الانسان
الانسانيةُ عكس البهيمية، وهي جملة ٌمن الصفات التي تميز الانسان أو جملةٌ من النوع البشري الذي تطوَّرَ مع الزمن
وهي هدف الأخلاق وأساس فكرة الواجب..
والانسان هو الكائن الحي المفكِّر والراقي ذهناً وخلقاً، والمثاليُّ منه يفوقُ العادي بقوىً يكتسبها مع الزمن بالتطور...
فالانسان هو الذي لا وحشيةَ أو حيوانية لديه لأنه من روح الله...
".. إني خالقٌ بشراً من طين فإذا سوَّيْته ونفختُ فيه من روحي فقَعوا له ساجدين.."
يا أيها المخلوق من روح الخالق!..
يسألكَ حبٌّ ينزفُ وجعاً على مفترقِ الآلام، هل حافظتَ على الأمانة الالهية ـ الانسان ـ أم أنكَ ذهبتَ شططاً فحافظتَ
على ما دون ذلك من أمانات؟!...
إن الله خلق الانسان ليعبده ، هذه العبادة قد بل يجهلها الكثير فيلجأُ إلى الأئمة والكتبِ والمراجع والبحوث والفتاوي ووو...إلخ،
فيغرقُ هذا الكثيرُ منهم في دوامةٍ من الظنون والاعتقادات والشكوك ووو... وبالتالي تنشبُ الخلافات والنزاعات بين هذا المذهب .
وذاك ، بين أتباع هذا العالِم وذاك... وما الله أراد كل هذا...
هذه العبادةُ لا تحتاجُ إلاَّ إلى العقل ، وأعتقدُ بأن الجميع يمتلكُ العقل ويستخدمه في أمورٍ شتى...
كالتسوق لاختيار أصناف الطعام والشراب والثياب، كاختيار الشريك للزواج، كاختيار الجد والاجتهاد للنجاح،
كاختيار الذهاب إلى الطبيب للعلاج، كاختيار العمل وووو..
فلماذا لانستخدمُ هذا العقل في أمور الدين والدنيا، لماذا نهملُ استخدامه وهو الطريقُ إلى السعادة والرضى والسلام؟...
إن العبادة مضمونٌ وشكل، أما المضمون فهو ( الأخلاق) .. " وإنكَ لعلى خلقٍ عظيم"...
وأما الشكل فهو ما نقوم به من صلواتٍ وصيام وطقوس أخرى...
وما تنفعُ جميعها إن كان الانسانُ بلا أخلاق؟!...
".. إنَّا جعلناكَ خليفةً فاحكم بين الناسِ بالعدل............. ولا تتبع الهوى"..
هذا الخليفة ـ الانسان ـ الذي هو من روح الله، هل حقاً يحكم بالعدل والحق، أم بموجبِ مصالحه وغاياته؟...
نحن لا نحاسب أحداً بل نذكِّرْ ، فالحسابُ له يومٌ والله ليس بغافلٍ عما نعمل...
لماذا ندنِّسُ كل هذا الطُّهر بالكذب والنفاقِ والكفر؟!..
لماذا نشركُ بالله فنعبد المال وأصحاب المال؟!!!!..
لماذا نطفىءُ نور الله ونشعلُ الفتنةَ والخلافات والنزاعات؟!!!!..
لماذا نبرِّرُ أعمالنا بل آثامنا بأننا نتَّبِع أئمة العلم والكتابُ الفلاني لهذا العالِم ، والمرجعُ الفلاني لذاك الداعية والفتاوي
البشرية لذلك الباحِث والأحكامُ الأخرى لفئاتٍ قد لاتتبعُ إلاَّ الظن ؟!!!..
يقول تعالى:
" وإن تُطِعْ أكثرَ من في الآرضِ يضلُّوكَ عن سبيلِ الله إن يتَّبعون إلاَّ الظن وإن هم إلاَّ يخرصون" 116 ـ الأنعام.
أيها الانسان ( العاقل)!..
هل في يوم الحساب، ستنادي أولئكَ الذين ضلُّوكَ في الدنيا بأقوالهم وفتاويهم وهم لا يعلمون؟...
توكَّلْ على الله واعقِلْ، اتَّبِع القرآن يهديكَ إلى النور ـ الحقيقة فالقرآن من عند الله، وما عند البشر إلاَّ كتبٌ وأسماءٌ
قد كتبوها وسمّوها...
هذا القلبُ الصغير الذي في صدري يحبُّ كل البشر على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم وطقوسهم وألوانهم وأجناسهم
وعاداتهم " وجعلناكم شعوباً وقبائلَ لِتعارفوا.." ليست مهمتي أن أحاسب أو أكفِّرْ أو أُزندِق أو أُصنِّفَ هذا للجنة وذاك للنار،
ليس عليَّ أن أشيح بوجهي عن اليهودي أو المسيحي أو المسلم حتى لو ظلمني..
كلنا عباد الله وهناك الأتقياءُ والعلماءُ والعارفون والضالّون والمغضوب عليهم.. الله أعلم بهم وبأعمالهم..
لماذا نكره بعضنا بعضاً؟..
لمَ نكذب؟.. لمَ ننافق؟.. لمَ نحسبُ حسابَ الغد وهو غيبٌ لا يعلمه إلاَّ الله؟..
ماذا ننتظر... تعالوا نتسامح ونتصافح، فالانسانُ يملكُ العفو لأنه ليس حيواناً..
تعالوا نغفر خطايانا ونبدأُ بالصدق والمحبة والكلام الطيب...
لمَ نتصيَّدُ أخطاءَ الآخر بينما نغرقُ في وحلٍ من الأخطاء والآثام؟...
متى ننعمُ بهذا السلام الداخلي وذاك الصفاء الروحي؟.. وهل من حياة ثانية في الدنيا؟...
متى يُصبح الانسان إنساناً؟.. وهل من ضمانات ليعيشَ إلى الغد أو قبله ببضع أنفاس أو بعده بساعات؟...
لا ندري متى يكون هذا الوقت ، فلنبدأ منذ اللحظة بأن نكون ذلك الانسان ـ خليفة الله في الأرض ـ
وكل عام والانسان بخير