السبت ١ شباط (فبراير) ٢٠٠٣

الاحتلال يدمر الارض والانسان بشكل منهجي

مآذن سويت بالأرض وبيوت هدمت على أصحابها في نابلس

الزائر لمدينة نابلس بعد أشهر طويلة من احتلال القوات الإسرائيلية لها يظن أن حربا ضروريا دارت رحاها في هذه البقعة القديمة من التاريخ في فلسطين، فالخراب ينتشر في كل مكان من أرجاء البلدة القديمة، والشوارع تبدو وكأنها أخليت من السكان منذ زمن طويل .

بيوت كاملة انهارت على رؤوس ساكنيها، ومحال تجارية أصابها التدمير والخراب والنهب، وميادين قلبت رأسا على عقب، وبنية تحتية تحتاج لسنين طويلة حتى تعود إلى ما كانت عليه قبل وقوع الحرب، يا الله كم يحزن المرء عندما يشاهد مآذن وقباب دينية سويت مع الأرض كما حل بمسجد الخضرة في البلدة القديمة الذي انهار ودمر وبقيت المكتبة التي تحوي المصحف الشريف شامخة شموخ جرزيم وعيبال رافضة الخنوع لإرادة المحتل.
مئات العائلات شردت من بيوتها طيلة فترة الحرب التي استمرت اكثر من عشرين يوما متواصلة حصدت الآلة الحربية الإسرائيلية اكثر من سبعين قتيلا خلال هذه الفترة، ومن هذه العائلات من لجأت إلا قريب وأخرى ضمتها عائلات لم يلحق بها أذى كبير، مئات الجرحى الذين لا يزال الكثير منهم على أسرة الشفاء في المستشفيات أو في بيوتهم، ومئات أخرى من المعتقلين الذين زج بهم في خيام تفتقد لأدنى متطلبات الحياة الإنسانية في معسكر حوارة القريب من نابلس المحتلة.

وما أن لملمت نابلس جراحها حتى بدأت خلايا النحل البشري تجوب الشوارع القريبة من البيوت في الحي القديم من المدينة لتنظيفها من الغبار المتصاعد جراء تصاعد وتيرة الحرب التي دار ت رحاها في المدينة. أيام وليالي مرت على سكان هذه المدينة كأنها الدهر بأكمله، فكل حي من أحياء هذه المدينة تعاون أهله على إزالة ما يمكن إزالته من الأنقاض بالأيدي تمهيدا لآليات البلدية التي ستمر على كل منطقة بعد الانتهاء من التي قبلها والتي من المؤكد حسب الملاحظ أنها ستطول لهول الخراب التي احل بها.

ويقول سكان يعيشون في البلدة القديمة أن ما كان يؤرقهم كثيرا استغلال الجنود الإسرائيليون للمدنيين كدروع بشرية في عملية اقتحام بعض الأحياء في البلدة القديمة، أو استخدامهم لحمل الجرحى من المعتقلين من مكان إلى آخر، إضافة إلى حالة الرعب الليلي التي اجبر المواطنين على قبولها رغما عنهم بدءاً من ساعة حلول الظلام حتى ساعات الصباح.
مآسي أهالي البلدة القديمة في مدينة نابلس تضاعفت بعد حظر التجول المتواصل والمستمر على المدينة والتي فاقم الأزمة التي يمر بها أهالي هذه البلدة المنكوبين جراء سياسة الاحتلال المقيتة ضد المواطنين، هذه المأساة إلى جانب مآسي جميع المواطنين في أحياء المدينة ومخيماتها الثلاثة بلاطة، وعسكر، والعين، والتي شهدت هي الأخرى حالة رعب حقيقي وتكسير منازل واعتقال أصحابها وإجبارهم على السير أمام الدبابة لمسافات طويلة تحت تهديد السلاح وإطلاق الرصاص في الهواء لدي الرعب في قلوبهم كل هذه المآسي التي تحل بأهالي المدينة ومخيماتها لا تقل عن تلك المآسي التي يتعرض لها المواطنون في قرى وبلداك مدينة نابلس والتي تعرضت معظمها إلى مداهمات ليلية بحثا عما تدعيهم إسرائيل بالمطلوبين.

نابلس-خالد مفلح


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى