الأحد ٢٥ تموز (يوليو) ٢٠١٠
رحيل رائد علم الوراثة العربي

البروفسور أحمد سعيد الطيبي في ذمة الله

شُيِّعت في مدينة تورنتو الكندية يوم الجمعة ٢٣ تموز، يوليو ٢٠١٠ بعد صلاة الجمعة، جنازة العلامة الدكتور أحمد سعيد الطيبي الذي وافته المنية ليلة الجمعة الماضية في أحد مستشفيات المدينة بعد معاناة طويلة مع مرض عضال عن عمر ناهز الستين عاما.

ولد الدكتور الطيبي في بيروت بعيد النكبة، عام 1949، لأبوين فلسطينيين من مدينة يافا. وبعد سنوات قليلة في لبنان وسوريا استقرت العائلة في الكويت حيث عمل والده المرحوم الشيخ سعيد الطيبي مدرسا في احدى مدارس وزارة التربية الكويتية. بعدما أنهى الدكتور الطيبي الثانوية العامة في الكويت، التحق بكلية الطب في جامعة القاهرة متخصصا في طب الأطفال. وما أن عاد الى الكويت ليمارس الطب في مستشفى الصباح حتى غادرها مرة أخرى الى جامعة دبلن حيث حصل على دبلوم عال في طب الأطفال أيضا، ثم التحق بجامعة لندن ليحصل منها على درجتي الماجستير والدكتوراه في طب الأطفال وعلم الوراثة السريري.

أسس الدكتور الطيبي على مدى العقود الثلاثة الماضية لعلم الوراثة العربي على أسس علمية حديثة، مركّزا أبحاثه على الاضطرابات الوراثية عند الأطفال العرب ، وفي عام 1989 حصل على جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي عن أبحاثه العلمية المتميزة في هذا المجال واكتشافاته التي سُجّلت عالميا باسمه وتدرس حاليا في مختلف جامعات العالم. وفي عام 2001 حصل على جائزة رمّال من فرنسا عن أبحاثه العلمية التي ساعدت على اكتشاف كثير من الأمراض الوراثية . و في عام 2002 رُحِّب به عضوا في الأكاديمية الأوروبية للعلوم. وفي أعقاب أحداث الكويت المؤسفة عام 1990 التحق الدكتور الطيبي بجامعة ييل الأمريكية الشهيرة ليواصل أبحاثه لمدة ثلاث سنوات، بعدها تلقى عرضا من كلية الطب في جامعة مجيل، أشهر الجامعات الكندية وأعرقها، ليعمل أستاذا فيها، وليواصل أبحاثه العلمية في أرقى عياداتها ومختبراتها. و في عام 1998 تلقى عرضا آخر من جامعة تورنتو الكندية ليعمل أستاذا في كلية الطب ورئيسا لقسم الأطفال في أحد أهم مستشفيات الأطفال في كندا وفي العالم، مُركِّزا أبحاثه على الاضطرابات الوراثية عند الأطفال. وخلال هذه الفترة عمل أستاذا زائرا في عدد من أهم الجامعات الكندية والأمريكية والعربية كان آخرها جامعة كورنيل في قطر، كما أسس وافتتح عددا من مراكز البحث العلمي لأمراض الاضطرابات الوراثية عند الأطفال العرب في عدد من الجامعات العربية في فلسطين والعربية السعودية، ودول الخليج العربي، سيما الكويت وقطر.

لقد شاءت إرادة الله أن يقبض هذا العالم الجليل في أوج عطائه، حيث ترك مئات الأبحاث المتميزة والمنشورة في أهم المجلات الطبية العالمية في أوروبا وأمريكا، وتخرج على يديه مئات الأطباء العرب الذين نقل اليهم معرفته وتجاربه العلمية، خاصة تلك الأفواج من الأطباء السعوديين والخليجيين الذين وفدوا ولايزالون يفدون على الجامعات الكندية، خاصة جامعتي مجيل وتورنتو طلبا لعلم هذا العالم الجليل.

و مما لا يعرفه الكثيرون عن الدكتور الطيبي أنه شاعر مبدع ورسام موهوب، ومثقف بارز في مختلف العلوم والآداب، فعلى الرغم من مشاريعه العلمية الكثيرة ومشاركاته المتميزة في الأبحاث والمؤتمرات المحلية والدولية، كان يعطي عائلته وأصدقاءه كثيرا من وقته، مرحبا بهم في منزله أو ذاهبا اليهم في أماكن تواجدهم. كان رحمه الله متواضعا لأبعد الحدود، متحدثا لبقا إذا تكلم، ومستمعا جيدا إذا تحدث الآخرون، حاضر البديهة، ومادّا يد الخير لمن سأله ومن لم يسأله، فساهم في تأسيس عدد من مدارس تعليم اللغة العربية والدين الاسلامي لأبناء الجالية العربية والمسلمة في مونتريال وتورنتو وغيرهما من المدن الكندية والأمريكية، وكان رحمه الله يخفي عن يُسراه ما تنفق يُمناه.

إن رحيل هذا العالم الجليل في أوج عطائه خسارة كبيرة لوطنه الأول فلسطين وللعرب جميعا ولكندا وللإنسانية جمعاء. رحمك الله يا أبا السعيد رحمة واسعة و أسدل عليك دثار مغفرته، وأسكنك فسيح جناته مع من أحببت.

ديوان العرب تنعى العالم الراحل وتتقدم بالتعازي لأهله وذويه.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى