوذة والخزعبلات التي رسخها الزمن وتناقلتها الأجيال عبر أجراء تحديث يوازي بين الفاقد المحذوف والقدر المستحدث لتعويض النقص بحيث تؤخذ الايجابيات من ثقافات إنسانية أخر ويتم الحفاظ في نفس الوقت على الخصوصية المحلية..
وان كان الأمر سيحتاج إلى الوقت والجهد والمال لكن لا شك في ان مهمة الأمن في عمومها واحدة لنتمكن من العيش والحياة الكريمة الآمنة ففتح النوافذ على مصرعيها دون اختلاس النظر حتى للرياح التي صارت تمر بقوة وصخب وعلى النخب الثقافية ان تستشعر أهمية هذا الدور وان تدعم وتشجع الآمن الثقافي كعامل وقائي له أهميته..